الحاجب المنصور
الحاجب المنصور هو أعظم من حكم الأندلس، فهو الذي وطئت خيله أرضاً لم تطأها قبله خيول العرب، خاض أكثر من 54 معركة في الأندلس فلم تنتكس له فيها راية ولم تهلك له سرية ولم ينهزم له جيش قط.فمن هو الحاجب المنصور؟ وكيف وصل إلى ما وصل إليه؟ إنه محمد بن أبي عامر المعافري القحطاني المولود في سنة 939م، تميز عن أقرانه بقوة إرادة وطموح بلا حدود، حتى قيل عنه: إنه أحد أعاجيب الدنيا في سرعة ترقيه والظفر بما تمناه، فقد حلم بأن يحكم الأندلس.
ذهب محمد بن أبي عامر إلى قرطبة آخذاً معه حلمه طلباً للعلم، فنبغ فيه، وقد روى أحد أقرانه، فقال: اجتمعنا يوماً في متنزه لنا بقرطبة، ومعنا محمد بن أبي عامر، فقال محمد، وهو في حداثته: لا بد لي أن أقود العسكر وأن ينفذ حكمي في جميع الأندلس، فهزِئنا منه، فقال ابن عمه عمرو: أتمنى أن توليني على المدينة لأضرب فيها ظهور الجناة، وقال ابن المارعزي: أريد أن توليني أحكام السوق، ثم قال ابن الحسن: أتمنى أن توليني القضاء. أما موسى بن عزرون، فقد أسمع المنصور كلاماً قبيحاً.
ودارت الأيام، فأصبح الحكم لمحمد بن أبي عامر الملقب بالحاجب المنصور، وهو منصب يعادل رئيس الوزراء، فأوفى بوعده، فولى ابن عمه المدينة، وولى ابن المارعزي السوق، وولى ابن الحسن على القضاء. أما موسى عزرون، فقد غرم مالاً عظيماً لقبيح ما قاله، فكيف تحقق حلم المنصور؟
كان محمد بن أبي عامر، يكتب شكاوى الناس للخليفة، وحصل أن صبح زوجة الخليفة الحكم المستنصر طلبت أن يكتب عنها، فدلوها عليه، فترقى منذ ذلك اليوم، وبدأ نجمه يعلو فظهرت نجابته وذكاؤه، وبان حسن تدبيره في أمور الدولة فأعجب به الخليفة، مما مهد له الترقي السريع إلى أن صار قيّماً على ولي العهد هشام.
توفي الخليفة، وكان عمر هشام 12 سنة، فعين له مجلس وصاية من الحاجب جعفر المصحفي وقائد الثغور غالب الناصريّ وقائد الشرطة وحاكم المدينة محمد بن أبي عامر.
عند وفاة الخليفة ثار الأندلسيون حتى كادت تطرق أبواب قرطبة، فلم يحرك الحاجب المصحفي ولا الناصري ساكناً للتصدي لهم، فأنف محمد بن أبي عامر من هذه الدنية، فجمع الرجال والعتاد والمال وقام بحملة عظيمة لصد المهاجمين، وقيل في ذلك: ولم تزل الهمة تحذوه، والجد يحظيه، والقضاء يساعده، والسياسة الحسنة لا تفارقه، حتى قام بتدبير الخلافة، وأقعد من كان له فيها إنافة، وساس الأمور أحسن سياسة، وداس الخطوب بأخشن دياسة، فانتظمت له الممالك، وانضحت به المسالك، وانتشر الأمن في كل طريق، واستشعر اليمن كل فريق، وأسقط جعفراً المصحفي، وعمل فيه ما أراده، وأصبح الحلم حقيقة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
جريدة القبس
نشرت فى 17 إبريل 2013
بواسطة MuhammadAshadaw
بحث
تسجيل الدخول
مالك المعرفه
مكافحة اضرار المخدرات والتدخين ومقالات اسلامية وادبية وتاريخيه وعلمية »
عدد زيارات الموقع
938,249
المخدرات خطر ومواجهة