بسم الله الرحمن الرحيم
عن أبي العباس عبدالله بن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: كنت خلف النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوماً فقال: «يا غلام، إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف».
رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
ــــــــــــــــــــــــــ
قوله: «احفظ الله تجده تجاهك» أي اعمل له بالطاعة ولا يراك في مخالفته، فإنك تجده تجاهك في الشدائد كما جرى للثلاثة الذين أصابهم المطر فأووا إلى غار فانحدرت صخرة فانطبقت عليهم، فقالوا: انظروا ما عملتم من الأعمال الصالحة فاسألوا الله تعالى بها؛ فإنه ينجيكم؛ فذكر كل واحد منهم سابقة سبقت له مع ربه، فانحدرت عنهم الصخرة فخرجوا يمشون وقصتهم مشهورة في الصحيح. وقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله» أرشده إلى التوكل على مولاه، وأن لا يتخذ إليها سواه، ولا يتعلق بغيره في جميع أموره ما قل منها وما كثر، وقال الله تعالى: {ومن يتوكل على الله فهو حسبه} فبقدر ما يركن الشخص إلى غير الله تعالى بطلبه أو بقلبه أو بأمله فقد أعرض عن ربه بمن لا يضره ولا ينفعه، وكذلك الخوف من غير الله؛ وقد أكد النبي صلى الله عليه وسلم ذلك فقال: «واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعونك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك» وكذلك في الضر، وهذا هو الإيمان بالقدر، والإيمان به واجب خيره وشره، وإذا تيقن المؤمن هذا، فما فائدة سؤال غير الله والاستعانة به؟ وقوله: «رفعت الأقلام وجفت الصحف» هذا تأكيد أيضاً لما تقدم: أي لا يكون خلاف ما ذكرت لك بنسخ ولا تبديل، فإنما الأمور تجري بالمقادير.