السؤال :
هل هناك عذر بالجهل في أمور التوحيد التي هي صلب الدين؟ وما حكم تكفير المعين لمن يقع في الأمور الشركية بجهله؟
الجواب :
أمور التوحيد ليس فيها عذر ما دام موجوداً بين المسلمين، أما من كان بعيداً عن المسلمين وجاهلاً بذلك فهذا أمره إلى الله، وحكمه حكم أهل الفترات يوم القيامة، حيث يمتحن، أما من كان بين المسلمين ويسمع قال الله وقال رسوله، ولا يبالي ولا يلتفت، ويعبد القبور ويستغيث بها، أو يسب الدين فهذا كافر، يكفر بعينه، كقولك فلان كافر، وعلى ولاة الأمور من حكام المسلمين أن يستتيبوه فإن تاب وإلا قتل كافراً، وهكذا من يستهزئ بالدين، أو يستحل ما حرم الله، كأن يقول الزنا حلال أو الخمر حلال، أو تحكيم القوانين الوضعية حلال، أو الحكم بغير ما أنزل الله حلال، أو أنه أفضل من حكم الله، كل هذه ردة عن الإسلام نعوذ بالله من ذلك، فالواجب على كل حكومة إسلامية أن تحكم بشرع الله، وأن تستتيب من وجد منه ناقض من نواقض الإسلام من رعيتها فإن تاب وإلا وجب قتله، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((من بدل دينه فاقتلوه)) أخرجه البخاري في صحيحه، وفي الصحيحين عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه أمر بعض الولاة بقتل المرتد إذا لم يتب وقال: (إنه قضاء الله ورسوله) والواجب أن يكون ذلك بواسطة ولي الأمر بواسطة المحاكم الشرعية حتى ينفذ حكم الله على علم وبصيرة بواسطة ولاة الأمر أصلح الله حال الجميع إنه سميع قريب.
المصدر :
فتاوى بن باز رحمه الله <!-- / message -->
السؤال :
ارتكاب بعض المعاصي ولا سيما الكبائر هل يؤثر على هذا الركن من أركان الإسلام؟
الجواب :
ارتكاب الكبائر كالزنا وشرب الخمر وقتل النفس بغير حق وأكل الربا والغيبة
والنميمة وغير ذلك من الكبائر يؤثر في توحيد الله وفي الإيمان بالله
ويضعفه، ويكون ضعيف الإيمان، لكن لا يكفر بذلك خلافا للخوارج، فالخوارج
تكفره وتجعله مخلدا في النار إذا مات على ذلك ولم يتب، فمن سرق أو عق
والديه أو أكل الربا يجعلونه كافرا وإن لم يستحل ذلك، وهذا غلط كبير من
الخوارج، فأهل السنة والجماعة يقولون: ليس بكافر بل هو عاص وناقص الإيمان،
لكن لا يكفر كفرا أكبر، بل يكون في إيمانه نقص وضعف، ولهذا شرع الله في
الزنا حدا إذا كان الزاني بكرا يجلد مائة ويغرب عاما، ولو كان الزنا ردة
لوجب قتله، فدل على أنه ليس بردة، والسارق لا يقتل بل تقطع يده فدل ذلك
على أن هذه المعاصي ليست ردة ولا كفرا ولكنها ضعف في الإيمان ونقص في
الإيمان، فلهذا شرع الله تأديبهم وتعزيرهم بهذه الحدود ليتوبوا ويرجعوا
إلى ربهم ويرتدعوا عما فعلوه من المعاصي، وقالت المعتزلة: إنه في منزلة
بين المنزلتين ولكن يخلد في النار إذا مات عليها، فخالفوا أهل السنة في
تخليد أهل المعاصي في النار، ووافقوا الخوارج في ذلك، والخوارج قالوا:
يكفر ويخلد في النار، وهؤلاء قالوا: يخلد في النار ولكن لا نسميه كافرا
يعني الكفر الأكبر، وكلتا الطائفتين قد ضلت عن السبيل.
والصواب قول أهل السنة والجماعة أنه لا يكون كافرا يعني كفرا أكبر، ولكن
يكون عاصيا ويكون ضعيفا ناقص الإيمان على خطر عظيم من الكفر، ولكن ليس
بكافر إذا كان لم يستحل هذه المعصية بل فعلها وهو يعلم أنها معصية ولكن
حمله عليها الشيطان والهوى والنفس الأمارة بالسوء، هذا هو قول أهل الحق،
ويكون تحت مشيئة الله إذا مات على ذلك إن شاء غفر له وإن شاء عذبه على قدر
معاصيه سبحانه وتعالى؛ لقول الله عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ
يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}[1]، ثم بعد
مضي ما حكم الله به على العاصي من دخول النار يخرجه الله إلى الجنة هذا هو
قول أهل الحق وهذا الذي تواترت به الأخبار عن الرسول صلى الله عليه وسلم
خلافا للخوارج والمعتزلة كما تقدم، أما من مات على الشرك الأكبر فإن الله
لا يغفر له أبدا والجنة عليه حرام نعوذ بالله من ذلك، وهو مخلد في النار
أبد الآباد للآية المذكورة آنفا وغيرها من الآيات الدالة على خلود الكفار
في النار نعوذ بالله من حالهم.
أما العاصي فإن دخل النار فإنه لا يخلد فيها أبد الآباد بل يبقى فيها ما
شاء الله، وقد تطول مدته ويكون هذا خلودا لكنه خلود مؤقت ليس مثل خلود
الكفار كما قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ
لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ
الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ
ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ}[2] الآية، فهذا
الخلود مؤقت له نهاية في حق القاتل والزاني إذا لم يعف الله عنهما ولم
يتوبا. نسأل الله السلامة، أما المشرك فإن خلوده في النار دائم كما قال
الله سبحانه في حق المشركين: {كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّار}[3]، وقال سبحانه: {يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ}[4]، وقال سبحانه: {لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ}[5] نعوذ بالله من حالهم.
===============
[1] سورة النساء الآية 48.
[2] سورة الفرقان الآيات 68 – 70.
[3] سورة البقرة الآية 167.
[4] سورة المائدة الآية 37.
[5] سورة فاطر الآية 36.
السؤال :
هل يكفي النطق والاعتقاد بهذا الركن من أركان الإسلام أم لابد من أشياء أخر حتى يكتمل إسلام المرء ويكتمل إيمانه؟
الجواب :
هذا الركن يدخل به الكافر في الإسلام وذلك بأن يشهد أن لا إله إلا الله
وأن محمدا رسول الله عن صدق وعن يقين وعن علم بمعناها وعمل بذلك إذا كان
لا يأتي بهما في حال كفره، ثم يطالب بالصلاة وبقية الأركان وسائر الأحكام،
ولهذا لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذا إلى اليمن قال له: ((ادعهم
إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فإذا فعلوا ذلك
فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة، فإن هم أطاعوك
لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على
فقرائهم))، فلم يأمرهم بالصلاة إلا بعد التوحيد والإيمان بالرسول
صلى الله عليه وسلم، فالكفار أولا يطالبون بالتوحيد والإيمان بالرسول صلى
الله عليه وسلم، فإذا أقر الكافر بذلك وأسلم صار له حكم المسلمين، ثم
يطالب بالصلاة وبقية أمور الدين، فإذا امتنع من ذلك صار له أحكام أخر، فمن
امتنع عن الصلاة يستتاب فإن تاب وإلا قتل كافرا وإن لم يجحد وجوبها في أصح
قولي العلماء، وإن امتنع من الزكاة وكابر عليها وقاتل دونها فكذلك يقاتل
كما قاتل الصحابة مانعي الزكاة مع أبي بكر رضي الله عنه وحكموا عليهم
بالردة، فإن لم يقاتل دونها أجبره الإمام على تسليمها وعزره التعزير
الشرعي الرادع لأمثاله، وهكذا يطالب المسلم بصوم رمضان، وحج البيت مع
الاستطاعة وسائر ما أوجب الله عليه ويطالب أيضا بترك ما حرم الله عليه لأن
دخوله في الإسلام والتزامه به يقتضي ذلك، ومن أخل بشي مما أوجبه الله أو
تعاطى شيئا مما حرم الله عومل بما يستحق شرعا، أما إن كان الكافر يأتي
بالشهادتين في حال كفره كغالب الكفار اليوم فإنه يطالب بالتوبة مما أوجب
كفره ولا يكتفي بنطقه بالشهادتين، لأنه ما زال يقولها في حال كفره لكنه لم
يعمل بهما فإذا كان كفره بعبادة الأموات أو الجن أو الأصنام أو غير ذلك من
المخلوقات والاستغاثة بهم ونحو ذلك وجب عليه أن يتوب من ذلك وأن يخلص
العبادة لله وحده وبذلك يدخل في الإسلام، وإذا كان كفره بترك الصلاة وجب
عليه أن يتوب من ذلك وأن يؤديها فإذا فعل ذلك دخل في الإسلام.
وهكذا إذا كان كفره باستحلال الزنا أو الخمر وجب عليه أن يتوب من ذلك فإذا تاب من ذلك دخل في الإسلام.
وهكذا يطالب الكافر بترك العمل أو الاعتقاد الذي أوجب كفره فإذا فعل ذلك
دخل في الإسلام. وهذه مسائل عظيمة يجب على طالب العلم أن يعتني بها وأن
يكون فيها على بصيرة وقد أوضحها أهل العلم في باب حكم المرتد، وهو باب
عظيم يجب على طالب العلم أن يعتني به وأن يقرأه كثيرا. والله ولي التوفيق.
ساحة النقاش