إسلام فؤاد عبد الفتاح(العيسوى الصغير)

<!--<!--<!--<!--

قطار منتصف الليل


جلس ينتظر قدوم قطار منتصف الليل،نظر الى ساعة يده فعلم أنها الثامنة مساءً،وأن عليه الانتظار هذه المدة الطويلة ، فتَلَفَّتَ حوله ،لا أحد غيره بالمحطة ،لا يرى حقائب تنتظر أصحابها، مد يده بجواره ،جذب حقيبته الصغيرة، وأخرج منها ديوان شعر ،وبدأ يقرأ بصوت خافت، أخذ صوته يعلو شيئا فشيئا كأنه يصعد درجات سلم ، ويعلو أكثر مع كل صفحة ُتقلب،وصل إلى أخر قصيدة ،كما علم من الفهرس منذ قليل ...


عادت به تلك القصيدة إلى زمن ٍٍ بعيدٍ،عادت به إلى لقائه الأول مع عشقه الأول...

 

تأخر فى ذلك اليوم عن قطار الذهاب الذي لا يعلم اتجاهه ،ولكنه أقبل عليه يسعى و قفز فيه قبل رحيله بثوان، ولا يعلم أنه ركب القطار المعاكس ، جلس على أول مقعد بجوار الباب ، وتوقف القطار بالمحطة التالية ،ولم ينتبه أنه بالطريق الخطأ، عاود القطار الحركة ببطئ شديد ،لتقطع بصره يد تحاول الأمساك بالقطار ، فجرى إلى الباب ،جذب يدها ليرفعها بحركة واحدة ،وتدخل قبيل إسراع القطار ،وعاد إلى مكانه دون اهتمام ،لتخترق بصره كالبرق للمرة الثانية ،نظر من النافذة لتأمل مشاهد الريف مما حوله ،سمع صوت قاطع التذاكر قادم بأول القاطرة ،فنظر أمامه لتوقفه عينها ،سكنت الأنفاس وسكت كل شيء ،وباتت حياته بأكملها هي تلك العين ، فتح فمه ليسألها عن وجه سفرها،ولكن قبل أن تتحرك شفتاه ،قاطعه قاطع التذاكر اللعين بقوله الشهير« تـــذاكـــر... تـــذاكـــر... » ،ولكنه أكمل سؤاله « إلى أين أنتِ ذاهبة؟» ،واستعد لسماع الإجابة ،ولكن سبق اجابتها سؤال قاطع التذاكر «  إلى أين يذاهب كل منكما ؟» ،ليقولا بنفسٍ واحد« بنها»  ،وبعد نقاش لم يطل بين الأطراف الثلاثة ، علم كل منهما إن عليهما النزول بالمحطة التالية ،و ركوب القطار المعاكس ،ولكن الفرق بين الرحلتين كبير ،لأنه لم يكن وحده في هذه المرة ، بل ستكون معه حبيته ، فهي أيضا لم تعد تتأخر عن موعد القطار ...
عاد إليه وعيه مع صوت صفير القطار المقبل على الرصيف ، فنظر إلى ساعته ،فعلم أنه قطار منتصف الليل، ولكن هذه المرة تأكد أنه القطار الصحيح ،فزوجته التي هي عشقه الأول بانتظاره .

لـ/ إسلام فؤاد عبد الفتاح محمد عيسوى

 

 

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

365,325