غزوة ذات الرقاع
ذات الرقاع واحدةٌ من غَزَوات الرسول -صلى الله عليه وسلم- الشّاقة التي عانى فيها المسلمون الكثير من المشقة والجُهد من أجل نشر الدعوة الإسلامية في ربوع شبه الجزيرة العربية، وقد سُمّيت هذه الغزوة بهذا الاسم نظرًا لما أصاب أقدام المسلمين من النَّقب والتشقق لكثرة المشي مما حدا بهم إلى لفّ الخِرق على أقدامهم بدلًا من النِعال، والخِرق هي الرقاع، وقيل: سُميت بهذا الاسم لأنّ أراضيها وجبالها ذات ألوانٍ مختلفةٍ كأنها الرقاع، وقيل أيضًا ذات الرقاع اسمٌ لمكان وقوع الغزوة، وهذا المقال يُسلط الضوء على أحداث غزوة ذات الرقاع.
أسباب غزوة ذات الرقاع
تعدُّ غزوة ذات الرقاع واحدةٌ من غزوات النبي -صلى الله عليه وسلم- التي وضعت حدًا لتمرد القبائل العربية المنضوية تحت لواء قريشٍ وأعوانها من المنافقين المتآمرين على الإسلام وأهله، فبعد أن انتهى الرسول الكريم من شر اليهود وآذاهم في معركة خيبر وقبلها القضاء على قوة قريش العسكرية ومن معها في أكثر من موقعةٍ بقي أمامه خطرًا واحدًا متمثلًا في القبائل العربية التي تستوطن صحراء نجد من شبه الجزيرة العربية، حيث كانوا يمارسون السلب والنهب إلى جانب إغارة النفوس على المسلمين خاصةً قبيلة غطفان التي كانت ضِمن القبائل الإسهام في حِصار المدينة في غزوة الأحزاب، كما كانوا يخططون لمساعدة اليهود ضدّ المسلمين في غزوة خيبر لولا أنّ الرسول الكريم أرسل لهم بسريةٍ أثناء المعركة
متى كانت غزوة ذات الرقاع؟
اختلفَ المؤرّخون في السنة التي وقعت فيها غزوة ذات الرقاع فقيل في السنة الرابعة للهجرة وهذا من أضعف الأقوال إذ شارك الصحابي الجليل أبو موسى الأشعري -رضي الله عنه- في هذه الغزوة وقد أثبتت كُتب السير والتاريخ أنه لم يقدُم إلى المدينة المنورة مهاجرًا إلا في السنة السادسة أو السابعة للهجرة أي بعد فتح أو غزوة خيبر كما ذكر هو بنفسه: "خرجنا مع رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- في غزاةٍ ونحن ستةُ نفرٍ بيننا بعيرٌ نعتقبُه، قال: فنُقبت أقدامنا فنُقبت قدمايَ وسقطت أظفاري فكنا نَلُفُّ على أرجلنا الخِرَقُ؛ فسُمَّت غزوةُ ذاتِ الرقاعِ، لما كنا نَعصبُ على أرجلنا من الخِرَقِ" متزامنًا مع هجرة الصحابي جعفر بن أبي طالب -رضي الله عنه-، ووقعت في موضعٍ يُقال له بطن نخل على بُعد مسير يوميْن من المدينة المنورة
أحداث غزوة ذات الرقاع
التفتَ الرّسول الكريم إلى القبائل العربية الموجودة في صحراء نجد بعد القضاء على اليهود وأعوانهم؛ فكانت هذه القبائل العربية تعتمد على السلب والنهب وترويع الآمنين فكان لا بُدّ من تأديبهم وهم: قبائل بنو أنمار وثعلبة ومحارب من غطفان، فعقد الرسول -عليه الصلاة والسلام- العزم على الخروج للقائهم بعد أن علم بخروجهم، واستعمل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على المدينة عثمان بن عفان، وقيل: أبو ذر الغفاري -رضي الله عنهما-، وتضاربت الأنباء حول عدد جيش المسلمين فقيل: أربعمائةٍ من الصحابة، وقيل أيضًا: سبعمائةٍ من الصحابة -رضوان الله عليهم-. خرج النبيّ -حداث غزوة ذات الرقاعصلى الله عليه وسلم- بجيشه من المدينة المنورة منطلقًا إلى موضعٍ يُقال له: نخل على مسافة يومين من المدينة حيث لاقى المسلمون في سيرهم نحو عدوهم المشاق والصعاب المتمثلة في وعورة الطريق نتيجة النقص في عدد الخيل والإبل التي تحمل المجاهدين حتى تمزّقت نعالهم من قسوة الحجارة وحدتها وبعضهم تمزق منه الجلد والأظافر ممّا اضطرهم للفِّ الخِرق والرقاع على أقدامهم، على الرغم من ذلك استمر الجيش في المسير حتى وصولوا إلى بطن نخل وهناك التقى بجمعٍ من قبيلة غطفان، وتراءى الفريقان إلى بعضهما البعض دون وقوع قتالٍ
نتائج غزوة ذات الرقاع
وعندما انتشر خبر جيش محمد -صلى الله عليه وسلم- ومن معه بين الأعراب الساعين إلى قتال المسلمين دبّ في قلوبهم الخوف والرعب من المسلمين فما كان منهم إلا الفرار إلى رؤوس الجبال مخلِّفين النساء والمتاع والذرية خلفهم، جراء فرار المقاتلين قرر الرسول -صلى الله عليه وسلم- العودة إلى المدينة المنورة، وبذلك انتهت هذه الغزوة دون قتالٍ وأتمّ الله لرسوله ما أراد من إخضاع القبائل العربية المتمردة بعد أن أنزل في قلوبهم الرّعب والخوف من الرسول الكريم وأصحابه والتي دخلت في الإسلام لاحقًا وشاركت المسلمين في غزوة حُنين وفتح مكة.
غزوة ذات الرقاع وصلاة الخوف
عندما فرّ الأعراب إلى رؤوس الجبال وقد حان وقت الصلاة خاف الرسول -صلى الله عليه وسلم- من انقضاضِ المشركين على المسلمين أثناء تأدية الصلاة، وهنا جاء الأمر الإلهي بنصٍّ قرآنيٍّ كريمٍ بمشروعية وكيفية صلاة الخوف كما جاء في سورة النساء قال تعالى:{وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِن وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَىٰ لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ ۗ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَةً ۚ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُم مَّرْضَىٰ أَن تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ ۖ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا} [٦]، فصلى رسول الله بجماعةٍ ركعتين، ثمّ انتهوا، وصلى بالجماعة الثانية ركعتين، فكانت للنبي -صلى الله عليه وسلم- أربع ركعاتٍ وللجيش ركعتيْنِ ركعتيْنِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التناريخ الاسلامي
نشرت فى 21 فبراير 2013
بواسطة MuhammadAshadaw
بحث
تسجيل الدخول
مالك المعرفه
مكافحة اضرار المخدرات والتدخين ومقالات اسلامية وادبية وتاريخيه وعلمية »
عدد زيارات الموقع
938,914
المخدرات خطر ومواجهة