مجلة مشكاتي للشعر ..... للشاعر هشام عوض

♠♠♠♠  القصة  القصيرة ♠♠♠♠

 

♠ ♠ ♠ التربية والتعليم والزمن الجميل ♠ ♠ ♠

 

♠ ♠ عاد بذاكرته إلي أيامٍ قد خَلت ، وعاش هذه الأيام ثانيةً ، وكأنها حلم ، فأمه تأخذ بيده للذهاب في أول يوم إلي المدرسة القريبة من المنزل ، فهو قد كبر وبلغ الرابعة إلا شهور خمسة ودخل في  ( Kg ) الروضة ، وكان سعيداً حيث أنه يرتدي بنطلوناً طويلاً لأول مرة في حياته وهو زي المدرسة الموحد ، وقميصاً معلق علي صدره بياناته إسمه والمدرسة وعنوانه ، كما وزعتها المدرسة ، وعندما وصلا إلىِ باب المدرسة ، دخلت أمه معه فهذا هو اليوم الأول له في هذا المكان الجديد ، وسوف يترك وحده لمواجهة ما لم يعتاد عليه ، وتعجب مما رأه في المدرسة ، فأمه كانت تبلغه أن أجمل مكان في الدنيا بعد حضن الأم هو المدرسة ، التي سوف تجعله رجلاً كالكبار ، وفعلاً وجد المدرسة مكان متسع ونظيف وبه الكثير من الألوان ، إلا أنه رأى أطفالاً يبكون بصوت ، وآخرون يبكون بلا صوت ، وكان السؤال الذي حيره لماذا هؤلاء يبكون ، ظلت أمه بجانبه بعض الوقت حتى بُدأ فىِ تنظيم الصفوف ، إبتعدت أمه قليلاً وهى تنظر اليه وتبتسم ، وظلت هكذا تبعد وهي تبتسم له ليشعر بالأمان ، حتى وصلت الي باب المدرسة ، ورفعت يدها لتودعه والإبتسامه تشرق فى وجهها ، وأختفت عندما همت الصفوف للصعود الى الفصول ، ومازال البعض يبكي والمدرسيين يحاولوا تهدئتهم ، وسمع بعض الأولاد وهم يصيحون ماما ماما ، ثم دخل الفصل مكانه الجديد ، وهو عبارة عن سبورة خضراء جميلة ظل يتطلع اليها بإبتسامه ، وترابيزات مستديرة ملونه بألوان جميلة ، وحول كل واحدة عدد أربعة مقاعد ملونه بلون التربيزة وصغيرة كأحجام هؤلاء الصغار ، وجلس في أحدهم وجلس معه ثلاثة أطفال إشتركوا هؤلاء الأربعة في شئ واحد ، وهو أنهم لم يكونوا يبكون كالأخرين ، وقامت المدرسة بقراءة الأسماء ، وقالت كل مجموعة جالسة الأن سيظل هذا مكانها الى نهاية العام ، ثم تم توزيع على الجميع أقلاماً ملونه وأوراقاً ليرسم كلٌ من التلاميذ ما يريد ، ووجد زملائه الثلاثة مثله تقريباً ، ومرت الأيام به وهو يشعر بالمتعة لإكتشافه عالم عنه جديد ، وفي بداية الأسبوع الثاني وبينما أمه توصله إلي باب المدرسة كعادة كل يوم ، فإذا زميله في التربيزة ومعه أمه توصله أيضاً ، فقال لأمه هذا يجلس معي على نفس التربيزة ، تقدمت أمه الي أم زميله للتعرف عليها ، وكان الزميل هذا يسمى منير ، وبينما أمه وأم زميله منير يتبادلن التليفونات ، إلا وحضر زميليه الأخران مع أمهاتهما تعرفت أمه عليهما وعلى أم كل منهما ، وكان إسمهما أحمد وعادل وتبادلت الأمهات التليفونات معاً ليتواصلوا ، وحتى هذا الوقت لم يكن يعرف محمد الفرق بين الأفراد إلا فرقاً واحداً ، وهو هذا ولد وهذه بنت فقط ، حتى وجود الأبيض والأسمر والأسود لم يكن يمثل فرقاً عنده ، ثم حدثت له مفاجئه ، عندما رأى أمه تهنئ أم عادل ومنير بالعيد ، تعجب كيف هو عيد ولم تأتي له أمه بالجديد من الثياب كعادتها كل عيد ، فعرف أن هناك أطفالاً لهم دين وأعياد أخرى يسمون مسيحين ، هنا دخل فى قاموس معرفته فرقاً آخر بين الناس ، غير بنت وولد ، وأن الولد قد يكون مسلماً مثله ، وقد يكون مسيحياً مثل عادل ومنير ، وكذلك البنت فتوجد بنت مسلمه وبنت مسيحية ، وكان كثير الأسئلة لأمه ، فعرف منها أن المسلم يذهب إلى الجامع ليصلي لرب واحد ، وكذلك المسيحي يذهب إلي الكنيسة ليصلي لرب واحد ، أعلمته أمه أن المسلمين لهم نبي هو خاتم الأنبياء إسمه محمداً ﷺ (صل الله عليه وسلم) ، والمسيحين لهم نبي كريم هو المسيح عيسى (عليه السلام) ، وأكتفت أن تكون المعلومه فقط هكذا حتى لا يختلط الفهم عنده ، ومن أسئلته لأمه مثلاً لماذا يأتي عيد بعد أن نصوم رمضان ، نصنع فيه الكعك ونلبس الجديد ونسعد ، وآخر يأتي لنذبح فيه ونأكل اللحم وهذا العيد ثلاثة أيام ، وهذا أربعة ، وكانت أمه شديدة الذكاء فكل كلامها عنده مصدق ، قالت له بعد تعب الصيام نفطر ويكون عيداً ، والناس تحج الى بيت الله في مكه المكرمه ، شكراً له على أفضاله ، وتفرح فيكون هذا عيد عند من حج وعند من لم يحج ، كما أن أخوك هو الأصغر وأنت الأكبر كذلك الأعياد هناك عيد صغير وآخر كبير ، ولما كبر عرف حتى أصحاب الدين الواحد ينقسمون ففي الإسلام أكبر قسمين سنه وشيعة ، حتى داخل الشيعة هم ينقسمون ، والمسيحية منهم الأرذوكس والكاثوليك والبروتوستنت وداخلهم بنقسمون أيضاً ، فتربى على إحترم الإختلاف فلكل مجموعة معتقد ، والفعل مع الأخرين يعبر عن دينه ، فالدين هو المعاملة وأنا لي ديني وللأخرين دينهم ، ويكفي أن يسود بين الجميع علاقات محترمه ، وعرف أنها إرادة الله ولذلك خلقهم مختلفين ، في اللون واللسان والشكل والدين ، وفجأة خرج على الناس من يقطعون الرؤس ويهَجرون النفوس من ديارهم بلا ذنب ، ويدعون أنهم على الحق وصحيح الدين وإنهم حراس العقيدة بتوكيل من الله سبحانه وتعالى ، فتسأل كيف يسمح الله أن يعيش في ملكه مختلفين في الدين ، ويرزقهم ويطعمهم ويسترهم وتشرق عليهم جميعاً شمسه  ، ويكونوا في ملك صاحب الملك آمنين ، ثم يأتي رعاع من البشر ويفعلوا ما لا يرضي صاحب كل هذا الملك ما يفعل بعبيده ، ويقولوا نحن فقط المؤمنين ، وفي الحقيقة هم من أخبر عنهم الصادق الأمين محمد ﷺ (صل الله عليه وسلم) ، خوارج هذا العصر ، من يقتلون أمان الآمنين لا يعرفون شيئاً عن مراد رب العالمين (إدعو الي سبيل ربِكَ بالحكمه والموعظة الحسنه) ، فإذا دعوت بغيرهما ، فأنت لا تدعو لسبيل ربك بل تدعو لسبيل غيرك أو لسبيل نفسك ، (ولا إكراه في الدين) ومن أكره فإكراهه مخالف للملك صاحب هذا الملك ، فهم بطل القصة الإسلام هكذا من صغر سنه ، فأخذ يهاجمهم في الصحف وكلما سافر خارج مصر وسئل عما يفعله البعض بإسم الإسلام ، كان يقول هذا ليس إسلام رب العالمين هذا إسلام لعملاء الصهانية والمستعمرين.

 

♠ ♠ ♠ ا.د/ محمد موسى

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 58 مشاهدة
نشرت فى 8 ديسمبر 2018 بواسطة Meshkaty2

عدد زيارات الموقع

103,328