بسم الله الرحمن الرحيم

ظاهرة التدخين في مدارسنا

 


ظاهرة التدخين وانتشارها في مدارسنا وبين أبنائنا من الطلاب أصبحت ظاهرة تستحق أن نتوقف عندها لنعرف أسبابها وآثارها السيئة , والسبل المقترحة لعلاجها ولابد حينئذ من تكاتف الجهود وتوحد القوى للقضاء على هذا الخطر الداهم الذي بدأ يتزايد كل عام عن الأعوام السابقة ,وبدأ يهدد حياة أولادنا وفلذات أكبادنا .
ولقد أمرنا الله عز وجل في كتابه الكريم بان نحافظ على أولادنا ونحميهم من المهالك والأخطار , ومما يهدد مستقبل حياتهم ,فقال تعالى :\" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (6) سورة التحريم .
وأخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم بأن كل إنسان راع وكل راع مسؤول أمام الله عن رعيته , عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، فَالإِمَامُ رَاعٍ ، وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالرَّجُلُ في أَهْلِهِ رَاعٍ ، وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالْمَرْأَةُ في بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَهْىَ مَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا ، وَالْخَادِمُ في مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ ، وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ.قَالَ فَسَمِعْتُ هَؤُلاَءِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَحْسِبُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ وَالرَّجُلُ في مَالِ أَبِيهِ رَاعٍ ، وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، فَكُلُّكُمْ رَاعٍ ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ. أَخْرَجَهُ أحمد 2/121(6026) و\"البُخَارِي\" 2/6 و4/6(2751) وفي (الأدب المفرد) 214 و\"مسلم\" 6/8(4755) .
فالأبوان راعيان لأولادهم وهما مسئولان عن رعايتهما والمعلم راع وهو مسؤول عن رعاية طلابه , والإعلام راع وهو مسؤول عن تثقيف الناس بالثقافة الإسلامية الصحيحة , لذا فإن مسؤولية تربية النشء تقع على المجتمع كله .
فالوالدان في البداية تقع عليهما المسؤولية في تنشئة الأبناء تنشئة صالحة وذلك عن طريق التربية الصحيحة بتعريف الأبناء بما يضرهم وبما ينفعهم في حياتهم .
فالأب يبدأ بمراقبة سلوك أبنائه مراقبة دقيقة ويجنبهم رفاق السوء وبخاصة إذا وصل الابن إلى سن المراهقة , فتزداد الرقابة عليه ولا يترك له الحبل على الغارب, والابن في هذه السن يقلد من هو أكبر منه , فإذا ما وجد أباه يدخن أمامه فمن الصعب على الأب أن يأمره بعدم التدخين ,قال الشاعر العربي :

يا أيها الرجل المعلمُ غيرهَ = هلا لنفسك كان ذا التعليمُ
لا تنه عن خلق وتأتيَ مثلَه = عارٌ عليك إذا فعلتَ عظيمُ
وابدأ بنفسك فانهها عن غيها = فإذا انتهت عنه فأنت حكيمُ
فهناك تُقبل إن وعظت ويُقتدى = بالقول منك وينفع التعليمُ
تصفُ الدواءَ لذي السقام الضنا = كيما يصح به وأنت سقيمُ
وأراك تلقح بالرشاد عقولنا = نصحاً وأنت من الرشادِ عديمُ

والمدرسة – أيضا- لها دورها البارز في علاج ظاهرة التدخين وذلك عن طريق توعية الطلاب بأضرار التدخين وأثاره المدمرة , وعمل لقاءات وندوات للتعريف بأضرار التدخين وسبل الوقاية منه .
وهذه التوعية لا بد أن يشارك فيها جميع مدرسي المواد, فمدرس مادة العلوم مثلا من الممكن أن يخصص جزءاً من حصته للحديث عن أضرار التدخين من الناحية الصحيحة, وكيف أن التدخين يؤثر علي وظائف الأعضاء, فيصيب الجهاز الهضمي بالتلف ويسبب قرحة الإثني عشر والأمعاء, وسرطان المعدة, كما يؤثر علي الجهاز الدوري من تصلب الشرايين وجلطات القلب, وزيادة نسبة السكر في الدم, وعلي الجهاز التنفسي من سرطان الرئة, وضيق القصبة الهوائية وعلي الجهاز العصبي بالصداع الدائم والأرق وضعف الذاكرة وضعف الأعصاب ثم تأثيره علي الجهاز البولي وعلي باقي أجهزة الجسم إضافة إلي الأمراض النفسية الكثيرة التي يصاب بها المدخن.
ومدرس مادة الاجتماعيات من الممكن- كذلك- أن يبين للطلاب الأثر الاجتماعي والاقتصادي السيئ للتدخين وكيف أنه يسبب أكبر وفيات في العالم, ويسبب الحرائق وذلك بسبب تحرك بقايا السجائر, كما أن رائحته تؤذي المجتمع فيحدث التنافر بين الناس.
ومدرس مادة التربية الإسلامية عليه أن يبين للطلاب حكم التدخين من الناحية الشرعية, وبأن الإسلام قد حرم علي الإنسان كل ما يضره قال تعالي:\" وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ (157) سورة الأعراف. وقال : { وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (195) سورة البقرة .
وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:لاَ ضَرَرَ وَلاَ ضِرَارَ .أخرجه أحمد 1/255(2307) و(ابن ماجة) 2337 , وعَنْ أم سَلَمَةَ ، قَالَتْ:نَهَى رَسُولُ اللهِِ صلى الله عليه وسلم عَنْ كُلًّ مُسْكِرٍ ومُفْتِرٍ. أخرجه أحمد 6/309 و\"أبو داود\" 3686 .
ومدرس مادة اللغة العربية- كذلك - من الممكن أن يطلب من طلابه عمل بحوث وجمع النصوص الأدبية التي تحدثت عن أضرار التدخين مثل قول الشاعر:

كم في الدخان معائب ومكارة = دلت رذائله علي إنكاره
يؤذي الكرام الكاتبين بنتنه = وأمام وجهك شعلة من ناره
وأمام من نقود يا فتي وملابس = أتلفتها بشرائه وشراره

ومدرس التربية البدنية له دور كذلك في شرح أثر التدخين علي اللياقة البدنية لصحة الإنسان.
ومدرس التربية الفينة يشارك برسوماته المعبرة عن أضرار التدخين ولا ننسي في ذلك دور الإذاعة والصحافة المدرسية التوعية, ودور الأخصائي الاجتماعي في عمل ندوات علمية يشارك فيها الأطباء والطلاب وأولياء الأمور.
وخطباء المساجد- أيضاً – لهم دورهم الواضح من خلال خطبة الجمعة والدروس الأسبوعية. فخطر التدخين ومسئولة القضاء عليه مسئولية تقع علي أفراد المجتمع كله, ولا تخص شخصاً دون غيره, لأن أبناءنا هم الذين سيدفعون الثمن فادحاً في النهاية.
رزقنا الله وإياكم الصحة والعافية ووقانا جميعاً شر مصارع السوء.

المصدر: صيد الفوائد ــ د. بدر عبد الحميد هميسه
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 137 مشاهدة
نشرت فى 28 يناير 2013 بواسطة MuhammadAshadaw

بحث

تسجيل الدخول

مالك المعرفه

MuhammadAshadaw
مكافحة اضرار المخدرات والتدخين ومقالات اسلامية وادبية وتاريخيه وعلمية »

عدد زيارات الموقع

944,986

المخدرات خطر ومواجهة

مازال تعاطي المخدرات والاتجار فيها من المشكلات الكبرى التي تجتاح العالم بصفة عامة والعالم العربي والإسلامي بصفة خاصة وتعتبر مشكلة المخدرات من أخطر المشاكل لما لها من آثار شنيعة على الفرد والأسرة والمجتمع باعتبارها آفة وخطراً يتحمل الجميع مسؤولية مكافحتها والحد من انتشارها ويجب التعاون على الجميع في مواجهتها والتصدي لها وآثارها المدمرة على الإنسانية والمجتمعات ليس على الوضع الأخلاقي والاقتصادي ولا على الأمن الاجتماعي والصحي فحسب بل لتأثيرها المباشر على عقل الإنسان فهي تفسد المزاج والتفكير في الفرد وتحدث فيه الدياثة والتعدي وغير ذلك من الفساد وتصده عن واجباته الدينية وعن ذكر الله والصلاة، وتسلب إرادته وقدراته البدنية والنفسية كعضو صالح في المجتمع فهي داخلة فيما حرم الله ورسوله بل أشد حرمة من الخمر وأخبث شراً من جهة انها تفقد العقل وتفسد الأخلاق والدين وتتلف الأموال وتخل بالأمن وتشيع الفساد وتسحق الكرامة وتقضي على القيم وتزهق جوهر الشرف، ومن الظواهر السلبية لهذا الخطر المحدق أن المتعاطي للمخدرات ينتهي غالباً بالإدمان عليها واذا سلم المدمن من الموت لقاء جرعة زائدة أو تأثير للسموم ونحوها فإن المدمن يعيش ذليلاً بائساً مصاباً بالوهن وشحوب الوجه وضمور الجسم وضعف الاعصاب وفي هذا الصدد تؤكد الفحوص الطبية لملفات المدمنين العلاجية أو المرفقة في قضايا المقبوض عليهم التلازم بين داء فيروس الوباء الكبدي الخطر وغيره من الأمراض والأوبئة الفتاكة بتعاطي المخدرات والادمان عليها.