مهارات التواصل فى العلاج النفسى (3)


المعالج يعكس مشاعر المريض:


ما المقصود بدور المعالج فى أن يعكس مشاعر المريض؟....ببساطة نستطيع أن نقول أنه سيعمل كما المرأة العاكسة لتعكس الضوء فى وجه الأخر....إنه هنا يعكس المشاعر للمريض لكى يراها....وهل نعنى بذلك أن المريض لايرى مشاعره؟نعم هذا مانقصده....فكثير منا قد يدرك مشاعره ولكنه يتجاهلها أو يدركها ويحاول كبتها باذلاً جهداً عظيماً فى ذلك وقد يتطور الأمر بمن اعتاد تجاهل مشاعره وإنكارها إلى أنه لم يعد يدركها على الإطلاق...إنه لا يود أن يعايش خبرة شعورية ما فى الغالب هى تؤلمه ....لكن هذه الخبرات الشعورية بمثابة الطاقة المختزنة التى لاتفنى ولاتستحدث من العدم ولكنها تتحول من صورة إلى أخرى فأنت اليوم قد تنكر مشاعرك وتتجاهلها لكنك أصبحت تعانى من الأرق ....من القلق....من الإكتئاب.....من صعوبة التكيف.....من الفشل فى العلاقات الإجتماعية....من سرعة الغضب... أو من بعض الأمراض النفسجسمية كالضغط والقولون العصبى واضطراب ضربات القلب أو قرحة المعدة او.....الخ لكنك لا تعرف لذلك سبباً....إنها المشاعر التى أردت إخفاءها فباتت تنهش فى عقلك .....وأنهكتك مقاومتها ....إنها تود الخروج من القمقم....إنها كالمعادن فى باطن الأرض التى تنذر بزلزال وشيك قد يهز كيانك وتنهار معه نفسك فى أى وقت....أو بركان يغلى بما فيه منذراً بخروج حمم تحرق كل ما حولها ....دعونا نتعلم كمعالجين كيف نساعد المريض على إدراك المشاعر والتصالح معها حتى تهدأ ثورة البركان.....تعالوا معى فى هذا المثال البسيط لنتصور به كمعالجين كيف يكون الحال إذا كان المريض يجهل مشاعره ولايدركها..... بينما أنت جالس فى غرفتك ومنهمك فى عمل ما وفجأة دخل أحد الأشخاص عليك ولوح لك وأنت لاتعرفه...للحظة نظرت إليه....ورأته عينك لكن لم تلقى له بالاً فيما بعد واستأنفت عملك وانصرف هذا الشخص....لكن فوجئت بعد ذلك بصورة هذا الشخص تطاردك ثم رأيته مرة أخرى ولوح لك فقررت أن تعرف ذلك الشخص الذى يقتحم غرفتك فجأة ويسلبك انتباهك ويعطلك عما تقوم به من عمل ....لقد قررت أن تعرفه وتعرف كيف تتعامل معه حتى لايعاود هذا الإقتحام وحتى لايقطع حبل أفكارك مرة أخرى....هكذا المشاعر التى ننكرها هى مثل هذا الشخص الذى يلوح لنا ويقتحم عقولنا التى هى مثل الغرفة التى كنت تقوم فيها بعملك ...هكذا المشاعر المكبوتة تظهر بين الحين والحين تلوح لنا وتهدد قوة الإنتباه والتركيز فى العمل لأننا لانعرف كيف نتعامل معها ونثنيها عن اقتحام غرفتنا أو عقلنا وانتهاك خصوصيتنا....إذن لابد أن نتعرف على المشاعر جيداً....لكن كيف نرى محاولة إنكار المشاعر فى الجلسة النفسية
1-قد يتحدث المريض فى أمر ما ثم تلاحظ أن عينيه قد امتلئت بالدموع أو اختنقت كلماته وحاول تغيير مجرى الحوار أو توقف فجأة عن الكلام....إنه هنا يتجنب معايشة الخبرة الشعورية المؤلمة المتعلقة بالحوار فى هذه النقطة.....إحتفظ فى رأسك كمعالج بمحتوى هذا الحوار ودونه فى أوراقك....لقد اقتربت الأن من المشاعر المؤلمة التى يتجنبها والتى ستجعلك تخطط للحوارات القادمة.
2-قد يتحدث المريض فى أمر شديد الإيلام لكنه متماسك ولايبدو عليه أى مظهر من مظاهر الضيق....إنه يتحدث ويفلسف الخبرة المؤلمة....إنه يفصل الأفكار التى يناقشها عن المشاعر....مثلاً يقول (لقد تزوجت أمى بعد طلاقها من أبى وعشت مع جدتى إن أحداً منهم أبى أو أمى لم يكن يتذكرنى لقدوا عاشوا حياتهم....ثم يعقب هذا من حقهم أن يختار كل منهم حياته خاصة وأنى أذكرهم بحياتهم المريرة معاً....المريض هنا يستخدم حيلة عقلية دفاعية ألا وهى العقلنة....إنه يبرر لكن خبرة الألم لا يعايشها ومن ثم تحول الألم إلى أعراض....إن الإعتراف ومعايشة الخبرة كفيل بأن يخفف ويداوى كثير من الجروح و الألام النفسية.

كيف تساعد المريض على الخوض فى الخبرة الشعورية ؟

إذا وجدت المريض وقد احمر وجهه ويحاول مقاومة دموعه فيمكنك أن تقول له:

- أنا شايف إن عينيك مليانة دموع.
- لو حاسس إنك محتاج تعيط عيط.


لابد أن تكون نبرة الصوت منخفضة حانية متعاطفة.

مثل هذه التعبيرات تساعد المريض/طالب المشورة على البدء فى البكاء ومعايشة الخبرة الشعورية.


لاتقطع نوبة البكاء فأنت لست مثل عامة الناس...أنت معالج فلا تهم بأن تربت على كتفه وتواسيه بكلمات مثل (ماتعيطش-معلهش....الخ) بل التزم الصمت وانظر فى عينيه بتعاطف .....انتظر والتزم الصمت حتى تنتهى نوبة البكاء......تذكر أن مقاطعة نوبة البكاء تؤدى إلى هروب الخبرة الشعورية التى نريد مواجهتها....لأن المعايشة هى ألف –باء التئام الجروح النفسية فى العلاج النفسى.

أمثلة لتعليم المريض/طالب المشورة تحديد المشاعر ومعايشة الخبرة الشعورية):

مثال (1):

المريض/طالب المشورة:كثير قوى كنت متوقع إن أمى تهتم بى أكثر من كده...هى صحيح بتعمل لى كل حاجة من الأكل والشرب والإهتمام بلبسى لكن هى عمرها ما قربت من مشاعرى ولاحسيت بحنانها وحبها كنت بأحس إنها بتعمل كل ده من غير مشاعر لدرجة إنى بقيت أحس ساعات إنها مش بتحبنى وتقريباً ما بقاش عندى أمل فى إنها تتغير وإنى فى يوم من الأيام أحس بحنانها.

المعالج:إنت حاسس بالإحباط....أو إنت محبط....أو إنت متألم أو إنت حاسس بألم.

مثال(2):
المريض / طالب المشورة:الشغل الجديد ده مختلف تماماً عن الشغل القديم....عندى أوضة خاصة بى ومكتب محترم ومواعيد الشغل مناسبة والمدير راجل لطيف جداً حاسس إن جو الشغل كله رائع بصراحة.
المعالج:إنت حاسس إنك سعيد....أو إنت سعيد فى شغللك الجديد.


د.نهلة نور الدين حافظ
أخصائى الطب النفسى

المصدر: practical councelling skills
  • Currently 135/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
45 تصويتات / 1182 مشاهدة
نشرت فى 3 أغسطس 2011 بواسطة Mostasharnafsi

ساحة النقاش

د.نهلة نور الدين حافظ

Mostasharnafsi
موقع يهدف لنشر الوعى بالصحة النفسية والتدريب على مهارات تطوير الذات من خلال برامج العلاج المعرفى السلوكى السيرة الذاتية: الاسم: نهلة نور الدين حافظ الجنسية: مصرية الحالة الاجتماعية: متزوجة وأم لطفلين المؤهلات الدراسية: ◊ بكالوريوس الطب والجراحة-قصر العيني- دفعة ديسمبر 1993-تقدير جيد جداً مع مرتبة الشرف. ◊ ماجستير الطب النفسي »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

370,813