انتصار دعوة الإسلام

إن الذي يقارن حال العالم قبل مبعث سيد البشرية محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، وبعد عشرين سنة من دعوته، ثم بعد سنين قليله من لحوقه بالرفيق الأعلى يوقن تمام اليقين أن محمد صلى الله عليه وسلم قد انتصر الانتصار الكامل، وبلغ البلاغ المبين بأن غير وجه الأرض وبنية الحياة، وانطبع دينه في ضمير الزمان.. فصيحة لا إله إلا الله أصبحت تملأ مشارق الأرض ومغاربها وتنطلق آناء الليل وأطراف النهار فلا تصمت ولا تخفت ولا تموت، بل تتبدل الدول وتتغير الأحوال ويذهب أناس ويأتي آخرون وتبقى هذه الصيحة أبدا لا تتوقف.

مقومات الانتصار:
والمتأمل في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم والمتتبع لها الدارس لأحوالها يجد أنه كانت هناك مقومات انتصرت بها الدعوة وكتب لها بها النمو ثم البقاء، وكان أهم هذه المقومات ثلاث تكمن فيها سائر المقومات:

أولا: التمسك بالمبادئ:
فقد تعرض النبي صلى الله عليه وسلم لضغوطات كثيرة ترغيبا وترهيبا، فقد أخيف في الله كما لم يخف أحد، ولقي في الله تعالى ما لم يلقه أحد، ثم هو أيضا عرض عليه من المغريات ما يسيل له كل لعاب، وتميل إليه كل نفس، ويهفو إليه كل هوى، لكن محمدا صلى الله عليه وسلم لم يكن من هذا الصنف بل كان يعلم من هو، وماذا يريد الله منه، وما هي مهمته على التمام.

لقد حاولت قريش معه بكل طريقة، وطرقت عليه كل باب، واتفقوا أخيرا على أن يلبوا له كل مطلب على أن يدع ما هو عليه من دعوته الجديدة وتسفيه الأحلام وشتم الآلهة الباطلة والموروثات العفنة.... فعرضوا عليه ما عرضوا من الملك والنساء والمال، فما ألهته المغريات وما مالت به المشهيات والمرغبات ولكن قال قولته المشهورة: "والله ياعم لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الدين ما تركته حتى يظهره الله أو اهلك دونه.

لقد أقلقهم في دينهم، وأزعجهم في تقاليدهم، وهزهم في معتقداتهم وثبت على مبادئه فلم يلتفت يوما ولم يحد لحظة عنها؛ فهزت عظمته وثباته وجدانهم، وامتلأت بالإعجاب والإكبار نحوه قلوبهم، فما زال ينتقل إليه من المعارضين كل يوم نفر جديد حتى ذاع صيت دعوته وطبقت الآفاق رسالته وانهدم بدينه دين الشرك والوثنية.

ثانيا: صياغة الإيمان صورا حية وأمثلة واقعية:
فكان هو أولا في نفسه صورة لدعوته، ومثالا واقعيا لما يريده من المدعوين، حتى أجابت زوجته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها حين سئلت عن خلقه فقالت: "كان خلقه القرآن".

ثم صاغ من أصحابه قرآنا يدب على الأرض، يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق ويراهم الناس فيرون فيهم صورة الإسلام ومنهاج القرآن.

إن النصوص وحدها لا تصنع شيئا، (كما يقول صاحب الظلال)، وإن المصحف لا يعمل حتى يكون رجلا، وإن المبادئ لا تعيش وحدها حتى تكون سلوكا.

لقد كان هدف النبي صلى الله عليه وسلم وغايته أن يصنع رجالا لا أن يلقي مواعظ، وأن يصوغ ضمائر لا أن يدبج خطبا، وأن يبني أمة لا أن يقيم فلسفة.. أما الفكرة ذاتها فقد تكفل القرآن الكريم بها، وكان عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحول الفكرة إلى رجال تلمسهم الأيدي وتراهم الأعين، حول إيمانهم بالإسلام عملا، وطبع من المصحف عشرات من النسخ ثم مئات وألوفا، ولكنه لم يطبعها بالمداد على صحائف الورق، إنما طبعها بالنور على صفحات القلوب، وأطلقها تعامل الناس وتأخذ منهم وتعطي وتقول بالفعل والعمل ما هو الإسلام الذي جاء به من عند الله.

فلما انطلق هؤلاء الرجال في مشارق الأرض ومغاربها، رأى الناس فيهم خلقا ساميا جديدا وعملا صالحا رشيدا لا عهد للبشرية به، فآمنوا بالفكرة التي حملوها والدين الذي يدعون إليه، واندفعوا هم أيضا يحققونها في ذواتهم بالقدوة فيسلكون نفس الطريق.

ثالثها: بناء نظام لقيادة الحياة:
فجعل شريعة الإسلام نظاما يحكم الحياة، ويصرف المجتمع، وينظر في علاقاته؛ كما أمره ربه سبحانه وتعالى: (ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها}، {وأن احكم بينهم بما أنزل الله}.. فإن الإسلام في حقيقته عقيدة تنبثق منها شريعة، ينتج عنها نظام عادل حكيم تهفوا إليه مشاعر الناس وتطمئن إليه قلوب العالمين.

هذه كلها مقومات نملكها نحن المسلمين في كل جيل وفي كل مكان وزمان، نصل بها إن أردنا إلى النصر الذي قدره الله لمن ينصرونه.. {ولينصرن الله من ينصره}.
ـــــــــــــــــــــــــــ
المراجع
ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين
في ظلال القرآن
دراسات إسلامية

المصدر: اسلام ويب
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 117 مشاهدة
نشرت فى 14 يناير 2013 بواسطة MuhammadAshadaw

بحث

تسجيل الدخول

مالك المعرفه

MuhammadAshadaw
مكافحة اضرار المخدرات والتدخين ومقالات اسلامية وادبية وتاريخيه وعلمية »

عدد زيارات الموقع

944,642

المخدرات خطر ومواجهة

مازال تعاطي المخدرات والاتجار فيها من المشكلات الكبرى التي تجتاح العالم بصفة عامة والعالم العربي والإسلامي بصفة خاصة وتعتبر مشكلة المخدرات من أخطر المشاكل لما لها من آثار شنيعة على الفرد والأسرة والمجتمع باعتبارها آفة وخطراً يتحمل الجميع مسؤولية مكافحتها والحد من انتشارها ويجب التعاون على الجميع في مواجهتها والتصدي لها وآثارها المدمرة على الإنسانية والمجتمعات ليس على الوضع الأخلاقي والاقتصادي ولا على الأمن الاجتماعي والصحي فحسب بل لتأثيرها المباشر على عقل الإنسان فهي تفسد المزاج والتفكير في الفرد وتحدث فيه الدياثة والتعدي وغير ذلك من الفساد وتصده عن واجباته الدينية وعن ذكر الله والصلاة، وتسلب إرادته وقدراته البدنية والنفسية كعضو صالح في المجتمع فهي داخلة فيما حرم الله ورسوله بل أشد حرمة من الخمر وأخبث شراً من جهة انها تفقد العقل وتفسد الأخلاق والدين وتتلف الأموال وتخل بالأمن وتشيع الفساد وتسحق الكرامة وتقضي على القيم وتزهق جوهر الشرف، ومن الظواهر السلبية لهذا الخطر المحدق أن المتعاطي للمخدرات ينتهي غالباً بالإدمان عليها واذا سلم المدمن من الموت لقاء جرعة زائدة أو تأثير للسموم ونحوها فإن المدمن يعيش ذليلاً بائساً مصاباً بالوهن وشحوب الوجه وضمور الجسم وضعف الاعصاب وفي هذا الصدد تؤكد الفحوص الطبية لملفات المدمنين العلاجية أو المرفقة في قضايا المقبوض عليهم التلازم بين داء فيروس الوباء الكبدي الخطر وغيره من الأمراض والأوبئة الفتاكة بتعاطي المخدرات والادمان عليها.