قطاع الاستزراع المائي في فرنسا هو قطاع قديم ومستقر ومن أوائل القطاعات التي تم تطويرها في دول الاتحاد الأوروبي. ففي عام 2004 بلغ إنتاج الاستزراع المائي في فرنسا 907 243 طنا، جعل منها أكبر منتج في أوروبا. وتتسيد الرخويات، خاصة المحار الإنتاج البحرى، حيث بلغ إنتاج المحار 750 106 طنا, أدرت عائداً قدره 600 مليون يورو. وقد أنتج هذه الكميات 000 20 عامل يعملون في 700 3 مزرعة. أما الاستزراع في المياه العذبة فإنه ينحصر في أسماك التراوت، حيث بلغ إنتاجه 611 36 طنا من 500 مزرعة، ينتج معظمها أقل من 200 طن / مزرعة /عام.
وقد تطور قطاع الاستزراع السمكي البحرى من خلال مجهودات البحث العلمى التي استمرت لمدة 30 عاما. إلا أنه ومنذ أوائل التسعينيات، يشهد قطاع الاستزراع السمكي البحرى (خاصة استزراع الدنيس والقاروص، الذى أنتج 817 4 طنا بالإضافة إلى 60 مليون زريعة يصدر معظمها للخارج) تنافساً قوياً مع الأقطار الأخرى خاصة اليونان وتركيا. أما الآن، فالإضافة لإنتاج الجمبري القاري في نيوكاليدونيا واللؤلؤ الأسود في بولينيزيا فإن التطور الرئيسى في قطاع الاستزراع المائي في فرنسا يتركز على إنتاج الأسماك البحرية، خاصة الأنواع الجديدة المبشرة مثل الطبل الاحمر وكذلك المنتجات ذات القيمة العالية مثل الكافيار الناتج من سمكة الحفش (الإسترجون) ، وأيضا السلالات المنتقاه من جميع أنواع الأسماك والمنتجات المميزة بعلامات الجودة العالية.
وأهم عامل يقف حائلاً أمام المزيد من تنمية قطاع الاستزراع المائي في فرنسا هو الحصول على مواقع للاستزراع، نظراً لأن معظم الهيئات الساحلية تفضل دعم قطاع التنمية السياحية أو الإبقاء على حق الوصول للمياه المفتوحة بدلاً من إقامة مزارع بحرية. أما فيما يتعلق بالاستزراع المائي في المياه العذبة فإن التنافس أكثر حدة، خاصة مع زيادة المحاذير البيئية المتعلقة بجودة مياه الصرف. ولذلك تبدو امكانية التنمية أعلى في بعض الأراضي الفرنسية الموجودة وراء البحار، خاصة الجزر مثل جزر كورسيكا و نيوكاليدونيا ولاجون مايوت في المحيط الهندي.
وما زال هناك متسع لمزيد من التنمية خاصة في تسويق المنتجات ذات الجودة العالية والمميزة بعلامات الجودة، التقدم التكنولوجى (في نظم التربية خاصة في الأنظمة الدائرية المغلقة)، في إنتاج سلالات محسنة وراثيآ (الانتقاء المحمي, الأسماك العقيمة، الهجائن ذات الأداء المرتفع) من خلال مشروعات بحثية متعددة الجوانب بالتعاون مع شبكات أوروبية كبيرة، وأخيراً الاستغلال الأمثل للفرص المرتبطة بأمورمثل الإنتاج، التعليم، الاستزراع المائي السياحي، الحفاظ على التنوع البيولوجى، الخ، في منطقة سياحية محددة تحت السيطرة وممتدة إلى المياه المفتوحة.
لمحة تاريخية
الاستزراع المائي في فرنسا نشاط قديم ومستقر، خصوصاً في إنتاج الرخويات وأسماك التراوت. أما أسماك المياه العذبة، فيما عدا السلمونيات، فإنها تستزرع منذ العصور الوسطى في الأقاليم الجنوبية الغربية، الوسطى والشرقية من فرنسا (يبلغ إنتاج الكارب 230 4 طنا وإنتاج الروش والتنش 790 2 طنا).
وخلال السبعينيات نجحت التجارب الجارية في جنوب فرنسا في تفريخ الدنيس والقاروص (وإغلاق الدائرة البيولوجية لهما). وقد منح التطور السريع في التكنولوجيا وازدياد الطلب على هذه الأسماك، خاصة في إيطاليا، دعماً قوياً لقطاع الاستزراع السمكي البحرى في فرنسا.
وقد نما قطاع الاستزراع المائي في الأراضي الفرنسية وراء البحار نموا سريعا خلال العشرين عاما الماضية، كما في نيوكاليدونيا، حيث يستهدف استزراع الجمبري (100 2 طن) السوق الياباني، وكذلك في مايوت/ريونيون حيث يستهدف إنتاج الأسماك البحرية خاصة الطبل الأحمر والكوبيا (390 طنا) الأسواق الأوروبية. أما مارتينيك فإنها تطور إنتاجها للاستهلاك المحلى.
وتتنوع نظم الإنتاج تنوعا كبيرا على النحو التالى:
- الأسماك البحرية وأسماك المياه العذبة: يتم تربيتها في المجارى المائية, الأحواض الأرضية، الخزنات والأقفاص، فيما عدا أسماك عائلة الكارب التي تستزرع في السدود، البحيرات والخزانات المائية.
- القشريات (الجمبري القارى): يجرى استزراعها في أحواض أرضية.
- الرخويات: تجري تربيتها بطول الساحل في الخلجان واللاجونات إما على حبال معلقة، حوامل، أعمدة، أو على قاع البحر مباشرة.
والانتاج مرتفع في حالة الجمبري (2-4 طن/هكتار/عام) والأسماك البحرية (0.1 طن /م2/عام) نظرا لاستخدام نظم تربية مكثفة. أما إنتاج أسماك المياه العذبة، فيما عدا التراوت والإسترجون، فإنه أقل.
الموارد البشرية
يعتبر استزراع الرخويات أهم قطاع إنتاجي من قطاعات الاستزراع المائي. وقد تم تسجيل000 55 حق انتفاع بحري للعامة، يمثل700 3 شركة معظمها شركات خاصة (78%). ويعمل في استزراع التراوت 000 2 نسمة موزعون في 800 موقع. و3% من الشركات المنتجة هى شركات كبيرة تنتج كل منها أكثر من 500 طن في العام. أما الشركات الصغيرة فتنتج كل منها أقل من 100 طن/عام في المتوسط، ولكنها تمثل 84% من إجمالى الإنتاج. أما أنواع أسماك المياه العذبه الأخرى فيعمل في استزراعها 000 6 مزارع.
ويجري استزراع الجمبري في نيوكاليدونيا بواسطة 13 مزرعة، منها خمس مزارع صغيرة تدار بواسطة الأسر (أقل من 20 هكتار/مزرعة )، وست مزارع متوسطة الحجم (20-60 هكتار) ومزرعتان كبيرتان (أكثر من 60 هتكارا). أما استزراع المحار لإنتاج اللؤلؤ الأسود فيجرى في بولينيزيا الفرنسية بواسطة حوالى 200 مزرعة.
توزيع وخصائص أنظمة الاستزراع
ينتشر تربية الرخويات بطول الساحل الفرنسى الغربى للبحر المتوسط، وتتركز في ستة مواقع تقليدية هى:
. أما استزراع التراوت فإنه يتركز في التي تنتج وحدها 47% من إجمالى الإنتاج. إلا أن العديد من المزارع توجد أيضا في. أما استزراع أنواع المياه العذبه الأخرى مثل الكارب، التنش، والبايك فإنه يجرى في أقاليم. كذلك تتطور تربية الإسترجون (الحفش) بسرعة في 3 مزارع تنتج 15 طنا من الكافيار.
وتستزرع أسماك المياه المالحة في مناطق عديدة. فالدنيس والقاروص يستزرعان بالقرب من بحر الشمال (باستخدام مياه التبريد لإحدى المحطات النووية) وكذلك بطول سواحل الأطلنطى وفى كوت دى آزور وكورسيكا بالبحر المتوسط. أما الطربوت فتتركز مزارعه بطول سواحل الأطلنطي، في حين يستزرع السلمون أساسا في إقليم .
ويربى الجمبري في جزيرة نيوكاليدونيا فقط. وقطاع الجمبري هو قطاع ديناميكي تتطلب تنميته مزيدا من التعلم والدعم الفنى. كذلك فإن الحاجة ماسة للبحث العلمى من أجل ضمان إستدامة الإنتاج، من خلال دراسة الأمراض بطريقة متناغمة مع البيئة (eco-pathology)، دراسات عن التغذية وجودة المنتج، الخ.
وتختص جزيرة تاهيتى بتربية المحار لإنتاج اللؤلؤ الأسود. وقد بلغ إنتاج اللؤلؤ 11 طنا في عام 2004، قام بإنتاجهم حوالي 000 4 عامل. ويعتبر استزراع محار اللؤلؤ ثاني أهم مصدر للدخل في هـذه الأرض الفرنسية، بعد السـياحة. وقـد نما هـذا النشاط في المناطق الفقيرة (الجزر المرجانية في أرخبيل تاموتو)، حيث وجد السكان قليلو الخبرة – القادمون من قطاع إنتاج زيت جوز الهند الذى يتدهور- فرصا للتوظيف في استزراع المحار.
الأنواع المستزرعة
يعتبر المحار الكأسي الباسيفيكي (Crassostrea gigas) هو النوع الرئيسي من الرخويات المستزرعة في فرنسا، حيث بلغ إنتاجه 250 105 طن في عام 2004. وقد تم استيراد هذا النوع إلى فرنسا في عام 1966 لتعويض الفقد الكبير الذى حدث للمحار البرتغالى في ذلك الوقت بسبب نوعين من الأمراض الفيروسية. وقطاع إنتاج الرخويات في فرنسا هو الأكبر في أوروبا من حيث الإنتاج وثاني أكبر القطاعات من حيث القيمة.
وقد بلغ إنتاج تراوت قوس قزح (Oncorhynchus mykiss) حوالى 128 35 طنا في عام 2004، بلغت قيمتها حوالى 135 مليون يورو. وفرنسا هى ثالث أكبر منتج للتراوت بعد شيلى والنرويج، حيث يعد التراوت أهم الأنواع المستزرعة في فرنسا.
أما تربية القاروص الأوروبي (Dicentrarchus labrax)، الدنيس (Sparus aurata) والطربوت (Psetta maxima) فإنها تتسيد قطاع الاستزراع البحرى في فرنسا، حيث يبلغ إنتاجها 766 5 طنا. وقد جرى تطوير استزراع هذه الأنواع منذ السبعينيات، مما أدى إلى انتشارها وزيادة إنتاجها في التسعينيات. وتمتلك فرنسا الخبرة العلمية المطلوبة لإنتاج الزريعة واليوافع مما يخلق سوقا تصديرية جيدة لها. وتصدر فرنسا بين 60-70% من إنتاجها داخل أوروبا، وحتى إلى الصين.
وقد أدخلت تربية الجمبري (Penaeus stylirostris) إلى نيوكاليدونيا في عام1981 وقد تأقلم هذا النوع جيدا مع بيئة كاليدونيا وأصبح يمثل قيمة تسويقية عالية نظرا لجودته العالية. ويصدر الجمبري المنتج إلي اليابان وفرنسا بصفة أساسية.
ممارسات وأنظمة القطاع
تستخدم العديد من الوسائل في تربية الرخويات (القواقع) في فرنسا، مثل العوامات أو الحوامل، الحبال الطويلة، الأكياس القاعية والقوائم "البوشوت".وتستغرق الدورة الإنتاجية من 3-4 سنوات حتى يصل القوقع إلى حجم التسويق. ويجرى نقل الحيوان بين مناطق التربية بصورة متكررة. إلا أن قواعد سلامة الغذاء الأوروبية تهدف إلى الحد من هذا النقل لإقلال المخاطر الوبائية التي قد تنتج، نظرا لأن الجهاز المناعى للمحاريات ضعيف، كما أنها قادرة على تركيز العديد من المركبات الموجودة في الماء (مثل الطحالب السامة والملوثات) داخل أجسامها.
وتستزرع الأسماك البحرية عالية القيمة باستخدام التقنيات الثلاث الآتية:
- الماء الجارى في المجارى المائية الخرسانية (كما في حالة القاروص والتراوت).
- النظام المغلق الدائرى في الأحواض (الخزانات) (كما في حالة القاروص والطربوت).
- تربية القاروص، الدنيس والطبل الأحمر في أقفاص في مياه البحر المتوسط بصفة أساسية، في مناطق كوت دا آزور وكورسيكا وفى المناطق الحارة حول مايوت و ريونيون.
أما الجمبري فيستزرع بطريقة شبه مكثفة في أحواض أرضية في الجزر التي تتوافر بها المواقع الصالحة للاستزراع.
وقد شهدت فرنسا تطورا كبيرا في مستوى المراقبة على عمليات الاستزراع بهدف إقلال الفاقد من الأعلاف، إستخدام العلاج، والآثار البيئية، بما يتماشى مع التوصيات التي تهدف إلى الاستدامة العالية لهذه الممارسات. ولذلك يدرك المنتجون حاليا أن جودة منتجاتهم ترتبط ارتباطا وثيقا مع وسائل التربية المستخدمة. وكذلك تتعاون هذه الصناعة مع المنظمات والمؤسسات البحثية بهدف دعم هذا التوجه.
الإنتاج
يهدف قطاع الاستزراع المائي في فرنسا إلى تغطية السوق المحلى أصلاً، حيث تستهلك فرنسا معظم إنتاجها من الرخويات ثنائية المصراع. وبالإضافة لذلك تصدر الأنواع عالية القيمة للخارج، حيث يصدر القاروص إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ويصدر الجمبري إلى اليابان. وتباع هذه المنتجات بأسعار عالية نظراً للمعايير الرقابية والإنتاجية الدقيقة المتبعة، مثل نكهة المنتج، استخدام العقاقير، ضمان الإمداد، ومعايير الجودة.
ولا يساهم قطاع الاستزراع المائي الفرنسي بشكل جوهري في الأمن الغذائي بصورة عامة، كما أن دوره محدود في الإنتاج الغذائي الكلى. إلا أن هذا القطاع يساهم بشكل فعال في ثبات التوظيف خاصة في فصل الشتاء في المناطق والمدن الساحلية. وأفضل إمكانية لتنمية الاستزراع المائي لأنواع البحر المتوسط تكمن في مقاطعة كوت دا زور الشرقية وكورسيكا. غير أن هذه المناطق تقع تحت ضغط كبيرمن قطاع السياحة، على الرغم من أن المساحة المطلوبة للتربية في الأقفاص البعيدة عن الشاطئ قليلة جدا (أقل من 10 هكتارات). وبالإضافة إلى التنافس على المكان، فإن إنتاج الأسماك البحرية يتزايد بشكل مضطرد في أقطار شرق البحر المتوسط، مما يؤدى إلى ثبات أسعارها في أسواق الجملة الأوروبية. والمزايا النسبية المتوفرة في هذه الدول مثل العمالة الرخيصة، المياه السطحية الدافئة، الخ، تبرر لماذا تستهدف المنتجات السمكية البحرية الفرنسية أسواقا تتطلب جودة عالية وتحكمها معايير محددة. ومن هذا المنظور، ترغب معظم المزارع الفرنسية البحرية في التوسع، كما حدث في كورسيكا والمحيط الهندي.
ويبين الشكل التالي الإنتاج الكلي للاستزراع المائي في فرنسا طبقاً لإحصاءات منظمة الأغذية والزراعة:
الإنتاج المسجل من الاستزراع المائي في فرنسا منذ عام 1950 (FAO Fishery Statistic) |
<!--<!--<!--<!--
السوق والتجارة
ستهدف المحاريات السوق المحلى بصفة أساسية، حيث يباع المحار الباسيفيكى أصلاً في الأسواق الفرنسية، وكذلك في إيطاليا (400 طن)، بلجيكا (700 طن)، وألمانيا (400 طن). كما تستورد فرنسا المحار (في عام 2004) من أيرلندا (600 1 طن)، بريطانيا العظمى (400 طن) وأسبانيا (300 طن). ويستهلك المحار بشكل موسمي، حيث يتم تسويق 70% من المحاريات المنتجة بين شهور نوفمبر- يناير.
والميزان التجاري للرخويات المنتجة في فرنسا إيجابي، حيث حقق 12 مليون يورو، إلا أن الميزان التجارى لبلح البحر سلبي، وقد بلغ 60 مليون يورو بسبب الكميات الكبيرة المستوردة من هولندا (000 13 طن) ومن الأقطار الأوروبية الأخرى. والأسواق الرئيسة للتصدير هى أسبانيا (500 2 طن)، ألمانيا (500 طن) وإيطاليا (400 طن).
وهناك ثلاثة أسواق للتراوت، وهى:
- الاستهلاك الآدمي المباشر: حيث يتم استهلاك 80% من التراوت المستزرع (بقيمة تسويقية تبلغ 130 مليون يورو).
- الصيد بالسنار:12 % (بقيمة تسويقية تبلغ 16 مليون يورو).
- تربية الزريعة وتحريرها (تخزينها) في المياه الطبيعية: 8% (بقيمة تسويقية تبلغ 7 مليون يورو).
وتصدر فرنسا حوالى300 5 طن من تراوت قوس قزح سنويا إلى بلجيكا بصفة أساسية (36%) وألمانيا، كما تستورد حوالي 000 3 طن من النرويج وأسبانيا بصفة خاصة. وتباع التراوت مدخنة (40%), صحيحة (30%), شرائح (20%)، كافيار(2%) ومنتجات أخرى (8%). وهذا التنوع في منتجات التراوت هو أمر حديث نسبيا، ولكن ذلك ساهم في تقوية وتدعيم قطاع إنتاج التراوت.
وتباع أسماك الدنيس والقاروص صحيحة، ويتم تصدير50% من إنتاجها (400 2 طن). وتمتلك المفرخات الفرنسية سنوات طويلة من الخبرة والخبراء في إنتاج الزريعة. ولذلك تصدرفرنسا70-80% من إنتاجها من إصبعيات الدنيس والقاروص. ولكن فرنسا تستورد أيضاً حوالي 000 5 طن من الدنيس من اليونان (66%) وأسبانيا (11%) و700 2 طن من القاروص من اليونان (77%) والمملكة المتحدة (11%).
وجمبري نيوكاليدونيا الأزرق (Penaeus stylirostris) منتج ذو جودة عالية يباع أساساً في الأسواق الأوروبية (33%) واليابانية (27%). ويصدر حوالى 80% من الإنتاج، حيث يدر دخلا سنويا قدره 12 مليون يورو.
الهيكل المؤسسى
الهيئة المسئولة عن إدارة قطاع الاستزراع المائي في فرنسا هي وزارة الزراعة والثروة السمكية والغابات (Ministry of Agriculture, Fisheries and Forestry Resources). كما تعنى كذلك وزارة البيئية بالقضايا المرتبطة بالإستزراع المائي، حيث ازداد دور هذه الوزارة خلال العقدين الماضيين. كما أن هناك ثلاث وزارات أخرى لها دور مهم في صناعة القرار، وهى وزارة البحث العلمى والتعليم العالي، وزارة الصناعة ووزارة المالية. كما تلعب العديد من المؤسسات والهيئات العامة دوراً هاما في تنمية قطاع الاستزراع المائي. ومن هذه المؤسسات: المركز القومى للبحوث العلمية (National Centre for Scientific Research, CNRS)، الوكالة التنفيذية لإدارة البيئة (Executive Agency for Environment Management, ADEME)، المكتب العام لتنظيم سوق الأطعمة البحرية في فرنسا (public office for the regulation of the seafood market in France, OFIMER)، الهيئة القومية لدعم البحوث المبتكرة والتطبيقية (national agency specifically providing support to innovative and transferable research, ANVAR)، INRA (معهد بحثي فرنسي يتعامل مع جميع المنتجات الزراعية، خاصة التراوت)، IRD وCIRAD (وهى معاهد بحثية مختصة في البحوث و التنمية في الأراضي الفرنسية الواقعة وراء البحار، وتهتم بأنواع مثل البلطي)، GCZM وسيما جريف (Cemagref) (وهو معهد بحثى يعنى بدراسة أنواع المياه العذبة، خاصة الأسترجون). ويتم في كل إقليم إداري فرنسي دعم قطاع الاستزراع المائي بوكالات تنموية متخصصة (مثل سميداب Smidap في (Pays de Loire)، سيبرالمار Cepralmar في (Languedoc-Roussillon) وأردام Ardam في (La Réunion). وتقدم هذه الوكالات الدعم في العديد من الأوجه مثل اختيار الأولويات البحثية، الدعم المالى للشركات والمشروعات الجديدة، التمويل الجزئي لدراسة الدكتوراه، الخ. وهذا التأثير شديد الأهمية في الأراضي الفرنسية وراء البحار، حيث يجب أقلمة التوصيات العامة المتبعة في فرنسا الأم لكى تتلاءم مع الظروف المحلية.
اللوائح المنظمة
يرتكز الإطار العام لتنظيم الاستزراع المائي على القانون الأوروبي من حيث الأفرع الرئيسية، إلا أن كل دولة من دول الاتحاد الدولى تضع القوانين الخاصة بها. والقوانين الأوروبية الرئيسية المتعلقة بالاستزراع المائي هى: القانونان رقم 1263/2000 و 2792/1999، المتعلقان بالتمويل، والقانون 1685/2000 المتعلق باختيار المشروعات المرغوبة. كما توجد كذلك العديد من القرارات والنشرات المتعلقة بإنفاق التمويل الإنشائى والمنح الخاصة بتنمية قطاع الاستزراع المائي بما في ذلك المناطق الخارجية.
أما فيما يتعلق بقطاع استزراع المحاريات والقواقع فإن ادارة المصايد البحرية والإستزراع المائي(Direction des pêches maritimes et de l'aquaculture) منوطة بعدد من المسئوليات ترتبط بتعزيز استهلاك الرخويات وعلاقته بتحسين الصحة العامة. كما أنها مسئولة عن إعداد القوانين واللوائح ذات الصلة، خاصة المتعلقة بحماية الصحة العامة، إدارة الدعاوى, مراقبة جودة الماء من خلال شبكة يديرها (IFREMER) وكذلك مراقبة أعمال المنظمات المهنية.
ونظراً لزيادة وعى المستهلكين والعامة بقضايا البيئة، فقد تم زيادة وصرامة المراقبة على معايير ولوائح إنتاج الاستزراع المائي خلال العقدين الماضيين. وقد كان الهدف على المستوى العالمى، سواء بالنسبة للمياه الداخلية أو المياه الساحلية، هو الوصول إلى أعلى درجات الجودة البيئية مع ضمان الحد الأدنى من التأثير على الجيران أو المستخدمين الآخرين للبيئة المائية، خاصة في المناطق الساحلية المجاورة لمواقع الاستزراع المائي.
ونتيجة لذلك يجرى تنظيم الاستزراع السمكي وتسجيل منشآته (ICPE: installations classées pour la protection de l'environnement): أي أن أي نشاط من أنشطة الاستزراع المائي يجب أن يوضح أن آثاره السلبية المحتملة (مثل التلوث العضوي، بقايا المضادات الحيوية، المخاطر الوراثية نتيجة هروب الأسماك، انتشار أمراض معينة، الخ) تقع في الحدود المسموح بها قانوناً. ويجب على هذا النشاط أن يبرهن كذلك على أنه يدار بطريقة سليمة. وتضم القائمة التي تم وضعها بناء على المرسوم الصادر في 20مايو 1953(والذي يتم تعديله بصورة منتظمة) تفاصيل المنشآت المعنية. واللائحتان الرئيسيتان في هذا الصدد هما: القانون الصادرفى 19 يوليو 1976 والمرسوم الصادر في 21 سبتمبر1977، حيث أنهما يوضحان بالتفصيل المتطلبات اللازمة لإدارة المزارع المسجلة. وقد جرى تعديل هذه القوانين بصورة متكررة خلال العشرين عاماً الماضية. فقد تم حديثاً توحيد القرار الصادر في 20 مارس2000 مع القانون الفرنسي وتضمينه العديد من العناصر ذات الصلة بالتوجهات الأوروبية. وليست هذه القوانين والقرارات الثلاثة هي الوحيدة التي تنظم تشغيل المزارع السمكية المسجلة، ولكنها فقط تضع الإطار العام للعديد من القوانين واللوائح الخاصة الآخرى. فعلى سبيل المثال، لو أن مزرعة سمكية بحرية تنتج بين 5-20 طنا في العام، يجب أن يقدم مالكها بيانا بذلك فقط إلى المقاطعة، نظرا لأن هذا الإنتاج لا يشكل خطورة كبرى. أما اذا زاد الإنتاج عن 20 طنا/عام خاصة في البحر المفتوح فإن جميع بنود ال ICPE يجب اتباعها، بما ذلك دراسات الأثر البيئي، الرصد الدوري للعناصر البيولوجية والكيميائية، الخ.
التعليم والتدريب
يتم اختيار الأولويات البحثية في مجال الاستزراع المائي بوسائل عديدة تشمل: فرص التمويل خاصة من الإتحاد الأوروبي، التطور التكنولوجي بواسطة الشركات الخاصة والرغبة السياسية نتيجة للتعاون الثنائي. وهناك توجه قوى للتواصل الدائم بين قطاع البحث العلمى والذى تديره مؤسسات وطنية مثل (IFREMER, INRA, CIRAD, IRD) الخ، وقطاع الإنتاج عن طريق الاتحادات التجارية والاتحادات الصناعية الأخرى. وأهم المشاركين في هذا التوجه هم: المجلس القومي لاستزراع المحاريات (CNC, Conseil national de la conchyliculture)، الفيدرالية الفرنسية للاستزراع المائي (Fédération française de l'aquaculture, FFA)، اللجنة المهنية لمنتجات الاستزراع المائي (Comité interprofessionnel des produits de l'aquaculture, CIPA)، النقابة الفرنسية للاستزراع البحرى (Syndicat français de l'aquaculture marine et nouvelleو SFAM)، اللجنة الوطنية للمصايد والإستزراع البحرى (Comité national des pêches et des cultures marines, CNPMEM). ويساعد الاتصال المنتظم بين جميع المستفيدين في اختيار الأولويات البحثية، مع وجود بعض الجدل بين البحوث التطبيقية والبحثية. كما تمنح المؤتمرات والمعارض، خاصة تلك التي تنظمها الجمعية الأوروبية للإستزراع المائي أو الإتحاد الأوروبي الفرص للمناقشات المثمرة حول نتائج البحوث وكذلك مناقشة متطلبات القطاع الخاص.
وتقوم المؤسسات البحثية الرئيسية بإجراء البحوث في جميع المجالات المطلوبة لمواجهة تحديات تنمية الاستزراع المائي والتي تشمل: التغذية، الفسيولوجيا، الوراثة، النمذجة، الجوانب الإجتماعية والإقتصادية والأمراض (على الرغم من أن هذا القطاع فقير من حيث القوة البحثية). كما تساهم سبع جامعات رئيسية في بحوث الاستزراع المائي، وهى: باريس Paris (VI)، برست (, UBOBrest,) لا روشيل (La Rochelle)، بوردو (Bordeaux)، مونبليير (UM2, Montpellier)، مارسليا (Marseille) ونيس (Nice). ويقسم التعليم والتدريب إلى ثلاثة أقسام:
- التعليم الفنى، ويحدث في 12 كلية متخصصة في الرخويات، أسماك المياه العذبة، التكنولوجيا، الخ. ويحصل الدارس على دبلوم فنى بعد سنتين أو ثلاث من الدراسة بعد الثانوية العامة ( البكالوريا).
- التعليم العالى من خلال المدارس العليا في العلوم الزراعية (باريس، مونبليير، رينيه، تولوز، نانسى، وكذلك في المدرستين البيطريتين في نانت ومايسون ألفورت ((Nantes et Maison Alfort).
- التعليم المستمر من خلال هيئات متخصصة مثل CNAM وكريوفوب (CNAM and Creufop) ( جامعة مونبليير).
ونظرا لأن قطاع الاستزراع المائي قطاع صغير نسبيا ( حوالي 000 25 فرد) ومستقر نسبيا من حيث التنمية، فإن الحاجة للعمالة الماهرة والمدربة تظل منخفضة. إلا أن الطلب على هؤلاء الخبراء مازال موجودا للمساعدة في المشروعات الدولية، حيث الحاجة ماسة لبنية تحتية تقوم بالتدريب، خاصة للمواطنين الأجانب الذين تزداد الحاجة إليهم في بلادهم. ويشمل التدريب جميع الموضوعات المتعلقة بالاستدامة والتخطيط التنموي.
القضايا والتنمية
فرنسا هى إحدى الدول الأوروبية الرائدة في حجم إنتاج الاستزراع المائي، وكذلك في جودة النظام التعليمى والبحثى ودعم منظمات المنتجين. وقد شهد قطاع الاستزراع البحرى فترة من النمو في التسعينيات، ثم حدث ثبات في الإنتاج بعد ذلك، بينما قامت اليونان، أسبانيا وتركيا ببناء وتطوير قطاع الاستزراع البحرى، خاصة لإنتاج الدنيس والقاروص. ويقدر حجم الإنتاج الحالي من هذين النوعين في دول حوض البحر المتوسط بحوالي 000 200 طن على الأقل (مع امكانية الحصول على إنتاج مستدام قدره 000 300 طن).
وأهم نقط ضعف الاستزراع المائي في فرنسا هو اعتماده تقريباً على نوع واحد هو المحار اليابانى (Crassostrea gigas) والذي أصبحت إمكانية نموه محدودة، كما أنه يواجه مخاطر كبيرة نتيجة لتأثير التغير في جودة الماء والتغيرات المناخية. كما أن مستقبل قطاع المحار يرتبط بشدة بمدى الاستخدام التعاونى للمناطق الساحلية. وهناك العديد من العوامل التي تتنافس مع تربية المحار على استخدام الموارد الساحلية. ومن هذه العوامل: أنشطة الصيد، السياحة بما فيها الرياضة مثل رياضة الشراع، الحفاظ على الطبيعة، التجارة والملاحة العسكرية.
وهناك ثلاثة تهديدات تواجه تنمية الاستزراع المائي في فرنسا، وهى:
- التنافس في المنطقة الساحلية (بما في ذلك مصبات الأنهار) على المكان واستخدامات الماء، مع ما يطلبه ذلك من دراسات لتقييم الأثر ومراقبة ورصد المخلفات.
- الاستثمارات العالية اللازمة لتنفيذ أى مشروع جديد، مع ضمان الميزة التنافسية للمنتج الفرنسى في مواجهه منتجات الدول الاخرى خاصة في حوض البحر المتوسط وجنوب شرق أسيا.
- المناخ فيما يتعلق باستخدام المناطق الجنوبية من فرنسا لإنتاج أنواع شمال الأطلنطى (السلمونيات) والمناطق الشمالية فيما يتعلق بإنتاج أنواع البحر المتوسط .
إلا أن فرنسا تمتلك مزايا هامة تزداد أهميتها عند الأخذ في الاعتبار التوجهات التي تؤثر في استخدام الأنهار والمناطق الساحلية. ومن هذه المزايا على سبيل المثال:
- هناك رقابة عالية على جميع عمليات الإنتاج بدءاً من المزرعة ووصولا إلى المستهلك. وتسمح هذه المراقبة للمنتجين بضمان تتبع المنتج خلال سلسلة الإنتاج، وضمان جودة المنتج الذى يباع عندئذ باسعار عالية.
- التقدم التكنولوجى في أنظمة الاستزراع الأرضية فيما يتعلق بإدارة الأمهات، الأنظمة الدائرية التي تسمح بمراقبة جودة الماء، تحديد السجل الوراثى للأنواع الجديدة المستزرعة، الاستزراع المكثف، مقاومة الأمراض، مراقبة المنتج، جودة لحم المنتج، التقييم الحسى (تقييم النكهة)، المتطلبات الغذائية، تقييم الحالة الصحية والعامة للحيوان، اختيار معايير الاستدامة، الخ.
- درجة عالية من مستوى التعليم في العلوم المائية، مع سهولة الاتصال بالمؤسسات البحثية التي تمتلك منشآت علمية متنوعة وخبراء مؤهلين، مما يساعد في إجراء الدراسات متعددة الجوانب التي تضمن التنمية المتكاملة.
والطلب المتزايد على الاطعمة البحرية الجيدة والآمنة وجد ليبقى، حيث تؤكد آخر تقارير منظمة الأغذية والزراعة أن أسعار الأسماك سوف تستمر في الارتفاع. كذلك سوف يزداد الطلب على الاستخدام المتنوع للمناطق الساحلية. ولذلك تزداد الحاجة لاستخدام التقنية الحيوية المناسبة لضمان إنتاج طعام بحري جيد من ناحية وضمان الإدارة المستدامة للبيئة البحرية من ناحية أخرى. وتضمن هذه الفلسفة الجديدة في الإنتاج الحالة الجيدة للأسماك المستزرعة وكذلك احترام "مدونة الممارسات الجيدة" من قبل المزارعين.
وما زالت هناك امكانية جوهرية لتنمية الاستزراع المائي, خاصة في الأمور الآتية: تسويق المنتجات عالية الجودة وذات العلامة المسجلة، التقدم التكنولوجى خاصة التنمية الوراثية والحماية البيولوجية للإصبعيات، زيادة كفاءة الأنظمة المغلقة، تطوير الأعلاف السمكية بما في ذلك استبدال مسحوق السمك وزيت السمك، إجراء الأبحاث العلمية متعددة الجوانب في إطار شبكات أوروبية كبيرة. والهدف النهائى من كل ذلك هو الإدارة المتناسقة لأهداف محددة (الإنتاج، التعليم، الاستزراع السمكي/السياحة، الحفاظ على التنوع البيولوجى، الخ) بمشاركة جميع المستفيدين, في منطقة ساحلية محددة تمتد داخل المياه المفتوحة. ولكن تحقيق هذا الهدف ما زال أمراً صعباً، حيث أنه يرتبط بنظرة المستهلك لمنتجات الاستزراع المائي ومدى الحاجة لإقناع هذا المستهلك بأن هذه المنتجات هى منتجات طبيعية تمت تربيتها تحت ظروف محددة ولكنها ظروف طبيعية.
ساحة النقاش