نظرة سوداء لمتعاطي المخدرات؟

أعرف أن العنوان مثير ومستفز.. لم أقصد الاستفزاز والإثارة ولكن قصدت به لفت الانتباه إلى قضية مهمة، وهي النظرة السوداوية لمن شاءت إرادة الله أن يسقط في وحل المخدرات. ننبذه ونقصيه ونشوهه، حتى غدا هؤلاء يعيشون في الظلام. ويعانون وقد ينتقمون وتكون لهم آثار سلبية علينا كلنا كمجتمع. في الوقت الذي يجب أن نقترب من هؤلاء ونحسسهم أنهم مبتلون. وأنهم يحتاجون إلى قربنا ومساعدتنا، وأن ما هم فيه قضاء وقدر.. تماماً مثل المريض الذي يقدر الله عليه المرض. أنا هنا لا أتحدث عن المروجين الذين أظن أن عقوبة التخلص منهم هي أقل العقوبات. لكنني أتحدث عمن ابتلي بتعاطي المخدرات.. الضحية، ونعرف جميعاً أن آفة المخدرات تنتشر وبشكل منظم وعن طريق عصابات ومنظمات تعمل بدهاء ومكر وتخطيط، وبالرغم من تصدي العالم لها إلا أنها تنجح في أحايين كثيرة لتمرير آفاتها إلى الشباب، ليس فقط في بلادنا، ولكن على مستوى العالم أجمع. ونعرف أنهم يتبدلون ويتلونون ويتغيرون بين فترة وأخرى وببراعة فائقة وينجحون، ولهذا فإن الشباب الواقعين في وحل المخدرات هم ضحايا.. مرضى.. لا بد أن نتعامل معهم كمجتمع على هذا الأساس، وذلك بهدف إخراجهم من هذا المستنقع ووضعهم على الطريق الصحيح، مواطنين صالحين إيجابيين يسهمون في خدمة بلادهم ومجتمعهم بدلاً من أن يكونوا سلبيين عبئاً على أهلهم، وعلى وطنهم.
نعرف جميعاً أن أغلى وأنفس ثروة يملكها الوطن هم شبابه، وأفضل إنجاز يعتز به الوطن أن يستثمر هذه الثروة لإنتاج مواطنين منتجين يعملون لخدمة بلادهم، وبالمقابل فإن أسوأ كارثة تحل بالوطن وتحل بالعائلة وتحل بالمجتمع هي مواطنون سلبيون وذرية غير منتجة، ولا أقول فاسدة، لأن هؤلاء تعرضوا للظلم ممن عمل على غوايتهم ونجح في أن يكون سبباً في مرضهم ووقوعهم في هذا الشرك الخبيث. فإذا كنا ننظر إلى شبابنا وأبنائنا، كوطن وكمجتمع وكعائلة، على أنهم أنفس وأغلى ثروة نمتلكها، فكيف بالله عليكم ننبذهم وهم في أشد الحاجة إلينا، ونقصيهم وهم يعانون، ولا نلتفت إليهم وهم يسبحون في هذا الوحل. إن تغيير نظرتنا من سلبية إلى إيجابية نحو الذين قدّر عليهم الوقوع في حبائل المخدرات، يجعلنا قريبين منهم ويجعلهم يثقون بنا.. بأننا أولاً لا نلومهم فيما قدر الله عليهم، ثم إننا نحبهم كمواطنين وأفراد مجتمع وأقرباء، ولهذا نريد أن نساعدهم في الخلاص مما هم فيه، عندها سيقتربون منا وننجح في تخليصهم مما هم فيه. هذا الأمر يحتاج إلى جهد كبير من كافة مؤسسات المجتمع كي تصل الرسالة واضحة وبصوت مسموع إلى المستهدفين، ونحتاج إلى وقت وجهد حتى ننجح في إقناعهم، ونحتاج إلى نجاحات صغيرة في هذا العمل العظيم حتى نستخدم تلك النجاحات، أولاً كأمثلة لما كانوا عليه وكيف أصبحوا. وثانياً حتى نقنع الآخرين أن الهدف ليس اصطيادهم كما سيتبادر إلى أذهانهم، وأن رفاقهم لم يصابوا بأذى، بل تحولوا من سلبيين يحتاجون إلى مساعدة، وكانوا عبئاً على بلادهم ومجتمعهم وأهلهم، إلى أفراد منتجين إيجابيين يسهمون في خدمة وطنهم، وأصبحوا مصدر فخر له. لا بد أن تصل هذه الرسالة أيضاً بوضوح تام وبصوت عال، وهذا يتطلب خطة محكمة يتدخل فيها متخصصون وتربويون وأصحاب خبرات. عندما أقول إن ممن ابتلوا بالسقوط في وحل المخدرات من هم من أصحاب القدرات العالية الذين هم خسارة كبيرة على الوطن وعلى المجتمع وعلى العائلة.. من المهم جداً أن نتعرف على هؤلاء ونقترب منهم ونضمهم إلى فريق المنتجين الإيجابيين الذين يتمتعون بصفات المواطنة الصالحة. المجتمع العادل المنصف الواعي هو الذي يحاول بكل ما يستطيع أن يضع كل فرد فيه في قطار المواطنة الصالحة ليكون إيجابياً منتجاً، وإذا لم يكن كذلك يتعرف على الأسباب، مهما كانت، دون تشنج أو انفعال، ويعمل على التعامل مع تلك الأسباب. أعرف أننا جميعاً سنشعر أن كارثة حلت بنا إذا عرفنا أن أحد أفراد عائلتنا يسقط في هذا الوحل.. أعرف جيداً أن هناك عائلات تعاني من بعض أفرادها.. وأقول هذه ليست مشكلة العائلات فقط، إنها مشكلة وطن يعاني من فقدان بعض أفراده الذين يفترض أن يكونوا منتجين إيجابيين. ومشكلة مجتمع له نظرة سلبية تجاه المتعاطين. ونظرة عائلة حلت بها كارثة ويجب أن تتم مساعدتها للتخلص من كارثتها.. لقد آن الأوان أن تتضافر جهود كل هؤلاء.. الجهات الرسمية والمجتمع والعائلات لتخليص أبنائنا مما هم فيه، لتغيير وضعهم من مرضى سلبيين، إلى أسوياء صالحين. وأولى الخطوات أن نبدل نظرتنا نحو متعاطي المخدرات واعتباره مريضا يحتاج المساعدة، لا مجرما لا بد من عقابه. لأن هذا ما يشعر به فعلاً، ولهذا فهو يحاول التخفِّي والابتعاد.
إن نظرتنا هي مفترق طريقين أحدهما يساعد على تفاقم المشكلة على الوطن والمجتمع والأسرة، والآخر يؤدي إلى كسب مواطنين صالحين منتجين. فأي الطريقين نسلك؟ الأمر يعود إلينا.. وأنا أنادي من هذا المنبر بالشروع فوراً إلى تبني خطة نحقق فيها كل الأهداف السابقة. وسنصل إلى نتائج مذهلة، قد نصل في نهاية الطريق إلى ضرب مائة عصفور بحجر واحد، نكسب مواطنين منتجين ونفوت الفرصة على المروجين الذين يعدون المجرمين الحقيقيين. وبإذن الله نحد من افتتاح مستشفيات الأمل، وأتفاءل وأقول نقفلها تباعاً.
أرجوكم دعونا نحاول بنوايا صادقة وجهود حثيثة، وسنصل.. أرى بكل وضوح نورا يشع في نهاية نفق شديد العتمة.. فوطننا يستحق ومجتمعنا جدير وشبابنا يستاهل.

المصدر: أنباء القصيم الالكترونية
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 186 مشاهدة
نشرت فى 16 إبريل 2013 بواسطة MuhammadAshadaw

بحث

تسجيل الدخول

مالك المعرفه

MuhammadAshadaw
مكافحة اضرار المخدرات والتدخين ومقالات اسلامية وادبية وتاريخيه وعلمية »

عدد زيارات الموقع

938,943

المخدرات خطر ومواجهة

مازال تعاطي المخدرات والاتجار فيها من المشكلات الكبرى التي تجتاح العالم بصفة عامة والعالم العربي والإسلامي بصفة خاصة وتعتبر مشكلة المخدرات من أخطر المشاكل لما لها من آثار شنيعة على الفرد والأسرة والمجتمع باعتبارها آفة وخطراً يتحمل الجميع مسؤولية مكافحتها والحد من انتشارها ويجب التعاون على الجميع في مواجهتها والتصدي لها وآثارها المدمرة على الإنسانية والمجتمعات ليس على الوضع الأخلاقي والاقتصادي ولا على الأمن الاجتماعي والصحي فحسب بل لتأثيرها المباشر على عقل الإنسان فهي تفسد المزاج والتفكير في الفرد وتحدث فيه الدياثة والتعدي وغير ذلك من الفساد وتصده عن واجباته الدينية وعن ذكر الله والصلاة، وتسلب إرادته وقدراته البدنية والنفسية كعضو صالح في المجتمع فهي داخلة فيما حرم الله ورسوله بل أشد حرمة من الخمر وأخبث شراً من جهة انها تفقد العقل وتفسد الأخلاق والدين وتتلف الأموال وتخل بالأمن وتشيع الفساد وتسحق الكرامة وتقضي على القيم وتزهق جوهر الشرف، ومن الظواهر السلبية لهذا الخطر المحدق أن المتعاطي للمخدرات ينتهي غالباً بالإدمان عليها واذا سلم المدمن من الموت لقاء جرعة زائدة أو تأثير للسموم ونحوها فإن المدمن يعيش ذليلاً بائساً مصاباً بالوهن وشحوب الوجه وضمور الجسم وضعف الاعصاب وفي هذا الصدد تؤكد الفحوص الطبية لملفات المدمنين العلاجية أو المرفقة في قضايا المقبوض عليهم التلازم بين داء فيروس الوباء الكبدي الخطر وغيره من الأمراض والأوبئة الفتاكة بتعاطي المخدرات والادمان عليها.