إسلام فؤاد عبد الفتاح(العيسوى الصغير)

المعاصي من أمر الجاهلية ولا يكفر صاحبها بارتكابها<!-- / icon and title -->  <!-- message --> السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

‏حدثنا ‏ ‏سليمان بن حرب ‏ ‏قال حدثنا ‏ ‏شعبة ‏ ‏عن ‏ ‏واصل الأحدب ‏ ‏عن ‏ ‏المعرور بن سويد ‏ ‏قال لقيت ‏ ‏أبا ذر ‏ ‏بالربذة ‏ ‏وعليه ‏ ‏حلة ‏ ‏وعلى غلامه ‏ ‏حلة ‏ ‏فسألته عن ذلك فقال إني ساببت ‏ ‏رجلا ‏ ‏فعيرته بأمه فقال لي النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يا ‏ ‏أبا ذر ‏ ‏أعيرته بأمه إنك امرؤ فيك جاهلية إخوانكم ‏ ‏خولكم ‏ ‏جعلهم الله تحت أيديكم فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل وليلبسه مما يلبس ولا تكلفوهم ما ‏ ‏يغلبهم ‏ ‏فإن كلفتموهم فأعينوهم ‏

فتح الباري بشرح صحيح البخاري

‏قوله : ( عن واصل )
‏هو ابن حيان , وللأصيلي هو الأحدب ,وللمصنف في العتق حدثنا واصل الأحدب ‏

‏قوله : ( عن المعرور ) ‏
‏وفي العتق : سمعت المعرور بن سويد , وهو بمهملات ساكن العين . ‏

‏قوله ( بالربذة ) ‏
‏هو بفتح الراء والموحدة والمعجمة : موضع بالبادية , بينه وبين المدينة ثلاث مراحل . ‏

‏قوله : ( وعليه حلة وعلى غلامه حلة ) ‏
‏هكذا رواه أكثر أصحاب شعبة عنه , لكن في رواية الإسماعيلي من طريق معاذ عن شعبة " أتيت أبا ذر , فإذا حلة عليه منها ثوب وعلى عبده منها ثوب " وهذا يوافق ما في اللغة أن الحلة ثوبان من جنس واحد , ويؤيده ما في رواية الأعمش عن المعرور عند المؤلف في الأدب بلفظ " رأيت عليه بردا وعلى غلامه بردا فقلت : لو أخذت هذا فلبسته كانت حلة " وفي رواية مسلم " فقلنا : يا أبا ذر , لو جمعت بينهما كانت حلة " ولأبي داود " فقال القوم : يا أبا ذر , لو أخذت الذي على غلامك فجعلته مع الذي عليك لكانت حلة " فهذا موافق لقول أهل اللغة ; لأنه ذكر أن الثوبين يصيران بالجمع بينهما حلة , ولو كان كما في الأصل على كل واحد منهما حلة لكان إذا جمعهما يصير عليه حلتان , ويمكن الجمع بين الروايتين بأنه كان عليه برد جيد تحته ثوب خلق من جنسه وعلى غلامه كذلك , وكأنه قيل له : لو أخذت البرد الجيد فأضفته إلى البرد الجيد الذي عليك وأعطيت الغلام البرد الخلق بدله لكانت حلة جيدة , فتلتئم بذلك الروايتان , ويحمل قوله في حديث الأعمش " لكانت حلة " أي : كاملة الجودة , فالتنكير فيه للتعظيم . والله أعلم . وقد نقل بعض أهل اللغة أن الحلة لا تكون إلا ثوبين جديدين يحلهما من طيهما , فأفاد أصل تسمية الحلة . وغلام أبي ذر المذكور لم يسم , ويحتمل أن يكون أبا مراوح مولى أبي ذر , وحديثه عنه في الصحيحين . وذكر مسلم في الكنى أن اسمه سعد . ‏

‏قوله : ( فسألته ) ‏
‏أي : عن السبب في إلباسه غلامه نظير لبسه ; لأنه على خلاف المألوف , فأجابه بحكاية القصة التي كانت سببا لذلك . ‏


‏قوله : ( ساببت ) ‏

‏في رواية الإسماعيلي " شاتمت " وفي الأدب للمؤلف " كان بيني وبين رجل كلام " وزاد مسلم " من إخواني " وقيل : إن الرجل المذكور هو بلال المؤذن مولى أبي بكر , وروى ذلك الوليد بن مسلم منقطعا . ومعنى " ساببت " وقع بيني وبينه سباب بالتخفيف , وهو من السب بالتشديد وأصله القطع وقيل مأخوذ من السبة وهي حلقة الدبر , سمى الفاحش من القول بالفاحش من الجسد , فعلى الأول المراد قطع المسبوب , وعلى الثاني المراد كشف عورته لأن من شأن الساب إبداء عورة المسبوب . ‏

‏قوله : ( فعيرته بأمه ) ‏
‏أي : نسبته إلى العار , زاد في الأدب " وكانت أمه أعجمية فنلت منها " وفي رواية " قلت له يا ابن السوداء " , والأعجمي من لا يفصح باللسان العربي سواء كان عربيا أو عجميا , والفاء في " فعيرته " قيل هي تفسيرية كأنه بين أن التعيير هو السب , والظاهر أنه وقع بينهما سباب وزاد عليه التعيير فتكون عاطفة , ويدل عليه رواية مسلم قال " أعيرته بأمه ؟ فقلت : من سب الرجال سبوا أباه وأمه . قال : إنك امرؤ فيك جاهلية " أي : خصلة من خصال الجاهلية . ويظهر لي أن ذلك كان من أبي ذر قبل أن يعرف تحريمه , فكانت تلك الخصلة من خصال الجاهلية باقية عنده , فلهذا قال كما عند المؤلف في الأدب " قلت : على ساعتي هذه من كبر السن ؟ قال : نعم " كأنه تعجب من خفاء ذلك عليه مع كبر سنه , فبين له كون هذه الخصلة مذمومة شرعا , وكان بعد ذلك يساوي غلامه في الملبوس وغيره أخذا بالأحوط , وإن كان لفظ الحديث يقتضي اشتراط المواساة لا المساواة , وسنذكر ما يتعلق ببقية ذلك في كتاب العتق حيث ذكره المصنف إن شاء الله تعالى . وفي السياق دلالة على جواز تعدية " عيرته " بالباء , وقد أنكره ابن قتيبة وتبعه بعضهم , وأثبت آخرون أنها لغة . وقد جاء في سبب إلباس أبي ذر غلامه مثل لبسه أثر مرفوع أصرح من هذا وأخص , أخرجه الطبراني من طريق أبي غالب عن أبي أمامة أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى أبا ذر عبدا فقال " أطعمه مما تأكل , وألبسه مما تلبس " وكان لأبي ذر ثوب فشقه نصفين , فأعطى الغلام نصفه , فرآه النبي صلى الله عليه وسلم فسأله فقال : قلت يا رسول الله " أطعموهم مما تأكلون , وألبسوهم مما تلبسون " قال : نعم
  • Currently 60/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
20 تصويتات / 154 مشاهدة
نشرت فى 29 أغسطس 2007 بواسطة MAXMAN2015

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

365,571