<!--

<!--<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <mce:style><! /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"جدول عادي"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-priority:99; mso-style-qformat:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:11.0pt; font-family:"Calibri","sans-serif"; mso-ascii-font-family:Calibri; mso-ascii-theme-font:minor-latin; mso-fareast-font-family:"Times New Roman"; mso-fareast-theme-font:minor-fareast; mso-hansi-font-family:Calibri; mso-hansi-theme-font:minor-latin; mso-bidi-font-family:Arial; mso-bidi-theme-font:minor-bidi;} --> المخدرات

إن الحمد لله نحمده  ....                                                أما بعد:

فاتقوا الله أيها الناس، اتقوا ربكم وراقبوه في السر والعلن، فبتقوى الله ـ عز وجل ـ، تصلح الأمور، وتتلاشى الشرور، ويصلح للناس أمر الدنيا والآخرة.

عباد الله، لقد كرم الله ـ عز وجل ـ، بني الإنسان على كثير من مخلوقاته (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِى ءادَمَ وَحَمَلْنَـٰهُمْ فِى ٱلْبَرّ وَٱلْبَحْرِ وَرَزَقْنَـٰهُمْ مّنَ ٱلطَّيّبَـٰتِ وَفَضَّلْنَـٰهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً)

كرم الله ـ عز وجل ـ بني آدم بخلال كثيرة ، امتاز بها عن غيره من المخلوقات ، من جماد وحيوان ونبات وجان ؛ كرمه بالعقل، وزينه بالفهم، ووجهه بالتدبر والتفكر، فكان العقل من أكبر نعم الله على الإنسان، به يميز بين الخير والشر، والضار والنافع، به يسعد في حياته، وبه يدبر أموره وشئونه، به يتمتع ويهنأ، به ترتقي الأمم وتتقدم الحياة، وينتظم المجتمع الإنساني العام، وبالعقل يكون مناط التكليف.

بالعقل يشرف العقلاء ، فيستعملون عقولهم فيما خلقت له، كما قال ـ تعالى ـ: *قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ ٱلأَيَـٰتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ* [الحديد:17]. وقال تعالى: *فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ يٰأُوْلِى ٱلاْلْبَـٰبِ*

وإذا ما فقد الإنسان عقله ، لم يفرق بينه وبين سائر الحيوانات والجمادات، بل لربما فاقه الحيوان الأعجم بعلة الانتفاع. ومن فقد عقله، لا نفع فيه ولا ينتفع به، بل هو عالة على أهله ومجتمعه.

هذا العقل الثمين، الذي هو مناط التكليف، يوجد في بني الإنسان، من لا يعتني بأمره، ولا يحيطه بسياج الحفظ والحماية، بل هناك من يضعه تحت قدميه، ويتبع شهوته، وتعمى بصيرته، كل هذا يبدو ظاهرا جليا، في مثل كأسة خمر، أو جرعة مخدر، أو استنشاق مسكر وشرب مفتر، تفقد الإنسان عقله؛ فينسلخ من عالم الإنسانية، ويتقمص شخصية الإجرام والفتك والفاحشة؛ فتشل الحياة، ويهدم صرح الأمة، وينسى السكران ربه، ويظلم نفسه، ويهيم على وجهه، ويقتل إرادته، ويمزق حياءه، أيتم أطفاله، وأرمل زوجته وأزرى بأهله لما فقد عقله، فعربد ولهى ولغى. وبذلك كله يطرح جبريل قال: ((أما إنها ستحرم على أمتك، ولو شربت منها لم يتبعك من أمتك إلا القليل)) ـ إلى نور الهدى والاستقامة؟ أيفلح قوم استفحل السكر والخمر في ديارهم جهارا نهارا؟ لا، وكلا وألف لا. الله أكبر! إن قول جبريل ـ عليه السلام ـ يؤكد أن الأمة المسلمة الحقة، لا يمكن أن تتبع شارب خمر، حتى ولو كان رسول الله وحاشاه عن ذلك ـ بأبي هو وأمي ـ صلوات الله وسلامه عليه. إذاً لا يجتمع في الأمة لبن وخمر، بمعنى أنه لا تجتمع فطرة وخمر، فإما فطرة صالحة بلا خمر، وإما خمر وتيه بلا فطرة. قال رسول الله *: ((لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن)) [رواه البخاري ومسلم].

عباد الله، إن الخمر التي كانت من مفاخر الجاهلية ومن تقاليدهم المألوفة، جاء الإسلام بإلغائها، وخلص الجماعة المسلمة من رواسب الخمرة، بعد أن رسخ دعائم التوحيد والعقيدة في نفوسهم، وأخرجهم من عبادة العباد وعبادة الشهوة والجسد، إلى عبادة الله وحده. وأخرج كثيرا من الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ من منادمة الخمرة، فصقلهم الإسلام صقلا هجروا بسببه كل عادة تغضب الله ورسوله.

فها هو حسان بن ثابت - يقول عن الخمر في الجاهلية:

ونشربها فتتركنا ملوكا  

                  وأسدا ما يهنينا اللقاء

 فلما خالط الإسلام قلبه، صار شعره أشد على نحور المشركين من وقع النبل، كما قال ذلك رسول الله. [أخرجه النسائي والترمذي وقال: حسن صحيح]

وهذا أبو محجن الثقفي -، الذي اشتهر بالخمرة في جاهليته، وهو الذي ينسب إليه قوله:

إذا مـت فادفني إلى جنب كرمة  

     تروّي عظامي في الممات عروقها

 

ولا تدفننـي بالفـلاة فـإننـي

        أخـاف إذا مـا مت ألاّ أذوقهـا

فلما تمكن حب الله ورسوله من قلبه أبلى بلاء حسنا في القادسية، وقال له سعد بن أبي وقاص - لا حبستك في الخمر بعدها أبدا، فقال أبو محجن: وأنا والله لا أشربها بعد اليوم أبدا، فنعم الإسلام هاديا ومؤدبا.

أيها الناس، إن رذيلة المخدرات والمسكرات آفة خبيثة، لم تفش في عصر من العصور كما فشت في عصرنا الحاضر، ولم تصب المجتمعات بحمى السكر التي شنها أعداء الإسلام على جميع بلاد المسلمين، بهدف تخديرهم، وإهدار طاقاتهم، وشل جهودهم، وتغييب عقولهم علنا، كما أصيبت في هذا العصر.

لقد قام أعداء الإسلام، بزج كميات مخيفة من جميع أصناف المخدرات، إلى بلاد المسلمين وبلادنا خاصة حسدا من عند أنفسهم، يريدون للأمة المسلمة أن تتورط بهذه السموم، فلا تخرج منها إلا بعد لأي وشدائد، وتعب مضن، وتوبة صادقة.

وقع جمع من الناس في براثنها، ورضعوا من أثداء المخدرات والمسكرات؛ فنقضوا بناء المجتمعات ونثروا أعضاءها، وبددوها شذر مذر، نفخت روح الحضارة العصرية في بعضهم نفخة كاذبة، وخيلت إليهم أنهم خلق وجيل، مغاير لما مر من الأجيال في التاريخ كله، زعم المتفننون منهم، أنهم خلق لا تنطبق عليهم سنة، ولا يخضعون لسابقة، رأوا في عصر الذرة، وعصر المعلومات، فقالوا للناس أجمع: أما علمتم أن الدنيا دخان وكأس سكر وغانية؟!.

أمة الإسلام، كم من الآلاف في أمتنا، يعكفون على المسكرات والمخدرات، يهلكون أنفسهم عن طريق هذه الكيوف السامة القتالة، فأخذوا يزهقون أرواحهم، ويحفرون قبورهم بأيديهم حتى صاروا أشباحا بلا أرواح، وأجساما بلا عقول.

أيها المسلمون، إن للمسكرات والمخدرات مضارَّ كثيرةً أثبتها الطب العصري، وأكدتها تجارب المجتمعات، وذكروا فيها أكثر من مائة وعشرين مضرة، دينية ودنيوية .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ: "إن الحشيشة حرام، يحد متناولها كما يحد شارب الخمر، وهي أخبث من الخمر، من جهة أنها تفسد العقل والمزاج، حتى يصير في الرجل تخنث ودياثة، وغير ذلك من الفساد، وأنها تصد عن ذكر الله" .أ.هـ كلامه ـ رحمه الله ـ.

ومن أعظم مضار المسكرات والمخدرات، أنها تفسد العقل والمزاج. وما قيمة المرء إذا فسد عقله ومزاجه؟ يتعاطى المسكرات والمخدرات، فيرتكب من الآثام والخطايا، ما تضج  منه الأرجاء، وما يندم عليه حين يصحو، ولات ساعة مندم، ولقد روى القرطبي ـ رحمه الله ـ في تفسيره، أن أحد السكارى جعل يبول، ويأخذ بوله بيديه ليغسل به وجهه وهو يقول: اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين.

قال الضحاك بن مزاحم ـ رحمه الله ـ لرجل: ما تصنع بالخمر؟ قال: يهضم طعامي. قال: أما إنه يهضم من دينك وعقلك أكثر.

وقال الحسن البصري ـ رحمه الله ـ: لو كان العقل يشترى، لتغالى الناس في ثمنه، فالعجب ممن يشتري بماله ما يفسده!

أيها الناس، في بلاد المسلمين، كثرت حوادث المخدرات، من مروجين ومدمنين، وكثرت الجرائم بتعاطيها، وأصبحت مكافحة المخدرات قضية تشغل الحكومات المختلفة. وكل هذا يتم في غياب وازع الإيمان.

يقول سماحة الشيخ عبدالعزبز بن باز رحمه الله : ( لا ريب أن مكافحة المسكرات والمخدرات من أعظم الجهاد في سبيل الله ، لأن مكافحتها فيه مصلحة الجميع ، ومن قُتل في سبيل مكافحة هذا الشر وهو حسن النية فهو من الشهداء ، ومن أعان على افضح هذه الأوكار وبيانها للمسئولين فهو مأجور ) ا , ه

فاتقوا الله أيها لمسلمون، اتقوا المسكرات المخدرات، واتقوا الخمر فإنها أم الخبائث.

أخرج النسائي وابن حبان في صحيحه، أن عثمان - قام خطيبا فقال: (أيها الناس، اتقوا الخمر؛ فإنها أم الخبائث، وإن رجلا ممن كان قبلكم من العباد، كان يختلف إلى المسجد، فلقيته امرأة سوء، فأمرت جاريتها فأدخلته المنزل. فأغلقت الباب، وعندها باطية من خمر، وعندها صبي، فقالت له: لا تفارقني حتى تشرب كأسا من هذا الخمر، أو تواقعني، أو تقتل الصبي، وإلا صحت، تعني: صرخت، وقلت: دخل علي في بيتي، فمن الذي يصدقك؟ فضعف الرجل عند ذلك وقال: أما الفاحشة فلا آتيها، وأما النفس فلا أقتلها، فشرب كأسا من الخمر. فقال: زيديني. فزادته، فوالله ما برح، حتى واقع المرأة وقتل الصبي).

قال عثمان : (فاجتنبوها، فإنها أم الخبائث، وإنه ـ والله ـ لا يجتمع الإيمان والخمر في قلب رجل، إلا يوشك أحدهما أن يذهب بالآخر)

ويشمل تحريم الخمر، جميعَ أنواعِ المسكرات؛ لقوله  : ((كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام)) [رواه مسلم].

وشارب الخمر مستحق للعقوبة الدنيوية وهو أن يجلد ثمانين جلدة، ويحد شاربها وإن لم يسكر سواء أشرب الكثير أم القليل، بإجماع الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ.

وإذا تكرر من الشارب الشرب، وهو يعاقب ولا يرتدع، فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "يقتل في الرابعة عند الحاجة إليه، إذا لم ينته الناس بدون القتل".

وشارب الخمر فاسق، لا يسلَّم عليه، ولا يعاد إذا مرض، ولا تجاب دعوته، قال البخاري ـ رحمه الله ـ في الأدب المفرد: ((باب لا يسلم على فاسق)) وساق بإسناده إلى عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال: ((لا تسلموا على شرّاب الخمر)). وقال أيضا: ((لا تعودوا شُرّاب الخمر إذا مرضوا))

وأما العقوبة الأخروية، فقد روى أبو داود وابن ماجه والترمذي، عن ابن عمر قال: قال رسول الله : ((لعن الله الخمر، وشاربها، وساقيها، ومبتاعها، وبائعها، وعاصرها، ومعتصرها،

وحاملها، والمحمولة إليه)) [وهو حديث حسن]. وقال : ((من شرب الخمر في الدنيا، ثم لم يتب منها، حرمها في الآخرة)) [رواه مسلم]

وقال : ((مدمن الخمر إن مات، لقي الله كعابد وثن)) [رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح]

وقال : ((كل مسكر حرام، إن على الله ـ عز وجل ـ عهدا لمن يشرب المسكر أن يسقيه من طينة الخبال، قالوا: يا رسول الله، وما طينة الخبال؟ قال: عرق أهل النار، أو: عصارة أهل النار)) [رواه مسلم][

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا ٱلْخَمْرُ وَٱلْمَيْسِرُ وَٱلاْنصَابُ وَٱلاْزْلاَمُ رِجْسٌ مّنْ عَمَلِ ٱلشَّيْطَـٰنِ فَٱجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ *إِنَّمَا يُرِيدُ ٱلشَّيْطَـٰنُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ ٱلْعَدَاوَةَ وَٱلْبَغْضَاء فِى ٱلْخَمْرِ وَٱلْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ وَعَنِ ٱلصَّلَوٰةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُّنتَهُونَ) [المائدة:90، 91].

 

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم .........

الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه  ...  أما بعد :

فاتقوا الله أيها المسلمون ، .. أيُّها الناس / إنّ الحديثَ عن تفشي المسكرات والمخدّرات ونِسَبها وآثارها وقصصها ومآسيها لهو حديث مؤلم، ولكن السكوت عنه لا يزيد الأمرَ إلا إيلامًا؛ لذا فلا بدّ من الوعي بحقائق الأمور وإدراك حجمِ الخطر، ثم التكاتُف والتآزر بين أفراد المجتمع ومؤسّساته للحدّ من هذا الوباء وصدّه قبل استفحال الداء. لا بدّ من تنمية الرقابةِ الذاتيّة بالإيمان والخوف من اللهِ في قلوبِ الناس عامّةً والناشئة والشّباب خاصّة، ولن يردع البشرَ شيءٌ كوازع الدِّيانة. لا بدّ من تكثيفِ التوعية بأضرار المسكرات والمخدّرات والتركيز على ذلك في المناهج الدراسية وفي وسائل الإعلام. تجب العناية بالشباب وملءُ فراغهم بما ينفعهم وينفع مجتمعهم. واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وظيفةُ كلِّ مسلمٍ، ولو ائتمرنا بيننا وتناهينا ونصحنا وتناصحنا لما وجَدَ الشيطان سبيلاً إلى ضعيفٍ بيننا .

ولابد من بيان أسباب هذا البلاء وعلل استفحال هذا الداء ، فقد يكون البعض قد أخذ بهذه الأسباب أو بعضها تهاونًا في نفسه أو مع أبنائه، وما علم أن النهاية الجحيم الدنيوي والأخروي .

ألا وإن أعظم أسباب انتشار وباء المخدرات والمسكرات بلا منازع وأكبرها بابًا في دخول الواقعين فيها أصدقاء السوء. نعم، عشرات التائبين والنادمين يصدرون قصصهم: وتعرفت على قرناء السوء، وأغراني أصدقاء السوء، وقال لي أصدقاء السوء: جرب... وهلم جرا. ويا عجبًا من الشباب اليوم، كثيرٌ منهم لا يفرق بين بائع المسك ونافخ الكير !!

السبب الثاني : إهمال الوالدين وسوء التربية، ومن أراد الدليل على إهمال بعض الآباء فلينظر إلى الشباب وهم في الشوارع وعلى الأرصفة إلى ساعات متأخرة من الليل، بل ـ والله ـ لقد رأيت أطفالاً دون الثامنة وهم في الشوارع يذهبون ويجيئون إلى الساعة الواحدة ليلاً، لا حسيب ولا رقيب، يتعلم هذا الصغير والمراهق التدخين حبًا للتقليد والاستطلاع، ثم سيجارة الحشيش، وهكذا تبدأ البداية بل قل: النهاية، فأين الآباء والأمهات ؟! ثم لا يعلم الأب بتعاطي ابنه لهذا البلاء إلا بعد دخوله دار الملاحظة . لَقَد آنَ الأوَانُ لِتَحَرُّكِ الآبَاءِ وَأَولِيَاءِ الأُمُورِ لِحِمَايَةِ أَبنَائِهِم ممَّا يَضُرُّهُم، وَتَزوِيدِهِم بِكُلِّ مَا يَنفَعُهُم وَيَرفَعُهُم، لَقَد آنَ الأَوَانُ لاشتِغَالِ الآبَاءِ بِالمُهِمَّاتِ وَتَركِ مَا هُم فِيهِ مِن تَوَافِهَ وَتُرَّهَاتٍ، كَيفَ تَنَامُ أَعيُنُ بَعضِ الآبَاءِ قَرِيرَةً وَتَرتَاحُ قُلُوبُهُم وَأَبنَاؤُهُم يَقضُونَ مُعظَمَ أَوقَاتِهِم خَارِجَ البُيُوتِ بَعِيدًا عَن رَقَابَتِهِم؟! وَكَيفَ يَشتَغِلُ آخَرُونَ بِدَعَوَاتٍ وَوَلائِمَ وَمُنَاسَبَاتٍ وَيَهتَمُّونَ بِمُفَاخَرَاتٍ وَمُكَاثََرَاتٍ وَعَصَبِيَّاتٍ وَيَسعَونَ لإِحيَاءِ أَمجَادٍ فَارِغَةٍ وَاجتِرَارِ قِصَصٍ خَاوِيَةٍ وَالخَلَلُ يَدِبُّ إِلى بُيُوتِهِم وَأَبنَاؤُهُم يَتَفَلَّتُونَ مِن بَينِ أَيدِيهِم؟! عَجِيبٌ أَن يَحصُرَ رِجَالٌ اهتِمَامَهُم بما لَدَيهِم مِن أَنعَامٍ، فَيَقضُوا مُعظَمَ أوقَاتِهِم في العِنَايَةِ بها، لا يَتَوَانَونَ في جَلبِ طَعَامِهَا وَسَقيِهَا، وَلا يُقَصِّرُونَ في عِلاجِهَا، بَل وَيَتَفَنَّنُونَ في لُُيُونَةِ مَأوَاهَا وَمُرَاحِهَا، وَآخَرُونَ يَدفَعُونَ الأَموَالَ في بِنَاءِ الاستِرَاحَاتِ وَتَزيِينِهَا، لِيَقضُوا فِيهَا السَّاعَاتِ مَعَ زُمَلائِهِم وَأَقرَانِهِم، ثم لا يُكَلِّفَ أَحَدٌ مِن هَؤُلاءِ أَو هَؤُلاءِ نَفسَهُ أَن يَسأَلَ عَن وَلَدِهِ وَيَرعَى فَلَذَةِ كَبِدِهِ، فَإِمَّا أَن يَترُكَهُ مَعَ الهَمَلِ، وَإِمَّا أَن يُوَكِّلَ بِهِ الذِّئَابَ الضَّارِيَةَ.

أيُّهَا الإِخوَةُ، إِنَّ أَمَانَةَ التَّربِيَةِ لَثَقِيلَةٌ، وَإِنَّ وَاجِبَ الأُبُوَّةِ لَكَبِيرٌ، وَإِنَّ اللهَ سَائِلٌ كُلاًّّ عَن أَمَانَتِهِ وَمُحَاسِبُهُ عَن وَاجِبِهِ، قَالَ سُبحَانَهُ: *يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُم وَأَنتُم تَعلَمُونَ *وَاعلَمُوا أَنَّمَا أَموَالُكُم وَأَولاَدُكُم فِتنَةٌ وَأَنَّ اللهَ عِندَهُ أَجرٌ عَظِيمٌ*، وَقَالَ *: ((كُلُّكُم رَاعٍ وَمَسؤُولٌ عَن رَعِيَّتِهِ))، وَقَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: ((إِنَّ اللهَ سَائِلٌ كُلَّ رَاعٍ عَمَّا استَرعَاهُ: حَفِظَ أَم ضَيَّعَ؟ حَتى يَسأَلَ الرَّجُلَ عَن أَهلِ بَيتِهِ)).

إن الدلال والترف الزائد وتلبية كل ما يريد الأبناء طريق من طرق هذا البلاء، كما أن الضرب والقسوة الزائدة والحط دائمًا من قدر الأبناء طريق من طرق هذا البلاء

السبب الثالث : وسائل الإعلام لا سيما الغربية منها، ويكون أثرها بنشر المستوى الفكري والأخلاقي الهابط، وذلك بإبعاد الشاب عن الدين وبالإثارة الجنسية، وجعل من يسمون بالفنانين نجومًا وكواكب يقتدى بهم ليقلدهم الشباب، وبعضهم مصابون بداء شرب الخمور وإدمان المخدرات. السبب الرابع: السفر للخارج. لقد أثبتت الدراسات أن نسبة كثيرة من الشباب بدؤوا تعاطي المخدرات أول مرة خارج البلاد باسم السياحة الموهومة، وهي درب في الصياعة المرسومة، حيث الحانات والخمور والمراقص والفجور.

السبب الخامس: بعض العمالة الأجنبية وخاصة الكافرة منها، فقد جاءت بعاداتها وتقاليدها ومعتقداتها من إباحة للجنس والمسكرات والانحرافات، والمصيبة اندماج العمالة الأجنبية العزاب في الأحياء السكنية ودخولهم مع الشباب والأحداث، بل ودخول بعضهم للبيوت كالسائقين والخدم والخادمات

السبب السادس ورأسها وأساسها : ضعف الإيمان وانعدام الخوف من الله سبحانه، فما وقع من وقع في دوامة الضياع هذه إلا يوم أن تُجوزت حدود الله، واعتدي على محارم الله، وإلا رب العالمين قد قالها يوم أنزل كتابه وهو أعلم: *فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ* [المائدة:90].

السبب السابع والأخير: الوقوع في التدخين، تلك السيجارة الخبيثة سواك الشيطان، ولا شك في حرمتها، أوَتظنّ عندما يبدأ المرء بها بإغراءٍ من الشيطان أن شيطانه يقنع بهذه الخطوة؟! لا، بل يجره إلى ما هو أشد، إلى الحبوب والحشيش، وسجائر المخدر دائمًا في مخيلة شاربها حلم المتعة ونشوة اللذة، وحقًا رب العالمين قال: (وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ) [الأنعام:142]. فالتدخين بوّابة المخدّرات، وضررُه على الدين والبدن والمال بيِّنٌ ظاهر، ولا يجادل فيه إلا مكابر، أفتى العلماءُ بتحريمه، وتنادَتِ المنظّماتُ العالميّة بتجريمِه، واتَّفق الأطباء على ضرره وأنه سببٌ رئيسٌ للهلاك ولأمراضٍ مُرديةٍ كثيرة. حرّمتِ الدولُ المتحضِّرةُ تعاطيَه في الأماكن العامّة، ومنعت بَيعَه للمراهقين؛ للقناعة بشرّه وضرّه وخطره. وهذه المفتِّراتُ من الدخان والقات مع ما فيها من شرٍّ وضرّ فهي سببٌ للاجتماع على المفاسد والخلوةِ برُفقاء السوء والنُّفرة من أهل الخير والصلاح والوحشة منهم ومن مجالسهم، وهو أصلُ الأخلاق الرديئة وسوء الطباع واللؤم والخيانة.

أيها المسلمون، النصيحة المكرّرة والوصيّة المؤكّدة هي الحرص على الأبناء والبنات ومتابعتهم وملاحظتهم، ولا يعني ذلك حصارهم، بل التربية والمراقبة والثقة والمتابعة، أمّا إذا كانت الثقة عمياء أو وضِعت في غير محلّها فإنّ نتاجَها الحسرةُ والندامة. على الآباء والأمّهات والمربّين والمربّيات أن يقوموا بواجبِهم بصدقٍ وعزمٍ وإخلاصٍ جدّيةٍ، والحذَرَ والحذَر من التّهاونِ واللامُبالاة ؛ فإنّ الفرد لو وقع فريسةً للمخدّرات صعُب الخلاص والفكاك.

نسال الله ان يحمي البلاد والعباد من آفة  المخدرات

 


 

المصدر: خطبة الجمعه /فواز بن خلف الثبيتي
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 627 مشاهدة
نشرت فى 1 إبريل 2013 بواسطة MuhammadAshadaw

بحث

تسجيل الدخول

مالك المعرفه

MuhammadAshadaw
مكافحة اضرار المخدرات والتدخين ومقالات اسلامية وادبية وتاريخيه وعلمية »

عدد زيارات الموقع

939,345

المخدرات خطر ومواجهة

مازال تعاطي المخدرات والاتجار فيها من المشكلات الكبرى التي تجتاح العالم بصفة عامة والعالم العربي والإسلامي بصفة خاصة وتعتبر مشكلة المخدرات من أخطر المشاكل لما لها من آثار شنيعة على الفرد والأسرة والمجتمع باعتبارها آفة وخطراً يتحمل الجميع مسؤولية مكافحتها والحد من انتشارها ويجب التعاون على الجميع في مواجهتها والتصدي لها وآثارها المدمرة على الإنسانية والمجتمعات ليس على الوضع الأخلاقي والاقتصادي ولا على الأمن الاجتماعي والصحي فحسب بل لتأثيرها المباشر على عقل الإنسان فهي تفسد المزاج والتفكير في الفرد وتحدث فيه الدياثة والتعدي وغير ذلك من الفساد وتصده عن واجباته الدينية وعن ذكر الله والصلاة، وتسلب إرادته وقدراته البدنية والنفسية كعضو صالح في المجتمع فهي داخلة فيما حرم الله ورسوله بل أشد حرمة من الخمر وأخبث شراً من جهة انها تفقد العقل وتفسد الأخلاق والدين وتتلف الأموال وتخل بالأمن وتشيع الفساد وتسحق الكرامة وتقضي على القيم وتزهق جوهر الشرف، ومن الظواهر السلبية لهذا الخطر المحدق أن المتعاطي للمخدرات ينتهي غالباً بالإدمان عليها واذا سلم المدمن من الموت لقاء جرعة زائدة أو تأثير للسموم ونحوها فإن المدمن يعيش ذليلاً بائساً مصاباً بالوهن وشحوب الوجه وضمور الجسم وضعف الاعصاب وفي هذا الصدد تؤكد الفحوص الطبية لملفات المدمنين العلاجية أو المرفقة في قضايا المقبوض عليهم التلازم بين داء فيروس الوباء الكبدي الخطر وغيره من الأمراض والأوبئة الفتاكة بتعاطي المخدرات والادمان عليها.