السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته صحبة الخير والايمان معا نستكمل علمتني سورة الأنعام
الجزء الثاني عشر
🥀
{وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ}
الآية 110 من سورة الأنعام
ونقلب أفئدتهم وأبصارهم، فنحول بينها وبين الانتفاع بآيات الله، فلا يؤمنون بها كما لم يؤمنوا بآيات القرآن عند نزولها أول مرة، ونتركهم في تمرُّدهم على الله متحيِّرين، لا يهتدون إلى الحق والصواب.
🥀
{وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَىٰ وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ}
الآية 111 من سورة الأنعام
ولو أننا أجبنا طلب هؤلاء، فنزَّلنا إليهم الملائكة من السماء، وأحيينا لهم الموتى، فكلموهم، وجمعنا لهم كل شيء طلبوه فعاينوه مواجهة، لم يصدِّقوا بما دعوتهم إليه -أيها الرسول- ولم يعملوا به، إلا من شاء الله له الهداية، ولكن أكثر هؤلاء الكفار يجهلون الحق الذي جئت به من عند الله تعالى.
🥀
﴿ وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِىٍّ عَدُوًّا شَيَٰطِينَ ٱلْإِنسِ وَٱلْجِنِّ يُوحِى بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ ٱلْقَوْلِ غُرُورًا ۚ ﴾
[ سورة الأنعام آية:﴿١١٢﴾ ]
قال قتادة ومجاهد والحسن: إن من الإنس شياطين، كما أن من الجن شياطين ... وقال مالك بن دينار: إن شياطين الإنس أشد علي من شياطين الجن؛ وذلك أني إذا تعوذت بالله ذهب عني شيطان الجن، وشيطان الإنس يجيئني فيجرني إلى المعاصي عياناً.
🥀
﴿ يُوحِى بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ ٱلْقَوْلِ غُرُورًا ۚ ﴾
[ سورة الأنعام آية:﴿١١٢﴾ ]
يزين بعضهم لبعض الأمر الذي يدعون إليه من الباطل، ويزخرفون له العبارات؛ حتى يجعلوه في أحسن صورة؛ ليغتر به السفهاء، وينقاد له الأغبياء الذين لا يفهمون الحقائق، ولا يفقهون المعاني، بل تعجبهم الألفاظ المزخرفة، والعبارات المموهة، فيعتقدون الحق باطلاً، والباطل حقاً.
🥀
﴿ وَلِتَصْغَىٰٓ إِلَيْهِ أَفْـِٔدَةُ ٱلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِٱلْءَاخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ ﴾
[ سورة الأنعام آية:﴿١١٣﴾ ]
أخبر أن كلام أعداء الرسل تصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة. فعلم أن مخالفة الرسل وترك الإيمان بالآخرة متلازمان؛ فمن لم يؤمن بالآخرة أصغى إلى زخرف أعدائهم فخالف الرسل كما هو موجود في أصناف الكفار والمنافقين في هذه الأمة وغيرها.
🥀
﴿ وَلِتَصْغَىٰٓ إِلَيْهِ أَفْـِٔدَةُ ٱلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِٱلْءَاخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ ﴾
[ سورة الأنعام آية:﴿١١٣﴾ ]
أخبر أن كلام أعداء الرسل تصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة. فعلم أن مخالفة الرسل وترك الإيمان بالآخرة متلازمان؛ فمن لم يؤمن بالآخرة أصغى إلى زخرف أعدائهم فخالف الرسل كما هو موجود في أصناف الكفار والمنافقين في هذه الأمة وغيرها.
🥀
{أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا ۚ وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ ۖ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ}
الآية 114 من سورة الأنعام
قل -أيها الرسول- لهؤلاء المشركين: أغير الله إلهي وإلهكم أطلب حَكَمًا بيني وبينكم، وهو سبحانه الذي أنزل إليكم القرآن مبينًا فيه الحكم فيما تختصمون فيه من أمري وأمركم؟ وبنو إسرائيل الذين آتاهم الله التوراة والإنجيل يعلمون علمًا يقينًا أن هذا القرآن منزل عليك -أيها الرسول- من ربك بالحق، فلا تكونن من الشاكِّين في شيء مما أوحينا إليك
🥀
﴿ وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا ۚ لَّا مُبَدِّلَ لِكَلِمَٰتِهِۦ ۚ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ ﴾
[ سورة الأنعام آية:﴿١١٥﴾ ]
(وتمت كلمة ربك صدقاً وعدلاً): فالله تعالى بعث الرسل بالعلم والعدل؛ فكل من كان أتم علما وعدلا كان أقرب إلى ما جاءت به الرسل.
🥀
﴿ وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِى ٱلْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ ۚ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا ٱلظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُو ﴾
[ سورة الأنعام آية:﴿١١٦﴾ ]
وسبب هذه الأكثرية: أن الحق والهدى يحتاج إلى عقول سليمة، ونفوس فاضلة، وتأمل في الصالح والضار، وتقديم الحق على الهوى، والرشد على الشهوة، ومحبة الخير للناس. وهذه صفات إذا اختل واحد منها تطرق الضلال إلى النفس بمقدار ما انثلم من هذه الصفات.
🥀
﴿ وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِى ٱلْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ ۚ ﴾
[ سورة الأنعام آية:﴿١١٦﴾ ]
دلت هذه الآية على أنه لا يستدل على الحق بكثرة أهله، ولا يدل قلة السالكين لأمر من الأمور أن يكون غير حق، بل الواقع بخلاف ذلك؛ فإن أهل الحق هم الأقلون عدداً، الأعظمون عند الله قدراً وأجراً.
🥀
﴿ فَكُلُوا۟ مِمَّا ذُكِرَ ٱسْمُ ٱللَّهِ عَلَيْهِ إِن كُنتُم بِـَٔايَٰتِهِۦ مُؤْمِنِينَ ﴾
[ سورة الأنعام آية:﴿١١٨﴾ ]
(إن كنتم بآياته مؤمنين) أي: إن كنتم بأحكامه وأوامره آخذين؛ فإن الإيمان بها يتضمن ويقتضي الأخذ بها والانقياد لها.
🥀
﴿ ۗ وَإِنَّ كَثِيرًا لَّيُضِلُّونَ بِأَهْوَآئِهِم بِغَيْرِ عِلْمٍ ۗ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُعْتَدِينَ ﴾
[ سورة الأنعام آية:﴿١١٩﴾ ]
ثم بين عز وجل في ضلالهم أنه على أقبح الوجوه، وأنه بالهوى لا بالنظر والتأمل، و(بِغَيْرِ عِلْمٍ) معناه: في غير نظر.
﴿ وَإِنَّ كَثِيرًا لَّيُضِلُّونَ بِأَهْوَآئِهِم بِغَيْرِ عِلْمٍ ۗ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُعْتَدِينَ ﴾
[ سورة الأنعام آية:﴿١١٩﴾ ]
فكل من اتبع ذوقا أو وجدا بغير هدى من الله -سواء كان ذلك عن حب أو بغض- فليس لأحد أن يتبع ما يحبه فيأمر به ويتخذه دينا، وينهى عما يبغضه ويذمه، ويتخذ ذلك دينا، إلا بهدى من الله؛ وهو شريعة الله التي جعل عليها رسوله. ومن اتبع ما يهواه حبا وبغضا بغير الشريعة فقد اتبع هواه بغير هدى من الله. ابن تيمية:3/96.
🥀
﴿ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ ﴾
[ سورة الأنعام آية:﴿١١٩﴾ ]
ودلت الآية الكريمة على أن الأصل في الأشياء والأطعمة الإباحة، وأنه إذا لم يرد الشرعُ بتحريم شيء منها فإنه باقٍ على الإباحة، فما سكت الله عنه فهو حلال؛ لأن الحرام قد فَصَّلَه الله، فما لم يفصله الله فليس بحرام.
🥀
غداً بحول الله وقوته نستكمل معا هذه السلسلة المباركة من علمتني سورة من القرآن الكريم
من إعداد
ليالي الرسول عتمان 🌷