مجلة مشكاتي للشعر ..... للشاعر هشام عوض

 

سجدة الوداع

قالَتْ لهُ: أرجو رغيفَ زيادةً نسدُّ بهِ جوعَ أرواحنا.

قالَ لها: هناكَ رغيفٌ أكبرُ من القدرِ والفجرِ والقهرِ.

قالَتْ لهُ: إمنحني أجنحةً أطيرُ بها نحوَ الضميرِ المطمئنِ.

قالَ لها: لا أريد مزيداً من النسخِ الميتةِ على قيد الحياةِ.

أجابَتْهُ: أريدُ شيئاً يستوطنُ روحكَ.

نفضَ الحكايا عن جسدهِ، ورفعَ عصاهُ التي لهُ فيها مآربُ أخرى وقالَ لها: بعض حروفي ستبكيكِ وجعاً وألماً فالفراشاتُ لا تعيش هنا!.

قالتْ لهُ: سأكشفُ لكَ عن أوراقي، لقد غادرَ أولادي الحياةَ، وحاصرَهم الظلامُ من كلِّ جانبٍ، فدرتُ حولَ نفسي مئاتِ المراتِ، ثم منَّ اللهُ عليَّ ببرودٍ، جعلَ عواطفي تمرُّ دونَ أنْ تثير فيَّ شيئاً، روحي تسيرُ في متاهاتِ المقبرةِ.

قالَ لها: تجاعيدُ الروحِ لا تنفعُ معها عمليةُ تجميلٍ، فحينَ أحزنُ تتقلص كلُّ رغبتي في الحياةِ، فتضج الشيخوخةُ مضجعي. وأهيم في أزقةِ المدينةِ، لأقفَ في طابورِ الفرنِ وأجلبَ لهم أرغفةَ الوداعِ.

جلبَ لها عباءةً للصلاةِ، وطلبَ منها السجودِ حمداً للهِ على كلِّ شيء، أطالَتِ السجودَ على الأرضِ، ونطقتْ بكلماتشها الأخيرةِ قائلةً: أولادي الذينَ إستشهدوا لأجلِ الوطنِ شيء لا ولم ولن يتكررَ.....

أمل الياسري/ العراق

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 42 مشاهدة
نشرت فى 29 نوفمبر 2018 بواسطة Meshkaty2

عدد زيارات الموقع

110,257