من بكارة الولادة ، جئت أبحت عن تمردي داخل غرفة الإنسان ، فتخر الأحلام في التساقط أمام خوار الجريمة التي يحيكها الجلاد على لسان السوط ، فلم أجد داخل الوطن ، غير السجون تعرض على عقد المشانق صلصالي ، و البلد قد تشقف إلى جثث كل شطيرة عليها رهط من الزبانية ، هم لجهالة الطغيان ذراع تنهش على مائدة النهار أشلاء ظلي ، فأخلع عني جدث الظلم ، و أسبح ، و المركب من مقبرة قد وئد بها البعث و مصابيح النور قد كسرها الإطفاء ، أخرقها كطيف أرعن أدق بالمجداف على صدور الموتى ، فلا مجيب و لا ناطق بالهمس ينفث و لو يتخذ له من الصدى مخبأ ، و كأن الألسن أودى بها الخرس بترا ، فمن التراب ما هو جلمود تسمع صريخه من وجع الوقع إن هو هوى ، إن أقران الفساد و لو تمدهم في الجدال كرة ليس لديهم عن البأساء انصراف ، ولا الحديث الطيب ينفع معهم و لا هم ينصاعون إليه تبديلا ، إن نفوسهم أفران بالأذى تفور و بلظى القلى يسمع لها زمهريرا ، فلا جدوة تشفع لهم استقاما ، إلا مدية تجتثهم من الجذور بثورا ،تحت أقدامهم تبيت المدن ركودا في الحظر ، وهن أخوات متشابهات و توائم من مشارب أرحام مفرقات ، إذا حللت بهن نزيلا لا تشق بينهن فرق ، و لا أنت تكسب فارقا يقودك أنك منهن مختلف ، فتشق عليك أن تكون إلا خرفا لامتداد أجداد تحجرت فيهم تعاود المآثر
الأديب حسن السلموني