ليس الميلاد ذكرى ولادة السّيّد المسيح وحسب وإنّما هو ميلاد الحبّ يتجدّد كل يوم وكلّ سنة فينا. هو الحبّ المطلق يفيض من السّماء ليغمرنا ويسكن قلوبنا. والحبّ ليس مخصّصاً لفئة واحدة من البشر بل يشمل الجميع ، أيّاً كانت توجّهاتهم وعقائدهم، بل يحتوي الكون بأسره، فالحبّ لا يميّز بين أحبابه.
هو النّور الأزليّ يفيض علينا جميعاً ليفتح بصائرنا ويزهر في قلوبنا ورود المحبّة، فنمنح العالم السّلام والأمان. ومتى انفتحت قلوبنا وأشرقت بصائرنا نظرنا بعيون الحبّ، وعاينّا قوّة الله بالحبّ، وشاهدنا مجده يتجلّى حبّاً.
هوذا الحبّ بيننا، فلنبتهج ولنغتبط، ولننسَ صراعاتنا ونزاعاتنا الّتي وإن تامّلناها جيّداً بنوره سنجد أنّها سخيفة وزائلة. لنخرج من العالم ليوم واحد، ولنرتقِ بأرواحنا إلى فوق حيث الحبّ المطلق يرجو منّا الكثير. لننحنِ على بعضنا البعض فنسمو إلى ذرى الأعالي، ونهب صفاء قلوبنا لله الحبّ.
فليقف الزّمان عند لحظة حبّ، وليغرق المكان في بحر من المشاعر الطّيّبة والصّافية، ولتفنَ الأحقاد الدّخيلة على قلوبنا. نحن ولدنا وجبلنا بالمحبّة، لأنّ خالقنا حبّ صرف وحنان مطلق.
فلنبصر، نحن السّالكون في الظّلمة ضياء الحبّ العظيم، ولنحرّر عقولنا وأرواحنا من قيود العالم فنحيا السّماء منذ الآن. ليست السّماء بعيدة، ولا هي في مكان ما، بل هي هنا، حاضرة بيننا وفينا، فلا نرجونّ سماء نائية.
هوذا الحبّ بيننا، فلنبتهج، ولنظهر إنسايّتنا البهيّة الّتي هي على صورة العليّ، ولنهيّئ قلوبنا وأرواحنا مسكناً ابديّاً للحبّ الأزليّ، لنستحقّ إنسانيّتنا ولنصل إلى ملء قامة الحبّ.
كائن من كنّا، واينما كنّا ومهما كانت انتماءاتنا وتوجّهاتنا، فلنضمّ بعضنا البعض ولنرنّم معاً، "المجد للحبّ في العلى وعلى الأرض السّلام، والفرح لنا جميعاً".
ساحة النقاش