<!--

<!--<!--<!--<!--<!--<!--<!--<!--<!--<!--

النيل الخالد و سرمدية الحوار و الصراع مع جيراننا الأفارقة

 ثالثا: نقاط الخلاف و خارطة طريق للحوار

بقلم أ. د. قاسم زكى [email protected],eg  

أستاذ الوراثة بكلية الزراعة، جامعة المنيا، المنيا، مصر ( (MUوالرئيس الأسبق للجمعية الأفريقية لعلوم الحاصلات الزراعية (ACSS)، ليسانس تاريخ، كلية الآداب، جامعة المنيا 1997م (

 

يمثل النيل الحبل السُرى للحياة فى مصر المحروسة، و حيث أن منابعة تقع خارج حدودنا بآلاف الكيلومترات، فقد دفع هذا أجدادنا لاستكشاف منابعة و محاولة تأمينها، بل قدس أجدادنا الفراعنة النيل، و أطلقوا عليه الإله "حابى" و كانت له مكانة خاصة فى حياتهم. و أثناء رحلته الطويلة (قرابة 7 آلاف كم) يخترق النيل احد عشر بلدا أفريقيا شعوبها متنوعة و طموحاتها متباينة و احتياجاتها مختلفة، فمنابع النيل تقع فى منطقتين، أُولاهما في الهضبة الاستوائية حيث دول تنزانيا، و بروندي، و رواندا، و الكنغو، و أوغندا، و كينيا، و ثانيتهما فى الهضبة الأثيوبية حيث أثيوبيا، و إريتريا، و جنوب السودان، بينما تمر مياهه المتدفقة عبر السودان، ثم مصر المحروسة لتصب فى البحر المتوسط.

 وعبر ثلاثية هذا المقال نتناول علاقات الحوار و الصراع بين مصر و دول حوض النيل، فقد ناقشنا فى الجزء الأول منه (جريدة العربي الأفريقي ،العدد 59، يوليو 2015م) جغرافية النيل، و جهود مصر لاستكشافه منذ عهد الفراعنة العظام و حتى عهد الخديوي إسماعيل، و تناولنا قوة مصر الناعمة و خاصة دورها فى نشر المسيحية بأثيوبيا حتى أصبحت الكنيسية الأثيوبية ما هى إلا كنيسية قبطية مزروعة فى أرض الحبشة طيلة 16 قرنا من الزمان، و أيضا دور مصر الحديثة مع انبثاق ثورة 23 يوليو 1952 المجيدة و صداها فى القارة أجمع. بينما تناولنا فى الجزء الثاني (جريدة العربي الأفريقي ،العدد 60، أغسطس 2015م) لمحات من تاريخ الصراع عبر الزمن، و فكرة الحبشة لتحويل مجرى النيل ليصب فى البحر الأحمر و تعطيش مصر، في مقابل طموح الخديوي إسماعيل فى احتواء إثيوبيا كبقية مناطق حوض النيل تحت السيطرة المصرية و دور القوى الاستعمارية فى هذا الصراع، و نشوب الحرب المصرية الأثيوبية (1868-1876م) و التى لم تحقق آى شئ مفيد للجانبين. لذا نناقش فى ذلك الجزء الثالث و الأخير بإذن الله، كيف يمكننا أبناء النيل أن نتجاوز خلافتنا و نضع خارطة طريق للحوار و التعاون من أجل نهضة شعوب وادى النيل قاطبة.

نقاط الخلاف و رواسب و دروس الماضى:

لقد ذاقت الشعوب الأوربية ويلات الحروب و الخلاف و الصراع كثيرا، بل عانى العالم كله معهم من حربين عالميتين مدمرتين أشعلتهما القوى الأوربية و راح ضحيتهم أكثر من خمسون مليون قتيل و تدمير الكثير من المنشآت لغالبية دول العالم، و ها هى أوربا اليوم قد وعت الدرس و ايقنت أن الصراع و الحروب ليس ورائها آى فائدة، و تناست ما بينها من خلاف و اختلاف فى كل شئ و أصبحت كدولة واحدة عظمى (الاتحاد الأوربي، يضم 28 دولة)  تنعم شعوبها بالطمأنينة و الرفاهية و التقدم، و تشارك بقوة فى تسيير دفة الأحداث فى العالم. فهل نعى نحن الدرس أم كُتب علينا أن نخوض لعقود عديدة صراع لا طائل من ورائه سوى تدمير الأخضر و اليابس و الحجر و البشر، ثم نصل لنفس النتيجة كأوروبا و لكن بعد عقود طويلة من الدمار.

 و كثيرا من يعتقد ان كلتا الدولتين (مصر و اثيوبيا) تبحثان عن زعامة أفريقيا (البائسة)، فكلاهما لها ثقل سكاني كبير و تاريخ موغل فى القدم و تتطلع كلتاهما لقيادة القارة و خاصة مع قيام ثورة يوليو 1952م بمصر و دورها الرائد فى أفريقيا. و إثيوبيا، التى تضم أهم منابع النيل، هى دولة داخلية لا تملك حدودا بحرية، وهى نقطة ضعف جغرافية خطيرة لأى دولة، و تجمع خليط  كبير من القبائل والأعراق فيها، وعدد سكانها 90 مليون نسمة، وناتجها المحلى الإجمالي نحو 40 مليار دولار، أي أقل من سبع نظيره فى مصر، ونحو 78% من سكانها تحت خط الفقر، لكنها تحقق أعلى معدل للنمو الاقتصادي فى إفريقيا بمتوسط بلغ نحو 9% سنويا فى السنوات العشر الأخيرة بمساندة كبيرة من الصين، بما يدفعها سريعا نحو تحسين أوضاعها الاقتصادية.

 و يرى البعض أن جيراننا فى أفريقيا يساورهم الشك (خطأ) بوجود إحساس بالاستعلاء العنصري لدى بعض الدبلوماسيين و المواطنين المصريين ضد الشعوب الإفريقية، و يتصورون أن مصر خارج القارة والثقافة الإفريقية، و ذكرى تجارة الرقيق و ما روجه المستعمر الأوربي عن دور العرب فيها، ثم قيام الخديوي إسماعيل بمحاربتها و خاصة فى دول حوض النيل. كذلك فترة التقلبات السياسية و حركات الانفصال هنا و هناك و صراع الحدود فى ربوع الحوض بعد أُفُولٌ الاستعمار ثم تدخل القوى الأجنبية بشكلها الجديد، كل هذا أوجد نقاطا للخلاف و الشك فى علاقات شعوب وادى النيل. زيادة على ذلك فترة البعد و الجفاء تجاه أفريقيا و التى عاشتها مصر خلال العقدين الأخيرين،  لذا لم يفاجأ الكثيرون لما تم يوم الجمعة (14 مايو 2010م) فى مدينة "عنتيبى Entebbe " الأوغندية النائمة على ضفاف بحيرة فيكتوريا، من الإجراءات التي اتخذتها أثيوبيا و أوغندا و رواندا و تنزانيا بالتوقيع علي اتفاق جديد (اتفاقية عنتيبى 2010م) لتقسيم مياه النيل دون مشاركة دولتي المصب (مصر والسودان)، ثم إعلان أثيوبيا فى اليوم التالى عن افتتاح أكبر سد مائي على بحيرة "تانا" أحد أهم موارد نهر النيل وذلك في سابقة خطيرة تؤشر إلى نية دول منابع النيل في تصعيد مواقفها ضد دول المصب. ثم تتفجر ثورة 25 يناير 2011م فى مصر تدعهما تطلعات الشعب للعيش و الحرية و الكرامة الإنسانية، و لكن تتوه دفة السياسة فى مصر طيلة السنوات الأربع الماضية، و ربما انتهز بعض ساسة أثيوبيا تلك الحالة من انشغال أبناء الكنانة فى ترتيب البيت من الداخل ليقوموا بتدشين العمل فى سد النهضة العملاق (أبريل 2011م) على النيل الازرق و الذى أدخل الشك فى نفوس شعوب دولتي المصب و خاصة مع عدم وضوح البيانات الخاصة بقدرات هذا السد و كميات المياه الضخمة التى سيحجزها و مدى تأثيراتها المستقبلية، و ربما حدث صراع لفترة ليست بالطويلة و حدثت أثناءه بعض الأخطاء المصرية فى إدارة هذا الملف، و كاد الصراع أن يصل لصدام. و في خطوة مثيرة للجدل، أعلنت الحكومة الإثيوبية (يوم الثلاثاء 28 مايو 2013م) عن بدء تحويل مجرى النيل الأزرق لبناء سد النهضة، وذلك للمرة الأولى في تاريخ نهر النيل، دون آى اعتبار لدولتي المصب، بل تم ذلك عقب انتهاء زيارة رئيس مصر لأثيوبيا لحضور قمة أفريقية.

و منذ الأزل تعتبر مصر قضية نهر النيل أمن قومي وخط أحمر‏، و جميع الاتفاقيات التي تم التوقيع عليها من قبل ملزمة للجميع وتتماشي مع الحقوق والمبادئ التي أقرتها المواثيق الدولية والأمم المتحدة التي تحذر دول النهر من أن تقوم بإجراء يضر بمصالح دولة من دول النهر سواء بانتقاص حصتها أو إرغامها علي تغيير حصتها من المياه‏.‏ وقد اتُخذت مسألة تنظيم مياه النيل وحقوق مصر فيها أو مشروعات أثيوبيا لتحويلها أو الاستفادة منها معنى من معانى الضغط على مصر وقد لعبت القوى الأجنبية دورا فى تأجيج هذه الخلافات. ومما يذكر أن الاتفاقية التي تحكم تنظيم مياه النيل بين أثيوبيا ومصر قد أبرمت فى 1902 بين كل من بريطـــانيا (المسئولة عن مصر والســــودان) و إيطــــاليا (المسئولة عن الحبشة) في ذلك الوقت، وتقضى بالا تقوم أثيوبيا ببناء أى سدود أو خزانات على بحيرة "تانا" أو النيل الأزرق من شأنها أن تؤثر على تدفق مياه النيل إلى مصر وقد أعلنت أثيوبيا تنصلها من هذه الاتفاقية بحجة أنها أبرمت فى ظل أنظمة استعمارية. و تنصل أثيوبيا هذا يتعارض مع اتفاقية فيينا لعام 1978م المتعلقة بالتوارث الدولي للمعاهدات واستمرار ما ترتبه من آثار مهما تغيرت أنظمتها الحاكمة، و التى يعضدها حكم محكمة العدل الدولية عام 1997 م بين سلوفاكيا والمجر حول أحد المشروعات على نهر الدانوب وقد أكدت المحكمة مبدأ توارث المعاهدات.

وخارطة طريق للحوار:

تقتنع قياداتنا السياسية بمصر أن الحوار هو السبيل الوحيد للوصول إلي صيغة معتدلة تُرضي جميع الأطراف‏، و من أجل هذا شاركت فى وضع عدة بروتوكولات و معاهدات واتفاقيات دولية تنظم الاستغلال الأمثل لمياه النيل )بروتوكول روما 1891 – معاهدة أديس أبابا 1902 – معاهدة لندن 1906 – معاهدة 1906 بين كل من إيطاليا وفرنسا وبريطانيا  – تبادل مذكرات بين إيطاليا وبريطانيا عام 1925 – مذكرة القاهرة عام 1929 – مذكرة عام 1938 – مذكرة 1953 – اتفاق مصر والسودان عام 1959 – اتفاق أوغندا عام 1991 – اتفاق أثيوبيا عام 1993(.  وتجسيدا لهذه القناعة ساهمت مصر و بقوة فى إنشاء مجموعة "الأندجو UNDUGU" عام 1983م و هي منظمة الدول التي تشترك في حوض نهر النيل، بل يرجع لمصر الفضل فى قيامها أساسا. و فى  فبراير1999 وقعت دول حوض النيل في تنزانيا "مبادرة حوض النيل" و هي اتفاقية تهدف لتدعيم أواصر التعاون الإقليمي (سياسي واجتماعي) بين هذه الدول.  و أنشأت الحكومة المصرية فى العام 1980 "الصندوق المصري للتعاون الفني مع أفريقيا"  بوزارة الخارجية وتهدف أنشطته بشكل رئيسي إلى تعزيز العلاقات الثنائية من خلال إيفاد الخبراء المصريين لتقديم و نقل المساعدة التقنية، وتنظيم دورات تدريبية في مختلف التخصصات، و تقديم المساعدات الطبية البشرية والطارئة للبلدان المتضررة من الكوارث الطبيعية. وغطت أنشطة الصندوق عديد من مناطق أفريقيا و بطرق جديدة للتعاون التقني من خلال إبرام اتفاقات ثلاثية للتعاون مع الدول والمنظمات المانحة. و في الاعوام الاخيرة، قام الصندوق بتوسيع نطاق أنشطته من خلال إنشاء المزارع المشتركة في بعض البلدان الأفريقية بناء على طلبها، والاستجابة للاحتياجات الملحة مثل إيفاد قوافل طبية لعلاج بعض الأمراض المتوطنة، أو توفير المعدات المتطورة في مجال تكنولوجيا المعلومات .و قد نجح الصندوق فى تنفيذ هذه البرامج و تقديم المساعدة التقنية اللازمة لتطوير القدرات الأفريقية وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة للحكومات الأفريقية.

و فى خطوة تالية لتعزيز جهود الصندوق، حيث تبذل مصر خلال الفترة الراهنة جهودا مكثفة من أجل استعادة دورها الريادي في القارة الإفريقية والذي تراجع كثيرا خلال السنوات الماضية، فقد أعلنت مصر العام الماضي 2014م، عن تدشين "وكالة التنمية الأفريقية" التي تهدف إلى التركيز على دعم المشاريع التنموية الكبرى في البلدان الأفريقية والدول النامية الأخرى التي تربطها معها علاقات ودية. و ستركز الوكالة أساسا على المجالات التي تحتل فيها القاهرة ميزة نسبية وخبرة كبيرة، من بينها مجالات الاتصالات والنقل وتكنولوجيا المعلومات، فضلا عن الصحة والزراعة والطاقة. و قد ولدت فكرة تأسيس الوكالة (يوليو 2014م) من خلال اندماج "الصندوق المصري للتعاون الفني مع أفريقيا" (الذى تحدثنا عنه اعلاه) و"الصندوق المصري للتعاون الفني مع دول الكومنولث والدول الإسلامية الأوروبية والدول المستقلة حديثا"، وتخطت الوكالة الجديدة مجال التعاون التقني الذي سيوفره الصندوقين المدمجين، حيث ستكون مهام تلك الوكالة رائدة، هدفها الرئيسي هو استعادة دور القاهرة في القارة السمراء. و سوف تعتمد موارد الوكالة في البداية على المال المخصص لهذين الصندوقين في الميزانية (مبلغ قيمته 134 مليون جنيه مصري، أي حوالي 18 مليون دولار) سنويا، و تطمح الحكومة لتوسيع موارد الوكالة من خلال الشراكات مع القطاع الخاص وصناديق الاستثمار العربية والخليجية والأفريقية، بالإضافة إلى التنسيق مع المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة. ان تلك الوكالة هي أفضل ما لدى مصر لكي تقدمه لحوض النيل و أفريقيا في ظل افتقادها للقدرة الاقتصادية، خاصة وأن القارة السمراء تمتلك امكانيات وقدرات هائلة ولا ينقصها سوى الخبرة. وتعتبر تلك الوكالة هي الخطوة الأولى في طريق التقارب المصري الأفريقي بعد أن استغل لاعبين جدد انحسار دور مصر التقليدي، وكان أول هؤلاء اللاعبين ومستغلي الفرصة إسرائيل و الصين الولايات المتحدة .أيضا هناك كثير من الاستثمارات و الشركات المصرية (حكومية أو خاصة) تعمل فى تلك البلدان، كذا تقدم مصر العديد من المنح و ترسل البعثات، خاصة بعثات الأزهر الشريف لكافة بقاع القارة السمراء، بالإضافة للتبادل التجاري من تصدير و استيراد بين مصر و أفريقيا و خاصة دول حوض النيل، و إن كان هذا النشاط يحتاج لمزيد من الإهتمام و التوسع. و رغم الفتور الذى أصاب العلاقات بين دول الحوض و قيام  مصر بتجميد عضويتها فى "مبادرة حوض النيل" أثناء تلك الخلافات و تأزم الموقف، فكان لابد من اللجوء للحوار.

الحوار و إشكالية سد النهضة:

 و لقد كانت أخر تلك المحاولات (الناجحة) للحوار بدأت فى ملابو (غينيا) 26 يونيو 2014م على هامش قمة الاتحاد الأفريقي بلقاء الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيس الدولة المصرية و رئيس وزراء إثيوبيا "هيلى ماريام ديسالين" Haile Mariam Dessalines ، و استطاعا بحوارهما السريع أن يمدا جسور الثقة المتبادلة إلى العلاقات المصرية الأثيوبية، ليعيدا الي الاذهان العلاقات المتميزة بين البلدين قبل ان تشهد خفوتا واضحا في عهد مبارك ومراحل ثورة يناير، و بهذا الحوار تجاوزت علاقات البلدين سحبا كثيفة من الشكوك وسوء الظن المتبادل و فتحت خطا جديد للحوار و التعاون و خارطة طريق جديدة بعيدا عن الصراع. و منذ ذلك التاريخ تشهد العلاقات بدول الحوض خصوصا و أفريقيا عموما نشاطا دبلوماسيا مكثفا من جانب مصر من أجل حل الأزمة التي نشبت بين دول المنبع و المصب بحوض النيل‏. و لعل الإنفراجة لاحت فى الأفق مع ترحيب كل دول الحوض و على رأسهم أثيوبيا بالتعاون‏.‏ و لقد مهدت زيارات مسئولى تلك البلدان للقاهرة و شرم الشيخ فى الأشهر الماضية، و زيارات القيادة المصرية لعديد من البلدان الأفريقية الطريق إلى الحوار و التعاون الإقتصادى، و البعد عن الصراع الذى لا طائل منه سوى تأخر مشاريع التنمية فى بلدان حوض النيل و أفريقيا. و بتوقيع "مذكرة المبادئ" بين الدول الثلاث الكبرى فى حوض النيل الشرقى (مصر و اثيوبيا و السودان) فى مدينة الخرطوم (23 مارس 2015م) بحضور ممثلين عن كافة دول الحوض و المنظمات الدولية و بعض ممثلي دول المنطقة، بدأت بشائر الهدوء و الثقة تعود من جديد و دارت عجلة الحوار.

 و لعلنا نكتب هذا المقال و تتبادل القاهرة و الخرطوم و أديس أبابا لقاءات اللجنة الفنية الثلاثية لسد النهضة الأثيوبي (بحضور أعضاء اللجنة الـ12 خبيرا من كل من مصر والسودان وإثيوبيا، بالإضافة إلى ممثلين عن المكتبين الاستشاريين الدوليين الفرنسي "بى آر ال"، والهولندي "دلتارس” وبحضور المكتب القانوني "كوربت الانجليزي")، لمناقشة التفاصيل الفنية التى تهدف إلى الانتهاء من إجراءات التعاقد مع المكتبين الاستشاريين،  و من ثم البدء فى تنفيذ الدراسات، لتحديد آثار بناء سد النهضة الإثيوبي. و قد عقدت بالقاهرة أعمال الجولة السادسة (1-3 يوليو 2015م) و تلتها السابعة فى الخرطوم (21-24 يوليو 2015م)، فالثامنة فى أديس أبابا (20-22 أغسطس 2015م) دون الوصول لنتائج ملموسة، و أخيرا حدد 5 سبتمبر 2015م الحالي موعدا نهائيا لتسليم المكتبين الاستشاريين الدوليين العرض الفنى المعدل، على ان يتم مناقشة ملاحظات الدول الثلاثة على هذا العرض والتوافق النهائي بشأنه تمهيدا للاتفاق على موعد ومكان توقيع العقود مع المكتبين الاستشاريين للبدء في تنفيذ الدراسات خلال مدة اقصاها 11 شهرا من تاريخ توقيع العقود. و اكدت مصر مرارا وتكرارا حرصها على عنصر الوقت الذي يعد عاملا مهما في حسم الخلافات حول بناء سد النهضة وفق الدراسات العلمية المرتقبة من المكتبين الاستشاريين والتي تحدد تأثير بناء السد على مصر والسودان، من حيث السعة الملائمة للتخزين والمدة الملائمة لملء خزان السد.

و للأسف هذا التلكؤ يلقى بمزيد من الشك و الريبة و خاصة مع إعلان أثيوبيا أنها أنهت أكثر من 50% من بناء السد (كما ذكرت وسائل الإعلام)، و لكن لابد للأطراف أن تثبت حسن نيتها و تطبق هذا على الواقع لأنه طالما الحياة مستمرة فإن علاقة الجوار سرمدية و لابد من الحوار الصادق و الشفاف و التعاون المثمر تفاديا للصراع و الذى لا طائل من ورائه لشعوب المنطقة. و سيبقى النيل دوما هو ينبوع الحياة لمصر و المصريين، و لن يتخلى الشعب عن حمايته مطلقا فهو مسألة حياة أو موت، مع حرصة على علاقات حميمة مع الجيران.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المصدر: جريدة العربي الأفريقي ،العدد 61، سبتمبر 2015م، صفحة 10
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 307 مشاهدة

ساحة النقاش

الأستاذ الدكتور قاسم زكى أحمد حامد Kasem Zaki Ahmed

KasemZakiAhmed
تعريف مختصر بالدكتور/ قاسم زكى أحمد أستاذ الوراثة المتفرغ ورئيس اللجنة المصرية الوطنية للعلوم الوراثية، والوكيل الأسبق لكلية الزراعة - جامعة المنيا- المنيا- مصر)، (والرئيس الأسبق للجمعية الأفريقية لعلوم الحاصلات الزراعية، وعضو الرابطة العربية للإعلاميين العلميين، وعضو اتحاد كتاب مصر) • مواليد 8 أغسطس 1958م بمحافظة أسوان- جمهورية مصر العربية، »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

276,068