بسم الله الرحمن الرحيم
مسالك العلة
http://www.alukah.net/sharia/0/22067/
الحمد لله منزل القرآن والباديء بالإحسان والعائد بالامتنان والصلاة والسلام على سيِّدنا محمد r خير وُلْد عدنان، وعلى آله وصحبه وتابعيهم في كل مكان وزمان.
أما بَعْدُ
فإن مسالك العلة هي الطرق التي يعرف بها ما اعتبره الشارع علة وما لم يعتبره علة.
وقد ثبت بالاستقراء أن علل الأحكام تشتق من النصوص أو من الإجماع أو من الاستنباط الفقهي من مجموع الأحكام الشرعية.
1- فمن العلل التي تثبت بالنص الإسكار من حيث هو علة التحريم فمن القرآن الكريم قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى )(النساء: من الآية43) ومن السنة قوله r : " إنما جعل الإذن لأجل البصر" .رواه النَّسائي والترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح ولفظه: " إنما جعل الاستئذان من أجل البصر".
2- ومن العلل التي تثبت بالإجماع تقديم الأخ الشقيق على الأخ لأب في الميراث بسبب رجحانه بقرابة الأم فيكون بالقياس يقدم ابن العم الشقيق على ابن العم لأب وابن الأخ الشقيق على ابن الأخ لأب وبالقياس يثبت تقديم الأخ الشقيق على الأخ لأب في الولاية.
3- إذا لم يكن نص يبين العلة أو يومئ إليها فإن الطريق لتَعَرُّفِها يكون الاجتهاد الفقهي بتعريف الأوصاف المختلفة في المحكوم فيه وتعرف أيها يصلح وصفاً يكون مناسباً للحكم فمثلاً إذا ورد في الصحيحين عن النبي r أن رجلاً جامع امرأته في نهار رمضان فأخبر النبي r فطالبه بكفارة عتق رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً، فلا شك أن النص معلل ولكن ما هي علته؟
أتعتبر العلة لكونه واقع في نهار رمضان؟ أم مجرد الإفطار؟
...... ويسمى هذا تنقيح المناط وهناك فرق بينه وبين تخريج المناط و تحقيق المناط.
ويقصد به ( أي : تنقيح المناط): أن يكون هناك علة للحكم قد تُستفاد من مجموع ما اشتمل عليه فيتعرف الوصف الذي يصلح علة من بين هذه الأوصاف ويستعبد الوصف الذي يكون غير مناسب حتى ينتهي المجتهد إلى الوصف المناسب الذي يصلح العلة.
* أما تخريج المناط: فهو تعرف الوصف الذي يصلح علة إذا لم يكن بياناً للعلة من النصوص بالعبارة أو الإشارة أو الإيماء ولم يكن إجماعاً على علة كاستنباط أن القتل الموجب للقصاص هو القتل المقصود بآلة من شأنها أن تقتل عادة فيثبت الحكم في كل قتل بأي آلة لها هذا الشأن سواء كانت مستعملة في عصر التزيل أم لا.
* وأما تحقيق المناط: فهو النظر في معرفة وجوده في آحاد الصور التي ينطبق عليها وتدخل في عمومها بعد أن تكون العلة نفسها قد عرفت بطرق المعرفة المختلفة كالعدالة فإنها مناط الإلزام في الشهادة..............
وفي الحق إن تعرف العلل واستخراجها من النصوص والأحكام هو عمل الفقيه الحاذق الذي عالج النصوص وتحرَّى فهمها فهماً عميقاً، وتعرف مقاصد الشريعة في عمومها وفي خصوصها.
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين كلماذكره الذاكرون أوغفل عن ذكره الغافلون.
ساحة النقاش