جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
| السؤال |
|
ما حكم التهنئة بقدوم شهر رمضان المبارك، حيث سمعنا من ينكر ذلك، ويرى أنه من البدع؟ نرجو الإفادة مشكورين.
|
| الجواب |
|
الحمد لله والصلاة والسلام على عبده ورسوله ومصطفاه، نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه،أما بعد: فهذا بحث مختصر حول: حكم التهنئة بدخول شهر رمضان، حاولت أن أجمع فيه أطرافه، راجياً من الله تعالى التوفيق والسداد. وقبل البدء بذكر حكم المسألة لا بد من تأصيل موضوع التهنئة فيقال: التهاني -من حيث الأصل- من باب العادات، والتي الأصل فيها الإباحة، حتى يأتي دليل يخصها، فينقل حكمها من الإباحة إلى حكم آخر. ويدل لذلك -ما سيأتي- من تهنئة بعض الصحابة بعضاً في الأعياد، وأنهم كانوا يعتادون هذا في مثل تلك المناسبات. يقول العلامة السعدي -رحمه الله- مبيناً هذا الأصل في جواب له عن حكم التهاني في المناسبات.؟ -كما في "الفتاوى" في المجموعة الكاملة لمؤلفاته (348)-: "هذه المسائل وما أشبهها مبنية على أصل عظيم نافع، وهو أن الأصل في جميع العادات القولية والفعلية الإباحة والجواز، فلا يحرم منها ولا يكره إلا ما نهى عنه الشارع، أو تضمن مفسدة شرعية، وهذا الأصل الكبير قد دل عليه الكتاب والسنة في مواضع، وذكره شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره. فهذه الصور المسؤول عنها وما أشبهها من هذا القبيل، فإن الناس لم يقصدوا التعبد بها، وإنما هي عوائد وخطابات وجوابات جرت بينهم في مناسبات لا محذور فيها، بل فيها مصلحة دعاء المؤمنين بعضهم لبعض بدعاء مناسب، وتآلف القلوب كما هو مشاهد. أما الإجابة في هذه الأمور لمن ابتدأ بشيء من ذلك، فالذي نرى أنه يجب عليه أن يجيبه بالجواب المناسب مثل الأجوبة بينهم، لأنها من العدل، ولأن ترك الإجابة يوغر الصدور ويشوش الخواطر. ثم اعلم أن هاهنا قاعدة حسنة، وهي: أن العادات والمباحات قد يقترن بها من المصالح والمنافع ما يلحقها بالأمور المحبوبة لله، بحسب ما ينتج عنها وما تثمره، كما أنه قد يقترن ببعض العادات من المفاسد والمضار ما يلحقها بالأمور الممنوعة، وأمثلة هذه القاعدة كثيرة جداً " ا هـ كلامه. وقد طبق الشيخ -رحمه الله- هذا عملياً حينما أرسل تلميذه الشيخ عبد الله بن عقيل خطاباً له في أوائل شهر رمضان من عام 1370هـ، وضمنه التهنئة بالشهر الكريم، فرد الشيخ عبد الرحمن -رحمه الله- بهذا الجواب في أول رده على رسالة تلميذه: "في أسر الساعات وصلني كتابك رقم (19/9) فتلوته مسروراً، بما فيه من التهنئة بهذا الشهر، نرجو الله أن يجعل لنا ولكم من خيره أوفر الحظ والنصيب، وأن يعيده عليكم أعواماً عديدة مصحوبة بكل خير من الله وصلاح " اهـ. كما في الأجوبة النافعة (ص:280)، وفي صفحة (284) ضمن الشيخ رسالته المباركة في العشر الآواخر. وللشيخ -رحمه الله- كلام في منظومة القواعد -كما في المجموعة الكاملة لمؤلفات الشيخ عبد الرحمن السعدي (1/143)- يقرر فيه هذا المعنى،وللمزيد ينظر (الموافقات) للشاطبي (2/212-246) ففيه بحوث موسعة حول العادات وحكمها في الشريعة. فإذا تقرر أن التهاني من باب العادات، فلا ينكر منها إلاّ ما أنكره الشرع، ولذا: مرّر الإسلام جملة من العادات التي كانت عند العرب، بل رغَّب في بعضها، وحرّم بعضها، كالسجود للتحية. وبعد هذه التوطئة يمكن أن يقال عن التهنئة بدخول الشهر الكريم: قد ورد في التهنئة بقدومه بعض الأحاديث عن النبي –صلى الله عليه وسلم- أذكرها جملة منها، وهي أقوى ما وقفت عليه، وكلها لا تخلو من ضعف، وبعضها أشد ضعفا من الآخر: 1- حديث أبي هريرة –رضي الله عنه- أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: "أتاكم رمضان، شهر مبارك، فرض الله عز وجل عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب السماء، وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه مردة الشياطين، لله فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم". أخرجه النسائي (4/129) ح(2106)، وأحمد (2/230،385،425) من طرق عن أيوب، عن أبي قلابة -واسمه عبد الله بن زيد الجرمي- عن أبي هريرة –رضي الله عنه-. والحديث رجاله رجال الشيخين، إلا أن رواية أبي قلابة عن أبي هريرة مرسلة، أي أن في الإسناد انقطاعاً ينظر: تحفة التحصيل لأبي زرعة العراقي (176). والحديث أصله في الصحيحين -البخاري (2/30) ح(1899)، ومسلم (2/758) ح(1079)- ولفظ البخاري: "إذا دخل شهر رمضان فتحت أبواب السماء، وغلقت أبواب جهنم، وسلسلت الشياطين "ولفظ مسلم: "إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة -وفي لفظ (الرحمة)- وغلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين". قال ابن رجب (رحمه الله) في "اللطائف" (279): "وكان النبي صلى الله عليه وسلم يبشر أصحابه بقدوم رمضان،.... ثم ساق هذا الحديث، ثم قال: قال العلماء: هذا الحديث أصلٌ في تهنئة الناس بعضهم بعضاً في شهر رمضان". 2- حديث أنس –رضي الله عنه- قال: دخل رمضان،فقال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: "إن هذا الشهر قد حضركم، وفيه ليلة خير من ألف شهر، من حرمها فقد حرم الخير كله، ولا يحرم خيرها إلا محروم". أخرجه ابن ماجه ح(1644) من طريق محمد بن بلال، عن عمران القطان، عن قتادة، عن أنس –رضي الله عنه-. وهذا الإسناد ضعيف لوجهين: الوجه الأول: أن فيه محمد بن بلال البصري، التمار. قال أبو داود: ما سمعت إلاَّ خيراً، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال العقيلي -في "الضعفاء" (4/37) ترجمة (1584)-: "بصري يهم في حديثه كثيراً"، وقال ابن عدي -في "الكامل" (6/134) -: "له غير ما ذكرت من الحديث، وهو يغرب عن عمران القطان، له عن غير عمران أحاديث غرائب، وليس حديثه بالكثير، وأرجو أنه لا بأس به". وحديث الباب من روايته عن عمران، فلعله مما أغرب به على عمران. وقد لخص الحافظ ابن حجر حاله بقوله في "التقريب" (5766): "صدوق يغرب". الوجه الثاني: أن في سنده عمران بن داوَر، أبو العوام القطان، كان يحيى القطان لا يحدث عنه، وقد ذكره يوماً فأحسن الثناء عليه -ولعل ثناءه عليه كان بسبب صلاحه وديانته، جمعاً بين قوله وأقوال الأئمة الآتية-، لكن قال أحمد (أرجو أن يكون صالح الحديث )، وقال مرةً ( ليس بذاك )، وضعفه ابن معين، وأبو داود، والنسائي، وقال الدار قطني: كثير الوهم والمخالفة، وقد ذكره ابن حبان في الثقات. ينظر: "سؤالات الحاكم للدار قطني" (261رقم445 )، "تهذيب الكمال" (22/329)، "الميزان" (3/236)، "موسوعة أقوال الإمام أحمد في الرجال" (3/121). وقال الحافظ ابن حجر ملخصاً أقوال من سبق: "صدوق يهم، ورمي برأي الخوارج" كما في "التقريب": (5150). وعمران هذا روى الحديث عن قتادة، ولم أقف له على متابع، فهذا مظنة الضعف والغرابة. وذكر الإمام البرديجي كلاماً قوياً يبين فيه حكم الأحاديث التي يتفرد فيها أمثال هؤلاء الرواة عن الأئمة الحفاظ، فيمكن أن ينظر: "شرح العلل" (2/654،697) لابن رجب، ونحوه عن الإمام مسلم في مقدمة صحيحه (1/7). وقتادة -بلا ريب- من كبار الحفاظ في زمانه، روى عنه جمعٌ كبير من الأئمة، كما قال الذهبي في "السير" (5/270): "روى عنه أئمة الإسلام، أيوب السختياني، وابن أبي عروبة، ومعمر بن راشد، والأوزاعي، ومسعر بن كدام، وعمرو بن الحارث المصري وشعبة،....." ثم ذكر جملة منهم، فأين هؤلاء من هذا الحديث؟ 3- حديث سلمان –رضي الله عنه- قال: خطبنا رسول الله –صلى الله عليه وسلم- في آخر يومٍ من شعبان، فقال: "أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم، شهر مبارك، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، جعل الله صيامه فريضة، وقيام ليله تطوعا، من تقرب فيه بخصلة من الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه، ومن أدى فيه فريضة كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه، وهو شهر الصبر، والصبر ثوابه الجنة، وشهر المواساة، وشهر يزداد فيه رزق المؤمن، من فطر فيه صائما كان مغفرة لذنوبه، وعتق رقبته من النار، وكان له مثل أجره من غير أن ينتقص من أجره شيء". قالوا ليس كلنا نجد ما يفطر الصائم؟! فقال: "يعطي الله هذا الثواب من فطر صائما على تمرة، أو شربة ماء، أو مذقة لبن، وهو شهر أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار، من خفف عن مملوكه غفر الله له وأعتقه من النار، واستكثروا فيه من أربع خصال، خصلتين ترضون بهما ربكم، وخصلتين لا غنى بكم عنهما، فأما الخصلتان اللتان ترضون بهما ربكم: فشهادة أن لا إله إلا الله، وتستغفرونه، وأما اللتان لاغنى بكم عنها: فتسألون الله الجنة، وتعوذون به من النار، ومن أشبع فيه صائما سقاه الله من حوضي شربة لا يظمأ حتى يدخل الجنة". أخرجه الحاكم في صحيحه (3/191) ح(1887)، وهو حديث لا يصح، فقد سئل أبو حاتم عنه -"العلل" لابنه (1/249)- فقال: "هذا حديث منكر"، وقال ابن خزيمة -في الموضع السابق-: "إن صح الخبر"، وقال ابن حجر في إتحاف المهرة 5/561: "ومداره على علي بن زيد، وهو ضعيف". وخلاصة تضعيف هؤلاء الأئمة لهذا الخبر تعود إلى أمرين: - ضعف علي بن زيد. - ومع ضعفه فقد تفرد به،كما قال الحافظ ابن حجر. وبهاتين العلتين يتضح وجه استنكار أبي حاتم -رحمه الله-. وقد ذهب الجمهور من الفقهاء إلى أن التهنئة بالعيد لا بأس بها، بل ذهب بعضهم إلى مشروعيتها، وفيها أربع روايات عن الإمام أحمد (رحمه الله)، ذكرها ابن مفلح (رحمه الله) في (الآداب الشرعية 3/219)، وذكر أن ما روي عنه من أنها لا بأس بها هي أشهر الروايات عنه. وقال ابن قدامة في "المغني" (3/294): "قال الإمام أحمد (رحمه الله) قوله: ولا بأس أن يقول الرجل للرجل يوم العيد: تقبّل الله منا ومنك، وقال حرب: سئل أحمد عن قول الناس: تقبل الله منا ومنكم؟ قال: لا بأس، يرويه أهل الشام عن أبي أمامة، قيل: وواثلة بن الأسقع؟، قال: نعم، قيل: فلا تكره أن يقال: (هذا يوم العيد)؟، قال: لا....". فيقال: إذا كانت التهنئة بالعيد هذا حكمها، فإن جوازها في دخول شهر رمضان الذي هو موسمٌ من أعظم مواسم الطاعات، وتنـزل الرحمات، ومضاعفة الحسنات، والتجارة مع الله.. من باب أولى. والله أعلم. ومما يُستدَل به على جواز ذلك أيضاً: قصة كعب بن مالك –رضي الله عنه- الثابتة في الصحيحين من البشارة له ولصاحبه بتوبة الله عليهما، وقيام طلحة (رضي الله تعالى عنه) إليه. قال ابن القيم -رحمه الله- ضمن سياقه لفوائد تلك القصة في "زاد المعاد" (3/585): "وفيه دليل على استحباب تهنئة من تجددت له نعمة دينية، والقيام إليه إذا أقبل، ومصافحته، فهذه سنة مستحبة، وهو جائز لمن تجددت له نعمة دنيوية، وأن الأَوْلى أن يقال: يهنك بما أعطاك الله، وما منّ الله به عليك، ونحو هذا الكلام، فإن فيه تولية النعمة ربّها، والدعاء لمن نالها بالتهني بها". ولا ريب أن بلوغ شهر رمضان وإدراكَه نعمةٌ دينية، فهي أولى وأحرى بأن يُهنّأ المسلم على بلوغها، كيف وقد أثر عن السلف أنهم كانوا يسألون الله عز وجل ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، وفي الستة الأخرى يسألونه القبول؟، ونحن نرى العشرات ونسمع عن أضعافهم ممن يموتون قبل بلوغهم الشهر. وقال الحافظ ابن حجر -رحمه الله-: "ويحتج لعموم التهنئة لما يحدث من نعمة، أو يندفع من نقمة: بمشروعية سجود الشكر، والتعزية -كذا في الموسوعة الفقهية التي نقلت عنها-، وبما في الصحيحين عن كعب بن مالك...) نقلاً عن الموسوعة الفقهية الكويتية، (14/99ـ100)، وينظر: وصول الأماني، للسيوطي، وقد بحثت عن كلام الحافظ في مظنته ولم اهتد إليه، وينظر: وصول الأماني، (1/83) (ضمن الحاوي للفتاوى ). خلاصة المسألة: وبعد هذا العرض الموجز يظهر أن الأمر واسع في التهنئة بدخول الشهر، لا يُمنع منها، ولا ينكر على من تركها. والله أعلم. هذا، وقد سألت شيخنا الإمام عبد العزيز بن باز -رحمه الله- عنها فقال: "طيبة"، وكذلك سألت شيخنا العلامة (محمد بن صالح العثيمين) رحمه الله عن التهنئة بدخول شهر رمضان، فقال: (طيبة جدّاً)، وذلك في يوم الأحد 8/9/1416هـ، حال بحثي في هذه المسألة. وقد سئل العلامة محمد الأمين الشنقيطي -رحمه الله- (صاحب الأضواء) عن الصفة الشرعية للتهنئة برمضان والمناسبات الأخرى كالعيدين؟ فأجاب رحمه الله بجواب مطول، خلاصته: أنه لا يعلم صفة معينة في هذا الشأن إلا ما ورد في العيدين -كما سبق نقله- وأن الإنسان إذا اقتصر على الوارد كان أفضل، لكن لو ابتدأه غيره فلا حرج أن يجيبه من باب رد التحية بخير منها، فلو اتصل الإنسان على أخيه، أو زاره وقال له: نسأل الله أن يجعل هذا الشهر عونا على طاعته، أو يعيننا وإياكم على صيامه وقيامه، فلا حرج إن شاء الله، لأن الدعاء كله خير وبركة، لكن لا يلتزم بذلك لفظاً مخصوصاً، ولا تهنئة مخصوصة. نقلاً من شريط: (آداب الاستئذان). أسأل الله تعالى أن ينفع بهذا البحث، وما كان فيه من صواب، فإن كان كذلك فمن الله وحده، وإن أخطأت فأنا أهلٌ لذلك، وأستغفر الله وأتوب إليه، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين. كتب أصله في شهر شعبان عام 1417هـ، وأعيدت كتابته وصياغته بإضافات كثيرة في 27/8/1422هـ. |
| السؤال |
|
أعيش الآن في دولة مسيحية، وعند قدوم شهر رمضان يقوم دار الإفتاء بتوزيع أوراق تعلمنا بمواقيت الأذان والإقامة، بالإضافة إلى أوقات الإمساك، فهل هذا يعني أن يمتنع الإنسان عن تناول أي شيء ابتداء من وقت الإمساك؟ هذا في شهر رمضان، وإذا أردت الصوم في أيام أخرى فمتى يجب علي الامتناع عن الأكل والشرب؟
|
| الجواب |
|
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فإن وقت الإمساك سواء في صيام الفرض أو النافلة هو نفسه وقت طلوع الفجر الذي هو أول وقت صلاة الفجر. فإذا كان المؤذن يؤذن حين طلوع الفجر ولا يتأخر إلى الإسفار، فحينئذ لا يجب عليك الإمساك إلا عند الأذان. وما يوجد في بعض التقاويم من جعل وقت للإمساك يسبق وقت أذان الفجر بعشر دقائق أو نحوها فهو عملٌ لا أصل له في الشرع، وهو من التكلف والتنطع، وقد قال الله في كتابه آمراً رسوله –صلى الله عليه وسلم-:"قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين" [ص: 86]، وقال –صلى الله عليه وسلم-:"هلك المتنطعون" مسلم(2670). فالحاصل أنه لا يجب عليك الإمساك إلا عند دخول وقت صلاة الفجر. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. |
| السؤال |
|
أريد أن أعرف شيئاً عن طلوع الفجر، كما أريد أن أعرف صحة الحديث الذي يقول: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- تناول سحوره بعد وضوح رؤية السماء، يعني بعد الفجر.
|
| الجواب |
|
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: طلوع الفجر هو: ظهور الضوء في الأفق معترضاً من جهة المشرق، وهذا هو الصبح الصادق. وهناك فجر آخر يظهر قبله بساعة أو أكثر يكون الضوء من جهة المشرق عمودياً كذنب السرحان –الذئب- وهذا الضوء يقال له الصبح أو الفجر الكاذب، ولا يحرم شيئاً. أما الفجر الصادق فيكون قريب الإصباح؛ وهو الذي يجب معه الإمساك عن الأكل والشرب والجماع، وتجب به الصلاة. وكان للنبي –صلى الله عليه وسلم- مؤذنان، يؤذن أحدهما عند الفجر الكاذب، والآخر عند الفجر الصادق. وفي صحيح ابن حبان (3472) أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: "إن بلالاً يؤذن بليل لينبه نائمكم، ويرجع قائمكم، وليس الفجر أن تقول: هكذا، وأشار بالسبابتين، ولكن الفجر أن تقول هكذا، وأشار بكفه" في صحيح البخاري (621)، وصحيح مسلم (1093). كناية عن وضوح الفجر. وفي الصحيحين من حديث عبد الله بن عمر وعائشة –رضي الله عنهم- أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: "إن بلالاً يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم؛ فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر". وفي بعض روايات الحديث أن ابن أم مكتوم رجل أعمى لا ينادي بالأذان حتى يقال له: أصبحت أصبحت. صحيح البخاري (617، 1919)، وصحيح مسلم (1092)، وورد أن بعض الصحابة كان يأخذ برداء ابن أم مكتوم ويقول له: أمهل أمهل حتى أكمل سحوري. وصدق الله العظيم: "وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ" [البقرة:187]. وهذا يدل على يسر الإسلام، وسماحة أحكامه وتعاليمه. وكان رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يعجل الفطر، ويؤخر السحور. ولما سئل زيد بن ثابت –رضي الله عنه- كم بين سحور الرسول وإقامة الصلاة؟ قال: قدر خمسين آية. صحيح البخاري (575)، وصحيح مسلم (1097). والله أعلم. |
| السؤال |
|
هل هناك أدعية مخصصة عند دخول شهر رمضان المبارك من السنَّة؟ وماذا يجب على المسلم أن يدعو به في تلك الليلة؟ أفيدوني بارك الله فيكم.
|
| الجواب |
|
فلا أعلم دعاءً خاصاً يقال عند دخول شهر رمضان، وإنما هو الدعاء العام عن سائر الشهور، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا رأى الهلال في رمضان وفي غيره يقول :" اللهم أهله علينا باليمن والإيمان، والسلامة والإسلام، هلال خير ورشد، ربي وربك الله ". وفي بعض الروايات أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول:" الله أكبر، اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان، والسلامة والإسلام، ربي وربك الله " هذا الدعاء الوارد عند رؤية الهلال لرمضان ولغيره، أما أن يختص رمضان بأدعية تقال عند دخوله فلا أعلم شيئاً في ذلك، لكن لو دعا المسلم بأن يعينه الله على صوم الشهر، وأن يتقبله منه فلا حرج في ذلك، لكن لا يتعين دعاء مخصص. المنتقى من فتاوى فضيلة الشيخ/صالح الفوزان ، الجزء الرابع ص (92) فتوى رقم (91) . |
| السؤال |
|
تواجهنا مشكلة كل عام، وهي بخصوص رؤية هلال رمضان، فبعض الإخوة يصومون مع بلاد الحرمين؛ لعدم الثقة في اللجنة هنا، فإننا لا نراهم يتحرون الرؤية، ولكن نراهم ينتظرون مكالمة تخبرهم بأن يصوموا أو لا، وهنا افترق الناس، فمنهم من يصوم معهم، ومنهم من يصوم مع السعودية، ودائما يكونون هنا متأخرين، فبماذا تنصحوننا؟ علماً أني في نيوزلندة.
|
| الجواب |
|
الحمد لله رب العالمين، اللهم صلِ على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: مسألة الهلال مسألة اختلف العلماء فيها بين قائل: إن رؤية الهلال إذا ثبتت في بلد من البلاد تعم جميع الأقطار، وهذا ما ذهب إليه بعض المالكية حيث يقول خليل: وعم إن نقل بهما عنهما أي: عم جميع الأقطار إذا نقل بعدلين عن عدلين، فإذا رؤي وثبت الهلال في مكان ما فإن هذه الرؤية تعم. القول الثاني: هو أن الأقطار المتنائية لا يثبت الهلال في بعضها برؤية البعض الآخر، وهذا ما ذهب إليه كثير من العلماء أيضاً، وهو مبني على حديث ابن عباس –رضي الله عنهما- وهو في مسلم (1087) –وبوب عليه النووي : باب بيان أن لكل بلدٍ رؤيتهم، وأنهم إذا رأوا الهلال ببلدٍ يثبت حكمه لما بعد عنهم– بإسناده عن كريب، أن أم الفضل بنت الحارث بعثته إلى معاوية –رضي الله عنه– بالشام، قالت: فقدمت الشام فقضيت حاجتها، واستهلَّ عليَّ رمضان وأنا بالشام، فرأيت الهلال ليلة الجمعة، ثم قدمت المدينة في آخر الشهر، فسألني عبد الله بن عباس –رضي الله عنهما– ثم ذكر الهلال فقال: متى رأيتم الهلال؟ فقلت: رأيناه ليلة الجمعة، فقال: أنت رأيته؟ فقلت: نعم، ورآه الناس، وصاموا وصام معاوية –رضي الله عنه-، فقال: لكنا رأيناه ليلة السبت، فلا نزال نصوم حتى نكمل الثلاثين، أو نراه، فقلت: أولا تكتفي برؤية معاوية –رضي الله عنه- وصيامه؟ فقال: لا، هكذا أمرنا رسول الله –صلى الله عليه وسلم-. وحينئذٍ لا يعمل بالرؤية البعيدة، وبخاصة إذا كان البلدان لا يشتركان في ليل واحد، بحيث إنه ينقضي الليل في أحدهما قبل وصوله إلى المكان الآخر، ففي المسألة خلاف بين العلماء، وحتى في المجامع الفقهية، حيث قرر المجمع الفقهي بأن الاعتبار بالرؤية، وأنه يستأنس فقط بالحساب الفلكي الذي يعتمد على سير القمر، وعلاقة القمر بالأرض وبالشمس. القول الثاني: يقول إن الحساب قطعي، وأنه يعتمد عليه، فهو يثبت الحساب على هذا الهلال، وهذا ما ذهب إليه المجلس الأوروبي للبحوث والإفتاء. فالمسألة واسعة إن شاء الله، فيمكنهم أن يصوموا إذا شاؤوا مع السعودية أو مع أي بلد آخر إذا ثبتت الرؤية فيه ثبوتاً شرعياً، كما يمكنهم أن يتحروا الهلال في بلدتهم أو في مكان قريب من بلدهم، حيث قلنا إن تنائي الأقطار يمنع من اعتبار الرؤية في مكان آخر، مع الاستعانة بالفلك وبالمراصد أيضاً، ففي هذا الزمان تطور هذا العلم تطوراً كبيراً، بحيث -كما يقول البعض-: إن الإبرة إذا أرسلت في الجو يمكن الاهتداء إليها، فكيف بالقمر الذي يكون قد ولد أو خرج من الاقتران، وخرج من شعاع الشمس، أي: بعد ساعتين أو ثلاث ساعات من خروجه من شعاع الشمس فإنه يرى، إذا كان خرج منه في وقت يمكن أن يرى في ذلك المكان. إذاً فالمسألة واسعة، نرجو من المسلمين ألا يختلفوا، فمن منهم قلد من يقول: إن تنائي الأقطار مانع من الاتباع فإنه قد قلد قولاً قوياً، ومن قلد كذلك القول الذي يقول بأن رؤية أي بلد تنسحب على البلد الآخر فهو قول أيضاً جيد، ومن استأنس وبحث عن الحساب الفلكي ليثبت به أو ليؤكد به رؤيته فهذا أيضاً دليل جديد قد يساعد كثيراً على الترجيح. إلا أنه إذا رئي الهلال قطعاً، وقال الحساب الفلكي إنه لا يرى فحينئذ لا نعتمد على الحساب الفلكي، خلافاً للمجلس الأوروبي الذي قال بالاعتماد على الفلك حينئذ، إذا رأته مستفيضة أي جماعة كبيرة فإننا نقدم الرؤية على الحساب الفلكي. هذا باختصار ما نراه في هذه المسألة، ونوصي بعدم الافتراق وعدم الاختلاف، وأن يتباحثوا فيما بينهم، ويتفقوا على إحدى الطرق التي ذكرناها، فكلها منصوصة في كتب أهل العلم. |
| السؤال |
|
الهيئة الموكل إليها تحديد الشهور في دولتنا هي هيئة علمية فلكية، وليست شرعية، والمهندسون العاملون بها يعتبرون بداية الشهر الهجري في اليوم الذي يثبت قبل فجره ولادة الهلال فلكياً، ولو كانت الولادة تمت بعد غروب شمس اليوم السابق، أي أنه يستحيل رؤيته، فلو أن هلال شهر شوال سيولد الساعة الثانية صباحاً لاعتبر هذا اليوم أول أيام شهر شوال؛ لأنه ولد الهلال قبل طلوع فجره، فهل هذا معتبر شرعاً؟.
|
| الجواب |
|
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالذي يقول بمثل هذا القول، ويحتج بالفلك هو في الواقع يعتمد على توقيت (جرنتش) الذي يعتبر مجموعة من الفلكيين غير المسلمين، وبعض المسلمين كذلك يعتبرون هذا الاعتبار بأن الولادة إذا كانت قبل الثانية عشرة مساء فالليلة واليوم التالي لها يعتبر أول الشهر، وإذا كانت ولادة الهلال بعد الثانية عشرة مساء بتوقيت (جرنتش) بأن كان في الساعة الواحدة أو الثانية، أو الثالثة، أو الرابعة صباحاً فهم يعتبرون أن هذه الليلة، واليوم التالي لها هو آخر الشهر. والذي جرت عليه المملكة السعودية، وهو أمر يتفق مع المقتضى الشرعي هو أن الولادة إذا كانت قبل غروب الشمس، وجاء من يشهد برؤية الهلال اعتبرت الليلة أو الشهر، واليوم التالي لها هو كذلك، أول الشهر، وأما إذا كانت ولادة الهلال بعد غروب الشمس، بأن كانت الساعة السابعة، أو الثامنة، أو التاسعة، ونحو ذلك أي بعد غروب الشمس، فهذه الليلة تعتبر آخر أيام الشهر، ولا اعتبار لتوقيت (جرنتش)، سواء أكانت الولادة قبل الثانية عشرة بتوقيت (جرنتش)، أو بعد الثانية عشرة بتوقيت (جرنتش)، وإنما المعتبر في ذلك هو غروب الشمس قبل ولادة الهلال، أو بعد ولادة الهلال، فإن غربت الشمس قبل ولادة الهلال صارت الليلة آخر ليلة من أيام الشهر، وإن غربت الشمس، وقد كان الهلال مولوداً، -أي: غربت الشمس بعد ولادة الهلال- بمعنى أن الشمس تغرب الساعة السادسة – مثلاً- وقد ولد الهلال في الساعة الرابعة، أو الثالثة، أو دون ذلك فتعتبر الليلة هي أول الشهر، واليوم التالي هو أول أيام الشهر. والله أعلم. |
| السؤال |
|
سؤالي عن صلاة الليل أو الوتر أو التهجد أو التراويح أيضاً، فلا أعرف كيف أفرق بين هذه الصلوات، وهل هي عبادة واحدة تحت مسميات مختلفة، أم أنها عبادات مستقلة؟ فأنا عندما أريد أن أوتر في كل ليلة، أسأل نفسي هل صلاتي هذه هي التي عناها الرسول -صلى الله عليه وسلم- بقوله: "صلاة الليل مثنى مثنى"؟ أم أنها هي الصلاة التي وصفتها عائشة -رضي الله عنها- لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقولها: "ما كان يزيد رسول الله على إحدى عشرة ركعة..."؟ وهل التراويح هي نفسها الوتر؟ وهل التهجد هو الوتر أيضاً؟ وأين موقع الوتر في هاتين الصلاتين كيفية وزمنا؟ وهل صلاة التراويح لها وقت ابتداء وانتهاء؟ أم أنها بمجرد دخول الليل؟ ثم إنني أعلم أن الوتر قد يكون ركعة واحدة، فهل في هذا دليل ثابت عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-؟ أفتوني في أمري مأجورين.
|
| الجواب |
|
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: كل ما ذكرت داخل في جنس صلاة الليل، لكن بعض الفقهاء يفرق بين التهجد والتراويح وإحياء الليل، فيقول التهجد هو صلاة الليل بعد النوم في أي ليلة، والتراويح هي صلاة الليل في رمضان خاصة، وأما إحياء الليل فهو القيام فيه بالصلاة وغيرها من الذكر وقراءة القرآن، أما صلاة الوتر فهي صلاة تختم بها صلاة الليل، وقد قيل إنها جزء من صلاة الليل أو التهجد، وقيل بل الوتر غير التهجد، والظاهر أن الوتر صلاة مستقلة، لذلك يذكر الفقهاء سنية كونه في آخر النوافل التي تصلى بالليل لحديث:"اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً" البخاري (998)، ومسلم (751). وأكثر الوتر إحدى عشرة ركعة أو ثلاث عشرة ركعة، وأدنى الكمال ثلاث ركعات، ويجوز الإيتار بركعة واحدة، لحديث:"صلاة الليل مثنى مثنى فإن خفتم الصبح فأوتروا بواحدة" البخاري (472)، ومسلم (749)، وهذا هو الصحيح من أقوال أهل العلم. |
| السؤال |
|
هل تجوز لي الدراسة في المعاهد الأمريكية لتعلم اللغة؟ لأنني أعيش فيها حالياً، وأمنيتي أن أدعو للإسلام، لكن لغتي لا تساعدني، خاصة أنني -ولله الحمد- متنقبة، فهل يمكنني ذلك؟ علما أن من يقوم بالتدريس امرأة، والرجال عموماً لا يُقبِلون كثيراً على مثل تلك المعاهد، أي أن الأغلبية نساء.
|
| الجواب |
|
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فتعلُّم اللغة الأجنبية من الأمور المباحة في الشرع، لا سيما والهدف من تعلمها استخدامها في الدعوة إلى الله، ونشر دينه وتبليغه للناس، ولا بأس في الدراسة في هذا المعهد، الذي يعلم اللغة الإنجليزية ما دام أغلب الدارسين نساء، والمدّرِّسة امرأة كما تقولين، وعليك أن تلتزمي بالحجاب الشرعي، وأن تغضي الطرف من النظر إلى الرجال الأجانب، والتزمي بالحشمة ومكارم الأخلاق في المظهر، والمخبر، ولا سيما وأنت في هذه البلاد التي لا تعرف معروفاً، ولا تنكر منكراً. وفقك الله وحماك من كل سوء، آمين. |
| السؤال |
|
هل يستطيع الإنسان معرفة إذا كان عمله مقبولاً عند الله؟ أو أنه ممَّن يحبهم الله، ويقبل أعمالهم؟
|
| الجواب |
|
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالذي يجب على الإنسان أن يعرفه: أن العمل له شرطان: 1- الإخلاص لله تعالى في أدائه، كما قال تعالى: "وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين". 2- المتابعة للرسول عليه الصلاة والسلام في العمل, وذلك أن يعمل العمل أو يؤدي الذكر, امتثالا لسنة المصطفى عليه الصلاة والسلام، ويكون مشروعا للتعبد به, لا يغلو ولا يجفو. قال تعالى: "فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا". وقد فسر بعض العلماء قوله تعالى: "الذي خلق السموات والأرض ليبلوكم أيكم أحسن عملا" بهذين الشرطين, ومن ذلك قول الفضيل بن عياض رحمه الله، قال: هذا أخلصُ العلم وأصوبه, فسئل عن معنى ذلك، فقال: "إن العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل". وإذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل, فالخالص أن يكون لله, والصواب أن يكون على السنة. وأولياء الله الذين يحبون الله ويحبهم الله هم من ورد وصفهم في قوله تعالى: "ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون". قال بعض السلف من كان مؤمنا تقيا؛ كان لله وليًّا. فالعمل حتى يكون مقبولا عند الله ونافعا للعبد ينبغي أن يسلك فيه منهج الرسول عليه الصلاة والسلام، وأن يبتعد عن الابتداع والزيادة في عمل لم يرد، أو ذكرٍ لم يشرع, قال عليه الصلاة والسلام: "إياكم ومحدثات الأمور, فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة". وقال بعض السلف: اقتصاد في سنة خير من اجتهاد في بدعة. |
| السؤال |
|
هل سماع القرآن على شرائط (كاسيت) يومياً، والتمعن فيه، وعدم الانشغال عنه يعادل قراءة المصحف؟
|
| الجواب |
|
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فسماع القرآن الكريم من خلال شرائط التسجيل أمر طيب، وفاعله مأجور على ذلك، لكنه مع هذا لا يعادل قراءة المرء بنفسه للقرآن، سواء كان من المصحف أو عن ظهر قلب، فهذه القراءة التي ورد فيها الفضل المخصوص، كالحديث الذي رواه الترمذي (2910)، وصححه عن عبد الله بن مسعود أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: "من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها..." الحديث. أما استماع التلاوة وإن كان المرء يثاب عليه، فليس كقراءة القرآن، ولا يعادل فضلها، وإنما حكي الخلاف بين أهل العلم في التفضيل بين القراءة من المصحف أو القراءة عن ظهر قلب، فذهب جمهور السلف –كما حكاه النووي- إلى أن القراءة من المصحف أفضل؛ لأن القارئ يجتمع له فضل القراءة وفضل النظر في المصحف، وقد كان كثير من السلف لا يخلون يومهم من النظر في المصحف. وبالله التوفيق |
| السؤال |
|
أريد كلمة موجزة عن شهر رمضان وأحكامه يمكن قراءتها على عامة الناس؛ لعل الله ينفع بها، أو تصويرها وتوزيعها عليهم.
|
| الجواب |
|
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: لقد ثبت عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم– أنه كان يبشر أصحابه بمجيء شهر رمضان، ويخبرهم عليه الصلاة والسلام أنه شهر تفتح فيه أبواب الرحمة وأبواب الجنة، وتغلق فيه أبواب جهنم، وتغل فيه الشياطين. ويقول -صلى الله عليه وسلم-: "إذا كانت أول ليلة من رمضان فتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب، وغلقت أبواب جهنم فلم يفتح منها باب، وصفدت الشياطين، وينادي منادٍ: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة". ويقول عليه الصلاة والسلام: "جاءكم شهر رمضان شهر بركة يغشاكم الله فيه، فينـزل الرحمة ويحط الخطايا ويستجيب الدعاء، ينظر الله إلى تنافسكم فيه فيباهي بكم ملائكته، فأروا الله من أنفسكم خيراً، فإن الشقي من حرم فيه رحمة الله". ويقول عليه الصلاة والسلام: "من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه". ويقول عليه الصلاة والسلام: يقول الله –عز وجل-: "كل عمل ابن آدم له الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به، ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي. للصائم فرحتان فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك" والأحاديث في فضل صيام رمضان وقيامه، وفضل جنس الصوم كثيرة. فينبغي للمؤمن أن ينتهز هذه الفرصة، وهي ما مَنَّ الله به عليه من إدراك شهر رمضان فيسارع إلى الطاعات، ويحذر السيئات، ويجتهد في أداء ما افترض الله عليه، ولا سيما الصلوات الخمس، فإنها عمود الإسلام وهي أعظم الفرائض بعد الشهادتين، فالواجب على كل مسلم ومسلمة المحافظة عليها، وأداؤها في أوقاتها بخشوع وطمأنينة. ومن أهم واجباتها في حق الرجال؛ أداؤها في الجماعة في بيوت الله التي أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه، كما قال عز وجل: "وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين". وقال تعالى: "حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين" وقال عز وجل: "قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون" إلى أن قال عز وجل: "والذين هم على صلواتهم يحافظون أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون". وقال النبي –صلى الله عليه وسلم-: "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر". وأهم الفرائض بعد الصلاة أداء الزكاة كما قال عز وجل: "وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة"، وقال تعالى: "وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون"، وقد دَلَّ كتاب الله العظيم، وسنة رسوله الكريم على أن من لم يؤد زكاة ماله يعذب به يوم القيامة. وأهم الأمور بعد الصلاة والزكاة صيام رمضان، وهو أحد أركان الإسلام الخمسة المذكورة في قول النبي –صلى الله عليه وسلم-: "بُنِي الإسلام على خمس؛ شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت"، ويجب على المسلم أن يصون صيامه وقيامه عما حرم الله عليه من الأقوال والأعمال؛ لأن المقصود بالصيام هو طاعة الله سبحانه، وتعظيم حرماته، وجهاد النفس على مخالفة هواها في طاعة مولاها، وتعويدها الصبر عما حرم الله، وليس المقصود مجرد ترك الطعام والشرب وسائر المفطرات، ولهذا صح عن النبي –صلى الله عليه وسلم– أنه قال: "الصيام جُنَّة فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابَّه أحد أو قاتله فليقل إني صائم"، وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من لم يَدَع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه". فعلم بهذه النصوص وغيرها أن الواجب على الصائم الحذر من كل ما حَرَّم الله عليه، والمحافظة على كل ما أوجب الله عليه، وبذلك يرجى له المغفرة والعتق من النار وقبول الصيام والقيام. وهناك أمور قد تخفى على بعض الناس، منها: أن الواجب على المسلم أن يصوم إيماناً واحتساباً، لا رياء ولا سمعة ولا تقليداً للناس أو متابعة لأهله أو أهل بلده، بل الواجب عليه أن يكون الحامل له على الصوم هو إيمانه بأن الله قد فرض عليه ذلك، واحتسابه الأجر عند ربه في ذلك، وهكذا قيام رمضان يجب أن يفعله المسلم إيماناً واحتساباً لا لسبب آخر، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: "من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه". ومن الأمور التي قد يخفى حكمها على بعض الناس: ما قد يعرض للصائم من جراح أو رعاف أو قيء أو ذهاب الماء أو البنـزين إلى حلقه بغير اختياره، فكل هذه الأمور لا تفسد الصوم، لكن من تعمد القيء فسد صومه، لقول النبي –صلى الله عليه وسلم-: "من ذَرَعه القيء فلا قضاء عليه، ومن استقاء فعليه القضاء ". ومن ذلك: ما قد يعرض للصائم من تأخير غسل الجنابة إلى طلوع الفجر، وما يعرض لبعض النساء من تأخر غسل الحيض أو النفاس إلى طلوع الفجر، إذا رأت الطهر قبل الفجر، فإنه يلزمها الصوم، ولا مانع من تأخير الغسل إلى ما بعد طلوع الفجر، ولكن ليس لها تأخيره إلى طلوع الشمس، بل يجب عليها أن تغتسل وتصلي الفجر قبل طلوع الشمس، وهكذا الجنب ليس له تأخير الغسل إلى ما بعد طلوع الشمس؛ بل يجب عليه أن يغتسل ويصلي الفجر قبل طلوع الشمس، ويجب على الرجل المبادرة بذلك حتى يدرك صلاة الفجر مع الجماعة. ومن الأمور التي لا تفسد الصوم: تحليل الدم، وضرب الإبر، غير التي يقصد بها التغذية، لكن تأخير ذلك إلى الليل أولى وأحوط إذا تيسر ذلك؛ لقول النبي –صلى الله عليه وسلم- "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك" وقوله عليه الصلاة والسلام: "من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه". ومن الأمور التي يخفى حكمها على بعض الناس: عدم الاطمئنان في الصلاة، سواء كانت فريضة أو نافلة، وقد دلت الأحاديث الصحيحة عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم– على أن الاطمئنان ركن من أركان الصلاة لا تصح الصلاة بدونه، وهو الركود في الصلاة والخشوع فيها وعدم العجلة حتى يرجع كل فقار إلى مكانه. وكثير من الناس يصلي في رمضان صلاة التراويح صلاة لا يعقلها ولا يطمئن فيها بل ينقرها نقراً، وهذه الصلاة على هذا الوجه باطلة، وصاحبها آثم غير مأجور. ومن الأمور التي قد يخفى حكمها على بعض الناس: ظَنُّ بعضهم أن التراويح لا يجوز نقصها عن عشرين ركعة، وظن بعضهم أنه لا يجوز أن يزاد فيها على إحدى عشرة ركعة أو ثلاث عشرة ركعة، وهذا كله ظن في غير محله، بل هو خطأ مخالف للأدلة. وقد دلت الأحاديث الصحيحة عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم– على أن صلاة الليل موسع فيها، فليس فيها حد محدود لا تجوز مخالفته، بل ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي من الليل إحدى عشرة ركعة، وربما صلى ثلاث عشرة ركعة، وربما صلى أقل من ذلك في رمضان وفي غيره. ولما سئل صلى الله عليه وسلم عن صلاة الليل قال: "مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى" متفق على صحته. ولم يحدد ركعات معينة لا في رمضان ولا في غيره، ولهذا صلى الصحابة –رضي الله عنهم– في عهد عمر –رضي الله عنه– في بعض الأحيان ثلاثاً وعشرين ركعة، وفي بعضها إحدى عشرة ركعة، كل ذلك ثبت عن عمر –رضي الله عنه– وعن الصحابة في عهده. وكان بعض السلف يصلي في رمضان ستاً وثلاثين ركعة ويوتر بثلاث، وبعضهم يصلي إحدى وأربعين، ذكر ذلك عنهم شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله– وغيره من أهل العلم، كما ذكر رحمة الله عليه أن الأمر في ذلك واسع، وذكر أيضاً أن الأفضل لمن أطال القراءة والركوع والسجود أن يقلل العدد، ومن خفف القراءة والركوع والسجود زاد في العدد، هذا معنى كلامه رحمه الله. ومن تأمل سنته صلى الله عليه وسلم علم أن الأفضل في هذا كله هو صلاة إحدى عشرة ركعة، أو ثلاث عشرة ركعة في رمضان وغيره؛ لكون ذلك هو الموافق لفعل النبي –صلى الله عليه وسلم– في غالب أحواله، ولأنه أرفق بالمصلين، وأقرب إلى الخشوع والطمأنينة، ومن زاد فلا حرج ولا كراهية كما سبق. والأفضل لمن صلى مع الإمام في قيام رمضان ألاّ ينصرف إلا مع الإمام؛ لقول النبي –صلى الله عليه وسلم-: "إن الرجل إذا قام مع الإمام حتى ينصرف كتب الله له قيام ليلة". ويشرع لجميع المسلمين الاجتهاد في أنواع العبادة في هذا الشهر الكريم من صلاة النافلة، وقراءة القرآن بالتدبر والتعقل والإكثار من التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير والاستغفار والدعوات الشرعية، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله –عز وجل – ومواساة الفقراء والمساكين، والاجتهاد في بر الوالدين، وصلة الرحم، وإكرام الجار، وعيادة المريض، وغير ذلك من أنواع الخير؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث السابق: "ينظر الله إلى تنافسكم فيه فيباهي بكم ملائكته، فأروا الله من أنفسكم خيراً، فإن الشقي من حرم فيه رحمة الله". ولمِا روي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: "من تقرب فيه بخصلة من خصال الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه، ومن أدى فيه فريضة كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه" ولقوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: "عمرة في رمضان تعدل حجة. أو قال حجة معي". والأحاديث والآثار الدالة على شرعية المسابقة والمنافسة في أنواع الخير في هذا الشهر الكريم كثيرة.<
عدد زيارات الموقع
371,668
|
ساحة النقاش