(النَّرجيلة)
وسَطَ الجموع مُهابةٌ تتصدَّرُ
كصبيَّةٍ بين الرجال تُفاخِرُ
فالكلُّ ينظرُ نحوها مُتشوّقاً
والطامحونَ للثمها لم يصبروا
فمذاقُها بالفاه طعْمُ مُعسَّلٍ
او ربَّما تنباكُ كَيفٍ فاخرُ
مَن ذاقها قد صار مِن عُشَّاقها
وَبها يهيمُ على الدَّوام ويُؤسرُ
بالنَّار تُحرَقُ كي تُبلَّ بطوننا
وبجوفها صوتُ السَغاَبِ يقرقرُ
وبشهقَةٍ تَهَبُ المولَّهَ كَنْهَها
مع أنَّها عَرَفَتْ لِذاكَ سيزفرُ
دامتْ بإيثارٍ تجودُ على الورى
حتى بأليالِ الظلامِ تُسامرُ
لم تتَّخذْ درعاً لها لِوقايةٍ
من جمرِ فحمٍ فوقها يتسعَّرُ
بل إنَّها قد صابَرتْ وتحرَّقَتْ
مِن أجل مَنْ أَنِسُوا بها وتجمهروا
هذا الفداءُ وليس فيه غرابةٌ
فَبطبعها حُبُّ العطاء مُجذَّرُ
مُذ أُوجدَتْ بين الأنام تعهَّدتْ
لهُمُ السَّعادةَ والسُّرورَ فَبُشِّروا
بهناءِ عيشٍ بالتفاؤلِ مُقبلاً
مَعَها ومِن قيد الهمومِ تحرَّروا
الشاعر. عبدالناصر عكوش