اليوم علاج «ليزر» و«خلايا جذعية» وعمليات اليوم الواحد
«حملات التطعيم» أنقذت «جيل الله يرحمه» من الموت..!
حملة التطعيم ضد الملاريا كما بدت في أوائل الخمسينيات الميلادية بالقطيف
ما زال الأهالي في بلادنا يتذكرون معاناة الآباء والأجداد مع انتشار الأوبئة والأمراض المعدية، وكيف كان الوباء ينزل بالمدينة أو القرية فيفتك بربع أو نصف سكانها، لا سيما الأطفال الذين كثيراً ما تنتشر بينهم الأمراض المعدية كالجدري والسل والدرن، ناهيك عن سرعة انتشار العدوى بين الناس والأهالي وفقدان العلاج والأمصال الطبية آنذاك، حيث أن هذه الأوبئة لم تكن لتمنع الأم من تطبيب ومعالجة أبنائها -الذين اغتالهم هذا الوباء أو ذاك-، بل تذكر الروايات الشفهية وبعض المنقولات أن الوباء يسري بالعائلة الواحدة فيكاد يفنيها واحداً تلو الآخر، وكانت سنة 1337ه التي عُرفت لدى المعنيين بتاريخ السنوات ب»سنة الصخونة أو «سنة الرحمة» تمثّل إحدى أكثر السنين في القرنين الماضيين انتشاراً للوباء الذي اختلف حول تسميته المؤرخون بين من يزعم أنه الحمى الأسبانية، ومن ينسبه إلى انتشار الوباء؛ بسبب كثرة الموتى في الحرب العالمية الأولى، خاصة وأن الوباء عم بلاد العالم فما يكاد الناس يدفنون ميتهم إلاّ ويستقبلون ميتاً آخر، وهذا حدث في التاريخ الإسلامي كثيراً وأرخ له المسلمون بشيء من التفصيل، ومع هذا ثمة رأي معتبراً يذهب إلى أن تفسير ما حدث للعالم عام 1337ه ما هو إلاّ انتشار لفيروس «1n1 H» المعروف بأنفلونزا الخنازير.
حملات تطعيم
تذكر الروايات الحديثة أن أول انتشار للأمصال في عالمنا العربي خلال الثلاثة قرون الماضية كان أثناء حملة «نابليون» على مصر، حيث وزعت الحملة أمصال الحمى على العساكر الفرنسيين، ووزعت عبر إعلانات وملصقات تعليمية أساليب وطرق الوقاية من وباء الحمى.
وعلى الرغم أن أسبقية اكتشاف أمصال التلقيح كانت منسوبة للعثمانيين ومن قبلهم أطباء وجراحى العصر العباسي، إلاّ أن انعدام انتشار هذه الأمصال في البلاد العربية منذ زمن الحضارة الإسلامية جعل البعض يوثق انتشار عمليات التلقيح والتطعيم بالحملات الخارجية، لا سيما وأن أقاليم الجزيرة العربية التي كانت بعيدة عن مواقع اكتشاف هذه الأمصال والتطعيمات ظلّت تعاني من انتشار الأوبئة والأمراض، حتى سُميت بعض أعوام القرون الثلاثة الأخيرة بأسماء هذه الأوبئة ك»سنة الجدري الأسود» و»سنة الجدري» وغيرها.
كانت «حملة الباشا» على الجزيرة العربية تمثّل أول ظهور لفريق طبي حديث، حيث صحب «الباشا» طاقما مكونا من الطبيب الإيطالي «أنطونيو سكوتي»، وعضوية كل من «أندريا جنتلي» و»تود سكيني» وهما جراحان، و»سوشيو» وهو صيدلي، وهؤلاء جميعاً مزودون بكل ما يحتاجونه من أدوات طبية مختلفة.
لكن هذا الفريق الطبي لم يكن ليعالج الأهالي وعامة الناس انما اقتصر دوره على معالجة جنود وعسكر «الباشا» الذين ظل بعضهم يعاني من الجفاف ومن ضربات الشمس المحرقة، كما لم يستطع بعضهم التعايش مع أجواء المناطق الوسطى، حيث المناخ الصحراوي يضاف إلى هذه الحملة ما شهدته أقاليم الجزيرة العربية من وفود عدد من المستشرقين الذين ادعى بعضهم بل أكثرهم أنه طبيب معالج.
السفر للعلاج
وقد ذكر «د. رشاد فرعون» -رحمه الله- وهو ثاني وزير للصحة وأحد أطباء الملك عبدالعزيز كيف كانوا يجرون العمليات الجراحية في بادئ أمرهم داخل الخيام وعلى الحصر تحت ضوء السراج، ناهيك عن فرقة الطبابة السيّارة المكونة من فرق طبية يرأسها الدكتور البريطاني «ديم»؛ الذي عرفه أهالي نجد آنذاك جيداً كما ذكر الأستاذ والمؤرخ «فايز البدراني الحربي» أن سنة 1360ه كانت تسمى عند أهل مدينة الشعراء سنة «الوتنة»، ويقُصد ب»الوتنة» التطعيمة، حيث بدأت حملات التطعيم ضد الجدري، كما تسمى عند البعض «سنة ردة الجدري»؛ أي عودة الأحوال إلى طيب العيش بعد الشدة التي أصابتهم في انتشار جدري عام 1358-1359ه، وهي ذات السنة التي وصلت فيها بعثة طبية إلى القصيم للتطعيم ضد الجدري، كما تسمى سنة 1362ه عند بعض بوادي الحجاز «سنة العظبة»؛ أي التطعيم، وفيها وصل فريق طبي أمريكي لمكافحة الحشرات والجراد بالمبيدات، وذلك للمرة الأولى في تاريخ البلاد، حيث سمى البعض هذه السنة «سنة الأمريكاني»، وأما سنة 1367ه التي تسمى عند العرب «سنة النكبة»، حيث اعتداء اليهود على فلسطين، كما تسمى سنة «الكوليرا»، حيث انتشر وباء «الكوليرا» في بعض الدول العربية لا سيما في الشام ومصر.
وفي بدايات القرن الهجري المنصرم كان الأهالي في بلادنا يسافرون إلى البحرين أو الكويت، حيث توجد المستشفيات البريطانية، كما كان البعض يلجأ في منتصف القرن نفسه إلى لبنان ومصر للاستشفاء والعلاج؛ حتى أن إحداهن قالت تعزي نفسها في سفر عمها «والد زوجها» للبنان لطلب العلاج:
يا قصر ما بك حلا ولا نور
و لا كن بالقصر سكاني
من يوم عمي نصى الدكتور
متوجه صوب لبناني
قفوا في حامي الطابور
عمي إليا هاب كوباني
مديريات الصحة
كان إنشاء وزارة الصحة في 26/8/1370ه نقطة تحول بين عهدين من ناحية الرعاية الصحية، حيث سبق إنشاء الوزارة وجود دائرة الصحة في الحجاز التي كانت تشرف على عدة مستشفيات في المنطقة، خاصة مستشفى أجياد في مكة المكرمة-الذي شيد عام 1288ه-، ومستشفى باب شريف بجدة -الذي تأسس عام 1308ه-، كما كان ثمة مستشفى ثالث في المدينة المنورة، وقد أُعيد تنظيم دائرة الصحة في العهد السعودي عام 1344ه التي شملت صلاحيات أكثر وسميت دائرة الصحة والإسعاف-، وفي عام 1345ه صدر نظام دائرة الصحة والإسعاف وأطلق عليها مديرية وعادت في مرجعيتها إلى النيابة العامة ونصت المادة رقم «2» من نظامها بتكوين مجلس صحي في مكة المكرمة، ومن أنظمتها نظام التطعيم ضد الجدري، ونظام الطبابة والصيادلة، ونظام الاحتياطات الصحية للوقاية من الأمراض المعدية، كما صدر أمر تنظيم أعمال الحلاقة والحجامة والفصد وخلع الأسنان؛ ونظراً لقلة الأطباء وارتفاع تكلفة الخدمات الصحية عمدت المديرية آنذاك الى تدريب بعض المواطنين على أعمال التمريض والطبابة المبسطة.
وباء «سنة الرحمة» 1337ه أفنى العائلة الواحدة تلو الأخرى و«الجدري» 1358ه بقي موتاً صامتاً.. و«سنة الأمريكاني» لمكافحة الحشرات
وقد ذكر «د. بدر الربيعة» في كتابه «تطور الخدمات الصحية في المملكة العربية السعودية خلال مائة عام» أن العمل استمر بهذه الكوادر البسيطة في عام 1360ه، حيث بدأ التحول التاريخي بتطوير النقاط الصحية إلى مستوصفات صغيرة زودت بالأطباء والقابلات، وكانت هذه المستوصفات تفتقد إلى بعض الخدمات الفنية الأخرى كالمختبرات وعيادات الأسنان والأشعة، ولذا فهي وقائية شبه متقصرة على التطعيمات ومكافحة الأمراض الوبائية.
مستشفيات ولادة
ولعل من أهم انجازات هذه المرحلة التي بدأت من عام 1343ه إلى عام 1370ه صدور بعض الأوامر ببناء عدد من المستشفيات، ومستشفيات الولادة والمستوصفات والمراكز والمحاجر الصحية، ناهيك عن تكوين فرق طبية مجهزة تجهيزاً طبياً كاملاً لتجوب المدن والقرى لتأمين العلاج والتطعيمات اللازمة، كما تم استحداث أقسام متخصصة في المديرية العامة للصحة كإدارة الطب الوقائي وإدارة للمستشفيات وأخرى للمستوصفات، كذلك تم في عام 1372ه إرسال أول بعثة طبية منقولة جواً إلى المناطق الشمالية للمملكة، وكشفت الإحصاءات العامة في عهد الملك عبدالعزيز -رحمه الله- أن عدد المستشفيات العامة كان احد عشر مستشفى، وخمسا وخمسين مستوصفاً ومركزاً صحياً؛ عدا المحاجر ومكاتب الكرنتينه بجدة وثمانية صيادلة قانونيين، و49 مساعداً صيدلياً، وسبعين ممرضاً ممارساً ومتمرناً، وتسعين من الممرضين العاديين، وثلاثٍا وثلاثينا مساعد مختبر للتحليل والتركيب، وستة وعشرين ممرضاً سياراً ومتجولاً، وستة وثلاثين طبيباً من مختلف الجنسيات، وذلك وفقاً لما ذكره «د. محمد مفتي» في كتابه: «تطور الخدمات الصحية في المملكة العربية السعودية»، حيث ذكر أنه في عهد الملك سعود بدأ العمل في المشروع الوقائي الذي يهدف لحماية المواطنين من الأمراض الوبائية والخطرة التي ارتفعت نسبت الإصابة بها، لا سيما البلهارسيا التي بلغت نسبة الإصابة بها في مدينة تبوك 60%، والملاريا التي استوطنت في مدينة القطيف وبلغت نسبة الإصابة بها 90%، كما أُنشىء معمل جراثيمي كيميائي في مكة المكرمة لمكافحة الأوبئة والفيروسات التي تنتقل بين الأهالي والحجاج، ثم استمر إنشاء المعامل الجراثيمية الكيميائية، كما زاد خلالها عدد المبتعثين لدراسة الطب في الخارج؛ مما قلل بدوره من طلبات السفر للخارج لطلب العلاج، ناهيك عن إنشاء مراكز العزل والنقاهة ومراكز مكافحة الحشرات، ولا زالت ذاكرة المصورين العرب والأجانب ووثائقهم المصورة تحفظ لنا كيف بدأت الحملات التطعيمية وحملات مكافحة الأوبئة تجوب شوارع مدينة القطيف، ومدينة تبوك، وبعض المدن التي انتشرت فيها فيروسات الملاريا والبلهارسيا، بل لقد صدر عام 1362ه أمر ملكي بتكوين هيئة صحية أنيط بها نظافة الحج من الأوبئة.
مبنى الطبابة في الرياض افتتح عام 1351ه عند باب القرى وأشرف عليه «د.أحمد ياسين»
طبابة الرياض
أما في مدينة الرياض؛ فبدأ القطاع الصحي عمله من خلال مبنى الطبابة الذي افتتح عام 1351ه عند باب القرى، وأشرف عليه «د. أحمد ياسين» -الذي يعرفه أهل الرياض آنذاك جيداً ووصل بمعية الملك عبدالعزيز حين عودته من الحج-، وفي عام 1367ه صدر الأمر ببناء أول مستشفى بالرياض، وقد بُني من الطين والخشب في موقع المعاهد العلمية بشارع الملك فيصل «الوزير» قرب مسجد العيد آنذاك.
وفي عام 1371ه صدر أمر ولي العهد سعود بن عبدالعزيز بإنشاء مستشفى كبير سعة أربعمائة سرير في موقع مجمع الرياض الطبي الحالي، بالإضافة إلى مستشفى الملك عبدالعزيز، ومستشفى الأمراض الصدرية الخاص بعلاج حالات الدرن الذي أنشئ في حي عتيقة بسعة خمسين سريراً، كما أُنشئ في عام 1377ه (مستشفى طلال)، وكان مستشفى خاصاً إلى أن انتقلت ملكيته لوزارة الصحة عام 1379ه، ثم إلى انتقل إلى جامعة الملك سعود، وهو ما يسمى الآن مستشفى الملك عبد العزيز الجامعي، أما مستشفى الحميات الخاص بالعزل وعلاج الأمراض الوبائية؛ فقد أنشئ -وفقاً لما ذكره الدكتور بدر الربيعة- على طريق الرياض الخرج عام 1392ه، تلاه إنشاء أول مركز للتأهيل الطبي بالرياض ليختص بالمعوقين.
توثيق تاريخي
كان للعلماء المسلمين قصب السبق في معالجة الأمراض المعدية، واكتشاف اللقاحات والأمصال التي تساعد الجسم على المناعة ومقاومة البكتيريا والفيروسات التي من شأنها الانتقال من شخص لآخر عن طريق العدوى، بل أن بعضها ينتقل من الحيوان إلى الإنسان وربما العكس، وقد اكتشف العلماء المسلمون مبدأ العدوى قبل معرفة الميكروسكوبات والميكروبات بمئات السنين؛ إذ يقول الطبيب الأندلسي ابن خظيمة: (إن نتائج تجاربي الطويلة تشير إلى أن من خالط أحد المصابين بمرض سار أو لبس ثيابه ابتلي مباشرة بالداء ووقع فريسة عوارضه نفسها)، كما اكتشف الطبيب الأندلسي «ابن زُهر» جرثومة الجرب «داء الحكة»، وابتكر لها الدواء الناجع.
ويذكر الأستاذ «صبحي سليمان» في كتابة «المخترعون العرب أصل الحضارات» أن «سارتون» الصيدلي ومؤرخ العلوم البلجيكي اعتبر «ابن زُهر» أبا علم الطفيليات، كما ذكر اكتشاف «ابن رشد» المناعة التي تتولد لدى المريض بعد إصابته بمرض معُدٍ مثل الجدري، موضحاً أنه قد لا يصاب به مرة أخرى.
وقال: «العرب في جاهليتهم كانوا يصنعون نوعاً من التطعيم ضد الجدري؛ إذ يأخذون بعض البثور من مريض في طور النقاهة ويُلقحون بها الشخص السليم، عن طريق وضعها على راحة اليد وفركها جيداً، أو يحدثون خدشاً في مكانها حتى يصل اللقاح، وهي نفس فكرة التطعيم التي نسبت فيما بعد إلى أوروبا».
أجدادنا سافروا إلى البحرين والكويت للعلاج في المستشفيات البريطانية قبل لبنان ومصر..
وقد وصف «ابن مسكوبة» الجذام وصفاً علمياً دون ربطه بالمعتقدات البائدة، بل أن أول مستشفى للجذام بناه المسلمون في التاريخ كان في عهد الخليفة الأموي «الوليد بن عبدالملك»؛ أي في القرن الأول الهجري وذلك في مدينة دمشق، بل كان المسلمون أول من ابتدع محاجر العزل الصحي حتى شيدوا لها المستشفيات والمصحات الخاصة لذوي الأمراض المعدية؛ مستوحين ذلك من قوله عليه الصلاة والسلام «لا يورد ممرض على مصح»؛ بمعنى أنه لا يصح للمريض بمرض معدٍ أن يزور الأصحاء، وكذا كانت الأحاديث النبوية الشريفة صريحة في تحريم التعاويذ والتمائم التي كان البعض في الجاهلية يعتقد أنها سبباً لحفظه من الأمراض والأوبئة، بل شدد الهدي النبوي الكريم في ضرورة الحفاظ على نظافة البدن والنظافة العامة حتى كانت التعاليم النبوية هي المبدأ الأساسي للعلوم الطبية عند المسلمين بوجه عام وعلم التلقيح ومكافحة الأوبئة بوجه خاص.
ولعل قصة قطع اللحم التي وزعها «أبو بكر الرازي» على أحياء بغداد حين أمره الخليفة ببناء مستشفى للمدينة كانت دليلاً على حرص علماء ذلك الزمان على انتقاء واختيار الأجواء والمناطق البعيدة عن التلوث والأوبئة.
معركة اللقاحات
علماء اسطنبول أعادوا اكتشاف «التلقيح» أو «التطعيم» الذي عرفوه من بعض القبائل التركية، كما كان معروفاً في الشمال الأفريقي، وكان الأتراك يلقحون أطفالهم ضد جدري البقر بأخذهم عينة من صدور الأبقار المصابة وسرعان ما يتماثل الأطفال للشفاء، ومن هنا أُدخلت «مونتاغي» زوجة السفير الانجليزي في اسطنبول بين عامي 1716-1718م، هذا النوع من التلقيح وغيره إلى انجلترا، كما نقلت معه لقاح الجدري الذي كان للعثمانيين السبق في استخدامه؛ حتى أن «مونتاغيو» ذاتها قدمت ابنها الصغير لجراح السفارة باسطنبول آنذاك «تشارلز ما تيلاند» كي يجري لابنها التطعيمات المكافحة لفيروس الجدري، وحين شُفي الطفل أرسلت إلى انجلترا بتفاصيل عملية التلقيح.
ليزر وخلايا جذعية!
في زماننا هذا زاد عدد المستشفيات والمدن الطبية، كما زاد عدد الأطباء والعاملين في القطاع الصحي بشقيه العام والخاص، إلاّ أن الزيادة السكانية فاقت عدد المستشفيات والمجامع الصحية بعد أن كان الممرضون يحملون الأمصال عبر الدلاء والحاويات أينما حلوا وارتحلوا، وأصبحنا اليوم ملزمين بحمل «شهادة التطعيم» لمدة تصل إلى ستة سنوات، كما نشاهد عمليات الليزر والمناظير وعمليات اليوم الواحد، كما نشاهد مخازن الخلايا وحافظات الأعضاء البشرية وبنوك الدم وعمليات زراعة الدم، لا سيما الخلايا الجذعية التي يبشر التقدم الطبي في معالجتها بمستقبل صحي زاهر -بإذن الله-، إلى جانب أن علماء الطب يرجحون الإفادة من الأعضاء والخلايا البشرية أياً كانت، لا سيما تلك الأعضاء التي كان الناس -بل وحتى الأطباء- يسارعون الخلاص منها عبر حاويات خاصة لتدفن مع غيرها من الأعضاء كالمشيمة والزوائد اللحمية والأحماض النووية التي قادت الطب الجنائي إلى أسبقية اكتشاف البصمة الوراثية والحمض النووي؛ الذي قدم خدمات جليلة للقطاعين الأمني والاجتماعي على حد سواء، ناهيك عن التقدم الوقائي الذي قاد -بتوفيق الله- إلى مكافحة الأوبئة والأمراض قبل وقوعها وانتشارها حتى أن بعض الأمراض الوبائية؛ كالجدري أصبحت بفضل الله سبحانه جزءا من الماضي وحديثاً من أحاديث ذلك الزمان الذي ينقل فيه الممرض أدواته العلاجية بدراجة يحوم بها الهجر والقرى المجاورة.
كلما انجز الفريق بيتاً في حملة رش المبيدات «سنة الأمريكاني» تركوا علامة على بابه
حملة أرامكو الوقائية في المناطق القريبة من حقولها النفطية في الخمسينيات حيث يتلقى أحد رجال الأمن لقاح التطعيم
فريق رش المبيدات في الدمام يتلقى التدريب لبدء المهمة قبل أكثر من ستة عقود
عمليات شعبة الخلايا الجذعية للأطفال
فريق حملة التطعيم وجولة بين «عشيش الدمام» في أواخر الأربعينيات
فرحة الشفاء من الوباء لا تحتمل سوى مشروب «بيبسي كولا»
مازال تعاطي المخدرات والاتجار فيها من المشكلات الكبرى التي تجتاح العالم بصفة عامة والعالم العربي والإسلامي بصفة خاصة وتعتبر مشكلة المخدرات من أخطر المشاكل لما لها من آثار شنيعة على الفرد والأسرة والمجتمع باعتبارها آفة وخطراً يتحمل الجميع مسؤولية مكافحتها والحد من انتشارها ويجب التعاون على الجميع في مواجهتها والتصدي لها وآثارها المدمرة على الإنسانية والمجتمعات ليس على الوضع الأخلاقي والاقتصادي ولا على الأمن الاجتماعي والصحي فحسب بل لتأثيرها المباشر على عقل الإنسان فهي تفسد المزاج والتفكير في الفرد وتحدث فيه الدياثة والتعدي وغير ذلك من الفساد وتصده عن واجباته الدينية وعن ذكر الله والصلاة، وتسلب إرادته وقدراته البدنية والنفسية كعضو صالح في المجتمع فهي داخلة فيما حرم الله ورسوله بل أشد حرمة من الخمر وأخبث شراً من جهة انها تفقد العقل وتفسد الأخلاق والدين وتتلف الأموال وتخل بالأمن وتشيع الفساد وتسحق الكرامة وتقضي على القيم وتزهق جوهر الشرف، ومن الظواهر السلبية لهذا الخطر المحدق أن المتعاطي للمخدرات ينتهي غالباً بالإدمان عليها واذا سلم المدمن من الموت لقاء جرعة زائدة أو تأثير للسموم ونحوها فإن المدمن يعيش ذليلاً بائساً مصاباً بالوهن وشحوب الوجه وضمور الجسم وضعف الاعصاب وفي هذا الصدد تؤكد الفحوص الطبية لملفات المدمنين العلاجية أو المرفقة في قضايا المقبوض عليهم التلازم بين داء فيروس الوباء الكبدي الخطر وغيره من الأمراض والأوبئة الفتاكة بتعاطي المخدرات والادمان عليها.