مسامير حول الكلمات
لم يناقشْها بأسلوبٍ حضاريٍّ يوماً ما، حاولَتْ بكلِّ الطرقِ أنْ تزرعَ الودَ مع الوردِ، بزيادةِ الراءِ في الكلمةِ الثانيةِ، لكنَّها عبثاً تحاولُ، لم تتعثرْ بالحجارةِ التي وضعَها أمامَها، بل كانَتْ مليئةً بالثقةِ لتصنعَ منهُ سُلَّماً نحوَ النجاحِ، أمضَتْ حياتَها كالمظلةِ، ولم تلقِ خيباتِ الأمسِ بظلالِها على أحلامِها البريئةِ.
أوصتْها جدتَها بأنْ تكونَ هادئةً، الى الحدِ الذي تشعرهُ بأنَّها ليسَتْ موجودةً، وكانَتْ تجيبُها متفائلةً: جدتي مَنْ أتقنَ الصبرَ لن تكسرَهُ الحياةُ.
قالَتْ لها الجدةُ: نظرتُكِ لنفسكِ سببُ فشلكِ في حياتكِ.
أجابَتْها الشابةُ: جدتي العزيزة، تضخيمُ الأمورِ التافهةِ لا يزيدُكَ إلا هماً ومشقةً، أنا أعطِ كلَّ شيءٍ قدرُهُ المناسبُ.
أطرقَتْ الجدةُ رأسَها وهيَ تتذكرُ بألمٍ دموعَ حفيدتِها، عندما حضرَتْ لبيتِها يائسةً من الحياةِ فقالَتْ لها: أتدرينَ بنيتي أنَّهُ لا يوجدُ رجلٌ يهدي السعادةَ بلا مقابلٍ سوى الأب!
بكيا معاً وإحتضنتَها قائلةً: مَنْ سيصدقُ أنَّ كلَّ هذا الخرابِ بداخلكِ، وأنتِ تضحكينَ للهواءِ والعصافيرِ؟!
أبي: ما قالتْهُ جدتي من أنَّ الحياةَ مؤلمةٌ حقيقةٌ واقعةٌ، وقد صبرَتْ أكثرَّ مني، وها هي تضجرُ من صبري، إلا أنَّ جدي لم يخسرْ إنسانيتهُ معها، ولأنَّ جدتي تمتلكُ ثقافةً عجيبةً مفادهُا: الإعتذارُ خلقٌ وليسَ مذلةً، والإحترامُ تربيةٌ وليسَ ضعفاً، وعندما تحادثُهُ ترددُ عليهِ كثيراً: هناكَ فرقٌ كبيرٌ جداً بينَ النقدِ والحقدِ، وهذا ما لا يفهمهُ شريكُ حياتي!
شعرَتِ الجدةُ بأنَّ مساميرَ جريحةً، تدقُّ أسفينَها في جسدِ حفيدتِها، منذُ أشهرٍ قضَتْها الشابةُ معها الى اليومِ، وإنقطعَ الحديثُ بينَهما لتبحثَ عن نظارتِها،عندما حضرَتْ فتياتُ قريتِها لتعلمَهنَّ فنَ الخياطةِ.
أمل الياسري/ العراق