أبشركم أن الإسلام منتصر

د

د. عائض القرني
لا تهنوا أيها المسلون ولا تيأسوا، فربنا الله يتولانا كما تولى أجدادنا، أما تذكرون كيف كان سلفنا قبل الإسلام؟ وكيف أصبحوا بعده؟ كانوا قبله رعاة غنم ثم صاروا قادة أمم، كانوا عبدة أصنام وأهل أزلام، ثم صاروا للعالم فاتحين وللأفكار مجددين، ولمشاعل النور حاملين، وفي حكم الشعوب عادلين، لا تهنوا؛ فسر نهضتنا وانتصاراتنا وكرامتنا وعزتنا القرآن لا يزال غضا طريا في صدور أطفالنا وفي أرواح شيوخنا. سوف يبعث فينا الحياة من جديد، إلى مجد تليد ونصر مجيد، لا تهنوا فالذي بعثنا بالوحي في فجر الرسالة المحمدية قادر أن يبعثنا من جديد من نومتنا هذه، فقد كان أسلافنا قبل الإسلام في آثار الضأن، يأكلون الميتة، ويعتقدون في الكواكب، ويسلبون القوافل، ويقطعون الطريق، ويغتالون القيم، ويذبحون الفضيلة، يعيشون كأنهم في غابة، في ضلالة وجهالة، يقسمون باللات والعزى، يقطعون الرحم، ويقتلون المسالم، ويغدرون بالمعاهد، فلما أسلموا تحول كل شيء في حياتهم، فصارت قلوبهم مصاحف هدى، وألسنتهم منابر معرفة، وأقلامهم رسل علم، وكلامهم ذكراً وتلاوة، يتوضأون فتفتح لهم أبواب الجنة، يصلون فتخشع معهم الجبال، يسجدون فتنحني لهم الجبابرة، يحاربون فتقاتل معهم الملائكة، يدعون فتهوى أمامهم قلاع الكفر وثكنات الباطل، ومعاقل الزور، يكبرون فتهتز لهم دواوين الجبابرة، وتهد صروح الأكاسرة وقصور القياصرة، حملوا لا إله إلا الله فرحبت بهم الأرض، وحيتهم السماء، وهابهم البحر، وصفق لهم النهر، وفتحت لهم الأقطار، وطوي في أيديهم الليل والنهار. أذن بلال في أذن الدنيا فخشع الكون، ورتل أبو موسى القرآن فانقشع الظلام، وروى أبو هريرة الحديث فأنصت الدهر، وحكم عمر فاستسلم الطغاة، وجاهد خالد فسحق الكفر وزهق الباطل.

أيها المسلمون لا تهنوا فنحن أكثر الديانات أتباعا، وأكثرهم صقاعا وبقاعا، في كل زاوية مسلم يسبح، وفي كل مسجد مؤمن يصلي، وعلى كل منبر موحد يخطب، وفي كل رابية داعية ينصح، ما من مدينة إلا وفيها مسجد، ولا قرية إلا وبها مصلى، ولا دولة إلا وفيها مركز ومعهد، الجبال والوهاد والروابي تهتز بنداء الحق: الله أكبر، الله أكبر، البحار والقفار والديار ترتج بلا إله إلا الله.

أيها المسلمون: إنْ ضعُفنا فما متنا، وإنْ مرِضنا فما انتهينا، وإن غُلبنا فما استسلمنا، لا يزال بنا رمق الحياة، وبذرة التحدي، وعنصر الإباء، ووقود الثورة، وروح النضال، نحن أهل الرسالة الخالدة، والقضية العادلة، والمشروع الرباني الحضاري، لولا أننا ملء السمع والبصر ما اشتغل بنا العالم، ولولا أننا قادمون ما خاف منا الآخر، نحن لسنا جنسا قوميا، ولا حزبا وطنيا، ولا فكرا أرضيا، ولا فريقا سياسيا. نحن أمة عظيمة ذات رسالة كريمة ومبادئ قويمة، نحن عرب وعجم، بيض وسود، علماء وعامة، أغنياء وفقراء، نحن ضمير العالم، وبهجة الحياة الدنيا، وأمل الشعوب المستضعفة، نحن جمعية خيرية كبرى، مؤسسة عالمية عظمى. نحن صيحة إنقاذ في ضمير الغيب، وبسمة أمل في فم الدهر، وقبس من نور الله في عالم التيه، لأننا وحدنا يوم ألحد غيرنا، وآمنا يوم كفر سوانا، نذنب لكن نتوب، ونخطئ لكن نستغفر، إن عثرنا أقامنا الله، وإن هُزمنا نصرنا الله، وإن ضاقت بنا السبل فرّج الله، فنحن إلى الله ومع الله وبالله وعلى الله وفي الله، إلى الله نسير، ومع الله نأنس، وبالله نثق، وعلى الله نتوكل، وفي الله نجاهد، نحن الأمة الخاتمة، ختمت بنا الرسالات، والأمة الوسط صلحت بنا المناهج، والأمة الشاهدة تقول كلمة الفصل، والأمة المجاهدة تدوس الباطل، نحن أمة ابتلانا الله وابتلى بنا. نحن أمة الفطرة والقبلة والملة والسنة، فالفطرة توحيد، والقبلة مكة، والملة الإسلام، والسنة اتباع المعصوم، نحن أهل القبلتين والبيعتين والحسنيين والهجرتين والملحمتين، فالقبلتان الكعبة والأقصى، والبيعتان العقبة والرضوان، والحسنيان النصر والشهادة، والهجرتان الحبشة والمدينة، والملحمتان معركة البعثة ومعركة التجديد.

نموت لكن ربنا حي، نذهب لكن القرآن موجود، نرحل لكن السنة باقية: «وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ».

المصدر: الشرق الاوسط
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 70 مشاهدة
نشرت فى 16 مايو 2013 بواسطة MuhammadAshadaw

بحث

تسجيل الدخول

مالك المعرفه

MuhammadAshadaw
مكافحة اضرار المخدرات والتدخين ومقالات اسلامية وادبية وتاريخيه وعلمية »

عدد زيارات الموقع

938,322

المخدرات خطر ومواجهة

مازال تعاطي المخدرات والاتجار فيها من المشكلات الكبرى التي تجتاح العالم بصفة عامة والعالم العربي والإسلامي بصفة خاصة وتعتبر مشكلة المخدرات من أخطر المشاكل لما لها من آثار شنيعة على الفرد والأسرة والمجتمع باعتبارها آفة وخطراً يتحمل الجميع مسؤولية مكافحتها والحد من انتشارها ويجب التعاون على الجميع في مواجهتها والتصدي لها وآثارها المدمرة على الإنسانية والمجتمعات ليس على الوضع الأخلاقي والاقتصادي ولا على الأمن الاجتماعي والصحي فحسب بل لتأثيرها المباشر على عقل الإنسان فهي تفسد المزاج والتفكير في الفرد وتحدث فيه الدياثة والتعدي وغير ذلك من الفساد وتصده عن واجباته الدينية وعن ذكر الله والصلاة، وتسلب إرادته وقدراته البدنية والنفسية كعضو صالح في المجتمع فهي داخلة فيما حرم الله ورسوله بل أشد حرمة من الخمر وأخبث شراً من جهة انها تفقد العقل وتفسد الأخلاق والدين وتتلف الأموال وتخل بالأمن وتشيع الفساد وتسحق الكرامة وتقضي على القيم وتزهق جوهر الشرف، ومن الظواهر السلبية لهذا الخطر المحدق أن المتعاطي للمخدرات ينتهي غالباً بالإدمان عليها واذا سلم المدمن من الموت لقاء جرعة زائدة أو تأثير للسموم ونحوها فإن المدمن يعيش ذليلاً بائساً مصاباً بالوهن وشحوب الوجه وضمور الجسم وضعف الاعصاب وفي هذا الصدد تؤكد الفحوص الطبية لملفات المدمنين العلاجية أو المرفقة في قضايا المقبوض عليهم التلازم بين داء فيروس الوباء الكبدي الخطر وغيره من الأمراض والأوبئة الفتاكة بتعاطي المخدرات والادمان عليها.