د . محمد ناصر

في العيد نشكر الله والوطن!


حتى لو كان العيد «مناسبة استهلاكية» فإن ثمن لحظات من فرح الاطفال هو ثمن يستحق، فالمقاييس المثالية تبقى اقل كثيرا من قيم الحياة البسيطة. فقد كانوا يقولون ان ضحكة طفل هي اغلى من اعظم فكرة!!

تهتم فضائيات شبعت واشبعت الناس من البطولات والانتصارات باعياد ايام زمان، لكنها لا تضيف الى هذا «التذكر» سوى اشاعة النكد والتشاؤم في «مقارنة» بين الايام السعيدة الهنيئة الماضية، وبين هذه الايام، فالنكد والتشاؤم واشاعة اليأس هي بعض اسلحة العدو، فما الفرق بين من يقصف البيوت ومن يشيع فيها الحزن ويبعث الالم؟؟ وما الفرق بين الذين يموتون بيد الحصار والاحتلال والتجويع وبين من يعدون للناس الموت الاخلاقي والنفسي؟؟

يجب ان يكون العيد يوما آخر.. يوما مختلفا يلعب فيه الاطفال تحت شمس وطنهم الآمن المستقر الكريم، ويمشي فيه الناس للقاء بعضهم في شوارع نظيفة بهيجة خضراء. وينام فيه الجميع داخل بيوت كريمة فخورة.

اذكر احد اقاربي كبار السن وهو يحض ابناءه على الدرس والكتاب والعمل المجدي. كيف كان ايام الاعياد يداري فقره بتوفير قروش كان يجمعها لشراء ثياب للكبار، و«لتصليح» ثيابهم لاخوانهم الاصغر سنا. وها هم اساتذة، وسفراء، ورجال اعمال.. وعمي هذا لم ير حصاد أحلامه. لكننا نتذكر جميعا طلته البهية يوم العيد ومسحه بكفه القاسية على رؤوس الاطفال.. وضحكته العالية!!

نعم.. نحن نشعر بالكثير من الحزن لما يجري غربنا وشرقنا في العراق وفلسطين. ولكن ذلك لا يمنعنا ابدا من الشعور بالرضى والسعادة والاعتزاز بما يقدمه بلدنا الاردن لنا ولكل من حولنا، ففي صحيفة «الاندبندنت» البريطانية نقرأ اليوم ان هناك مليونا ونصف المليون عراقي غادروا وطنهم - وعندنا منهم العديد - وهناك مليون غادروا دورهم في عملية التهجير الاجرامي القائم على المذهبية والعنصرية!! ترى كم بقي من الفلسطينيين في فلسطين؟!

كل عام والناس بخير والوطن بخير. فالكوارث حولنا تعلمنا ان النعمة في بلدنا تستحق التفكر، والحرص والقتال من اجلها. والذين يريدون استبدال هذه النعمة بالكذب والدجل والعمالة، فلهم ان يلطموا في العيد. وان يتمززوا كأس الحميم ومتع الحزن واليأس.


 

 

  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 107 مشاهدة
نشرت فى 15 يوليو 2011 بواسطة MOMNASSER

ساحة النقاش

د .محمد ناصر.

MOMNASSER
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

357,424