رسالة إلى مدخن
أخي المدخن·· وفَّقك الله لكل خير، أكتب إليك هذه الرسالة وأنا مشفق عليك، ناصح لك فيما ابتليت به من شراب الدخان، وما دفعني لذلك إلا محبتي لك في الله فكلنا مسلمون نحب لك من الخير ما نحبه لأنفسنا·
ونعلم يقيناً أنك تبادلنا الشعور بالأخوة، وتتمنى الإقلاع عن التدخين، لما رأيته من آثاره الصحية عليك أو على أصدقائك المدخنين، فبعضهم يعاني من ضيق في التنفس، بسبب ما حصل للرئتين من شرب الدخان، مع كثرة السعال· وبعضهم يعاني من بحة في صوته، وزيادة في عدد نبضات قلبه مع ارتفاع الضغط وتصلُّب الشرايين، مما قد يؤدي بالمدخن إلى الإصابة بالسرطان في الرئة، عافانا الله وإياكم منه·
أخي الكريم·· ألست تلاحظ معي ما يعانيه المدخنون من آثار نفسية للتدخين، فالغالب على كل منهم: القلق، وسرعة الانفعال، والغضب الشديد، وشرود الذهن، والتردد في اتخاذ القرار بسبب التوتر· أليست هذه كافية في البعد عن التدخين، لتكون في حال نفسية، مطمئنة، مع هدوء الذهن، وراحة البال·
وسأنتقل بك أخي العزيز لمظهر سيئ من مظاهر التدخين ألا وهو سوء رائحته، وتأذي الناس من رائحة المدخن، ولا أدل على ذلك من كثرة العطورات التي يستعملها المدخن كل صباح عند الخروج لعمله لئلا يتضايق منه زملاؤه·
كما أنه يُذهب بهاء الوجه ونضارته فتجد وجه المدخن يميل للسواد، وتزداد شفتاه اسوداداً كلما استمر على التدخين مع ما تتعرض له أصابعه من آثار لكثرة إمساك السجائر· ومع هذه الأضرار الكثيرة للتدخين، فإنه سبب لإضاعة المال، وإنفاقه فيما لا فائدة منه، فلو حسب المدخن ما يصرفه كل يوم على السجائر، وجمع ذلك إلى آخر الشهر لوجد أنه يصرف مبلغاً كبيراً أهدره فيما يُدمِّر صحته· أليس ذلك مصداق قول الله تعالى: { وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ } (157) [الأعراف]·
إن الدخان من الخبائث لأضراره الصحية والنفسية والمادية، وهو سموم يتناولها المدخن قد تودي بحياته، والله تعالى يقول: { وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} (29) [النساء]· فلا خير في شرب شيء يؤثِّر على الصحة، ويفتك بالجسد· وقد جاء في الحديث: "لا ضرر ولا ضرار"·
والآن حان الوقت يا أخي الكريم لتستمع مني لبعض النصائح الخاصة لتعزم على ترك الدخان، والإقلاع عنه نهائياً -بإذن الله تعالى-·
أولاً: العزيمة الصادقة، والتوكل على الله بالرغبة الجادة في تركه، وإدراك أضراره الصحبة والنفسية لتكون حافزاً على الحذر منه موعد شربه·
واعلم أنه يؤثِّر على سمعتك، فإذا خطبت من أحد وسألوا عنك؟ فقيل لهم: إنه مدخن، كان ذلك سبباً لإساءة الظن بك، وعدم الثناء عليك، وعدم الموافقة على طلبك·
والحذر الحذر من النفس الأمّارة بالسوء، والتسويف في التأخر عن الإقلاع عن التدخين، فقد يدركك الموت وأنت مصر على هذه المعصية·
وما يزعمه بعض المدخنين من عدم قدرتهم على الإقلاع عنه مهما حاولوا فإنه مردود بقدرتهم على الامتناع عنه في نهار رمضان مهما طال وفي الطائرة أثناء السفر، فلماذا لا يكون ذلك دائماً في كل وقت· أسأل الله لك التوفيق للحسنات، والبعد عن السيئات·