<!--<!--<!--
بناء الثقة بالنفس (23)
القواعد المفيدة للحياة
لاشك أن القواعد والإفتراضات أمر مهم فى حياتنا يحدد سلوك كل منا وتساعدنا على التكيف مع أحداث الحياة اليومية.لكن أن تضع لنفسك قواعد فحسب ربما لايكون مفيداً فالقواعد أحيانا قد تكون معوقة كما أوردنا سلفاً فى الحديث عن القواعد والإفتراضات السلبية.إذن السؤال هو أى من القواعد وضعت لنفسك؟وهل هى مفيدة وإيجابية أم سلبية معوقة؟ فالقواعد المفيدة هى القواعد الواقعية المرنة التى تسعى للتكيف بشكل صحى أما القواعد السلبية فهى على النقيض لأنها قد تكون ذاتية لاترتبط بالواقع وإنما ترتبط بما يكتظ به العقل الباطن من صراعات وعقد نفسية ومن ثم فهى فى الغالب جامدة تفتقر إلى المرونة ومن ثم لاتساعد على التكيف الصحى بل على العكس تؤدى إلى مزيد من الصراعات النفسية.فمثلاً ألا تقود سيارتك وأنت يغلبك النعاس هذه قاعدة واقعية صحية لكن ألا تقود سيارتك لأنك تعرضت لحادث من قبل وتشعر بأنك فاشل فى قيادة السيارات وفاشل فى تعلم الكثير والجديد فمن الأفضل أن تتجنب ما تشعر فيه بخبرة الفشل ولاتسعى لتعلم كل ماهو جديد لأنك تعرف مسبقاً أنك لن تتعلم فهذا افتراض سلبى تبعه وضع قاعدة سلبية معوقة.وأن تضع لنفسك قاعدة تقول فيها لن أدخر جهداً حتى أنجح وأتفوق فى عملى بإذن الله فهذه قاعدة صحية فعليك أن تسعى والنتائج ليست فى يدك وإنما هى دوماً بيد الله سبحانه وتعالى فقد تنجح فيما تعمل وقد لاتحقق ما ترجوه من النجاح وقد تتعرض للظلم لكن كل ذلك لا يد لك فيه وإنما هو بيد الله جل شأنه الذى سيكافئك بقدر اجتهادك فربما يدخر لك النتيجة التى ترجوها فى مكان أخر وفى وقت أخر..لكن أن تقول سأكون الأفضل دائماً فهذه قاعدة غير صحية لأنها تعنى أنك قادر على أن تتحكم فى كل الظروف من حولك وهو أمر منافٍ للواقع فما من بشر يستطيع أن يتحكم فى تسيير الأمور من حوله وما من بشرٍ يستطيع أن يكون دوماً متأكداً من كل النتائج التى تنتظره ومن ثم فمثل هذه القواعد ستتعرض حتماً لأن تتحطم بفعل أمور لم تكن فى الحسبان فيترتب على ذلك كم لابأس به من المشاعر السلبية المحطمة للذات مع ما يصاحب ذلك من الشعور باليأس والإحباط...وهنا أتذكر كلمات الشيخ والعالم الجليل رحمة الله عليه الشيخ محمد متولى الشعراوى حيما ذكر فى كتابه معجزة القرأن عبارة تلخص لنا وضع القواعد الصحية والمفيدة فى الحياة..."إطلاق الأسباب وحدها فى الكون يجعل الناس يعبدون الأسباب وينسون المسبب" إذن قبل أن نشرع فى الحديث عن وضع القواعد المفيدة فى الحياة يجب أن نتذكر أن إطلاق الأسباب هو أول خطأ نرتكبه عند وضع القواعد فأنت تضع القاعدة الواقعية العقلانية وتأخذ بالأسباب أما النتائج فليست فى يدك وعليك دوماً أن تقبلها بحلوها ومرها ومرها لايعنى أنك فشلت مادمت واثقاً من أنك اجتهدت وتوكلت على الله..فإذا رفضت النتائج ووصمت نفسك دوماًبالفشل فأنت تنسى المسبب القادر على أن يغير حالك للأصلح بشرط ألا تنساه فى حساباتك.والأن كيف يمكنك ضبط القواعد التى تضعها لنفسك؟
1-تعرف على القواعد والإفتراضات السلبية التى لابد أن تواجهها (راجع الجزء الخاص بالقواعد والإفتراضات السلبية).
2-حدد أى القواعد تريد أن تبدأ فى مواجهتها وتسعى لتغييرها مثلاً تلك المتعلقة بحياتك الإجتماعية وعلاقاتك بزملائك وأصدقائك.
3-فكر جيداً فى مدى تأثير هذه القواعد التى وضعتها على حياتك:
- حدد أى من أوجه حياتك تأثر بالفعل بمثل هذه القواعد.مثلاً(أثر على علاقاتى بزملائى-أثر على دراستى)
-فكر جيداً كيف يمكن أن تندمج فى الحياة الإجتماعية وماذا ينقصك أو ماذا يعوقك لتفعل ذلك؟
-فكر جيداً فى طريقة استجابتك حينما تكون النتائج عكس ما تتوقع؟ مثلاً ما تنتظره من صديق طالما سعادته وحينا احتجت إليه لم تجده..أو أنك توجهت لإحدى المقابلات للعمل وتحدثت بطلاقة وقوبلت بالبشاشة والوعد بأنك قبلت ثم وجدت غيرك قد حصل على فرصة العمل.
-فكر جيداً فى طريقة مواجهتك للخبرات الجديدة فى الحياة والتى تحتاج للقدرة على التحدى والمثابرة...مثلاً تطوير جديد فى عملك يحتاج منك لأن تتلقى التدريبات المكثفة وإلا ستجد من الأجيال الجديدة ممن يتميزون بالحماس والرغبة فى المزيد من الخبرات ستجدهم يأخذون مكانك وتفقد وضعك..هل ستنسحب أم ستواجه وتتحدى؟
-هل تستطيع دوماً التعبير عن مشاعرك؟
-هل أنت قادر على دعوة أصدقائك للقاء هذا المساء؟
4- هل تستطيع أن تدرك اللحظة التى تظهر فيها هذه القواعد لتلقى بظلالها على سلوكك؟..مثلاً أحد أصدقائك طلب منك الذهاب معه لمهمة ما وأنت مشغول أو مرهق...الخ...وجدت نفسك توافق لكن بداخلك شعور بعدم الراحة فأصبحت عصبى المزاج تطيح فى وجه من تلقاه من أسرتك وهم لايعرفون لذلك سبباً وانت كذلك....هل تستطيع أن تفكر لدقائق وتدرك أن كل مافى الأمر أنك مرغم على الذهاب مع صديقك لأنك لاتستطيع أن تعبر عن رأيك ورفضك للذهاب لأنك وضعت قاعدة مضمونها لن أرفض طلب أحد أصدقائى لأننى سأتهم أننى سيئ وسأخسره. فكر ملياً إذا كنت دوماً عصبى المزاج أن بداخلك ما تكبته من مشاعر الغضب وتظهره فى غير محله لأن لك العديد من الإفتراضات التى تكبلك..إنك تغضب وتتمنى أن تتنسم عبير الحرية وأن تحطم هذه القيود....مارأيك لو قررت التحرر؟
4-اسأل نفسك من أين أتت هذه القاعدة أو القواعد؟ أى تذكر الحدث الذى تلاه وضع القاعدة أو القواعد.إنك بذلك تستطيع تحديد السياق الذى تصبح فيه هذه القاعدة على أهبة الاستعداد لتطلق سيطرتها على سلوكياتك..ربما كانت هذه القاعدة مفيدة وتساعد على التكيف فى وقت ما أما الأن فلم تعد صالحة للاستعمال ...مثلاً...كنت تستطيع مساعدة أحد أصدقائك ولكنك رفضت لأنك لم تكن ناضجاً بما يكفى لأن تساعد ما دمت قادراً..وأصاب صديقك ما أصابه وشعرت أنك لو كنت ساعدته لما وصل إلى ما هو فيه الأن..وأصابتك عقدة الذنب فأطلقت القاعدة ولم تضع لها حدوداً لن أرفض طلب لأحد مهما كلفنى الأمر....تستطيع ضبط القاعدة...لن أرفض مساعدة الأخرين ما دمت قادراً على ذلك....وضع ألف خط تحت كلمة قادراً...
5-تذكر دوماً أنك وضعت القواعد بينما كنت طفلاً...أما الأن وأنت شاب يافع أما أن لك أن تغير بحيث يتناسب سلوكك مع سنك لتشعر أنك قد نضجت....كنت فى الماضى لاتهتم إلا بأن تحصل على أعلى الدرجات حتى تفوز بهدية بابا وماما أو ربما تشعر بإعجابهما أو بحبهما الذى لم يكن يصل إليك إلا إذا كنت الأول أو من الأوائل على الأقل....أما زلت تشعر أنك بحاجة لأن تكون دوماً أنت الأفضل لتنال حب الناس وإعجابهم؟ هل تشعر أن هذا يتواءم مع ما أنت عليه الأن من المرحلة العمرية؟ أما أن لك أن تنوى أن تجتهد حتى تنجح فى عملك من أجل نفسك؟ من أجل رضا الله الذى يحب أن نتقن أعمالنا؟مثل هذه الأسباب تدعوك لحب الإجتهاد فى العمل لأنك تحب العمل أى أن العمل يصبح فى حد ذاته غاية وليس وسيلة لتنال حب الأخرين وإعجابهم.
وللحديث بقية لنعرف كيف نضبط قواعدنا فى الحياة.
ساحة النقاش