كانت هذه مقابلة مع مريض بالوسواس القهرى حيث كان يعانى من الوساوس الفكرية .
ويظهر اضطراب الوسواس القهرى عادة فى الشخصية الوسواسية والتى تتميز بالصلابة مع عدم المرونه، وصعوبة التكيف والتأقلم للظواهر المختلفة مع حب النظام والروتين وضبط المواعيد، والدقة فى كل الأعمال والاهتمام بالتفصيلات والثبات فى المواقف الشديدة أى أن هذه الشخصية عكس الشخصية الهستيرية بسرعة تقلباتها وذبذباتها وقابليتها للإيحاء، ولا شك أن الإنسان الناجح يحتاج لبعض سمات الشخصية الوسواسية حتى يستطيع تنظيم ذاته، لكن إذا زادت عن الحدود الطبيعية، فدائما ما تجعله هذه الشخصية عرضه للصدام مع الزملاء والرؤساء والمرءوسين نظرا لضميرهم الحى ورغبتهم فى تطبيق مثاليتهم على كل من حولهم
وقد ذهب البعض فى تفسير مرض الوسواس القهرى إلى أن سببه هو وجود بؤرة كهربائية نشيطة فى لحاء المخ، وتسبب هذه البؤرة حسب مكانها فى اللحاء فكرة أو حركة أو اندفاعا وتستمر هذه الدائرة الكهربائية فى نشاطها رغم محاولة مقاومتها تماما كما تتعطل الاسطوانة فى المسجل وتتكرر نفس النغمة وتستمر إن لم يحركها الفرد إلى نغمه أخرى000 وهذه البؤرة وان لم تكن فى حالة نشاط مستمر إلا أنها على اتصال دائم بكافة الدوائر الكهربائية فى لحاء المخ ولذا يتبين للمريض عدم صحة هذه الفكرة لان بقية اللحاء أو مركز الفكر يقاوم هذه البؤرة . ويختلف ذلك عن هذاءات العظمة أو الاضطهاد والذى تسببه بؤرة كهربائية فى اللحاء ولكنها عزلت نفسها عن باقى اللحاء بعملية انفصال عن باقى الدوائر الكهربائية، ولذا فالمريض يؤمن بصحتها نظرا لعدم وجود نشاط لحائى على اتصال بهذه البؤرة لمقاومتها أو الكف من نشاطها.
والجدير بالذكر أن كلمة الوسواس فى اللغة العربية تشمل الوسواس الخناس ألا وهو الشيطان000 أما الوسواس القهرى فهو مرض نفسى 000وفى كل اللغات الأخرى فان الكلمتان مختلفتان ونستطيع إدراك لماذا يلجأ مرضى الوسواس القهرى إلى رجال الدين الذين كثيرا ما يصفون المرض على انه من عمل الشيطان ويزيد ذلك الطين بلة حيث يعانى المريض المؤمن من الشعور بالذنب والاكتئاب000 ولذا يجب التوعية بهذه الفروق حيث أن كثيرا من المرضى لا يعلمون، وليس عندهم الوعى الكافى والدراية اللازمة انه مرض وله علاج ناجح خاصة فى السنوات الأخيرة .
ويحتاج مريض الوسواس القهرى للعلاج النفسى وذلك لتفسير طبيعة الأعراض وطمأنته بأن حالته بعيدة عن الجنون والتقليل من خوفه على ملكاته العقلية مع محاولة الكشف عن العوامل الدفينة التى أدت إلى هذه الأعراض والمعنى الرمزى لأعراضه كما يحتاج المريض أحيانا إلى تغير مكان العمل أو السكن حتى يبتعد عن مصدر الوساوس خاصة إذا كان له علاقة بالخوف من الأمراض أو التلوث بالميكروبات أو طقوس حركيه خاصة000وبالطبع فهذا النوع من العلاج وقتى ولا يستأصل المرض جذريا لأنه سرعان ما تعود الأعراض ثانية بالرغم من تغيير البيئة .
وتفيد العقاقير المضادة للقلق والاكتئاب والأدوية المطمئنة الكبرى فى اختفاء التوتر والاكتئاب المصاحبين للوسواس مما يجعل المريض قادرا على مقاومته راغبا فى الاستمرار فى نشاطه الاجتماعى
وقد ظهرت حديثا العقاقير المضادة للاكتئاب والتى لها خاصية زيادة الموصل العصبى السيروتونين مثل عقار انفرانيل و عقار بروزاك وعقار فافارين وأثبتت فاعلية فى علاج الوسواس القهرى مقارنة بالعقاقير الأخرى المضادة للاكتئاب والتى تتلخص فاعليتها فى تخفيف القلق والاكتئاب دون التأثير علىالوسواس
ساحة النقاش