الفراسة وحسن التصرف في الحوار
د. محمد بن فهد بن إبراهيم الودعانمقالات متعلقة
تاريخ الإضافة: 9/7/2013 ميلادي - 2/9/1434 هجري
زيارة: 1543
Share on favoritesShare on facebook Share on twitter Share on hotmailShare on gmail Share on bloggerShare on myspaceShare on digg
الفراسة وحسن التصرف
(تأملات في الحوار من خلال سورة يوسف)
الفراسة تعني: اختلاس العارف النظر في الشخص والتصرف على حاله.
أو هي القدرة على التنبؤ والنظر في البواطن، بقوة الذكاء والفطرة. ينظر: ابن الجوزي، غريب الحديث (2/184)؛ والحازمي، فراسة المؤمن (ص9)؛ والودعان، ضوابط الرؤيا (ص195).
وعلى هذا فمن أدب الحوار أن يكون المحاور سريع البديهة، حسن التصرف، ذكيًا فطنًا، متفرسًا في الطرف الآخر؛ لأن ذلك قد يؤثر على نجاح الحوار أو فشله.
ومن الشواهد على هذا الأدب في سورة يوسف - عليه السلام -:
1- قول يعقوب ليوسف - عليهما السلام - عندما قص عليه رؤياه: ﴿ قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾ [يوسف: 5].
في الآية حسن تصرف يعقوب - عليه السلام - حينما حذَّره من قص رؤياه على إخوته، وفيها عبرة بتوسم يعقوب - عليه السلام - أحوال أبنائه وارتيائه أن يكف كيد بعضهم لبعض. وفيها أيضًا الاحتراز من كل احتمال يخشى ضرره.
2- قوله تعالى: ﴿ وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ ﴾ [يوسف: 18].
معنى الآية أن إخوة يوسف - عليه السلام - جاءؤوا بقميصه ملطخًا بدم غير دم يوسف؛ ليشهد على صدقهم، فكان دليلًا على كذبهم؛ لأن القميص لم يُمزَّق.
فهنا نبي الله يعقوب - عليه السلام - واجه أبناءه بأن ما فعلوه من أمرٍ قبيحٍ، إنما هو من أنفسهم الأمارة بالسوء، وبالتالي فهو من فطنته وذكائه تفرس بوصفهم ومراوغتهم، وواجه قولهم - في هذا الحوار - بدحضه والرد عليه؛ ذلك أن الذئب لو كان أكل يوسف - كما يزعمون - لمزَّق وشقّ قميصه !ولهذا قال: ﴿ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ﴾ [يوسف: 18]، وفي قوله تعالى-على لسان يعقوب، - عليه السلام -: ﴿ يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [يوسف: 87].
3- قول عزيز مصر لامرأته في يوسف: ﴿وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [يوسف: 21].
قال ابن مسعود[1] - رضي الله عنه -: "أفرس الناس ثلاثة: العزيز في يوسف، حين قال لامرأته: ﴿ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا ﴾ [يوسف: 21]، وابنة شعيب حين قالت لأبيها في موسى: ﴿ اسْتَأْجِرْهُ ﴾ [القصص: 26]، وأبو بكر في عمر - رضي الله عنه - حين استخلفه".
وفي رواية أخرى: "وامرأة فرعون حين قالت: ﴿ لاَ تَقْتُلُوهُ عَسَى أَن يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا ﴾ [القصص: 9].
4- أن يوسف - عليه السلام - بشرهم بعد فراغه من تأويل رؤيا الملك بمجئ العام الثامن مباركًا خصيبًا كثير الخير، غزير النعم، وذلك بقوله: ﴿ ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ ﴾ [يوسف: 49].
وذلك من جهة الوحي، أو من جهة الفهم والذكاء وكمال الرأي والتفرس، إذْ من المعلوم أن بانتهاء السبع الشداد مجيء الخصب، والله أعلم.
5- قال تعالى عن يوسف: ﴿ وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ ﴾ [يوسف: 50].
فيوسف - قبل خروجه من السجن- طلب من الرسول أن يرجع إلى الملك؛ ليسأل النسوة اللاتي جرحن أيديهن عن حقيقة أمرهن معه؛ وفي هذا حسن التصرف، وبعد نظر من يوسف -عليه السلام -؛ لتظهر الحقيقة للجميع، وتتضح براءته، وبهذا قطع أقاويلهم وما هم عليه من الخطأ والتشكيك.
[1] أثر ابن مسعود- رضي الله عنه- أخرجه: ابن أبي شيبة، في المصنف (14/574) رقم (18904)؛ والطبراني، في المعجم الكبير (9/167) رقم (8829)؛ والحاكم، في المستدرك (2/345-346) وغيرهم، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبدالله بن مسعود موقوفاً، وهو صحيح على شرط مسلم.
- لماذا تخشى السلطة الحوار؟
- أول جلسة لمنتدى الحوار في المركز الإسلامي
- الحوار التصادمى.. نفق كيف نضيئه؟
- حوار حول الحوار مع غير المسلمين
- مراعاة الظروف النفسية في الحوار
- الوصول إلى أخف الأضرار في الحوار
- البدء بمواضع الاتفاق في الحوار
- الحكمة في الحوار
- التحايل للوصول إلى الحق في الحوار
- الإحسان في الحوار
- البصيرة والفراسة(مقالة - آفاق الشريعة)
- التصرف في المبيع قبل قبضه بغير البيع(مقالة - موقع أ.د.عبدالله بن مبارك آل سيف)
- اتقوا فراسة المؤمن(مقالة - آفاق الشريعة)
- خطبة المسجد الحرام 7 / 11 / 1434 هـ - حسن التصرف والوعي(مقالة - آفاق الشريعة)
- تقويم اللسانين (6)(مقالة - حضارة الكلمة)
- التصرف في الصبرة المشتراة جزافا(مقالة - موقع أ.د.عبدالله بن مبارك آل سيف)
- الأمم المتحدة والدعوة إلى حرية المرأة في التصرف في جسدها(مقالة - موقع الدكتور أحمد إبراهيم خضر)
- التصرف في المبيع قبل قبضه(مقالة - موقع الشيخ دبيان محمد الدبيان)
- باب التصرف في المبيع قبل قبضه(مقالة - موقع أ.د.عبدالله بن مبارك آل سيف)
- الهدايا للموظفين.. أحكامها وكيفية التصرف فيها (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/Social/0/57015/#ixzz2xlf6h8Z4