قصيدة: (غربة الأوطان)
بقلم / بشري العدلي محمد
زحفَ المشيبُ وذا الشبابُ قدِ انْهَزَمْ
والدهرُ قال:العمرُ وَلَّى وانْصَرَمْ
والدارُ لاْ تحوي صديقًا مُؤنسًا
والشوقُ نهرٌ في حنايانا الْتَطَمْ
فارحلْ بنفسِكَ عن مذلةِ قاطبٍ
فالغدرُ شرعٌ والأمانُ قدِ انْعَدَمْ
يا حرقةَ الدمعِ الذليلِ بجفنِهِ
يأتي كما تأتي الجروحُ معَ الألَمْ
والقفرُ يَهزِمُ في بقايا لوعتي
والعيشُ أضحى دونَ قَدْحٍ أوْ نَدَمْ
يا لائميْ في الخوفِ إني سامعٌ
صوتَ البطونِ إذِ اسْتغاثتْ من عَدَمْ
لا خيرَ في حُبِّ الحياةِ إذا غفا
صوتُ الضميرِ وخلفَهُ صوتُ القَلَمْ
إنَّ النوائبَ لَوْ أتتْكَ توابعًا
فاصبِرْ لَعَلَّ الشمسَ قد تخفي الظُّلَمْ
فلربما صارَ الزمانُ مصاحبًا
أبْدَى البشاشةَ للخلائقِ وابْتَسَمْ
يا لوعتي إنْ غابَ صَحبي كلُّهُمْ
وغدا الفؤادُ يَغُبُّ من داءِ السَّأَمْ
والحقدُ نارٌ كالسيوفِ إذا بدتْ
مصقولةً للهولِ لَمَّا يُحْتَدَمْ
شوقي لأهلي مثلُ نزفِ مدامعي
مَنْ منهُمُ شَعَرَ المواجعَ أو عَلَمْ ؟
والغربةُ البلهاءُ تَطحنُ أعظُمي
لا تَسْتكينُ لذي المروءةِ والشِّيَمْ
يا مجدَنا الماضي أأنتَ سَحَرْتَنِي
قُلْ لي بربِّكَ أينَ أمجادُ الكَرَمْ ؟!
كم لفني الحزنُ العنيدُ وهزني
موتُ الغريبِ إذا تعاظمَ في الحُلَمْ
المجدُ في بلدي تآكلَ جلدُهُ
والحُبُّ في بلدي يُعاني من سَقَمْ
وأنا أتوقُ للحظةٍ كُنَّا بِها
نسري ونعلو مثلَ نيلٍ أو هَرَمْ
إنَّ الأسودَ إذا تبيعُ عرينَها
لا يُشْتَرَى إلَّا مِنَ ارْبابِ الغَنَمْ
الليلُ حولي لا نجومَ بصدرِهِ
والعُرْبُ حولي مثلُ غَرْبٍ أو عَجَمْ