الخبائث وأثره في صحة الفرد والمجتمع

في معنى الخبائث وأنواعها

خلق الله سبحانه و تعالى الإنسان بيده و استخلفه في الأرض ، و هو عالم بما يصلح له ، و ما يضره و ما ينفعه . فأرسل الرسل بشرائع السماء و كلها نزلت لحفظ مصالح الناس في دنياهم و لسعادتهم في أخراهم ، بما في ذلك حفظ الدين و العرض و النفس و المال و العقل . و التي سماها علماء العقيدة بالضرورات الخمس و ختمت هذه الشرائع بنبي الرحمة محمد صلى الله عليه و سلم الذي جاء بالشريعة السمحاء " الإسلام " الذي طالب بحفظ هذه الضرورات ، و حرص كل الحرص على صحة هذا الإنسان و حمايته من كل ما يتلف جسده و يفسد روحه .

و إذا كانت النصوص القرآنية ، و السنة المطهرة ، قد بينت بشكل صريح تحريم بعض الأطعمة و الأشربة لخبثها كالخمر و الميتة و الدم و لحم الخنزير ، فإن أشربة أخرى كالتبغ و الحشيشة والقات و غيرها لم تكن معروفة في العالم وقت التنزيل ، فلم تنزل بها نصوص صريحة خاصة بها ، لكن المشرع سبحانه و تعالى لم يترك الناس في حيرة من أمرهم ، فشريعة الإسلام صالحة لكل زمان و مكان ، فقد وضع ميزاناً دقيقاً ، يمكن لعلماء المسلمين أن يزنوا به كل مستحدث ، فقال وبكل وضوح ، كلمة وضعها كقانون علمي ثابت ، فيه كل الحكمة و كل الحق و كل الخير حين قال :

{ و يحل لهم الطيبات و يحرم عليهم الخبائث } [ سورة الأعراف : الآية 157 ]

لقد أوجب الإسلام حفظ النفس و نهى عن قتلها أو أن يلقي بها صاحبها إلى الهلاك . قال تعالى :

{ و لا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً } [ سورة النساء : الآية 29 ]

و قال : { و لا تلقوا بأيدكم إلى التهلكة } [ سورة البقرة : الآية 195 ]

و لهذا نجد أن الإسلام عني بالجسد و النفس و أوجب تناول الحد الأدنى _ أو الضروري _ من الطعام و الشراب حفاظاً على الحياة و دفعاً للهلاك عن النفس ، و ما عدا قدر الضرورة ، يباح تناوله ما لم يكن مستقذراً و لا متعدياً على حقوق الغير و ما لم يصل إلى حد الإسراف .

فالإسراف في الطعام و الشراب يؤدي إلى التخمة و التخمة قد تؤدي إلى الهلاك أو الإصابة بعدد كبير من الأمراض كالداء السكري و النقرس و تلبك الهضم و التسممات و سواها ، فالإسراف خطر طباً و حرام شرعاً ، قال تعالى :

{ و كلوا و اشربوا و لا تسرفوا } [ سورة الأعراف : الآية 31 ]

فلم يحرم الإسلام شيئاً من المعلومات و المشروبات إلا لضرر ينجم عنها ، أو خبث محقق فيها ، و هكذا يؤكد القرآن الكريم هذا المعنى حين قال جل جلاله :

{ يسألونك ماذا أحل لهم ، قل أحل لكم الطيبات } [ سورة المائدة : الآية 4 ]

فما حرم الشارع الحكيم إلا خبائث لا يليق بالعاقل أن يتناولها ، و كما أجمعت الأبحاث الطبية الحديثة ، على الضرر البالغ من تعاطيها . و إنه لمن عظيم الإعجاز الإلهي أن تتوافق موازين الشرع ، و موازين الطب في تحريم هذه الخبائث .

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً و إن الله أمر المؤمنين بما أمر المرسلين فقال : يا أيها الرسل كلوا من الطيبات و اعملوا صالحاً إني بما تعملون عليم " [ رواه الإمام مسلم و الترمذي ] .

و الطيب لغة ما تستلذه النفس ، و الخبيث ما تكرهه رداءة و خساسة . فقد جاء في لسان العرب : أن الطيب من كل شيء أفضله ، لذا يطلق الطيب على الجيد ، و يطلق الخبيث على الرديء . أما في المصطلح الشرعي فيطلق الطيّب على الحلال ، والخبيث على الحرام .

قال الأصفهاني : الطعام الطيب في الشرع : ما كان متناولاً من حيث يجوز ، و بقدر ما يجوز ، و من المكان الذي يجوز ، فإنه متى كان كذلك كان طيباً عاجلاً و آجلاً لا يستوخم .

و هذا المصطلح هو المراد من قوله تعالى :

{ يا أيها الرسل كلوا من الطيبات و اعملوا صالحاً } [ سورة المؤمنون : الآية 52 ]

و قوله : { قل لا يستوي الخبيث و الطيب ول وأعجبك كثرة الخبيث } [ سورة المائدة : الآية 100 ] .

و قد تأتي كلمة الطيب في القرآن يراد بها المؤمن التقي الصالح كما أن كلمة الخبيث قد يراد منها الكافر كما في قوله تعالى :

{ الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون } [ سورة النمل : الآية 32 ] . و قوله :

{ ليميز الله الخبيث من الطيب و يجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعاً فيجعله في جهنم } [ سورة الأنفال : الآية 38 ] .

و في الأطعمة و الأشربة أباح الإسلام أن يؤكل مما تنبته الأرض حلالاً طيباً . قال تعالى :

{ قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده و الطيبات من الرزق } [ سورة الأعراف : الآية 32 ] . و قال :

{ يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالاً طيباً } [ سورة البقرة : الآية 168 ] .

فالنبات المأكول كله حلال ما لم يعرض له عارض من نجاسة أو سرقة و ما لم يثبت ضرره لسمية فيه أو كونه مسكراً أو مفتراً للنصوص التي وردت في ذلك . فالنجاسات كلها عموماً محرمة ، فالدم و البول و الغائط و القيح و الصديد و الميتة ، كلها نجاسات يحرم أكلها أو أكل ما تلوث بها من طعام أو شراب .

قال الإمام الرازي في قوله تعالى : { و يحرم عليهم الخبائث } [ سورة الأعراف : الآية 157 ] و هذا يقتضي تحريم كل النجاسات ، و النجاسات خبائث فوجب تحريمها ثم إن الأمة مجمعة على حرمة تناول النجاسات . و لقول النبي صلى الله عليه و سلم في الفأرة تقع في السمن و تموت فيه : " إن كان جامداً فألقوها و ما حولها ، و إن كان مائعاً فأريقوه " [ رواه البخاري عن ميمونه رضي اله عنها ] .

و أن تحريم النجاسة كما يقتضيه الدليل الشرعي فإن الطب و فن الصحة يؤيدان ذلك لأن ما يحكم الشرع عليه بالنجاسة هو غالباً مصدر للعدوى بالأمراض الانتانية و الطفيلية لما يحتويه من كم هائل من الجراثيم و الطفيليات و بيوض الديدان ، كالميتة و الغائط ، أو لأنه وسط صالح لنمو الجراثيم فيه ، يغذيها و يسهل تكاثرها و نموها كالدم و البول .

و الخمر أم الخبائث . نص القرآن على تحريمها و جاءت السنة النبوية لتعلن على لسان النبي صلى الله عليه و سلم كل من ساهم في صنعها و بيعها و نقلها . و قد كتب أطباء الغرب آلاف آلاف الصفحات يحذرون من مخاطر شربها . ففي كتاب " أطباء الغرب يحذرون من شرب الخمور ينقل المؤلف عن مجلة لانست ما نصه : إذا كنت مشتاقاً إلى الخمر فإنك حقاً ستموت بسببه ، إن أكثر من 200 ألف شخص يموتون سنوياً في بريطانيا وحدها بسبب الخمر ، و قد أجمعت تقارير الكلية الملكية البريطانية أن الخمر لا يترك عضواً من أعضاء الجسم إلا أصابه بأذى .

و حرمت كل أنواع المخدرات كالحشيشة و الهيروئين و الأفيون و المورفين و سواها لاشتراكها مع الخمور في تغييب العقل حرصاً من المشرع على حفظه و سلامته . و حرم التدخين لما أكده الطب من أنه انتحار بطيء لتجرع متعاطيه لعدد من السموم لابد من أن تفعل فعلها في العضوية إن عاجلاً أو آجلاً .

و حرمت الميتة و الدم المسفوح و لحم الخنزير في نص قرآني واحد حيث قال تعالى :

{ حرمت عليكم الميتة و الدم و لحم الخنزير و ما أهل لغير الله به } [ سورة المائدة : الآية 3 ] .

فالحيوان الذي يموت حتف أنفه لمرض أو هرم أو لحادث عرض له كدهس و طعن هو ميتة محرمة ، و إن الطب و الذوق السليم يؤيدان بقوة تحريمهما فإن احتباس دم الميتة و سرعة تفسخ لحمها ملحظان في التحريم يغلب وجودهما في سائر أنواع الميتة .

إذ يؤكد العالم " وايلز " : أن عدم استنزاف دم الحيوان عند ذبحه يجعله غير صالح للأكل ، لأن وجود السائل الدموي في الأوعية ييسر للجراثيم أن تنتشر وسط اللحم بسرعة .

كما يؤيد الطب الحديث تحريم الدم و خبثه لأن الدم يحمل سموم و فضلات الاستقلاب من أنسجة البدن كالبولة Urea و حمض البول Uric Acid و غاز الكربون و غيرها ، و إن الإنسان إذا ما تناول كمية كبيرة من الدم ارتفعت نسبة البولة في دمه و هذا يؤدي إلى اعتلال دماغي خطير ، كما أن الدم وسط صالح لنمو و تكاثر الجراثيم . فحري بالعاقل أن يبتعد عن مصدر الأذى و يجتنبه ، وإنما جاء الإسلام ليذكره في كل مرة يحاول أن يؤذي نفسه بجهله و استكباره . و استثنى العلماء من التحريم نقل الدم للضرورة لإسعاف مصاب بنزوف شديدة و سواها .

و أما لحم الخنزير فقد أكد النص القرآني على أنه رجس . قال تعالى :

{ قل لا أجد فيما أوحي إلي محرماً على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دماً مسفوحاً أو لحم خنزير فإنه رجس } [ سورة الأنعام : الآية 145 ]

و الرجس هو القذر و النجس . و قد توصلت الأبحاث الطبية الحديثة إلى نتائج مدهشة حول أضراره إذ أكدت أن الخنزير يصاب بأكثر من 450 مرضاً أكثرها وبائي ، و أنه يقوم بدور الوسيط لنقل أكثر من 57 مرضاً بعضها مهلك للإنسان ، هذا عدا عن نوعية لحمه و شحمه التي تسبب تليف الكبد و تصلب الشرايين و ضعف الذاكرة و العقم .

و يؤكد البروفيسور Ruffo أن الوجبة الدسمة الحاوية على لحمه تعتبر حجر الأساس في التحول السرطاني للخلايا لاحتوائها على هرمون النمو .

و على هذا فما يحرمه الشرع من الأطعمة و الأشربة يدعى خبيثاً ، و ما منها إلا و قد أثبت الطب فيه الضرر و الأذى . إلا أن الشرع قد حرم بعضها لخبث معنوي يعود تقديره للحق سبحانه و تعالى وحده فيما أمر و نهى ، و ذلك إما حفاظاً على سلامة عقيدة المسلم كتحريم الذبائح التي ذبحت لغير الله سبحانه ، كالتي تذبح لصنم أو وثن ، و ذبيحة المجوسي و عابد الوثن ، و ما لم يذكر اسم الله عليها ، أو حفاظاً على سلامة العبادة في الحج و العمرة كتحريم الصيد على المحرم ، أو لتعلق حق الغير بها كالطعام المسروق و المغتصب و الطعام المكتسب بقمار و بغاء ، و هذه إذا كان خبثها المعنوي هو الواضح في علة التحريم ، فخبثها المادي يتجلى أيضاً بما يحدثه طريق الوصول إليها من خلل في نظام المجتمع قد يصل إلى قتل النفس و تدميرها ، أو اعتداء على الأعراض و الأموال و سواها .

و يحرم عند الجمهور أكل لحوم الحيوانات المفترسة كالوحوش من أسد و نمر و ذئب و فهد ، فقد جاء في الموسوعة الفقهية عن الحنفية قولهم : إن كل دابة لها ناب مفترس لا تحل سواء كانت أهلية كالسنور الأهلي و الهر و الكلب أم وحشية كالذئب و الضبع و الثعلب و سواها .

و استثنى الحنابلة الضبع من التحريم ، كما استثنى الشافعية من التحريم الضبع و الثعلب و السنجاب محتجين بأن أنيابها ضعيفة ، و قال الماكلية بكراهة أكل لحوم الحيوانات المفترسة .

و الطيور الجارحة يحرم أكلها عند الجمهور ، أي ذوات المخلب من الطير كالصقر و الباز و النسر و أباحها المالكية .

عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال : نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن كل ذي ناب من السباع ، و عن كل ذي مخلب من الطير . [ رواه الإمام مسلم و أبو داود و اللفظ لمسلم ] .

و عن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم نهى عن أكل كل ذي ناب من السباع . [ رواه البخاري و مسلم و الترمذي و النسائي و أبو داود و مالك في الموطأ . متفق عليه ] .

كما حرمت لحوم الكلاب لما يرويه رافع بن خديج عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : " الكلب خبيث ، خبيث ثمنه " [ رواه مسلم و الترمذي ] .

و يرى الدكتور محمود ناظم النسيمي أنه لم يجد حقائق طبية قاطعة حتى اليوم لعلة تحريم لحوم السباع ، إلا ما ثبت من مقاصد صحية في نقل الكلاب و الذئاب و بنات آوى لعدد من الأمراض الخطيرة و خاصة داء الكيسات الكلبية .

و يضيف الدكتور محمود ناظم النسيمي أن الحكمة من تحريمها قد تكون لدفع خطرها عن الإنسان لوحشيتها . إلا أن الدراسات العلمية الحديثة أثبتت أن الإنسان عندما يتناول دهون الحيوانات آكلة العشب فإنها تستحلب في أمعائه و تتحول في جسمه إلى دهون إنسانية . أما عندما يتناول دهون الحيوانات آكلة اللحوم فإن استحلابها عسير في أمعائه و إن جزئياتها تمتص كما هي و تترسب في أنسجة الإنسان كدهون حيوانية مؤذية .

و ينقل الصيدلاني محمد فتحي الحريري أن منظمة الصحة جندت حملات للقضاء على الثعالب عام 1977 بعد أن ثبت أنها حلقة وصل في الإصابة بداء الكلب ، و الذي تنقله في الأصل الكلاب المسعورة .

كما يؤكد أن العلم قد أثبت اليوم ، و بعد تطور النظرية الوراثية و تطور الجينات إلى تأثر الآكل بطباع المأكول ، إذ من المعلوم في أوربا أن كثيراً من محترفي الملاكمة و المصارعة يقومون بتناول لحوم الضواري _ الحيوانات و الطيور المفترسة _ لتزداد شراستهم و قسوتهم و عنفهم .

و هذا ما نلحظه في الحديث عن أبي هريرة عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " ..... و الفخر في الخيل و الإبل و الفدادين أهل الوبر و السكينة في أهل الغنم " [ رواه البخاري و مسلم ] .

يقول العلامة ابن خلدون في تاريخه : أكلت الترك لحوم الخيل ففشت فيهم الفروسية ، و أكلت العرب لحوم الغنم و الإبل ففشى فيهم الحلم و الصبر ، و أكلت الفرنجة لحوم الخنزير ففشت فيهم الدياثة .

و يحرم عند الجمهور أكل لحم الحمر الأهلية لما رواه الشيخان عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما : أن النبي صلى الله عليه و سلم نهى عن لحوم الحمر الأهلية و أذن في الخيل .

و في رواية النسائي : أكلنا زمن خيبر الخيل و حمر الوحش ، و نهى النبي صلى الله عليه و سلم عن الحمار الأهلي .

و في رواية أبي داود : ذبحنا يوم خيبر الخيل و البغال والحمير ، و كنا قد أصابتنا مخمصة ، فنهانا رسول الله صلى الله عليه و سلم عن البغال و الحمير و لم ينهانا عن لحوم الخيل .

و لما رواه الشيخان عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه قال : أصابتنا مجاعة ليالي خيبر ، فلما كان يوم خيبر وقعنا في الحمر الأهلية فانتحرناها ، فلما غلت بها القدور ، نادى منادي رسول الله صلى الله عليه و سلم : " أن اكفؤوا القدور و لا تأكلوا من لحم الحمر شيئاً " .

أما البغال فهي محرمة عند الشافعية و الحنابلة لأنها متولدة من أحد أصلين ، الحمار ، و هو محرم .

و يرى النسيمي أن الحمير الأهلية إنما حرمت لحفظ مصالح الناس لأنها آلة حمولتهم منذ القديم ، أما الحريري فينقلنا مرة أخرى إلى نظرية تأثر الآكل بطباع المأكول ، فقال : إن ما قيل عن دياثة الخنزير و خسة طبعه ، يقال أيضاً عن الحمير الأهلية _ لكن من جانب آخر _ فالحمار يتصف بصفتين تجعلانه في قائمة المحرمات الشرعية ، أكلاً لا انتفاعاً .

1. الحمار من أكثر الحيوانات غباءً و بلادة و حمقاً ، و قد ندد الله سبحانه و تعالى بصوته و بغبائه فقال تعالى :

{ إن أنكر الأصوات لصوت الحمير } [ سورة لقمان : الآية 19 ] .

و قال : { مثل الذين حُّملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفاراً } [ سورة الجمعة : الآية 5 ] .

2. الحمار حيوان وقح شهواني شبق لدرجة أن لا يرعوي عن مواقعة أنثاه في قارعة الطريق على عكس الجمل و الخروف مثلاً .

أما الخيل فهي مباحة عند الشافعية و الحنابلة ، و كرهها الحنفية ، و حرمها المالكية لأنها آلة الجهاد .

و لا يحل أكل الضفدع عند الجمهور _ عدا المالكية _ لنهي النبي صلى الله عليه و سلم عن قتلها [ عن عبد الرحمن بن عيان رضي الله عنه : أن طبيباً سأل النبي صلى الله عليه و سلم عن ضفدع يجعلها في دواء فنهاه عن قتلها . رواه أبو داود و النسائي ] و قاسوا عليها كل الحيوانات البرمائية .

عن عبد الرحمن بن عيان رضي الله عنه : أن طبيباً سأل النبي صلى الله عليه و سلم عن ضفدع يجعلها في دواء فنهاه عن قتلها . [ رواه أبو داود و النسائي ] .

كما يحرم أكل حشرات الأرض كالعقرب و الثعبان و الفأرة و الجرذ و سواها لاستخباث الطباع السليمة لها ، و للأذى أو السمية التي يلحقها بعضها بالإنسان و لما تنقله من عوامل الأمراض الفتاكة لبني البشر كالطاعون و التيفوس و غيرها .

و الدابة التي أغلب طعامها النجاسة تدعى " الجلالة " و قد قال الحنابلة بحرمة أكل لحمها ، أما الشافعية و الحنفية فقالوا بكراهتها .

عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما : أن النبي صلى الله عليه و سلم نهى عن أكل الجلالة و ألبانها . [ رواه أحمد و الترمذي و قال حديث حسن غريب ] .

و عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده : أن النبي صلى الله عليه و سلم نهى عن لحوم الحمر الأهلية و عن ركوب الجلالة و أكل لحمها . [ رواه أحمد و النسائي و أبو داود ] .

أما ما لا نص فيه من الحيوان من كتاب أو سنة أو إجماع ، و لا ورد فيه أمر بقتله أو عدم قتله ، فقد قال الشافعية و الحنابلة بإباحته إن استطابه أهل يسار و طباع سليمة من أكثر العرب ، لقوله تعالى :

{ و يحل لهم الطيبات } [ سورة الأعراف : الآية 157 ] .

و لأن العرب هم الذين نزل عليهم الكتاب و خوطبوا به و بالسنة فيرجع في مطلق ألفاظها إلى عرفهم و ذوقهم .

و الأشياء الضارة التي ثبت ضررها و لا نص في تحريمها ، و السموم في غير التداوي ، كلها حرام لعموم النص ، قال تعالى :

{ و لا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } [ سورة البقرة : الآية 195 ] .

و لقوله صلى الله عليه و سلم : " لا ضرر و لا ضرار " .

فما ثبت ضرره ثبتت حرمته . يقول العلامة مصطفى الزرقا : الظاهر أن ما يغلب على الظن ضرره يحرم ، و ما يشك فيه أن يكون ضرره خفيفاً ، يكره ، فليتأمل .

صدق الله ، فما حرم علينا إلا كل خبيث ضار ، و ما أباح لنا إلا الطيب النافع ، إلا أنه من الواجب على المؤمن أن يتحاشى تناول ما حرم الله من المطعومات و المشروبات طاعة لله سبحانه العليم الخبير ، أدرك الحكمة أو العلة من التحريم أم لم يدرك ، مسلّماً بأن تلك المحرمات ، إنما حرمها الخالق ، المصور لهذا الإنسان ، العليم بما يضره و ما ينفعه ، تصديقاً و امتثالاً لقوله تعالى :

{ و يحل لهم الطيبات و يحرم عليهم الخبائث } [ سورة الأعراف : الآية 157 ] .

و إذا كان الطب الحديث قد تمكن مع تطور وسائله اليوم ، و بعد مئات من السنين على تنزيل القرآن و البعثة المحمدية أن يحكم على مطعوم أو مشروب بأنه ضار بالصحة ، مهلك للجسد يجب تجنبه ، فإن المؤمنين الذين صدقوا ما أنزل على محمد صلى الله عليه و سلم قد تجنبوا ذلك الضرر ، بمجرد طاعتهم لله و تنفيذ أوامره ، لكن هذه الاكتشافات قد زادتهم يقيناً بدينهم و قامت بها حجة الله على الجاحدين .

و نحب أن نؤكد هنا أننا إذا تمكنّا من معرفة حكم ما ، ظنناها علة التحريم لمحرم ما ، فهذا لا يعني أنه لا توجد حكمة أخرى قد يكتشفها العلم في المستقبل ، فقد تكون هي و قد يكون غيرها ، و حتى إذا أمكن بحسب الظاهر التحرز عن ذلك الضرر بوسيلة ما ، لا يقوم جاحد ليدّعي أن ذلك المحرم أصبح حلالاً بعد أن كان حراماً .

لذا يجب علينا أن نعلم بأن في كل أمر أو نهي لله عز و جل _ مع الحكم التي يلحظها العلم _ حكمة تعبدية خالصة : و هي طاعة الله و تقواه بتنفيذ أوامره و نواهيه ، مستسلماً لشرعه ، ليزداد نورانية في طاعة مولاه ، و يعلو مقامه في درجات القبول عند الله

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 232 مشاهدة
نشرت فى 19 إبريل 2013 بواسطة MuhammadAshadaw

بحث

تسجيل الدخول

مالك المعرفه

MuhammadAshadaw
مكافحة اضرار المخدرات والتدخين ومقالات اسلامية وادبية وتاريخيه وعلمية »

عدد زيارات الموقع

938,817

المخدرات خطر ومواجهة

مازال تعاطي المخدرات والاتجار فيها من المشكلات الكبرى التي تجتاح العالم بصفة عامة والعالم العربي والإسلامي بصفة خاصة وتعتبر مشكلة المخدرات من أخطر المشاكل لما لها من آثار شنيعة على الفرد والأسرة والمجتمع باعتبارها آفة وخطراً يتحمل الجميع مسؤولية مكافحتها والحد من انتشارها ويجب التعاون على الجميع في مواجهتها والتصدي لها وآثارها المدمرة على الإنسانية والمجتمعات ليس على الوضع الأخلاقي والاقتصادي ولا على الأمن الاجتماعي والصحي فحسب بل لتأثيرها المباشر على عقل الإنسان فهي تفسد المزاج والتفكير في الفرد وتحدث فيه الدياثة والتعدي وغير ذلك من الفساد وتصده عن واجباته الدينية وعن ذكر الله والصلاة، وتسلب إرادته وقدراته البدنية والنفسية كعضو صالح في المجتمع فهي داخلة فيما حرم الله ورسوله بل أشد حرمة من الخمر وأخبث شراً من جهة انها تفقد العقل وتفسد الأخلاق والدين وتتلف الأموال وتخل بالأمن وتشيع الفساد وتسحق الكرامة وتقضي على القيم وتزهق جوهر الشرف، ومن الظواهر السلبية لهذا الخطر المحدق أن المتعاطي للمخدرات ينتهي غالباً بالإدمان عليها واذا سلم المدمن من الموت لقاء جرعة زائدة أو تأثير للسموم ونحوها فإن المدمن يعيش ذليلاً بائساً مصاباً بالوهن وشحوب الوجه وضمور الجسم وضعف الاعصاب وفي هذا الصدد تؤكد الفحوص الطبية لملفات المدمنين العلاجية أو المرفقة في قضايا المقبوض عليهم التلازم بين داء فيروس الوباء الكبدي الخطر وغيره من الأمراض والأوبئة الفتاكة بتعاطي المخدرات والادمان عليها.