1- ضلال من كره دين الله تعالى. 2- أصناف الكارهين لما أنزل الله تعالى. 3- كُفْر مَنْ أَبْغَضَ شَيْئًا مِمَّا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَعَظِّمُوا اللهَ تَعَالَى فِي قُلُوبِكُمْ، وَاعْرَفُوا فَضْلَهُ عَلَيْكُمْ؛ فَإِنَّكُمْ عَاجِزُونَ عَنْهُ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَيْكُمْ، وَمُفْتَقِرُونَ إِلَيْهِ وَهُوَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ، وَلاَ حَوْلَ لَكُمْ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِهِ، وَلاَ مَفَرَّ لَكُمْ مِنْهُ إِلاَّ إِلَيْهِ؛
وَالكَارِهُونَ لِمَا أَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى مِنْهُمْ مَنْ لَهُ قُوَّةٌ فِي قَوْمِهِ وَمَنَعَةٌ تُجَرِّئُهُ عَلَى إِظْهَارِ ذَلِكَ، وَالتَّصْرِيحِ بِهِ، وَهُوَ فِعْلُ الكُفَّارِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا سَوَاءٌ كَانُوا مِنَ المُشْرِكِينَ أَمْ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ؛ لِأَنَّهُمْ مُبَايِنُونَ لِلْمُسْلِمِينَ؛ قَالَ اللهُ تَعَالَى فِيهِمْ:
وَمِنْ هَذِهِ الآيَةِ أَخَذَ العُلَمَاءُ كُفْرَ مَنْ أَبْغَضَ شَيْئًا مِمَّا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ
وَالمُنَافِقُونَ فِي مُجْتَمَعَاتِ المُسْلِمِينَ قَدْ يُضْطَرُّونَ لِعَمَلِ الطَّاعَةِ وَلَوْ كَرِهُوهَا إِمَّا خَوْفًا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَوْ عَلَى دُنْيَاهُمْ، وَإِمَّا مُجَامَلَةً لِغَيْرِهِمْ، وَلَكِنَّهُمْ يَفْعَلُونَ الطَّاعَةَ وَهُمْ يَكْرَهُونَهَا فَلاَ تَنْفَعُهُمْ، وَقَدْ حَكَى اللهُ تَعَالَى ذَلِكَ عَنْهُمْ فِي عَصْرِ الرِّسَالَةِ؛ فَقَالَ سُبْحَانَهُ:
وَالكَارِهُونَ لِمَا أَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى يَكْرَهُونَ خُلُوصَ الدِّينِ للهِ تَعَالَى وَحْدَهُ، وَيَكْرَهُونَ أَنْ يَكُونَ الدِّينُ وَاحِدًا، بَلْ يَدْعُونَ لِتَعَدُّدِيَّةِ الأَدْيَانِ وَتَنَوُّعِهَا، حَتَّى إِنَّهُمْ لَيَكْرَهُونَ أَنْ يُذْكَرَ اللهُ تَعَالَى وَحْدَهُ، أَوْ أَنْ يَكُونَ الحَدِيثُ عَنْهُ سُبْحَانَهُ أَوْ عَنْ شَيْءٍ مِنْ شَرِيعَتِهِ، وَفِي وَصْفِ هَذَا الكُرْهِ قَالَ اللهُ تَعَالَى:
وَكَانَ المُنَافِقُونَ حِيَالَ مَا أَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى مِنَ الأَحْكَامِ يَتَّخِذُونَ سَيَاسَةَ الحَلِّ الوَسَطِ، وَمُحَاوَلَةَ تَرْضِيَةِ الطَّرَفَيْنِ: طَرَفِ المُؤْمِنِينَ المُحِبِّينَ لِمَا أَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى، وَطَرَفِ الكُفَّارِ الكَارِهِينَ لِمَا أَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى، فَيُسِرُّونَ لِلْكُفَّارِ بِأَنَّهُمْ سَيُوَافِقُونَهُمْ فِي بَعْضِ مَا يُرِيدُونَ لاَ فِيهِ كُلَّهُ؛ لِأَنَّهُمْ لاَ يَقْدِرُونَ عَلَى ذَلِكَ؛ خَوْفًا مِنْ غَضَبِ المُؤْمِنِينَ، وَتَأَمَّلُوا عَظَمَةَ القُرْآنِ وَفِيهِ خَبَرُهُمْ وَفَضِيحَتُهُمْ؛
وَمِنْ كَرَاهِيَةِ المُنَافِقِينَ لِمَا أَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى أَنَّهُمْ يَكْرَهُونَ انْتِشَارَهُ وَعُلُوَّهُ، وَيَكْرَهُونَ عَمَلَ النَّاسِ بِهِ، وَيَكْرَهُونَ انْتِصَارَ أَتْبَاعِهِ وَحَمَلَتِهِ؛ لِأَنَّ انْتِصَارَهُمُ انْتِصَارٌ لَهُ؛
وَلِابْنِ القَيِّمِ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى كَلاَمٌ بَدِيعٌ نَفِيسٌ يُشَخِّصُ فِيهِ أَمْرَاضَ الكَارِهِينَ لِمَا أَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى فَيَقُولُ: ثَقُلَتْ عَلَيْهِمُ النُّصُوصُ فَكَرِهُوهَا، وَأَعْيَاهُمْ حَمْلُهَا فَأَلْقَوْهَا عَنْ أَكْتَافِهِمْ وَوَضَعُوهَا، وَتَفَلَّتَتْ مِنْهُمُ السُّنَنُ أَنْ يَحْفَظُوهَا فَأَهْمَلُوهَا، وَصَالَتْ عَلَيْهِمْ نُصُوصُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَوَضَعُوا لَهَا قَوَانِينَ رَدُّوهَا بِهَا وَدَفَعُوهَا، وَقَدْ هَتَكَ اللهُ أَسْتَارَهُمْ، وَكَشَفَ أَسْرَارَهُمْ، وَضَرَبَ لِعِبَادِهِ أَمْثَالَهُمْ، وَأَعْلَمَ أَنَّهُ كُلَّمَا انْقَرَضَ مِنْهُمْ طَوَائِفُ خَلَفَهُمْ أَمْثَالُهُمْ، فَذَكَرَ أَوْصَافَهُمْ، لِأَوْلِيَائِهِ لِيَكُونُوا مِنْهَا عَلَى حَذَرٍ، وَبَيَّنَهَا لَهُمْ، فَقَالَ:
فَحَذَارِ حَذَارِ عِبَادَ اللهِ أَنْ يَكُونَ فِي قَلْبِ العَبْدِ حَرَجٌ مِمَّا أَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى؛ فَإِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ نَهَى نَبِيَّهُ عَنْ ذَلِكَ وَهُوَ مَعْصُومٌ مِنْهُ؛
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ، وَاحْفَظُوا قُلُوبَكُمْ مِنَ الزَّيْغِ بِالاسْتِجَابَةِ لِأَمْرِهِ، وَمَحَبَّةِ حُكْمِهِ، وَبُغْضِ مَنْ أَبْغَضَهُ مِنَ الكُفَّارِ وَالمُنَافِقِينَ؛ فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى قَالَ فِي اليَهُودِ:
إِنَّ أَهْلَ الأَهْوَاءِ هُمْ أَهْلُ الأَهْوَاءِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا، كَرِهَ عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ سُورَةَ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ؛ لِأَنَّهَا تُخَالِفُ مَذْهَبَهُ فِي القَدَرِ، وَوَدَّ لَوْ أَنَّهُ حَكَّهَا مِنَ المُصْحَفِ، وَعَنِ الجَهْمِ بْنِ صَفْوَانَ أَنَّهُ قَالَ: وَدِدْتُ أَنِّي أَحُكُّ مِنَ المُصْحَفِ قَوْلَهُ تَعَالَى:
يَا هَؤُلاَءِ وَأُولَئِكَ، هَذَا كِتَابُ اللهِ تَعَالَى وَسُنَّةُ نَبِيِّهِ
قَالَ العَلاَّمَةُ المُفَسِّرُ الشِّنْقِيطِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: اعْلَمْ أَنَّ كُلَّ مُسْلِمٍ، يَجِبُ عَلَيْهِ فِي هَذَا الزَّمَانِ تَأَمُّلُ هَذِهِ الآيَاتِ، مِنْ سُورَةِ مُحَمَّدٍ وَتَدَبُّرُهَا، وَالحَذَرُ التَّامُّ مِمَّا تَضَمَّنَتْهُ مِنَ الوَعِيدِ الشَّدِيدِ; لِأَنَّ كَثِيرًا مِمَّنْ يَنْتَسِبُونَ لِلْمُسْلِمِينَ دَاخِلُونَ بِلاَ شَكٍّ فِيمَا تَضَمَّنَتْهُ مِنَ الوَعِيدِ الشَّدِيدِ؛ لِأَنَّ عَامَّةَ الكُفَّارِ مِنْ شَرْقِيِّينَ وَغَرْبِيِّينَ كَارِهُونَ لِمَا أَنْزَلَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ
المصدر: المنبر
نشرت فى 31 يناير 2013
بواسطة MuhammadAshadaw
بحث
تسجيل الدخول
مالك المعرفه
مكافحة اضرار المخدرات والتدخين ومقالات اسلامية وادبية وتاريخيه وعلمية »
عدد زيارات الموقع
918,381
المخدرات خطر ومواجهة