هدهد التوحيد

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد :
بين يدينا قصة قصها الله تبارك وتعالى علينا في كتابه الحكيم لنأخذَ منها العبر والدروس .. لكنما القصة في هذه المرة وفي هذه الكرة هي مع طائر التوحيد والعقيدة ..
نعم ذلك الطائر الغيور على توحيد الله وإفراد الرب تبارك وتعالى بالعبادة ..
لا تسألوا عن نسبه أو عن شرفه أو حتى عن قبيلته !!
ولا تسألوا عن لون بشرته !!
ولا حتى عن مظهره وشكله وجماله !!
ذلك الطائر هو : "هدهد التوحيد" .
هذا هو نسبه ، وذلك هو شرفه ، "هدهد التوحيد" كما سُمي سلمان الفارسي "ابن الإسلام" .
قصَّ الله تبارك وتعالى علينا قصته ومحاورته مع نبي الله سليمان عليه الصلاة والسلام وسأكتفي في هذه القصة بما جاء في كتاب الله تبارك وتعالى ؛ لأنه هو الهدى والنور والشفاء ، ولن أتعرض للإسرائيليات الواردة في التفاسير فهي كثيرة ، ولا تهم ، إذ المهم للمؤمن هو أن ينشغل بكلام الله تبارك وتعالى وما أُبهم من كلام الله مما لم يرد فيه نصٌ صحيح ، فلا داعي للانشغال بهذا النوع من الفضول من العلم ، وقد ذمَّ الله تبارك وتعالى التكاثر حين أصبحَ ملهاةً ومشغلة عن المقصود .
وفي هذا المقام أذكر ما قاله ابن كثير – يرحمه الله - : " والأقرب في مثل هذه السياقات أنها متلقاة عن أهل الكتاب، مما يوجد في صحفهم، كروايات كعب ووهب -سامحهما الله تعالى- فيما نقلاه إلى هذه الأمة من أخبار بني إسرائيل، من الأوابد والغرائب والعجائب، مما كان وما لم يكن، ومما حرف وبدل ونسخ. وقد أغنانا الله، سبحانه، عن ذلك بما هو أصح منه وأنفع وأوضح وأبلغ، ولله الحمد والمنة" [تفسير ابن كثير - (ج 6 / ص 197)]
و لذا رأيتُ أنه ليس من العلم المستحب فضلاً عن أن يكون من واجب العلم هو أن نضيع الأوقات في القصص التي لم يقصها علينا ربنا تبارك وتعالى ، فالوقوف عند النصوص فيه الخير والبركة .
قال العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي – رحمه الله – ( فهذا ما قصه الله علينا من قصة ملكة سبأ وما جرى لها مع سليمان، وما عدا ذلك من الفروع المولدة والقصص الإسرائيلية فإنه لا يتعلق بالتفسير لكلام الله وهو من الأمور التي يقف الجزم بها، على الدليل المعلوم عن المعصوم، والمنقولات في هذا الباب كلها أو أكثرها ليس كذلك، فالحزم كل الحزم، الإعراض عنها وعدم إدخالها في التفاسير. والله أعلم) [تفسير السعدي - (ج 1 / ص 605) ]

نص القصة مع توضيح شيء من معانيها :
أخبر تبارك وتعالى أن سليمان عليه الصلاة والسلام تفقدَ الطير وهو الهدهد ولم يجده [1] فقال : لأعذبنه عذاباً شديداً ؛ لأنه تغيب ولم يخبرني بتغيبه ، أو ليأتي إليَّ بدليل مقنع يبين فيه عذره ، ثم لم يمكث طويلاً حتى جاء "هدهد التوحيد" فقال مباشرة لنبي الله : لقد أحطتُ بما لم تحط به حيثُ ذهبتُ إلى سبأ وجئتكَ بنبأ يقين وهو أني رأيت امرأة تملكهم وأوتيت من كل ما يحتاجه الملوك من العظمة والفخامة ، ولكني وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله تبارك وتعالى ؛ حيثُ زينَّ لهم الشيطان هذه الأعمال وصدهم عن سبيل التوحيد وتفريد الرب تبارك وتعالى بالسجود وأنواع الطاعات والقربات .
ثم وكله سليمان عليه السلام بإبلاغ الخطاب بعد أن افتتحه بالبسملة التي اشتملت على جملة من صفات الرب تبارك وتعالى ، ثم قال بعد البسملة : ألاَّ تعلوا عليَّ وأتوني مسلمين .
وهذا الخطاب في غاية الوجازة مع البيان التام فإنه تضمن نهيهم عن العلو عليه، والبقاء على حالهم التي هم عليها والانقياد لأمره والدخول تحت طاعته، ومجيئهم إليه ودعوتهم إلى الإسلام، وفيه استحباب ابتداء الكتب بالبسملة كاملة وتقديم الاسم في أول عنوان الكتاب[2]
ثم أخبر سليمان الهدهد بأنه إذا ألقى لهم هذا الخطاب أن ينظر ماذا يردونَ عليه في هذه الدعوة فقال له : (اذْهَب بِّكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ ) [النمل : 28] .
ثم وصل الخطاب إلى الملكة وقالت لقومها بعد أن جمعتهم ودارت بينها وبين قومها هذا الحوار ( قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ (29) إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (30) أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (31) قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ (32) قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ (33) قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (34) وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ (35)) [النمل/29-35] .
وهكذا بعد أن قرروا في هذا الاجتماع الطارئ أن يرسلوا لنبي الله سليمان عليه الصلاة والسلام بهدية !!
وذلك حرصاً منهم عن أن يتنازل عن دعوته وتوحيده وعقيدته ، لعله أن يطمع في هذه الهدية ويسكت عنها ، وهكذا فأهل الباطل يستعملوا هذا النوع لغسل عقل الإنسان يغروه بالدنيا وبالمال أو بالزوجة ونحو ذلك ليصدوه عن عقيدته وعن دعوته للتوحيد .
وقد حصلَ هذا مع نبينا محمد صلى الله عليه وسلم حينما جاءه كفار قريش فقالوا له :
[إن كنت تريد بما جئت به مالاً ؛ جمعنا لك من أموالنا ؛ حتى تصبح أكثرنا مالاً , وإن كنت تريد بما جئت به جاهاً ؛ سودناك علينا فلا نقطع أمراً دون أن نستشيرك ، وإن كنت تريد ملكاً ؛ ملكناك علينا فتصير ملك مكة , وإن كان هذا الذي يحدث لك شيئاً من الجن ؛ طلبنا لك الطب ونذرنا فيه أموالنا حتى تشفى ، وإن كنت تريد أن تتزوج امرأة جميلة زوّجناك أجمل فتيات قريش ].
وللحديث بقية مع طائر التوحيد في حلقة قادمة إن شاء الله تعالى

---------------------------------
 [1] - قال العلامة ابن سعدي – رحمه الله – [دل هذا على كمال عزمه وحزمه وحسن تنظيمه لجنوده وتدبيره بنفسه للأمور الصغار والكبار، حتى إنه لم يهمل هذا الأمر وهو تفقد الطيور والنظر: هل هي موجودة كلها أم مفقود منها شيء؟ وهذا هو المعنى للآية. ولم يصنع شيئا من قال: إنه تفقد الطير لينظر أين الهدهد منها ليدله على بعد الماء وقربه، كما زعموا عن الهدهد أنه يبصر الماء تحت الأرض الكثيفة، فإن هذا القول لا يدل عليه دليل بل الدليل العقلي واللفظي دال على بطلانه، أما العقلي فإنه قد عرف بالعادة والتجارب والمشاهدات أن هذه الحيوانات كلها، ليس منها شيء يبصر هذا البصر الخارق للعادة، ينظر الماء تحت الأرض الكثيفة، ولو كان كذلك لذكره الله لأنه من أكبر الآيات.
وأما الدليل اللفظي فلو أريد هذا المعنى لقال: " وطلب الهدهد لينظر له الماء فلما فقده قال ما قال " أو " فتش عن الهدهد " أو: " بحث عنه " ونحو ذلك من العبارات، وإنما تفقد الطير لينظر الحاضر منها والغائب ولزومها للمراكز والمواضع التي عينها لها. وأيضا فإن سليمان عليه السلام لا يحتاج ولا يضطر إلى الماء بحيث يحتاج لهندسة الهدهد، فإن عنده من الشياطين والعفاريت ما يحفرون له الماء، ولو بلغ في العمق ما بلغ. وسخر الله له الريح غدوها شهر ورواحها شهر، فكيف -مع ذلك- يحتاج إلى الهدهد؟" وهذه التفاسير التي توجد وتشتهر بها أقوال لا يعرف غيرها، تنقل هذه الأقوال عن بني إسرائيل مجردة ويغفل الناقل عن مناقضتها للمعاني الصحيحة وتطبيقها على الأقوال، ثم لا تزال تتناقل وينقلها المتأخر مسلما للمتقدم حتى يظن أنها الحق، فيقع من الأقوال الردية في التفاسير ما يقع، واللبيب الفطن يعرف أن هذا القرآن الكريم العربي المبين الذي خاطب الله به الخلق كلهم عالمهم وجاهلهم وأمرهم بالتفكر في معانيه، وتطبيقها على ألفاظه العربية المعروفة المعاني التي لا تجهلها العرب العرباء، وإذا وجد أقوالا منقولة عن غير رسول الله صلى الله عليه وسلم ردها إلى هذا الأصل، فإن وافقته قبلها لكون اللفظ دالا عليها، وإن خالفته لفظا ومعنى أو لفظا أو معنى ردها وجزم ببطلانها، لأن عنده أصلا معلوما مناقضا لها وهو ما يعرفه من معنى الكلام ودلالته.
والشاهد أن تفقد سليمان عليه السلام للطير، وفقده الهدهد يدل على كمال حزمه وتدبيره للملك بنفسه وكمال فطنته حتى فقد هذا الطائر الصغير ] . تفسير السعدي - (ج 1 / ص 602) .
[2] - تفسير السعدي - (ج 1 / ص 604) بتصرف يسير . قال القرطبي في تفسير ه (ج 13 / ص 193) [ قال أبو الليث في كتاب " البستان " له: ولو بدأ بالمكتوب إليه لجاز، لان الأمة قد اجتمعت عليه وفعلوه لمصلحة رأوا في ذلك، أو نسخ ما كان من قبل، فالأحسن في زماننا هذا أن يبدأ بالمكتوب إليه، ثم بنفسه، لان البداية بنفسه تعد منه استخفافا بالمكتوب [ إليه ] وتكبرا عليه، إلا أن يكتب إلى عبد من عبيده، أو غلام من غلمانه] .
 



(2)

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد :

فقد ذكرنا في الحلقة الماضية بداية قصة الهدهد وإرسال سليمان عليه السلام الرسالة إلى هؤلاء المشركين عبدة الشمس . وذكرنا أنهم أرسلوا بهدية إلى سليمان عليه السلام ليغروه بالدنيا .

فعند وصول هذه الهدية لنبي الله سليمان عليه السلام تذكرَ ما أعطاه الله سبحانه وتعالى من النعم والخيرات وتسخير الجن والإنس والطير وتعليم الله له منطق الطير ولغاتها قال بعد أن تذكر هذه النعم وعلى رأسها نعمة التوحيد والهداية والإيمان لعبادة الرحمن

و ترك عبادة الهوى والشيطان قال عليه الصلاة والسلام (فَلَمَّا جَاء سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِّمَّا آتَاكُم بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ ) [النمل : 36] . لأنكم تحبون الدنيا ، وتعيشون من أجلها .

وهكذا نبينا عليه الصلاة والسلام لما رغبه كفار قريش في الدنيا وخوفوه من مخالفتهم قال لعمه ( يا عم، والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر - حتى يظهره الله أو أهلك فيه - ما تركته ) فليس هدف الأنبياء الدنيا والسلطان والجاه وإنما هدفهم إعلاء كلمة الله تعالى .

ثم أمر سليمان عليه السلام بإرجاع الهدية إليهم وتوعدهم على عدم استجابتهم له حين قال لهم في رسالته التي أرسلها مع " هدهد التوحيد " ( أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ ) [النمل : 31] .

و مما توعدهم به لعدم استجابتهم لدعوة التوحيد والاستسلام لله تبارك وتعالى أنه قال له (ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ ) [النمل/37] ولكن هذه المرحلة جاءت بعد الدعوة الكلامية ، فهو عليه الصلاة والسلام لم يبغتهم بالقتال ولم يفجأهم به ، بل أرسل لهم الدعوة بالإسلام أولاً .

ثم قال سليمان عليه السلام لجنوده (يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ ) [النمل : 38] .

و قد أخبره الهدهد أنَّ لها عرشاً عظيماً حين قال ( إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ ) [النمل : 23] .

ثم انبرى لطلب سليمان عليه السلام بالإتيان للعرش اثنان :

أما الأول : فهو عفريتٌ من الجن وهو القوي النشيط من الجن وقال له : (قَالَ عِفْريتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ ) [النمل/39] .

فالظاهر أن سليمان إذ ذاك في الشام فيكون بينه وبين سبأ نحو مسيرة أربعة أشهر شهران ذهابا وشهران إيابا، ومع ذلك يقول هذا العفريت: أنا التزم بالمجيء به على كبره وثقله، وبعده قبل أن تقوم من مجلسك الذي أنت فيه. والمعتاد من المجالس الطويلة أن تكون معظم الضحى نحو ثلث يوم هذا نهاية المعتاد، وقد يكون دون ذلك أو أكثر.[1]

و أما الثاني : فهو الذي وصفه الله تعالى بأنه الذي عنده علمٌ من الكتاب حيثُ قال : (قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ) [النمل/40].

فلما جاء الذي عنده علم من الكتاب بالعرش توجه نبي الله سليمان عليه السلام بحمد الله تبارك وتعالى وعلمَ أنَّ هذا من فضل الله تعالى عليه فأسندَ النعمة إلى ربه تبارك وتعالى .

ثم بعد ذلك قال سليمان عليه السلام ( نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ (41) فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ ) [النمل/41، 42] .

ثم بعد أن رأت عرشها العظيم عندَ نبي الله سليمان ( قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) [النمل/44] .

و الصرح : هو القصر وكل بناء مرتفع ، والممرد أي: المبنى بناء محكما أملس ، وقوله { مِنْ قَوَارِيرَ } أي: زجاج. وتمريد البناء تمليسه .

والغرض أن سليمان، عليه السلام، اتخذ قصرا عظيما منيفا من زجاج لهذه الملكة؛ ليريها عظمة سلطانه وتمكنه، فلما رأت ما آتاه الله، تعالى، وجلالة ما هو فيه، وتبصرت في أمره انقادت لأمر الله وعَرَفت أنه نبي كريم، وملك عظيم، فأسلمت لله، عز وجل، وقالت: { رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي } أي: بما سلف من كفرها وشركها وعبادتها وقومها الشمس من دون الله، { وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } أي: متابعة لدين سليمان في عبادته لله وحده، لا شريك له، الذي خلق كل شيء فقدره تقديرًا .[2]

وبإذن الله تعالى نكتب في الحلقة القادمة فوائد من قصة طائر التوحيد فنسأل الله السداد والتوفيق

المصدر: صيد الفوائد - عادل بن عبد الله باريان
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 136 مشاهدة
نشرت فى 9 فبراير 2013 بواسطة MuhammadAshadaw

بحث

تسجيل الدخول

مالك المعرفه

MuhammadAshadaw
مكافحة اضرار المخدرات والتدخين ومقالات اسلامية وادبية وتاريخيه وعلمية »

عدد زيارات الموقع

944,519

المخدرات خطر ومواجهة

مازال تعاطي المخدرات والاتجار فيها من المشكلات الكبرى التي تجتاح العالم بصفة عامة والعالم العربي والإسلامي بصفة خاصة وتعتبر مشكلة المخدرات من أخطر المشاكل لما لها من آثار شنيعة على الفرد والأسرة والمجتمع باعتبارها آفة وخطراً يتحمل الجميع مسؤولية مكافحتها والحد من انتشارها ويجب التعاون على الجميع في مواجهتها والتصدي لها وآثارها المدمرة على الإنسانية والمجتمعات ليس على الوضع الأخلاقي والاقتصادي ولا على الأمن الاجتماعي والصحي فحسب بل لتأثيرها المباشر على عقل الإنسان فهي تفسد المزاج والتفكير في الفرد وتحدث فيه الدياثة والتعدي وغير ذلك من الفساد وتصده عن واجباته الدينية وعن ذكر الله والصلاة، وتسلب إرادته وقدراته البدنية والنفسية كعضو صالح في المجتمع فهي داخلة فيما حرم الله ورسوله بل أشد حرمة من الخمر وأخبث شراً من جهة انها تفقد العقل وتفسد الأخلاق والدين وتتلف الأموال وتخل بالأمن وتشيع الفساد وتسحق الكرامة وتقضي على القيم وتزهق جوهر الشرف، ومن الظواهر السلبية لهذا الخطر المحدق أن المتعاطي للمخدرات ينتهي غالباً بالإدمان عليها واذا سلم المدمن من الموت لقاء جرعة زائدة أو تأثير للسموم ونحوها فإن المدمن يعيش ذليلاً بائساً مصاباً بالوهن وشحوب الوجه وضمور الجسم وضعف الاعصاب وفي هذا الصدد تؤكد الفحوص الطبية لملفات المدمنين العلاجية أو المرفقة في قضايا المقبوض عليهم التلازم بين داء فيروس الوباء الكبدي الخطر وغيره من الأمراض والأوبئة الفتاكة بتعاطي المخدرات والادمان عليها.