جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
نشر الرسائل الجامعية
بقلم: محمد جبريل |
|
11/23/2014 2:17:58 PM |
|
ما قيمة الرسالة الجامعية إن اكتفي الباحث ـ بعد الحصول علي الدرجة العلمية ـ بإيداعها مكتبة الكلية التي ناقش فيها رسالته؟ يشغلني السؤال وأنا أراجع قوائم المراجع في كتب الدراسات. ثمة مراجع تعود إلي سنوات بعيدة. ظلت في أرفف المكتبات الجامعية دون أن تتاح ـ في كتب مطبوعة ـ للقارئ العادي.. فالباحث يشير إليها بعبارة "رسالة ماجستير. أو دكتوراة. غير منشورة". حدثني الصديق الدكتور عبدالمنعم تليمة عن رسائل جامعية أشرف علي إعدادها. ومناقشتها. تتميز بتناول قضايا غير مسبوقة. فإهمال طباعتها إذن يمثل ظلماً للدراسات الجامعية. والبحث العلمي في بلادنا.. فضلاً عن الإحباط الذي قد يعانيه الباحث.. الرسالة الجامعية جهد أكاديمي أمضي الباحث أعواماً في إنجازه "هذا هو المفروض" بإشراف أستاذ متخصص. بحيث يمثل إضافة ـ في مجاله ـ إلي البحث الأكاديمي. وحين تظل الرسالة رهينة نسخ لا تجاوز خانة الأحاد. فإن الأمر يتحدد في أحد عاملين: إما أن الباحث واجه مشكلة النشر. فأهمل الرسالة. وعني بإصدار كتب ـ بعد الحصول علي الدرجة العلمية ـ وتدريسها لطلابه.. وإما أن الرسالة أعدت لمجرد الحصول علي الدرجة العلمية. فمن الأوفق ـ للباحث. وللأستاذ المشرف وللكلية جميعاً ـ أن تظل في المكتبة. لا تتاح إلا لمن تعوزه المعلومات في المجال الذي تتناوله. وإن كان ينفي هذا الاحتمال الأخير ـ بالنسبة للرسائل التي ضمنها الباحثون قوائم مراجعهم ـ غياب الملاحظات السلبية فيما قدموه من اجتهادات. اللافت أن معظم الكتب المهمة كانت جهوداً أكاديمية لأصحابها. أذكر كتاب الأمريكية تيد نيكي الذي أعاد تقديم جمال الدين الأفغاني. سافرت الباحثة إلي كل المدن التي عاش فيها الأفغاني. وحصلت علي التواريخ الدقيقة والوثائق الأصلية. ذلك كله علي نفقة مؤسسة بترولية "دور يغيب في انفاقات مليونيرات زماننا!". لجأ إلي الكتاب في مؤلفات تالية لويس عوض وعلي شلش وغيرهما.. وأذكر كتاب طه حسين عن أبي العلاء المعري. وكتاب زكي مبارك "النثر الفني في القرن الرابع الهجري" وكتاب منصور فهمي "المرأة في الإسلام" وكتاب سهير القلماوي عن ألف ليلة وليلة إلخ. التوصية التي تقدمها لجان المناقشة بطباعة بعض الرسائل. يجب أن تشمل كل الرسائل. لأن إجازة رسالة ما يعني الموافقة علي ما تتضمه من جهد علمي. أما مجرد الاكتفاء بمنح الدرجة العلمية. فإن الرسالة تظل مشروعاً لا يكتمل إلا بنشره في كتاب. وإذا كان من أهم ما قدمه المجلس الأعلي لرعاية الفنون والآداب "مشروع نشر الرسائل الجامعية" فإن علي المجلس الأعلي للثقافة ـ في مواصلته لنفس الدور ـ أن يعيد الحياة إلي هذا المشروع القديم. أضاف المجلس ـ مؤخراً ـ إلي سلاسل إصداراته سلسلة للأعمال التي حصلت علي منح التفرغ. قرأنا أعمالاً متميزة. وأخري تحتمل النقد. إلي جانب أعمال تدفعنا إلي المطالبة بوجوب مراجعة فكرة التفرغ. الهدف من نشر أعمال المتفرغين أن يكتسب العمل قيمته بالصدور في كتاب. فلا يظل حبيس درج مؤلفه. أو أرفف إدارة التفرغ. ولأن الوجه ـ كما يقول المثل ـ له عينان. فإن إعادة مشروع نشر الرسائل الجامعية إلي الحياة. يعني التخلي ـ في أبسط تقدير ـ عن إهدار إمكانيات علمية ومادية.
|