سنتكلم عن بدايات المسرح القديم
او ما يعرف بالمسرح اليونانى ( الإغريقى ) القديم
المسرح اليونانى القديم
الأعياد
ا- ديونوسوس
لم تكن العروض المسرحية الأغريقية القديمة تقدم بشكل دائم كما يحدث اليوم بل كانت تقدم فى إطار الأحتفالات الدينية المحددة التى تقع على فترات متباعدة . فقد كان العرض المسرحى جزء من احتفال رسمى مقدس . نشأ المسرح كباقى الفنون الأخرى فى أحضان الدين يظهر جلياً ذلك فى ارتباط المسرح بالمعبد فقد كان يُقام بجواره و نجد فى وسط الأوركسترا مذبحاً لتقديم الأضاحى للإلة ديونوسوس قبل و بعد الإحتفالية الدينية كما ظهر فى مسارح أثينا.
كانت العروض المسرحية تُقدم مرتين فى العام و هى الأيام المُخصصة لأعياد الإلة ديونوسوس . و كان يشرف عليها الإلة بنفسة و ذلك ينقل الكاهن تمثال الإلة إلى المسرح و كان له مقعد و سط مقاعد الشرف προεδρια فى الصف الأول. يؤكد ذلك أن المسرح كان دوراً للعبادة أكثر من كونه مكاناً مُخصصاً لتقديم العروض المسرحية. فقد اكتسب المسرح قداسة تماثل قداسة المعبد.
لعب الدين دور هام فى حياة الأثينيين فالدين عبارة عن مجموعة من العقائد و التقاليد التى يؤمن بها الناس دون أن يفهموا اصلها . لمس شعراء أثينا تأثير الدين فى نفوس الناس فجعلوا ابطال مسرحياتهم من الآلهة و ينسبوا إليهم أهم الأدوار و جعلوهم يتحكمون فى مصائر البشر . فكان ايسخولوس يشيد بيهم دائماً و يتغنى بعدلهم و يمجد سلطانهم .
فزيوس عنده هو الإله الأكبر العادل الذى لا يظلم احد.و القاهر لكل عنيد جبار , سوفوكليس عاش فى عصر تحررت فيه العقول على يد الفلاسفة الذين علموهم كيف يتأملون فى ظواهر الكون و ينبذون التقاليد و المعتقدات البالية التى كان يؤمن بها أهل أثينا. هكذا مرت أثينا بفترة اهتزاز للعادات و العقائد المتوارثة.
فالإنسان أصبح يتحكم فى مصيره , ويختار بنفسه و يقارن الخير بالشر ثم يضرب ضربته , و يُحرز النصر , و ُيرضى السماء , لكنه إذا لم يترو , و تبع هواه فشل و أثار غضبها , لذا كان دور الآلهة فى مسرحيات سوفوكليس دور المرشد الذى ينصح الإنسان و لا يفرض عليه رأياً معيناً أو فكرة بذاتها. ثم تطورت الحياة الفكرية تطوراً شديداً , و ارتقت رقياً عظيما فى عصر يوريبيديس الذى آمن بالعقل وحده , و خرج على كافة التقاليد و سخر من المحافظين , و رأى أن الإنسان لا تربطه بالآلهة أية رابطة لأنه سيد نفسه يتصرف كيفما يشاء فى غير حاجة إلى مرشد أو دليل لأنه لا يعترف بشىء سوى العقل يحكمه و يهتدى بهديه .
و لم تقتصر العبادة اليونانية على تقديس الآلهة و إجلالهم , بل كان لها مظاهر أخرى أهمها الطقوس الدينية . و كانت تقيمها طوائف خاصة , تتمسك بمبادىء معينة , و تدين بتعاليم لا يطَّلع عليها إنسان قط , و لا يباح بكنهها لأحد . و يقال أن أيسخولوس قد حوكم لأنه أفشى أسرار الطائفة التى كان ينتمى إليها . و أهم هذه العبادات " أسرار أليوسيس" التى كانت تقام تكريماً لأبوللون و ديميترا ، ثم أصبحت تقام لهما و لديونوسوس عندما دخلت عبادته إلى أتيكا . و لقد أنتشرت هذه العبادة انتشاراً واسعاً , و أثرت تأثيراً واضحاً فى حياة الأثينيين بخاصة و اليونان بعامة , ثم فى حياة الرومان.
و لقد وصفها شيشرون قائلاً : " لم أر شيئاً أسمى من هذه الأسرار لأنها علمتنا أيضا كيف نسعد فى الحياة , و علمتنا كيف نبتسم للموت و لا نخشاه" .
و ثمة ظاهرة دينية أخرى انتشرت بين اليونان و أثرت فى أدبهم المسرحى, تلك النبوءات التى كان يسهر على خدمتها و يكتم أسرارها فئة من الكهنة , ينطقون بها شعراً أو نثراً بوحى من أحد الآلهة . و كثيراً ما ورد ذكر هذه النبوءات فى الشعر التمثيلى , و بخاصة نبوءة أبوللون فى دلفى , و نبوءة زيوس فى دودونا ( Dodona (
المسرح إذن دينى النشأة و ظل الدين مجالاً له و يعتمد عليه فى تعليم الشعب و شرح الطقوس و المراسم و تلقين الشعب مغزاها و عظاتها , و كان عبادة ديونوسوس أكثر العبادات اتصالاً بالمسرحية , و أشدها تأثيراً على تطورها لأن طقوسها كانت تتضمَّن كثيراً من الحركات التمثيلية , و تشتمل على عواطف متضاربة , يعبر عنها أتباع الإله فى بهجة و سرور تصحبها نكات غليظة , و ضحكات عالية , كانت بمثابة البذور التى نشأت منها الملهاة , و أحياناً أخرى يعبرون عنها فى حزن عميق مصحوب بالشكوى و الأنين , كان أصلاً للمأساة.
فهو إله الزرع و رب الأشجار و النباتات و الفاكهة و الخضروات بكل أنواعها و هو الذى علم الإنسان الزراعة و بخاصة زراعة الكروم و البساتين و عصر الخمر و النبيذ , فهو إله الطبيعة بصفة عامة . و أصبح أكثر الآلهة شعبية على الرغم من أنه لم يكن من آلهة الأولمب الإثنى عشر. و نادراً ما نلتقى به فى أعمال هوميروس ، ربما لكونه غريباً على روح المجتمع الأرستقراطى الإغريقى .
و كما تشير بعض الدلائل إلى أنه قد جاء من ثراكى أو من فريجيا , و يبدو أن عبادة هذا الإله قد دخلت البلاد فى وقت مبكر عن طريق قبائل كانت تعيش فى أسيا الصغُّرى . و كثيراً ما كان يبرز على السطح بعض المظاهر الغير يونانية لهذا الإله و أيضاً كان يتعارض مع التقاليد المتعارف عليها فى مجمع الآلهة ، فقد تميزت عبادته بالهمجية و الوحشية التى تصدم نفس الكثيرين من أهل الاستقامة فى ذلك العصر .
ولهذا لم يكن سهلاً إدراك و فهم عدم منطقية و شذوذ ما كان يتم فى هذه المهرجانات الإحتفالية المكرسة له .
لقد كان الإله ديونوسوس يصطحب فى جولاته و مغامراته جماعة مهرِّجة من المخلوقات الأسطورية لا تمثل قوى الطبيعة المختلفة فحسب و انما تمثل أيضاً انفعالات الإنسان و عواطفة , و كان أغلب هؤلاء الأتباع يسمون بالساتير , الذين يسكنون الجبال و الأحراش و الغابات و هى مخلوقات أسطورية تتصف بالوقاحة و بأن نصفها إنسانى و النصف الآخر حيوانى , و لها شعر كثيف و آذان مدببة , بارزة و سيقان كأرجل الماعز , و من صفات هذه المخلوقات الجبن و الشبعة و الحيوية المتدفقة و العبث و المدح و الصخب.
و قد أحتل ديونوسوس مكاناً مرموقاً , و أمكن للإنسان أن يزيل آلامه و شجونه و أن يسعد بالمديح و البهجة فى أعياده , و هذا يُعزى إلى الرقص و الغناء المُعتاد فى إحتفالات الديونيسيا الكبرى التى كانت تتيح الفرصة لاجتماعات شعبية مرحة بوهيمية لجماعات السُكارى المرحة الماجنة التى يُطلق عليها اسم كومى Komoiو كان يفتتح عيد الديونيسيا بموكب يُرفع فيه عضو الإخصاب Phallos رمز الخصوبة كعلم قومى .
و سريعاً سيطرت عبادة ديونوسوس على مشاعر ووجدان الشعب الإغريقى ، فقد كانت هذه العبادة تمنح الإنسان إحساس بالحرية فى وقت سيادة حكم الفرد الاستبدادى على المدينة اليونانية. فالعبادة الجديدة قد وعدت الإنسان بالخلاص من كل الضغوط النفسية المحيطة به . فبدراسة الوضع الإجتماعى لحياة المدينة الإغريقية ، تجعلنا ندرك فى الحال الأسباب التى دفعت المرأة اليونانية إلى هذه العبادة .
فقد كانت النساء محرومة و مقطوعة الصلة بالحياة الإجتماعية و السياسية ، فلم يكن لها أى دور حتى فى أشد العصور إزدهاراً ، فى القرن الخامس قبل الميلاد و هو العصر الذهبى لأثينا . فقد شعرت النساء بإنجذاب خاص لهذا الإله و عبادته التى تمنح الإنسان الخلاص و الحرية . فقد كانت جماعة الميناد mainades رفاق ديونوسوس تشيع جواً من الصخب و المرح و الغناء النشوان و الرقص و الإنغماس المفرط فى اللذة دفعت النساء إلى الخروج إلى الطبيعة و المشاركة فى هذه الطقوس الهمجية البدائية التى سادها الهوس الشديد إلى حد الإنفعال و الجنون .
فقد كان كل من يؤمن به ينسى نفسه و يخرج من ذاته – و هذا ما تعنيه بدقة كاملة كلمة التجلى Ekstasis باليونانية ( Ecstasis بالإنجليزية) و هناك العديد من القصص الإسطورية التى تسرد لنا عن محاولات فاشلة لبعض الملوك لخنق هذه العبادة أو التخلُّص من العناصر الهمجية بها . و لكنها صمدت فى وجه كل المحاولات , فقد منحت الإنسان الحرية المُطلقة .
ولكن كان على العبادة الجديدة أن تغير من بعض مظاهرها البدائية , كى تندرج داخل إطار برنامج العبادات و المهرجانات الدينية فى أثينا فى القرن السادس ق.م. و نتيجة لذلك, تم تقديم الأضاحى
الرسمية التى كانت تقدم على شرف الإله ديونوسوس أمام الجماهير و فى وضح النهار ، و لم يكن لها أى علاقة بما كان يدور فى الماضى من مظاهر همجية بدائية فى منتصف الليل و فى الخلاء الوحشى .
فعبادة ديونوسوس التى ظاهرها البهجة و الحرية و الإخصاب هى القوة الخفية العميقة التى تدفع الحياة و تخلق فيها تغيرات لا نهائية و تفتح أمامهم إمكانيات لا حد لها، فالطبيعة حية تشارك الإنسان و الحيوان أفراحه و مخاوفه بحركتها الدائمة و بعراكها الممثل فى تنافر عناصرها الأربعة ، و خلف كل هذا تكمن صورة الوفرة و الرخاء و الأمن و الحرية الديونوسية و هى النهاية التى يرنو إليها العالم.
و كانت النشوة التى يمكنه أن يجلبها نشوة ذات أنواع شتى . لقد كانت نشوة إلهية شائقة، تسمو بأصحابها ، إلا أنها لم يكن ثمة ما يحول بينها و بين " الانحلال" . و مما لا يكاد يرقى إليه الشك أن الأغريق فى هذه المناسبات ، و فى تلك الأيام التى كانت الدراما الصحيحة الصادقة فى دور التكوين فى تلك الأعياد التعبدية، كانوا يبيحون لأنفسهم قسطاً من الأعمال المتحررة .
فالحياة أبدية و عند قيام مراسم ديونوسوس صانع الرقص لا يوجد رجل فى المدينة لا يرقص ، و ينثر الأهالى أكاليل الزهور على أرضها مع زهور الربيع رمز التجدد و البعث فليس هناك رقص بدون ديونوسوس و بدونه لا تكون الفصول الأربعة ممتعة.
و مع إنتشار هذه العبادة بين الناس صارت أكثر شعبية من أى إله آخر فى أثينا. ففى أثينا وحدها أقيمت على شرفه أربعة أعياد. و كانت تقام فى الشتاء و الربيع. فهناك عيد بدء الزراعة فى الريف فى شهرى( ديسمبر و يناير) و أعياد اللينايا(يناير و فبراير) و أعياد الربيع (فبراير و مارس) و الديونوسيا الكبرى ( مارس و ابريل) .
من هذه الأعياد هناك عيدين ليس لهما إرتباط مباشر بالدراما وهما عيدا بدء الزراعة و عيد الربيع . كان الإله ديونوسوس يقدم على أساس أنه إله للزراعة و الإنبات الذى يضمن لهم الخصوبة وواهب النبيذ، فديونوسوس أول من أوحى للإغريق بزراعة الأعناب فى اليونان.
و هذه الخصائص التى تميز بها ديونوسوس ، مهما بدت لنا غريبة ، فإنها تبدو غريبة أيضاً على روح المباريات الدرامية بصفة عامة التى أقيمت فيما بعد . و من هنا يبدو لنا مدى الخسارة الكبيرة لفقد تلك العناصر البدائية الأولى للدراما , مما جعلنا لا نستطيع التعرف على الجذور و بداية نشأة الدراما على وجه اليقين و مدى إرتباطها بالأصل الديونوسى.
من هنا يمكن القول بأن ديونوسوس كان له إرتباط قوى و حيوى بالدراما البدائية الأولى ، و بما أنها لم تصل لنا أية شواهد أو أدلة لدراستها و التعرف عليها ، فإننا لا نستطيع تخمين مدى الصلة بين ديونوسوس و بين المباريات الدرامية فى العصر الذهبى لها.
و من الواضح أن عضو الإخصاب و الذكورة قد لعب دوراً هاماً فى نشأة الكوميديا . يحدثنا أرسطو أعظم الثقات فى الشئون المسرحية ، و الذى كتب ما كتبه عنها بعد تلك الفترة من الزمان عن نشأة المأساة و الملهاة فيقول : " لقد نشأت كل من المأساة و الملهاة بطريقة فجة و من غير خطة مرسومة و لا فكرة مدروسة ، الأولى من قادة الأغانى العنزية( الديثرامبوس) ، و الأخرى من أولئك الذين كانوا يقومون بقيادة أناشيد الذكورة " يقدم لنا أرسطو إشكالية و معلومة فى آن واحد .
فعضو الذكورة Phallos قد شكل حلقة الإتصال بين العبادة و الكوميديا . فنحن نجد فى بعض أجزاء من كوميديات أرسطوفانيس القديمة شواهد و أدلة تثبت أن من ضمن أدوات الإكسسورات للكوميديا القديمة كان يوجد عضو الذكورة مصنوعاً من الجلد فى حجم معقول كان يرتديه الممثل أثناء التمثيل حول خصره . من هنا يبدو مدى الصعوبة فى فهم أو تصور كيفية نشأت الدراما الكوميدية فى صورتها الكاملة من هذه المقاطع الغنائية الدرامية الفقيرة التى كانت تحتوى على عضو الإخصاب .
و يشير Radermacher OL.إلى أننا لا يمكننا بهذه الطريقة وضع أساس سليم لدراسة و فهم نشأت أحد أنواع الفنون .و الشىء المؤكَّد هو أنه عندما تطورت كل من التراجيديا و الكوميديا ، فإن الشكل البدائى الهمجى لعبادة الإله ديونوسوس قد أختفى من الدراما و أكتسبت شكلاً جديداً أكثر تهذيباً .
و من خلال دراسة مضمون المسرحيات ، يمكننا القول أن الدراما، قد أتخذت لها طريقاً خاصاً بها، إلى درجة يمكن معها القول أن التراجيديا ليس لها أى إرتباط بالإله ديونوسوس. بالتأكيد ظل الإرتباط بالعبادة موجوداً ، و لكن عنصر التنافس فى المباريات الدرامية ساعد على تقديم صورة و شكلاً غير دينى لكل العملية الدرامية .
إن ما كان يشعر به الإغريقى من رضى و إنسجام أمام هذا الشكل الجديد للتبارى و المنافسة الدرامية، كان هو الدافع الذى سيطر على الشعراء و القائمون على العملية الإحتفالية للوصول للكمال و محاولة الفوز فى المسابقات ، هذا من ناحية ، و من ناحية أخرى ، كان لكسب ود الجمهور و جذبه لهم .
و هذا لا يتوافق مع الدراما الدينية ، حسب المفهوم الحديث للدراما ، التى أرتبطت بالطقوس و الشعائر . فعندما كان الشاعر يقدم عمله الدرامى بنفسه و يفوز بجائزة المنافسة ، كان الأمر مفهوماً ، فكان دور النقاد يتحدد على مدى إجادة الشاعر فى عرض قوة و عظمة الإله . و لكن عندما حل الممثلون محل الشعراء و قاموا بأداء الأدوار تمثيلاً كانت الغاية المرجوة من الأداء هى الإجادة للفوز بالجائزة ، و من هنا كان الفائز هو الجانب الفنى فى المقام الأول . و بذلك أدرك الأثينيون أن و ظيفة المسرح ترفيهية بالإضافة إلى الأهداف الأخرى .
ب- الديونوسيا الكبرى
عيد الديونيسيا الكبير: ( و يُسمى أيضاً الديونيسيا فقط) Dionysia كان أهم و اكبر الأعياد من حيث الفخامة و درجة الإستعدادات رغم عدم وجود أى تقاليد مرجعية قديمة لديهم ’ و مع ذلك يمكن إرجاع هذه الإحتفالات القديمة إلى الأعياد الأخرى الخاصة بديونوسوس و المتعلقة بموسم بدء الزراعة .و ليس لدينا معلومات على وجه اليقين تخبرنا عن متى و من هو الذى فكر فى إقامتها .
و من المعروف أن المسئول عن تنظيم هذا المهرجان لم يكن كبير الكهنة أو أى رجل دينى آخر و لكن كان ممثل الحكومة فى الموضوعات الغير دينية و هو الحاكم المدنى archon الأرخون أو الأراخنة الذى كان يعتبر المسئول الأول و الأخير عن إقامة المسابقة المسرحية , و إليه يُعزى نجاحها أو إخفاقها.و كان الأرخون يسهر على تنفيذ عدة خطوات ضرورية ليضمن نجاحها و كان الإحتفال يُعقد على شرف ديونوسوس اليوثيراى Eleuthereus .
و كان تمثاله يُجلب من اليوثيراى Eleutherae و هى مدينة على الحدود الآثينية البيوتية . و كان معبده يقع على المنحدر الجنوبى من الأكروبول ، حيث يقع مسرح ديونوسوس.
و من المحتمل أن الطاغية بيسيستراتوس هو الذى أعاد تنظيم هذا العيد و إضاف له رونق و لمسة جمالية عن طريق إعداد جوقات ديثرامبية و تراجيدية .
وهكذا بجانب عيد الربة أثينا ( Panatheneia) ، أقدم الأعياد التى كانت تقام على شرف الربة حامية مدينة أثينا و كان يحتفل به كل خمس سنوات ، دخلت العبادة الجديدة , عبادة الإله ديونوسوس إلى أثينا فى منتصف القرن السادس قبل الميلاد ، و كان مدة العيد ( خمسة أيام فى العصر الكلاسيكى) الكبير للإله الديمقراطى الجديد .
و مع صعود نجم أثينا السياسى و بروزها كدولة عظمى وسط المدن اليونانية الأخرى ، فإن أهمية العيد و الإحتفال به قد تجاوزت حدود أثينا الضيقة ، و هذا يرجع إلى حد كبير إلى العروض المسرحية . و كانت الإحتفال بالديونيسيا الكبرى الذى كان يقام فى أوائل الربيع ، الوقت المناسب لإبحار السفن ، و ذلك حتى يتمكن حلفاء أثينا من المشاركة فيه .
فقد كان على أعضاء الحلف الأثينى تقديم الأموال المقررة عليهم لأثينا . و قد استغلت أثينا هذا العيد لإبراز عظمتها أمام الحلفاء . فقد كان هذا التجمع الكبير يلعب دوراً سياسياً هاماً و فى نفس الوقت لعب دور البرلمان .
فمع تواجد شخصيات عامة من المدن اليونانية المجاورة و الحلفاء لأثينا ، كانت تتخذ قرارات هامة كثيرة لم يكن لها أى طابع دينى على الإطلاق . و هكذا من أجل الشعب و بإسمه يتم تكريم بعض المواطنين الذين قدموا خدمات جليلة للدولة بمنحهم اكليل ، بينما تم منح الشباب الذين فقدوا ذويهم فى الحرب بزة عسكرية كاملة لكل منهم ، و بهذه المناسبة أيضاً تم تقديم المكرمين أمام هذا الحشد الكبير .
بالإضافة إلى هذا و طبقاً لما أشار إليه إسوكراتيس الخطيب ، من أن الحاكم الأثينى قد إستعرض أمام الجمهور و ممثلى الحلفاء الفائض المالى السنوى على الأوركسترا ، و ذلك عن طريق وضع هذه التالنتات فى أوعية كبيرة ، و لم يكن هذا عملاً مهذباً من أثينا خصوصاً أنه كان يتم امام الحلفاء المتواجدين فى المهرجان .
و هذا التظاهر الواضح بالثروة و القوة امام نظر الإله , لم يكن له إلا طابع سياسى واضح.
و كانت الديونيسيا إحتفالية كبيرة شارك فيها بفاعلية جزء كبير من المواطنين الأحرار ، فقد كانت هذه المشاركة تعتبر فى نظر الكثيرين مساوية لأعظم حدث على مدار السنة.
فقد شارك أكثر من 150 راقص فى العروض الدرامية ، و اكثر من ذلك ( عدد الف ) كانوا هم المنشدون للكورسات الديثرامبية. فقد كان الإعداد لهذه الإحتفالية يستغرق شهوراً كثيرة .
و من هنا لم يكن غريبا ذلك الإرتباط الوثيق للمجتمع الأثينى بالمسرح , لم يكن هناك هوة أو تباعد كتلك التى نراها اليوم بين المسرح و الجمهور ، فقد كان راقصى السنوات السابقة هم من جمهور اليوم و العكس . و كثير من المشاهدين كانوا يعلمون ، عن خبرة شخصية، ماذا تعنى دراسة واعداد و تنفيذ جوقات إحدى التراجيديات.
و ليس من الخطأ أن ُيْفَتَرْض أن مضمون المسرحيات التى سوف تُعرض ، قد شكلت موضوعاً حاداً للنقاش و أن بعض من التفاصيل كانت معروفة مقدماً ، فقد كان عدد المُشاركين فى اعداد العرض كبير .
و على الرغم من معرفة موضوع المسرحيات ، فقد كان يتم تقديم رسمى لكل العروض المسرحية التى سوف تشارك فى المنافسة قبل بداية الإحتفالات الديونوسية بيومين و ذلك فى عيد أسكليبيو فى اليوم الثامن من عام إلافيبوليون ، حسب التقويم الأتيكى .
لهذا الغرض كانت تُقام إحتفالية , يُطلق عليها إسم , و مازالت تفاصيل هذه الإجراءات مجهولة لنا و غامضة للأسف . و على وجه الخصوص كان يهمنا أن نعرف إذا كان الشعراء يقدمون مُلخصاً لأعمالهم المسرحية أم أن هذا الإعلان كان محصوراً فى تقديم عناوين أعمالهم . و المؤكد هو أن الشعراء الذين وقع عليهم الإختيار ، مع الجوقات و الممثلين بالإضافة إلى الممول قد قاموا بتقديم أنفسهم للجمهور فوق منصة مرتفعة و توجوا رءوسهم بأكاليل من أغصان الشجر وأوراقه ، تعبيراً عن هذه الإحتفالية الغير عادية .
و لم يكن هناك أية أقنعة أو حتى ملابس مسرحية يرتديها المشاركون فى هذه الإحتفالية حتى لا يُخفون هويتهم عن الجمهور و كى يتعرف عليهم قبل بداية العروض الدرامية . اين كان يتم تنفيذ هذا البرنامج التمهيدى للإحتفال ؟ لقد كانت القاعة الموسيقية هى المكان المُعد لهذه الإحتفالية ، بعد أن قام بيركليس بإعداد هذا المكان و تهيئته فى عام 444 ق. م .
و ليس لدينا أية معلومات قبل هذا التاريخ عما كان يدور هناك . و ربما يكون هذا الإعداد التمهيدى قد بدأ فى منتصف القرن الخامس ق. م . ، و يبدوا أن هذا الإعداد أو التمهيد للعروض المسرحية قد بدأ فقط فى عصر الديمقراطية الأتيكية. و لم يتم إستخدام المسرح الُملحق بالمعبد المقدس ، و هو ما يُقدم دليلاً على عدم إعتبار ال جزءاً أصيلاً مكملاً للإحتفال .
و قبل أن يبدأ العيد ، كان يتم إعادة تمثيل رحلة وصول الإله ديونوسوس من اليفثيريوس إلى أثينا . فمن غير المُستبعد أنه فى اليوم السابق للإحتفالية كان يتم حمل تمثال الإله المعبود ديونوسوس إلى أحد المعابد خارج أسوار أثينا، و بعد غروب الشمس كان يتم إعادة التمثال بمصاحبة المشاعل إلى مكانه الدائم ، فى المعبد المقدس بجوار المسرح و كان الشباب يُشارك فى إحتفالية إعادة تمثيل رحلة الإله.
و قد سُمِح أيضاً فى هذا اليوم للبرلمان بالعمل و هذا دليل على أن إعادة نقل تمثال الإله ديونوسوس لم يُشكِّل جزءاً مُكمِّلاً للإحتفالات الديونوسية . و كل ما كان يتم فى الليلة التالية هو إشاعة خبر ظهور الإله( هكذا كانت ترى التقاليد) و بهذا كانت تبدأ سلسلة الإعداد لمظاهر الإحتفالات .
ففى اليوم الأول للإحتفال كان يتم تقديم عمل دينى مميز ، و هو الموكب العظيم للأضحية. فى هذا الموكب كان يُشارك فقط كل من له دور فعلى و حيوى فى المسابقات ، و قد شاركت النساء أيضاً ، و هو ما كان فرصة نادرة لخروج النساء من المنزل . و قد أعتبرت دولة أثينا هذا العيد دافع قوى لإبراز دورها القيادى البارز فى بلاد اليونان و ذلك عن طريق تقديم مظاهر إحتفالية مليئة بالفخامة و الإبهار .
فبجانب موكب الأضاحى كان يوجد تقديمات و مظاهر إحتفالية أخرى مُتعدِّدة ، حيث كانت فتيات الأسر الأرستقراطية تحمل هذا التقديمات فى أوانى ذهبية فى موكب فخم يعبر عن ما وصلت إليه أثينا من إزدهار و تقدم . و كما كان فى أعياد بداية الزراعة الديونوسية ، تُقدم العروض الفالية التى ترمز لخصوبة الأرض ، و من أجلها عبد الناس الآلهة. و من مجموع هذه المواكب الفخمة تم تقديم صورة رائعة مبهرة و بألوان زاهية بديعة فقد أرتدى مواطنى أثينا ثياب بيضاء ، بينما أرتدى ضيوف الإحتفال القادمون من مدن يونانية أخرى الثياب الحمراء . بالإضافة إلى هذا فقد تميز الممولون بملابسهم الفخمة المعبرة عن الأرستقراطية و الثراء , فقد كان الإهتمام مركزاً عليهم فى هذا اليوم ، تعويضاً لهم على ما قاموا بتقديمه من أعباء باهظة فرضتها عليهم الدولة فى سبيل إخراج و اعداد هذا العيد.
و على الرغم من شعبية هذا العيد ، فإن معلوماتنا عن كيفية إعداده و تنظيمه ناقصة و غير مؤكدة . فمن الواضح أن السبب كان بديهياً ، فالأمر كله كان معروفاً و شائعاً و يُشارك فيه جميع الأثينيون و لهم فى ذلك خبرات شخصية ، و لم يكن هناك سبباً مُلِحَّاً يدفع إلى تسجيل هذه الوقائع و الأحداث لا .
و هكذا فإننا لا ندرى بالضبط من أى موقع فى المدينة كان يبدأ الموكب . و المؤكد أنه كان ينتهى أمام معبد ديونوسوس فى إليفثيريا . و من هناك و بعد الإنتهاء من تقديم الأضاحى ، كان الحشد يتجه إلى المسرح المجاور . و مع افتراض أن الموكب كان يبدأ فى الفجر ، يمكننا أن نتخيَّل أن الجمهور قد تجمع فى المسرح مُبكرا جداً.
و أمام هذا الحشد الضخم كان يتم تقديم جوائز التكريم لبعض الشخصيات الوطنية المميزة الذين قدموا أعمال اً جليلة للأمة ، و عند المساء كان يتم تقديم العروض الديثرامبية ، و هى عبارة عن أناشيد دينية يقوم بإنشادها جوقات مُشكَّلة من الرجال و الشباب .
و ليس فى إمكاننا تأكيد الرأى القائل بأن أول أيام العيد ، على الرغم من تقديم برنامج ضخم فى هذا اليوم ، كان ينتهى بمهرجان إستعراضى صاخب كبير فى شوارع المدينة و هو النشيد الماجن ، و هذا يتوقف على البحث التى سوف نقوم به و الذى يتعلق بالدليل الوحيد المرتبط بهذا الموضوع ، فى قانون يواجوروس الذى اشار إليه الخطيب الشهير ديموسثنوس فى حديثه ضد ميديا .
و غالباً ما يبدو منطقياً أن عيداً قد بدأ بصفة رسمية شديدة , لابُد و أن ينتهى بصورة تلقائية ، بتظاهرات إحتفالية صاخبة تُعبر عن الفرحة و البهجة .
و كان الديثورامبوسDithurambos) (، على وجه الخصوص ، أغنية دينية للإله ديونوسوس , و يتخذون أسطورته موضوعاً لأناشيدهم ، فيتحدثون عن ميلاده , و يتناولون حياته بالتفصيل , و يصفون الأخطار التى واجهها . و كان الشاعر يضم إليه جماعة من الناس , يلقنهم بعض الأبيات التى تفيض بالحزن و الأسى, يرددونها أثناء الإنشاد , و كان أفراد هذه المجموعة( الجوقة فيما بعد ) يرتدون جلد الماعز ليظهروا بمظهر الساتوروى ( Saturoi ( , أتباع ديونوسوس .
و كان هذا الكورس الراقص مكون من الرجال و الشباب من الذكور بمصاحبة الناى (22) . و الكلمة " ديثورامبوس" هى أحد الألقاب القديمة التى أُطلقت على الإله ديونوسوس , و هى كلمة استعصت على محاولات طويلة لتفسيرها أو حتى معرفة مصدرها . و المتعارف عليه أنها ليست كلمة يونانية . و تستعمل للتعبير عن الإله و أيضاً عن الأغنية الدينية ، الذين جاءا معاً إلى اليونان من شعوب ثراكى و فريجيا و انتهى بهم المقام فى أثينا ، بعد مرورهما بكورينثوس .
هناك ، فى بلاط الملك بيرياندرو كما علمنا، كان أريون ( حوالى 625 ق. م. ) يقوم بتعليم القصائد الديثورامبية ، و إليه يرجع الفضل فى تحوِّل الأغنية الدينية الإرتجالية إلى عمل فنى محدد المعالم , كما أعطى عناوين لأغانيه الكورالية التى كان مضمونها قصصياً سردياً , و أهم نقطة بالنسبة لبناء ما قبل تاريخ التراجيديا هو أن" آريون " قد عرض انتاجه الديثورامبى بواسطة الستير Satyrs .
و هو أيضاً أول من طلب الى أحد أفراد الجوقة – و هو الذى أصبح يُطلق عليه فيما بعد اسم " اكسارخوس" أى رئيس الجوقة - أن يصعد الى مائدة القرابين ليلقى على المستمعين فى صورة سرد قصة تتعلق بالإله ديونوسوس , مُشيداً بمغامراته و رحلاته العجيبة , بينما يُعلق أفراد الجوقة على هذه القصة من حين لآخر ببعض الأبيات التى تناسب المقام .
و لم ينتقل الأمر من مرحلة السرد الى مرحلة التمثيل الا على يد شاعر آخر هو ثيسبيس الذى أزدهرت أعماله حوالى عام 535 ق.م , و هو تاريخ أول مسابقة مسرحية عقدت فى أثينا .(ايسخيلوس مسرحية ) و من هنا تظهر النقطة التى تقارب فيها الديثورامب مع الدراما الساتورية , و بذلك وُجد الأصل المزدوج للتراجيديا , الذى حدده أرسطو فى « الشعر Poeticas» لسوء الحظ لم يصل إلينا إلا عدد قليل من القصائد الديثرامبية .
على الرغم من الكم الكبير الذى كان يُقدم فى هذه الإحتفالات و المهرجانات، و تطوره الفنى الكبير الذى وصل إلى حد الكمال فى النصف الأول من القرن الخامس ق.م .
و قد كتب كل من سيمونيديس ، بنداروس ، وباكخيليديس ( و يجب أن نشير هنا أنه لم يكن اى منهم أثينى المولد) قصائد و أغانى ديثورامبية للعروض الديونوسية . أما فيما يتعلق بالشاعر باكخيليديس فإن ما تم العثور عليه من أوراق البردى الهامة ، يساعدنا على رسم صورة ، حتى ولو كانت صغيرة، لخصائص هذه القصائد و الأشعار الديثورامبية.
فمن ناحية الشكل ، فإن هذه القصائد الغنائية تذكرنا بأغانى الجوقات فى المسرحيات التراجيدية و بناءها الفنى ، فقد كتبت على شكل مقاطع شعرية ، و لكن من ناحية الموضوع، فقد ابتعدت عن الأغنية الدينية بمعناها الضيق . أما فيما يتعلق بأبعاد الموضوع ، فإن التأثير القوى للشعر الملحمى كان كبيراً جدأً وواضحاً، فقد تضمَّنت هذه الأشعار أجزاء سردية كبيرة على شكل اسطورى، تحمل عناوين مختلفة حسب مضمون القصيدة الديثرامبية .
و هكذا كان من الصعب ، ليس فقط ، أن نجد علاقة ما بالأساطير الديونوسية ، و لكن أحياناً ، يختفى تماما أى إشارة إلى أى فعل إلهى ، إلى حد أن أطلق البعض على هذه الأشعار الديثرامبية " الأغانى البطولية".
و لكن الإجماع أو اتفاق وجهات النظر بالنسبة للشعر الديثورامبى و تطوره إلى التراجيديا عسير للغاية , فأولاً الرأى الذى يقول بأن وضع الشعر الديثرامبى و رئيس المنشدين (أو الاكسارخون) فى ابتداء تطوره
حسب رأى أرسطو , هما اللذان اديا إلى التراجيديا . و يشتق أرسطو الدراما من الارتجال , بإعتبار أن بدايتها كان اولئك المرتلين للديثورامب ( Poetics 1449 a 9) و قد تعنى العبارة hoi exarchontes ton dithyrambon الواردة عند أرسطو اولئك المنشدون الذين بدأوا الانشاد , و من ثم تميزوا عن الجوقة .
و من الواضح أن أرسطو كان يعتقد ان التقابل بين الجوقة و المرتل قدم نقطة البدء فى تطور الحوار الدرامى . و الرأى الثانى يقول أن " الكورس التراجيدى" هو الذى أوحى لمعاصرى سوفوكليس و يوريبيديس بفكرة المشهد الدرامى كما توجد أراء أخرى مُخالفة لهذا.
و الواقع أن تطور الديثرامبوس من إنشاد سيرة بطولية بشكل صلاة و دعاء و ابتهال الى الإله , إلى الكورس الذى يقوم بالرقص و الإنشاد متقنعاً بشكل الساتير أى مخلوق نصفه حصان ليس فى أثينا فحسب بل فى كل بلاد اليونان اى ديثرامبوس احتفالى مع قصص ميثولوجى يرتجله رئيس الكورس( أى اكسارخون) و من خلال ما تم الإشارة إليه , يبدو أن التراجيديا قد تطورت و نبعت فكرتها من رؤساء الجوقات Exarchon اكسارخون أو Exarchosاكسارخوس الديثرامبية.
و مهما تعددت الروايات حول نشأت المأساة الأثينية , فمن المقطوع به أن المأساة قد نبتت من الرقصات و الأغانى الديثورامبية , ثم أخذت تتطور تدريجياً حتى صارت فناً قائماً بذاته. و من المؤكد أن الديثورامبوس قد تطور تطوراً سريعاً منذ أن أرتبط بأعياد هذا الإله التى تقام فى أثينا .
و هكذا صدق أرسطو عندما قال بأن الدوريين كانوا أصحاب الفضل فى خلق المأساة , وصدق أيضاً الذين قالوا بأن الأثينيين كانوا أصحاب الفضل فى جعلها فناً أدبياً رائعاً .
ففى سيكوون و كورينثة الدوريتين ظهرت بذور المأساة , و أخذت تنمو حتى حققت فى هذه البقاع نوعاً من الرقى , ثم انتقلت إلى أتيكا حيث اكتملت عناصرها , و أتخذت صورتها النهائية ؛ فهناك تحول القاص إلى ممثل بالمعنى الصحيح , و أصبح رئيساً للجوقة , يقوم بالدور الأساسى , فيمثل شخصية الإله , كما يقوم بسائر الأدوار بأن يدخل خيمة (Skene و يغير ملامحه و ملابسة, و يمثل دور الرسول أو البطل .. و كان كل مرة يخاطب أفراد الجوقة فى موضوع مختلف, و بذا تعددت أغانيه و امتلأت المأساة حياة و حركة بفضل تنوع مهمته.
و لسنا فى موقف نستطيع أن نثبت فيه أو نؤكد إن كان تم إدخال ممثل من خارج الكورس أم أن قائد الكورس قد استقل بنفسه و قام بأداء دور الممثل الأول . ) و هكذا بعد أن كانت الإحتفالية عبارة عن أناشيد جماعية محضة دخلت فيها الحوار , و هذا بلاشك أساس الدراما .
و الجدير بالذكر أن مشوار تطور التراجيديا و خروجه من عباءة الأشعار الديثرامبية لم يُوقف تطور هذه الأشعار أو أن يُقلل من شأنها بل على العكس , ظلت الأشعار الديثرامبية تُقدم فى المهرجانات و جزءاً هاماً من برنامج المهرجان , بل قام لاسوس ارميونيوس المُعاصر لثيسبيس و لكن أصغر منه سناً , بتقديم هذه الأشعار فى أثينا و منحها دفعة قوية إلى الأمام .
و بقيام بتنظيم القبائل اليونانية ( حوالى 508:7 ق.م. ) قامت هذه القبائل بالمشاركة فى المباريات الديونيسيا الكبرى بالإضافة إلى الجوقات التراجيدية كانت تُقدم أيضا جوقات ديثرامبية .
و كانت هذه المباريات الكورالية الغنائية تتم بين القبائل . و هناك إختلافات فى الرأى حول عدد الجوقات التى كانت تُشارك فى هذه المباريات و أختلفت أراء الباحثين حولها. و طبقاً لأحد المصادر كانت الجوقة تتكون من 50 فردا , ولكن ليس من المعروفً على وجه اليقين , إن كان على كل قبيلة أن تُشارك بفرقة من الرجال و أخرى من الغُلمان أم أن عدد الفرق المُتبارية كانت 10 فقط .
و هكذا كان لكل من هذين التفسيرين مؤيدين.(28) و هناك كتابات تُؤيد الرأى الأول و تؤكد أن كُل قبيلة كان فى إمكانها أن تفوز بجوقة من الرجال بالإضافة إلى جوقة الغلمان فى نفس العام . ( 29) و نظراً لعدم وجود أية دلائل أو معلومات حول طريقة المُشاركة أو الإختيار (30), يُمكننا أن نستنتج أن كل قبيلة كانت تُشارك بجوقتين , و بالتالى كان عدد الجوقات المشاركة 20 فرقة.
ومن ناحية الزمن الذى كانت تستغرقة أحدى الجوقات الديثرامبية , من الصعب الجذم بشىء على وجه اليقين , و ذلك بسبب عدم توافر أى نص كامل بين أيدينا . و لهذا من الأفضل عدم حساب مدة زمنية ما. و لكن من المُفترض و المنطقى أن عشرين أُغنية كورالية كانت تؤدى فى أُمسية واحدة , و قد كان هذا يُسبب ارهاقاً لجمهور المشاهدين .
و ينطبق نفس الشىء على العروض الدرامية فى الأيام التو كان الإعداد و تنفيذ الأشعار الديثرامبية يتشابه فى كثير من العناصر مع المسابقات الدرامية . فقد كان هناك مُمول يتولى الصرف على هذه العروض الديثرامبية . و ما تُشير إليه المعلومات المتوافرة لدينا , كانت التكلفة كبيرة .
و هذا ما يجعلنا نعتقد أن المدة التى كان يستغرقها التدريب كانت كبيرة . فمن أجل تدريب الجوقة كان يتطلَّب الأمر وجود مُعلم رقص و كذلك عازف للناى, و كان على الراقصين استيعاب الكثير من الحركات المعقدة بالإضافة إلى استيعاب الموضوع و الموسيقى , فوق كل هذا : كان على الممول أن يتحمَّل تكلفة الملابس الإحتفالية . و لم يرتدى أفراد الفرقة الديثرامبية أية أقنعة و بالتالى لم يكن هناك نفقات فى هذا المجال.
و مع نهاية الربع الأخير من القرن الخامس ق.م. حدث تغييراً جذرياً فى الشعر الديثرامبى. فقد لعبت الموسيقى الدور الأول فيه وصارت أهم من الموضوع , و أصبح عازف الناى هو البطل الأول فى المُسابقة , إلى درجة ان الإعلانات المكتوبة كانت تُشير فقط إلى العازفين فى المسابقة. وبالتالى تحوَّل الشعر الديثرامبى إلى حفلة من الحفلات الموسيقية خالياً من أى عُنصر دينى . و من هذا كله يُمكننا أن نتعرف على سياق التطورات التى سوف تلعب دوراً هاماً فى الدراما .
و بعد الأنتهاء من الأشعار الديثرامبية , كانت الأيام التالية مُخصَّصة للدراما , و كانت المسابقات التراجيدية هى الأهم فى الديونيسيا الكبرى و تم تقديمها فى الفترة من 11- 13 من شهر مارس و هو ما يُعادل باليونانية القديمة شهر إلافيبوليون .
و مع إضافة الكوميديا إلى المهرجان فى عام 486ق.م . تم إضافة يوم آخر للمهرجان . و لأن التراجيديا ظلت تستحوذ على الأهتمام الأكبر فى المهرجان , حافظت على مكانها فى الأيام الأخيرة من المهرجان.( أى فى الفترة من 12- إلى 14من شهر مارس) و تم تخصيص اليوم الثانى من المهرجان للكوميديا ( أى يوم 11من الشهر)(33) . و خلال الحرب الببلوبونيسية , يبدو و لأسباب إقتصادية, حدثت تغيير مؤقت فى البرنامج . تم تقديم ثلاث كوميديات و الزمن المحدد للمباريات الدرامية أقتصر على ثلاث أيام فقط , و بالتالى كان بعد كل رباعية تراجيدية , يتبعها مسرحية كوميدية فى المساء .
و لهذا السبب كان على العروض الدرامية أن تبدأ مبكرأ فى الصباح. و لا نبالغ إذا قلنا أن المدة التى كان يستغرقها أحد العروض المسرحية حوالى ساعتين, بينما أستغرق العرض الساتيرى حوالى الساعة أى نصف الوقت . و نستنتج من هذا أن عرض رباعية كاملة كان يستغرق سبعة ساعات كاملة.
و لإضفاء الصفة الدينية على المهرجان , كان يتم تقديم الأضاحى قبل العروض الدرامية , و هى عبارة عن خنزير يذبح و يُنثر دمه فى المسرح و على الجمهور للتطهُّر . و يتم بعد ذلك إختيار النقاد الذين كان عليهم تقييم العروض نيابة عن الشعب . و بمجرد أن يعتلى النقاد مقاعدهم الشرفية , يبدأ العرض المسرحى .
و كان ترتيب ظهور المتسابقين يتحدد بالقرعة , و ينطبق هذا على كل من الدراما و كذلك الأشعار الديثرامبية . و كان المتسابق الذى يحصل على الترتيب الأخير يتمتع بميزة ما , لأن النقاد , كما هو طبيعى, يحتفظون للعمل الأخير بالإنطباع الحى فى اذهانهم على خلاف العروض الأولى .
و هذا ما يُفسِّر لنا قلق أريستوفانيس , الذى طلب من النقاد فى مسرحية فى سطر ( 115 وما يليه) أن يكونوا موضوعيين و عادليين فى قرارهم ( لأن من سوء طالعة حصل على الترتيب الأخير فى ذاك العام أمام خمسة متسابقين) . و لم يكن مثل هذه الأمور تُشكِّل ظاهرة غير عادية, فقد كان على الشاعر فى مثل هذه الظروف أن يكون لديه هذه الأبيات الشعرية جاهزة من قبل لأستعمالها عند الضرورة و بالتالى كان يُضيفها إلى النص المسرحى فى آخر لحظة.
و من المنطقى أن برنامج يومى يشتمل على خمسة كوميديات , يتطلَّب جلوس الجمهور 10 ساعات متواصلة بلا حراك و إنتباه تام على مقاعده, و الأمر الذى يدعو للدهشة و يثير العجب قدرة و جلد هؤلاء الأثينيين الذين يواظبون على حضور عيد الديونيسيا الكبرى من بدئه إلى نهايته أربعة أيام منها يشاهد الشعب و يستمع إلى 15 دراما أو ربما 17 تمثيلية , خلاف ما يسمعونه من أناشيد الدثيورامب تتكون من حوالى 20 ألف بيت شعر بين إلقاء و غناء .
إن تحمل كل هذا يثير الدهشة حقيقة و لكن تلك الجماهير قد تعودت ذلك و مارسته فكانوا ينصتون فى عيد الباناثينايا Panathenaea الذى يقع فى أواخر شهر يوليو المسمى باليونانية هيكاتومبايون Hekatombaionإلى أشعار هوميروس مما جعل تركيزهم قوياً . و كانت طاقة تحمُّل الجمهور ُتبِّرر إلى حد ما, ما حدث فى النصوص المسرحية فيما بعد, فقد تم إختصارها عما كانت عليه فى العصر الكلاسيكى . و على سبيل المثال كان كاتب كوميدى مثل يتحدد بثلاثمائة بيت شعرى كأعلى حد له.
و مع إعلان الفائزين فى المسابقة التراجيدية تنتهى بصفة رسمية الديونيسيا الكبرى فى مساء اليوم الخامس من المسابقة. و كان يتبعها تجمع آخر , فبعد إنتهاء الإحتفالات بالعيد , كان قانون تنظيم المهرجان , يتطلًَّب معرفة رأى جمهور الشعب لعملية تنظيم الإحتفالات السنوية التى قام بها الأرخون و مساعديه , فإما ان يصوت الشعب له بالشكر و إما باللوم . بالإضافة إلى ذلك , كان لكل مواطن الحق فى تقديم شكوى أو تظلُّم ضد أى حدث عاق أو قد يكون قد سبَّب نوعاً من الفوضى فى المهرجان . و إن حازت الشكوى القبول , كان يتبعها بحث منظَّم للقضية , و كان إحتمال حصوله على مطالبه كبير.
و بالإجتماع الشعبى الذى به تنتهى الديونيسيا الكبرى , كان القانون يرى قيام عيد آخر على شرف الإله زيوس . هذا الإحتفال القديم ظل الأهتمام به يقل و فقد أهميته , لأن الأحتفال بعيد ديونيسوس قد غطى عليه , كان هذا العيد يتم فى منتصف الشهر . و من هنا , من المحتمل أن يتم الإجتماع الشعبى فى اليوم السادس عشر منه . (41) و يبدو أن تحديد اليوم كان به تساهل و مرونه , لأننا نجد إشارات لتواريخ أخرى .
ج - عيد لينايا
اسم ليناى Lenae اسم آخر للميناد mainades مثل Bacchae باكخاى أو Bacchantes باكخانتتيس أى النساء اللاتى مَسْتهن لوثة حب ديونوسوس . ففى رحاب معبد Lenaion ) ( لينايون المقدس كان يُقام الإحتفال بعيد ديونوسوس الأول أو عيد عصر العنب فى المعاصر( من Lenos لينوس) أى الأوانى التى يُعصر فيها العنب و إن كان فى هذه التسمية شكوك , و تؤكد المصادر أن كلمة اللينايا ليس لها صلة بكلمة Lenos التى تعنى المكان الذى يُعصر فيه العنب فمن المستحيل منطقياً أن يحدث عصر العنب فى الشتاء لأن ميعاده الطبيعى فى الخريف .
ولكن ما وصلنا من معلومات عن إحتفال اللينايا أقل بكثير عن ما وصلنا عن الديونيسيا الكبرى . (42). ومن المعروف أن الليناى كانت أقدم عيد ( و لهذا كان الملك يقوم بنفسه بتنظيمه) و كان الأعياد تقام فى الشتاء فى " فى أواخر يناير و اوائل فبراير تقريباً" أو حسب التقويم الأتيكى شهر جاميليون أى شهر الزواج نسبة الى الاتحاد الدينى للإلهين زيوس و هيرا . و كان فى الأصل مُخصَّصاً لعرض الملهاة و لما كان الطقس البارد لا يُشجع الأجانب على زيارة أثينا فى ذلك الوقت , لذا لم يهتم بهذه الأعياد سوى الأثينيون وحدهم فأصبحت أقل أهمية من أعياد ديونوسوس الكبرى .
أما فيما يتعلق بموقع الإحتفال بالعيد فإن أراء الباحثين مازالت حتى اليوم تختلف و تتعارض فيما بينها. فمنهم من حاول أن يربط بين الأسم لينايا بإسم معبد ديونوسوس المقدس فى منطقة ليمنى( وهو مكان يقع فى مستنقعات و أحراش من الغرب من منحدرات الأكروبول) .
و الأكثر قبولاً طبقاً للدلائل المكتوبة هو فى ساحة السوق , على الرغم من أن الحفريات لم تصل إلى شيء حتى الأن . و من المؤكد أن إسم لينيون مُشتق من الكلمة النادرة لينى و التى تعنى , و ليست من كلمة والتى تعنى عصر العنب بالأرجل , لأن الإشارة إلى عيد معاصر العنب فى قلب الشتاء يعتبر مستحيلاً .
و بالتالى يجب إعتبار أن أعياد اللينايا أُقيمت على شرف الإله ديونوسوس و هى أعياد صاخبة بوهيمية , و يبدأ العلامة من مثل هذا الرأى , بدراسة ايقونات مُصورة على الأوانى الفخارية من القرن الخامس ق. م. " على إعتبار أنها أوانى لأعياد اللينايا " و يجب أن نشير إلى أن هذا البحث لم يُقبل من جميع الدارسين .
فقد أحتوت هذه الأوانى على صور و رسومات تمثل جمع من النساء قد مسَهن حب ديونوسوس و اُصيبن بالجنون و الهيستيريا . وقد صوِّر هذا المعبود مُرتدياً قناعاً بلحية مُثبت على أحد الأعمدة الخشبية . و حول هذا العامود التف نبات متسلِّق كاللبلاب وغيره, وقد ارتدى ملابس كاملة , و نتيجة لذلك كان من الصعب أن نميز إن كان هذا الوجه حقيقى أم أنه تصوير له .
ويبدو من خلال هذه الصور و الرسوم أن النبيذ و الأضاحى قد لعب دوراً هاماً فى هذه الطقوس . و هذا ما يوضح بدون أدنى شك إلى أن هذه الصور لفرقة ديونوسوس وأعياده . و مع كثرة ما وصلنا اليوم من معلومات , مازال من الصعب أن نقرر أن هذا الصور و الرسومات كانت لعيد آخر.
وكان قانون يواجورو يحدد لأعياد اللينايا موكب واحد , بالإضافة إلى العروض التراجيدية و الكوميدية , و لكن لم يكن هناك الإحتفالات الصاخبة و المجون المصاحب للكوموس.
و من الممكن تخمين وجود عروض الكوموس , لأن هذا العيد بصفة خاصة , كان يشتمل برنامجه من القديم , على عروض كوميدية. بالإضافة إلى ذلك , إذا صدق الرأى الذى ذكرناه حول الأوانى الفخارية و الرسومات التى تم بحثها و ما وجد مُصورأً عليها , أصبح لدينا أيضاً هذه الرسومات المصورة المرتبطة بهذا الموضوع .
و كان موقع الإحتفال فى البداية هو المكان المقدس للإله فى لينيو . و عندما قامت الدولة بتنظيم هذا المسابقات و رعايتها , انتقل المهرجان إلى مسرح ديونوسوس . و قد تطلَّب وقت طويل كى تتحقق هذه الخطوة , خصوصاً إذا فكرنا أنه بعد إضافة المسابقة الكوميدية الرسمى إلى , برنامج الديونيسيا الكبرى , انقضى حوالى نصف قرن حتى يتم إضافته إلى أعياد اللينايا( حوالى 440ق.م) و كان السبب واضحاً , فالكوميديا قد حافظت على شكلها القديم و لفترة كبيرة و هو عنصر الإرتجال( بمعنى أن التنظيم و العرض الخاص بها كان يقوم به الهواة ) , و بالتالى لم يكن هناك ضرورة لأى تمويل حكومى ) .
و يبدو أن المسابقة الكوميدية فى أعياد لينايا , مع مرور الوقت , قد اتبَّعت نفس طريق التطور الذى وُجد فى الديونيسيا . فتحديد عدد المتسابقين بخمسة شعراء لا بد وانه قد أُعتبر عُرفاً ُمتبعأً منذ البداية., ( 50) و قد تم تقليل العدد إبان الحرب البيلوبونيسية إلى ثلاثة شعراء فقط .
فى نفس الوقت , عندما تولت الدولة رعاية المسابقات , بدأت العروض الكوميدية فى الظهور و المنافسة بين الممثلين . كان للتراجيديا فى أعياد اللينايا منزلة أقل مقارنة بالكوميديا . و قد بدأت المسابقات التراجيدية الرسمية بعد عشرة سنوات , و قد بدأت المنافسة فى نفس الوقت بين الممثلين , و كما يبدو فقد تنافس شاعرين فقط , و بعرضين تراجيديين لكل منهما . و لم يتوافر لدينا أية معلومات عن المسرحية الساتورية .
و لسنا فى وضع يمكننا من أن نقرر إذا كان ما وصلنا من معلومات عن أعوام 419/ 8 ق.م. تشكِّل عرفاً متبعاً أم أنها تشير فقط إلى برنامج سنوات الحرب . و بالتأكيد يوجد دلائل كافية على أن المسابقة التراجيدية قد تم تقييمها فى يوم واحد فقط. و طبقاً لطبيعة الزمن المحدد للمسابقة , كان تتحدد أهميتها بناء عليه : الشعراء التراجيديين الكبار لم يُشاركوا بصفة دائمة فى أعياد اللينايا . فقد فاز سوفوكليس فى أعياد اللينايا 6 مرات فقط من عدد 24 جائزة حصل عليها , بينما يوريبيديس ربما يكون قد تجاهل تماماً هذا العيد .
و بصفة عامة , كان الحصول على جائزة فى أعياد اللينايا أهمية كبيرة جداً , حتى و لو كانت لكاتب كوميدى . و يكفى أن نتذكَّر شعور أرستوفانيس الذى أعتاد النصر , بالمهانة و المذلة , عندما خسر فى الديونيسيا عام 423 ق.م. بعرضه مسرحية " السحب " .
و لم تكن أعياد الل
المصدر: مسرح القديم
نشرت فى 22 إبريل 2013
بواسطة MATRIXHOSSAM