دكتور خالد ممدوح

دراسات قانونية في عصر الذكاء الاصطناعي وتقنية الميتافيرس

 

الذكاء الاصطناعي ونظام العدالة الجنائية

Artificial Intelligence and the Criminal Justice System

في غالبية مجالات الحياة نجد الذكاء الاصطناعي يغزو العديد من هذه المجالات التي كان يُعتقد سابقًا أنها المجال الحصري للذكاء البشري، والأمثلة على ذلك كثيرة، منها، السيارة ذاتية القيادة، والطيارة بدون طيار، والأسلحة الأتوماتيكية، والأقمار الصناعية، والتقنيات المتطورة مثل معالجة اللغة الطبيعية ومعالجة الصور.<!-- 

ويتفاعل معظمنا مع أنظمة الذكاء الاصطناعي يوميًا، حيث تؤثر الآلات وأجهزة الكمبيوتر على حياتنا الشخصية والعملية، فتطبيقات تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي لا تتعلق فقط بحياتنا العامة واليومية بل تشمل أيضاً مجالات أخرى.

وهناك العديد من التطبيقات الواقعية لأنظمة الذكاء الاصطناعي اليوم، ومن أهمها نظام العدالة الجنائية ونتناوله على النحو التالي.  

أولاً: مفهوم نظام العدالة الجنائية: العدالة الجنائية هي فرع من فروع القانون يتعامل مع الجرائم الجنائية والعقوبات المناسبة لها. تهدف العدالة الجنائية إلى حماية المجتمع وتحقيق العدالة من خلال معالجة الجرائم ومعاقبة المذنبين. تشمل هذه العملية إجراءات التحقيق والاعتقال والمحاكمة والإدانة وتنفيذ العقوبات. تعتبر العدالة الجنائية أيضًا ميدانًا مهمًا للحفاظ على حقوق الأفراد وضمان عدم انتهاكها في سياق العمليات الجنائية.

ويتكون نظام العدالة الجنائي من ثلاثة أقسام رئيسية: 1- التشريعي (خلق القوانين) 2- القضائي (المحاكم) 3- التأديبي (السجون، الحبس، المراقبة والإفراج المشروط) في نظام العدالة الجنائي تعمل هذه الوسائل المتميزة معاً على حدٍ سواء تحت سيادة القانون واعتبارها الوسيلة الرئيسية للمحافظة على سيادة القانون في المجتمع.

هناك ثلاثة طرق رئيسية للعدالة الجنائية:

<!-- العدالة الجنائية الجزائية: وهي الطريقة التي يتم فيها محاكمة المتهمين وإدانتهم بجرائمهم وفرض العقوبات عليهم، مثل السجن أو الغرامات.  

<!-- العدالة الجنائية الإصلاحية: وهي الطريقة التي تركز على إصلاح المتهمين وإعادتهم إلى المجتمع كأفراد منتجين، وتشمل برامج التأهيل والتدريب والتعليم.

<!-- العدالة الجنائية التآزرية: وهي الطريقة التي تركز على تحقيق العدالة للضحايا والمجتمع، وتشمل التعويضات المادية والمعنوية والتعاون بين المجتمع والسلطات القانونية لتحسين الوضع الأمني والاجتماعي.

ثانياً: العدالة الجنائية الدولية

ليس في الإمكان تطبيق العدالة الجنائية الدولية ما لم تتوافر مقوماتها ويقوم على تنظيمها وتطبيقها قانونيًّا قضاءٌ مختص، إلا أن ضرورة توافر هذه المقومات والتلازم الحتمي بين القانون والقضاء والعدالة والتأثير المتبادل بينهم، لا يعني الاندماج إلى درجة الانصهار وفقدان أحد المقومات وجوده بصفته كيانًا مستقلًّا في حال غياب الآخر، ثم إن غياب القضاء لا يعني عدم وجود القاعدة القانونية المنظِّمة للعدالة وإلزاميتها، بل إن غياب القانون والقضاء معًا لا يعني غياب فكرة العدالة السائدة في ضمائر الناس، وإنْ تجاهَلَ المُشرِّع "الدولي" اعتمادها فترة من الزمن في قواعد قانونية ملزمة، وخصّها بالقضاء المعنيّ بتطبيقها، على الرغم من أن ردات فعل أفراد المجتمع واستياءهم نتيجة عدم مواكبة المُشرِّع الفكرةَ القانونية الجديدة السائدة في المجتمع المتعلقة بمفهوم العدالة، ستُلزم المُشرِّع مواكبتها عاجلًا أم آجلًا، وإلّا كان مصيره العُزلة عمَّن يحكمهم، ومن ثم فقدان الشرعية أو زعزعتها على أقل تقدير.

لكن المُشرَّع يُبادر في بعض الأحيان إلى صوغ فكرة العدالة وتنظيم أحكامها من دون أن تكون لها سابقة، أو يَسعى إلى تطويرها تبعًا للظروف التي دفعته إلى ذلك، فيفرضها بقواعد قانونية ملزمة، اتفاقيةً كانت أو عُرفية<!--.

ثالثاً: نظام العدالة الجنائية في الولايات المتحدة الأمريكية: يعد نظام العدالة الجنائية في الولايات المتحدة الأمريكية مثالاً على استخدام الذكاء الاصطناعي للتوسط بين النظام القضائي والمتهمين، إذ أصبح من الشائع استشارة "خوارزميات وبرمجيات" تقييم المخاطر قبل المحاكمة عند تحديد مدة أحكام السجن وكذلك المساهمة في القرارات المتعلقة بالإدانة والبراءة.

وأساس القرارات التي تتخذها هذه برمجيات يقوم على عدة عوامل مثل عمر المتهم، والجنس، والجغرافيا، والوضع الاجتماعي والاقتصادي، والخلفية الأسرية، والسوابق الإجرامية، والوضع العائلي، ومن خلال هذه العوامل يقوم نظام الذكاء الاصطناعي ومن خلال هذه العوامل يقوم نظام الذكاء الاصطناعي بالترجيح بين هذه العوامل فيما يتعلق ببعضها البعض من أجل تكوين صورة سلوكية للمتهم.

 

<!--[if !supportFootnotes]-->

للتواصل من المؤلف: دكتور/ خالد ممدوح 

[email protected]

 


<!--[endif]-->

<!-- - د. خالد ممدوح إبراهيم، التنظيم القانوني للذكاء الاصطناعي، دار الفكر الجامعي، 2023.

<!-- -www.dohainstitute.org

 

المصدر: د. خالد ممدوح إبراهيم، التنظيم القانوني للذكاء الاصطناعي، دار الفكر الجامعي، 2023.

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

96,739