إسلام فؤاد عبد الفتاح(العيسوى الصغير)

السؤال

أريد نبذة موجزة عن تقسيم القرآن الكريم إلى أجزاء، وأنصاف الأجزاء متى تم ذلك؟ وهل هو توقيفي لا تجوز مخالفته؟ وما هي الكتب التي تتحدث عن هذا الموضوع؟


الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أولاً: متى تم تقسيم القرآن الكريم إلى أجزاء وأنصاف؟
ورد التعبير بالجزء كما في قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "قرأت جزءاً من القرآن" رواه أبو داود (1392)، وصححه الألباني. وقول عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: (هذا جزئي الذي أقرأ به الليلة). وقول عائشة رضي الله عنها: (إني لأقرأ جزئي). ومثل ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما.
وورد استعمال لفظ الوِرْد، كما في قول عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: (كنت في قضاء وِردي).
وهذه المسألة تعرف عند العلماء بتحزيب القرآن، وقد ورد فيها حديث عـبـد الله بن عمرو -رضي الله عنهما-، الذي رواه جمعٌ من الأئمة بينهم الأئمة الستة. البخاري (1976)، ومسلم (1159)، والترمذي (2946)، والنسائي (2399)، وأبو داود (1388)، وابن ماجة (1346)، ولفظ الإمام مسلم: (كنت أصوم الدهر، وأقرأ القرآن كل ليلة، قال: فإما ذكرت لرسـول الله -صلى الله عليه وسلم-، وإما أرسل لي، فأتيته، فقال: "ألم أُخبر أنك تصوم الدهر، وتقرأ القرآن كل ليلة؟" فقلت: بلى يا نبي الله؛ ولم أرد إلا الخير، قال: "فـإن بحـسـبك أن تصوم من كل شهر ثلاثة أيام...، ثم قال: "واقرأ القرآن في كل شهر"، قال: قلت: يا نبي الله: إني أطيق أفضل من ذلك، قال: "فاقرأه في سبع، ولا تـزد على ذلك، فإن لزوجك عليك حقاً، ولزورك عليك حقاً، ولجسدك عليك حقاً"، قال: فشددت؛ فشدد علي، قال: وقال لي النبي-صلى الله عليه وسلم-: "لعلك يطول بك العمر"، فصرتُ إلى الذي قال لي النبي-صلى الله عليه وسلم-، فلما كبرت وددت أني قبلت رخصة النبي-صلى الله عليه وسلم-.
وقد أشار الإمام السخاوي إلى أن معنى التجزئة والتحزيب ورد على لسان النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه قال: "طرأ عليَّ حزبي من القرآن" رواه ابن ماجة (1345) و"إنه قد فاتني الليلة جزئي من القرآن.." أخرجه عبد الرزاق في مصنفه(3/363). وذكر قصة جمع الحجاج بن يوسف للقراء والحفاظ في عهده، وسؤالهم عن عدد آيات القرآن، وعن منتصف القرآن وربعه وثلثه وغيرها. وقد استند على هذه الحادثة كثير من العلماء الذين كتبوا في تاريخ القرآن، وقالوا بأن أول من أحدث الأجزاء والأحزاب هو الحجاج بن يوسف الثقفي المتوفى سنة 110هـ.
وقال الزركشي في البرهان ذكر عند الحديث عن تحزيب القرآن 1/349: (وأما التحزيب والتجزئة فقد اشتهرت الأجزاء من ثلاثين كما في الربعات بالمدارس وغيرها. وقد أخرج أحمد في مسنده وأبو داود وابن ماجة عن أوس بن حذيفة أنه سأل أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حياته: كيف تحزبون القرآن؟ قالوا: ثلاث، وخمس، وسبع، وتسع، وإحدى عشرة، وثلاث عشرة، وحزب المفصل من (ق) حتى يختم.
وتحدث ابن تيمية في مجموع الفتاوى (13/405) حديثاً طويلاً عن تحزيب القرآن، تحسن مراجعته إن أمكن، ذهب فيه إلى أن التحزيب بالسور أفضل من التحزيب الحاصل، والذي يقف فيه القارئ أحياناً على مواضع مرتبطة بما بعدها، والبدء بمواضع لها تعلق بما قبلها، وأشار إلى سبق الحجاج إلى تجزئة القرآن بالحروف.
وقد ذكر السخاوي -رحمه الله- في (جمال القراء) في الكتاب الرابع منه (تجزئة القرآن) كلاماً طويلاً نافعاً عن تفاصيل أجزاء القرآن وأرباعه وأسباعه وأثمانه وغيرها بدقة ينتفع بها الحافظ لكتاب الله، ومن يرغب في حفظه بسهولة ويسر.
ثانياً: هل هذا التحزيب والتقسيم توقيفي؟
الذي عليه العلماء -وهو الصحيح إن شاء الله- أن تجزئة القرآن وتحزيبه وقسمة الأرباع على الصورة التي توجد في مصاحف المسلمين اجتهادية، ولها أصل من فعل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، لكن على غير هذه القسمة، وكان السلف يختلفون في ذلك، وليس المعنى فيه تعبدياً، وإنما هو لتيسير أخذ القرآن.
ثالثاً:من الكتب التي تحدثت عن ذلك.
- جمال القراء وكمال الإقراء، للسخاوي (1: 124 ـ 187).
- البرهان في علوم القرآن للزركشي.
- فتاوى ابن تيمية (13/405) وما بعدها.
- هناك بحث للشيخ محمد الدويش نشر في مجلة (البيان)، فصَّل فيه جوانب هذه المسألة.

السؤال

أنا مسؤول في جمعية إسلامية بفرنسا، والجمعية تملك مطعماً للوجبات السريعة؛ فهل يجوز لنا فتح المطعم، وتقديم الوجبات للزبائن خلال شهر رمضان نهاراً؟ علماً أن عامة الزبائن في نهار رمضان من غير المسلمين، وربما بعض أبناء الجالية الإسلامية غير الملتزمين.
ونشير إلى أن القوانين تمنع التفرقة بين الزبائن؛ مثلاً: لا نستطيع تقديم الوجبات لغير المسلمين، والامتناع عن تقديمها لبعض من يتقدم من أبناء المسلمين. أفتونا مأجورين.



الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
نعم، يجوز لكم أن تبيعوا هذه الوجبات في نهار رمضان للكفار؛ لأنهم غير مأمورين بالصيام ابتداءً، ولا يصح منهم حال كفرهم، ولا مؤاخذين بتركه في الدنيا، ولكن لا يجوز أن يباع لهم ما هو محرم في ذاته كلحم الخنزير أو الخمر، وأما المنتسبون للإسلام فإن كان النظام -كما تذكر- يمنع التفرقة بين الزبائن، وغلب على ظنكم أنهم سيشكونكم إلى النظام إن امتنعتم عن بيعهم، فأرى أن ذمتكم تبرأ بنصحكم لهم، وإنكاركم عليهم الفطر في نهار رمضان، فإن استجابوا فالحمد لله، وإن لم يستجيبوا فعليهم إثمهم.
والغالب الذي يشهد له الواقع أنه لا يتجاسر على الفطر في نهار رمضان من المنتسبين للإسلام إلا من هو على ترك الصلاة -التي تركها بالكلية كفر- أشد تجاسراً حتى لا يكاد يركع لله ركعةً سوى الجمع والأعياد، بل الغالب على هؤلاء أنهم أشد تعظيماً للصيام منهم للصلاة، ولذا نجدهم يحرصون على الصلاة في رمضان لأجل أنهم صائمون، فالأظهر أن هؤلاء الذين تتحرجون من البيع لهم من أبناء الجالية المسلمة، أنهم لا يعرفون من الإسلام إلا اسمه، فهم محتاجون إلى الدعوة إلى الإسلام قبل كل شيء، هذا التفصيل فيما إذا كانت الوجبات التي تبيعونها قد جرت عادة الناس أنها تؤكل في حينها ولا تحتمل التأخير، أما إذا كانت هذه الوجبات والأطعمة مما يستطاب أكله ولو بعد مدة، فهذه يجوز بيعها في نهار رمضان للمسلمين كذلك، ولا يدخل في باب الإعانة على الإثم؛ لأنه لا يُقطع بأن مشتريها يأكلها في الحال، وقد جرت عادة المسلمين قديماً وحديثاً على بيعها في نهار رمضان من غير نكير.
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


السؤال

علي صيام شهرين بسبب الحمل والرضاعة، وقدرتي الجسدية لا تعينني على ذلك، حيث إني مصابة بمرض في القلب، فهل يجوز أن أخرج الفدية بدلا من الصيام؟ وهل يجوز أن أنفق هذه الفدية في إطعام أسرتي؟ حيث إني لست مكلفة بالإنفاق عليهم، أم أنه يجب أن أنفقها على المساكين؟


الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
إذا كان تأخير هذا الصيام عن شهري رمضان بسبب الحمل والرضاعة والوضع فعليك القضاء ولو بغير انتظام، فلا يلزم التتابع، ولا يجوز لك إخراج الفدية، إلا إذا أيست من القدرة على القضاء بقية حياتك بسبب المرض، وذلك بتقرير طبيبين مسلمين ثقتين، وحينئذ عليك الكفارة، وهي إطعام مسكين عن كل يوم، وقدره كيلو ونصف من قوت البلد، والمسكين هو من تجوز له الزكاة من غير والديك وأولادك، ومن ترثينه من الأقارب



  • Currently 62/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
21 تصويتات / 650 مشاهدة
نشرت فى 13 سبتمبر 2007 بواسطة MAXMAN2015

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

365,442