الاستهزاء بالدين وأهله

الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبيّ بعده ، وعلى آله وصحبهِ ، ومن سار على نهجه وهَدْيِه :            أما بعدُ :
فإن الناظر في أحوال هذه الأمة – اليوم – يجد أموراً عجيبة مُنْكَرةً !! ذلك أنَّ الإنحراف في حياة هذه الأمة مُتذبْذِبٌ بين الارتفاع والإنخفاض ، بحسب بعدها أو قربها من الألتزام الجاد بهذا الدين العظيم .
وأمراض هذه الأمة كثيرة موجعة ! وما لم يشخص المرض فلن ينجح الطبيب في وصف العلاج الناجع ، ومن ثم تتفاقم الأمور حتى تصل إلى نتائج لا تحمد عقباها .
ومن الأمراض الخطيرة في حياة الأمة ، مرض (( الإستهزاء بالدين وأهله )) سواء جاءت جرثومة هذا المرض من خارج هذه الأمة أو من داخلها – وكلا الأمرين واقع – فالنتيجة واحدة في خطورته إذ يكفي فيه أنه مخرج من الملة بالكلية .

تأمل – أخي القارئ – حياة وأحوال المستهزئين والساخرين في واقعنا – اليوم – تجد عجباَ ؛ وتحس بألم وحسرة يعتصر قلبك الذي أشرق عليه نور الإيمان .

أنظر – مثلاً – إلى كلام ينشر ويقرأ لشعراء الحداثة اليوم ، حَرِيٌّ أن يسمى بـ (( الإسهال العقلي )) تجد فيه كفراً بواحاً من خلال سخريتهم بالله واستهزائهم به وبرسوله وبدينه ، تعالى ربنا وتقدس عن ذلك علواً كبيراً .

ثم تأمل أحوال كثير من الأعلاميين – وقد أصبح الإعلام اليوم سلاحاً من أخطر الأسلحة – تجد صنوفاً من السخرية والإستهزاء والضحك على ثوابتنا وقيمنا الشرعية .

• فهذا كتاب يهزأ بما بينه الله لنا في كتابه العزيز حول خلق آدم – عليه السلام – فيسخر هذا الكاتب من كلام الله ، ويزعم أن أصل الإنسان قرد !!
• وثان : يرسم (( كاريكاتيراً )) يسخر فيه من رسول الله صلى الله عليه وسلم وزواجه بتسع نساء .
• وثالث : يضحكُ ويغمز من يَحْكُمُونَ بشرع الله أو يطالبون بتحكيم شرعه ، ويسميهم بالأصوليين – المتطرفين ، الجامدين – أصحاب القرون الظلامية الضبابية .. إلخ .
• ورابع : يسخر من الحجاب ويطالب بطرد المحجبات من الإمتحان في كلية الطب !!
• وخامس : يهزأ باللغة العربية ، ويصفها بالجمود والتحجر ، ثم يدعو للعامية أو اللاتينية بديلاً عن لغة القرآن ، ويسخر من الأدب الرفيع لهذه اللغة مطالباً بأدب الفراش والخنا (1) بديلاً من ذلك السمو والعفاف !! .
• وسادس : يسخر من إقامة الحدود الشرعية ، ويرى في إقامتها بشاعة وفظاعة . ثم يدعو للبديل ، وهو أن يتحول المجتمع إلى عصابات وقطاع طريق بإسم الحضارة وحرية الإنسان ! .

بل وصل الحال إلى أن بعض المحسوبين على الدعوة والثقافة الإسلامية يهزأ ويغمز ليلاً ونهاراً بالمتمسكين بِسُنَّةِ سيد المرسلين ، ويصفهم بأصحاب العقول المريضة والعَتَهِ والسَّفَه ، بل وسخر من معجزات رسول الله صلى الله عليه وسلم الثابتة في الصحيحين ، مثل حادثة شق صدره صلى الله عليه وسلم وهو صغير في بني سعد ، واستخراج جبريل – عليه السلام – لعلقة الشيطان من قلبه ، وحشوه إيماناً وكل ذلك ثابت في الصحيح على أمر وهيئة لا يستطيع العقل البشري إدراكها لقصوره وضعفه ، فيقوم هذا الساخر بإنكار هذا قائلاً : أنا رجل عقلي لا أؤمن إلا بما يصدقه عقلي ، وهل الإيمان سائل حتى نصبه في قوارير !!! .

هذه أنماط ذكرتها هنا لترى – أخي القارئ – خطورة الموضوع الذي نحن بصدده ، فإن المستهزئ لم يقدر الله حق قدره ، ولم يشعر بفداحة الجرم الذي إرتكبه وأحسب – والله أعلم – أن الإٍستهزاء بالدين وأهله لم يبحث بحثاً مستقلاً شاملاً ، يجمع شتاته ، ويكشف للناس عواره ، خاصة وإنه من الأمور التي قد تقع من الإنسان بدون قصد ! وهنا مكمن الخطر .

فإنه إن وقع بدون قصد فجرمه كبير ، وخطره على الإيمان عظيم ، وإن حصل بقصد فجرمه أكبر وأفظع ، وفي كلا الحالين لن يعذر هذا الهازل : (( قُلْ أَبالله وآياته وَرَسُولهِ كُنْتُمْ تَسْتَهزءون * لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم )) سورة التوبة آية : 65 ، 66 .

لذا رأيت – مستعيناً بالله تعالى – أن أدلي بدلوي في بيان هذا الناقض من نواقض الإسلام ، عسى الله أن ينفع به ، وعسى هذه الأمة أن تستيقظ وتنتبه للخوارم والمزالق التي تفسد عليها أمر دينها ، وعسى أن تأخذ امتنا دينها الحق بجدية وصدق لا بسخرية واستهزاء وهزل !! فإن الأمة الهازلة لا مكان لها في واقع الحياة والناس .

وإن أمة تأخذ دينها سخرية وضحك وتهمز وتغمز الدين وأهله لهي أمة قد تودع منها (( وَحَاقَ بِهِمْ ما كاَنُوا بهِ يَسْتَهزءُونَ )) سورة هود آية 8

المصدر: صيد الفوائد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 85 مشاهدة
نشرت فى 5 فبراير 2013 بواسطة MuhammadAshadaw

بحث

تسجيل الدخول

مالك المعرفه

MuhammadAshadaw
مكافحة اضرار المخدرات والتدخين ومقالات اسلامية وادبية وتاريخيه وعلمية »

عدد زيارات الموقع

944,648

المخدرات خطر ومواجهة

مازال تعاطي المخدرات والاتجار فيها من المشكلات الكبرى التي تجتاح العالم بصفة عامة والعالم العربي والإسلامي بصفة خاصة وتعتبر مشكلة المخدرات من أخطر المشاكل لما لها من آثار شنيعة على الفرد والأسرة والمجتمع باعتبارها آفة وخطراً يتحمل الجميع مسؤولية مكافحتها والحد من انتشارها ويجب التعاون على الجميع في مواجهتها والتصدي لها وآثارها المدمرة على الإنسانية والمجتمعات ليس على الوضع الأخلاقي والاقتصادي ولا على الأمن الاجتماعي والصحي فحسب بل لتأثيرها المباشر على عقل الإنسان فهي تفسد المزاج والتفكير في الفرد وتحدث فيه الدياثة والتعدي وغير ذلك من الفساد وتصده عن واجباته الدينية وعن ذكر الله والصلاة، وتسلب إرادته وقدراته البدنية والنفسية كعضو صالح في المجتمع فهي داخلة فيما حرم الله ورسوله بل أشد حرمة من الخمر وأخبث شراً من جهة انها تفقد العقل وتفسد الأخلاق والدين وتتلف الأموال وتخل بالأمن وتشيع الفساد وتسحق الكرامة وتقضي على القيم وتزهق جوهر الشرف، ومن الظواهر السلبية لهذا الخطر المحدق أن المتعاطي للمخدرات ينتهي غالباً بالإدمان عليها واذا سلم المدمن من الموت لقاء جرعة زائدة أو تأثير للسموم ونحوها فإن المدمن يعيش ذليلاً بائساً مصاباً بالوهن وشحوب الوجه وضمور الجسم وضعف الاعصاب وفي هذا الصدد تؤكد الفحوص الطبية لملفات المدمنين العلاجية أو المرفقة في قضايا المقبوض عليهم التلازم بين داء فيروس الوباء الكبدي الخطر وغيره من الأمراض والأوبئة الفتاكة بتعاطي المخدرات والادمان عليها.