النسخ في اللغة بين ثلاثة معانٍ :النقل من ورقة أو كتاب إلى آخر،وأيضاً الإزالة مع عدم إبداله بشيء آخر((( وله أمثلة محدودة في الشرع)))، وأيضاً الإزالة مع الإبدال بشيء آخر كقولهم:نسختِ الشمسُ الظِّلَّ وهو مدار النسخ في شريعتنا المحمدية الغراء .
أنواع النسخ
:*** الأول: ما نُسخَ لفظُهُ وبقي حُكمهُ، مثل: آية الرجم كما في مسند الإمام أحمد ومستدرك الحاكم وسنن الدارمي وطبقات ابن سعد أنّ عمر بن الخطاب رضي الله قال : " إيّاكم أن تهلكوا عن آية الرجم .. والذي نفسي بيده لولا أن يقول الناس : زاد عمر في كتاب الله لكتبتها : الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتّة ، نكالاً من الله ، والله عزيز حكيم . فإنّا قد قرأناها".
فسورة الأحزاب كانت تعدل سورة البقرة كما في تفسير الطبري والمحلى لابن حزم وغيرهما وصححه الألباني"عن أبي بن كعب أنه سأل عن سورة الأحزاب قال فقال نعدها ثلاثاً وسبعين آية فقال أُبي فواللذي أنزل الكتاب على محمد صلى الله عليه وسلم إن كانت لتوازي سورة البقرة أو هي أطول من سورة البقرة وإن كان فيها لآية الرجم قال قلت وما آية الرجم يا أبا المنذر قال الشيخ والشيخة فارجموهماألبتة"، ورُوي عن عمر وأُبي بن كعب وعكرمة مولى ابن عباس : " أنّ سورة الأحزاب كانت تقارب سورة البقرة ، أو هي أطول منها ، وفيها كانت آية الرجم " .في مسند أحمد ومستدرك الحاكم وسنن البيهقي.
***الثاني: مانُسخَ حُكمهُ وبقي لفظُهُ مثل: ما في سورة البينة: "أن ذات الدين عند الله الحنيفية لا اليهودية ولا النصرانية ولا المجوسية ومن يعمل خيراً فلن يكفره". رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي.وما سيأتي في حديث السيدة عائشة رضي الله عنها.
وما جاء في سورة الأنفال في قول الله تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ (65) الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (66) }.
*** الثالث: مانُسخَ لفظُهُ وحُكمُهُ، مثل: ما ثَبَتَ في موطأ الإمام مالك وصحيح الإمام مسلم وسنن الترمذي عن أم المؤمنين أم عبد عبدالله رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت:" كان فيما أُنزل من القرآن عَشْرُ رضَعات معلومات يحرمن ثم نُسخن بخمس معلومات فتُوُفِّيَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وهو فيما يقرأ من القرآن ".
[تنبيه]ممكن يكون هناك منسوخ ولا يُعلم ناسِخُهُ أي فيما لم يأتِ بدلاً منه بصورة صريحة لكن لاشك أنه جاء في القرآن الكريم إما ضمناً أو صراحة بين ثنايا الآيات علمها من علمها وجهلها من جهلها.مثل:لما ثَبَتَ في صحيح الإمام مسلم عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أنّه قال لقرّاء البصرة : " كنّا نقرأ سورة نشبّهها في الطول والشدّة ببراءة فأنسيتها ، غير أنّي حفظت منها : لو كان لابن آدم واديان من مال، لابتغى وادياً ثالثاً ، ولا يملأ جوف ابن آدم إلاّ التراب ".ولا نسخ في الأحكام ولا الأخبار ويصح النسخ بمساوٍ مماثل وبأعلا وبأدنى منه.وللنسخ حِكَمٌ منها:الاختبار ، التدرج في التعليم ،والتدرج في التشريع، والتأني في إصدار الأحكام ،مراعاة أحوال لمكلفين ، إظهار أخيار لأمة ، الترغيب والترهيب لفعل شيء أو تركه.والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين كلما ذكره الذاكرون أو غفل عن. كره الغافلون.آمين.
ساحة النقاش