إسلام فؤاد عبد الفتاح(العيسوى الصغير)

قضية الاعجاز العلمي في الكتب المقدسة قضية قديمة ، فكل ديانة تحاول ان تثبت ان كتابها الديني قد تحدث عن " حقائق علمية" .

سمعنا مثل هذا الكلام من القساوسة عن الانجيل ، وسمعناه من الحاخامات عن التوراة ....

في رأيي ان قضية الاعجاز العلمي للكتب المقدسة هي محاولة فاشلة للتضخيم من شأن الكتاب المقدس ،اذ من الواضح ان هذا المسلك يحمل النص اكثر مما يتحمل ، فأنت ببساطة تأخذ نصا ادبيا بلاغيا من القرآن ، ثم تقوم بلي عنقه ، وتسقط عليه تفسيرا معاصرا لا يناسبه البتة !!! اعطني أي نص أدبي ( شعر أو نثر لا فرق ) كي اجعل له عشرات الابعاد العلمية والنفسية والتاريخية والفلسفية والاجتماعية والاقتصادية ....الخ .

وتحضرني هنا حادثة طريفة حقا ، اذ يُروى ان احد الاشحاص اراد ان يسخر من جماعة الشعر الحديث ، فكتب هلوسات كلامية لا معنى لها ( مثل : الزمان يتمطى بملل فوق صخرة لينة ... لقد قرر ان يضاجع الريح فوق جبال الملح .... الخ ) ثم ارسل هذا الغثاء الى أحدى المجلات المتخصصة في شؤون الشعر الحديث وكل ظنه أنهم سيوسعونه شتما وتسفيها ، ولكنه فوجئ بالقوم هناك يشهقون اعجابا بهذه القصيدة العصماء ويتسابقون باكتشاف معانيها الفلسفية والفكرية العميقة وسط حيرة وذهول صاحبنا !!!!

لا ادري لماذا اتذكر هذه الحادثة كلما قرأت كلاما عن اعجاز علمي في كتاب مقدس .

ان أول من انتقد هذا الاسلوب علماء الدين الاسلامي انفسهم لأنهم رؤوا أن هذا التفسير يسئ الى القرآن بدلا من ان ينتصر له ، ولا تنس ان القرآن - كما قال علي بن ابي طالب - حمال اوجه ، اي يمكن لكل شخص ان يفسره على هواه ، وهذه سمة من سمات النصوص البلاغية كالقرآن.

لا يوجد في العلم شئ يمكن ان يقال عنه انه حقيقة ، فالعلم نسبي تتغير مفاهيمه مع تطور التكنولوجيا العلمية ، وكثير من الأفكار العلمية التي يستند عليها الإعجازيون مجرد نظريات تقبل المراجعة والتصحيح ، ومن الخطأ الشنيع التورط في تبني نظرية علمية لم ترق بعد الى مرتبة الحقيقة - ولن ترقى - وم ثم الإسراع بإقحامها في القرآن وتأكيد إثباته لها من 14 قرن!! ثم يثبت بعد ذلك خطأ هذه النظرية !!!!

وحتى اذا سلمنا بصحة هذا المسلك فمن الواضح ان الاسلاميين يستخدمونه بشكل مزدوج مبتور ،فعندما يتحدثون عن نظرية الانفجار الكبير تصبح هذه النظرية حقيقة علمية لا يرقى اليها الشك ، لماذا ؟ لان في القرآن نص يمكن أن نلوي عنقه ليتناسب مع هذه ( النظرية ) ولكن عندما يثار موضوع التطور ونظرية دارون تثور ثائرة الاسلاميين ويعبسون في وجوه العلماء ويقولون : نظرية داروين خرافة لا ترقى الى مرتبة النظرية !! لماذا ؟؟ لأنها تتعارض بشكل مباشر وصريح مع نص القرآن .

وهكذا يصبح الجهلة وانصاف المتعلمين علماء متخصصين في علم البيولوجيا ( أحد هؤلاء العلماء الف كتابا هاما سماه : الحجج العصماء في نقض نظرية داروين في النشؤ والارتقاء !!!! قرأت الكتاب فوجدت أن هذه الحجج هي آيات القرآن فقط !!!! ولا ندري كيف سيقتنع داروين وجماعته بهذا الكتاب !!!!)

ومن المفارقات المضحكة والمبكية في موضوع الاعجاز القرآني قصة الاعجاز العددي في القرآن ، فكثيرا ما نقرا عن حسابات عجيبة وغريبة حقا تتعلق بكلمات تتكرر في القرآن بتواتر دقيق ( على حد زعم المنظرين الاسلاميين .. وقد اختبرت هذه ارقام بنفسي ولم اصل الى النتيجة التي يتحدثون عنها !!!!!

ولا ننسى في هذا المقام ان اول من ابتكر صرعة الاعجاز العددي في القرآن هو الدكتور رشاد خليفة في كتيب نشره في الثمانيات سماه "عليها تسعة عشر" يومها هلل الكثيرون لهذا الكتيب دون ان يحاول شخص واحد ان يتحقق من صحة الحسابات والأرقام التي ذكرها خليفة .

طـُبعت الرسالة بكميات خرافية ووُزعت بالمجان باعتبارها معجزة القرن العشرين ، ثم ماذا ؟؟؟؟اكتشف الجميع الخدعة وصحوا من حلمهم عندما فوجئوا برشاد خليفة يدعي النبوة لنفسه ويستخدم ذات الرسالة التي وزعها المخدوعون في اثبات نبوته الكاذبة!!!!!
شهاب الدمشقي
  • Currently 60/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
20 تصويتات / 535 مشاهدة
نشرت فى 1 سبتمبر 2007 بواسطة MAXMAN2015

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

365,561