بسم الله الرحمن الرحيم إِنَّ الحمدَ للهِ نَحمدُهُ ونَسْتَعينُهُ ونَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ من شُرورِ أَنْفُسِنَا وسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، من يَهْدِهِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمن يُضْلِلْ فَلا هَاديَ لَهُ. أما بعد،، فَإنَّ أصْدَقَ الْحَدِيْثِ كِتَابُ الْلهِ وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ r وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثاتُها وَكُلَّ مُحْدَثَةٍبِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالِةٌ وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِيْ النَّارِ أَجَارَنِيْ اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِنَ الضَّلاَلَةِ والنَّارِ . هذا وإنَّ مما يتميز به المسلمون الموحدون على سائر الأمم وأتْباع الديانات الأخرى بأنهم أهل النقل والعقل , لا يقبلون بأية رواية ما لم تحقق شروط القَبول من حيثُ اتصالُ السند وصحة المتن وبهذه الطريقة استطاع المحدثون الحفاظ على روايتهم منذ العصر القديم إلى العصر الحالي ؛ ولذا كان أهل الحديث هم أكثر اتَّباعاً لسنة النبي r وهم المعنيون بماأخرجه الإمامان: البخاريُّ ومسلمٌ -واللفظ له- في صحيحيهما: "قَالَ رَسُولُ اللَّهr " لا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ لا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ"([2]). وحديث الأوعال هو: عن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه قال : ( كُنتُ فِي البَطْحَاءِ فِي عِصَابَةٍ فِيهِم رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ، فَمَرَّت بِهِم سَحَابَةٌ ، فَنَظَرَ إِلَيهَا فَقَالَ : " مَا تُسَمُّونَ هَذِهِ ؟ " قالوا : السَّحَابُ . قَالَ : " وَالمُزنُ " ، قَالُوا : وَالمُزنُ ، قَالَ : " وَالعَنَانُ " ، قَالُوا : وَالعَنَان ، قال : " هَل تَدرُونَ مَا بُعدُ مَا بَينَ السَّمَاءِ وَالأَرضِ ؟ " قالوا : لا نَدرِي . قَالَ : " إِنَّ بُعدَ مَا بَينَهُمَا إِمَّا وَاحِدَةٌ أَو اثنَتَانِ أَو ثَلاثٌ وَسَبعُونَ سَنَةً ، ثُمَّ السَّمَاءُ فَوقَهَا كَذَلِكَ - " حَتَّى عَدَّ سَبعَ سَمَوَاتٍ " - ثُمَّ فَوقَ السَّابِعَةِ بَحرٌ بَينَ أسفَلِهِ وَأَعْلاهُ مِثلُ مَا بَينَ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ ، ثُمَّ فَوقَ ذَلِكَ ثَمَانِيَةُ أَوْعَالٍ ، بَينَ أَظلافِهِم وَرُكَبِهِم مِثلُ مَا بَينَ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ ، ثُمَّ عَلَى ظُهُورِهِم العَرشُ ، مَا بَينَ أَسفَلِهِ وَأَعلاهُ مِثلُ مَا بَينَ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ ، ثُمَّ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَوقَ ذَلِكَ ) . قد رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجَهْ والحاكم في مستدركه وابن بطة في الإبانة الكبرى والطبراني في الكبير وأبويعلى والبيهقي في الأسماء والصفات و ابن خزيمة في التوحيد وابن مندَهْ في التوحيد و الدارمي في " النقض على بشر المريسي " والبزار في مسنده وابن خزيمة و[[[[ الحديث]]]] قال عنه الأئمة رحمهم الله تعالى: 1- قال الترمذي : حسن غريب و. 2- صححه الإمام ابن خزيمة. 3- صححه الإمام الجَوْرْقاني[3] . 4- صححه الحاكم ووافقه عليه الذهبي. 5- وأقرهم الحافظ ابن حجر(ت852هـ رحمه الله تعالى) في الفتح[4] كما في قاعدته في أول الفتح[5] . 6- حسنه الإمام ابن القيم[6] . 7- والإمام الذهبي[7] . 8- والحافظ ابن كثير[8] 9- وقبل (ابن القيم والذهبي وابن كثير) شيخُهم شيخُ الإسلام أحمد ابن تيميَّة ودافع عن ذلك ورد على من حاول تضعيفه ممن ناظروه في أحاديث العقيدة الواسطيَّة[9] فقال : ((وطلب بعضهم إعادة قراءة الأحاديث المذكورة في العقيدة ليطعن في[10] بعضها فعرفت مقصوده فقلت كأنك قد استعددت للطعن في حديث الأوعال حديث العباس بن عبد المطلب وكانوا قد تعنتوا حتى ظفروا بما تكلم به زكى الدين عبد العظيم من قول البخاري في تأريخه عبد الله بن عميرة لا يعرف له سماع من الأحنف فقلت هذا الحديث مع انه رواه أهل السنن كأبي داود وابن ماجه والترمذي وغيرهم فهو مروي من طريقين مشهورين فالقدح في أحدهما لا يقدح في الآخر وكفى بشيخ الإسلام علماً . وليعلم عظم إثم الافتراء على الله تعالى في الأمور العادية فكيف بأمر خطير وعظيم يتعلق بصفات الله عزوجل ؟! ولو كان لا يعرف إسناده أو ما قيل فيه لكان الأمر معقولاً لكن هو يعرف ذلك بل ويدافع عن تصحيح الحديث أما اللمز والطعن فيه وفي كل هؤلاء فإنه لا يخرج إلا من أَيْهَم . وقال[11] الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى: "وَقَدْ رَوَى أَحْمَد وَالتِّرْمِذِيّ مِنْ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة مَرْفُوعًا " إِنَّ بَيْن كُلّ سَمَاء وَسَمَاء خَمْسمِائَةِ عَام ، وَأَنَّ سُمْك كُلّ سَمَاء كَذَلِكَ ، وَأَنَّ بَيْن كُلّ أَرْض وَأَرْض خَمْسمِائَةِ عَام " وَأَخْرَجَهُ إِسْحَاق بْن رَاهْوَيْهِ وَالْبَزَّار مِنْ حَدِيث أَبِي ذَرّ نَحْوه ، وَلِأَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيّ مِنْ حَدِيث الْعَبَّاس بْن عَبْد الْمُطَّلِب مَرْفُوعًا " بَيْن كُلّ سَمَاء وَسَمَاء إِحْدَى أَوْ اِثْنَتَانِ وَسَبْعُونَ سَنَة " وَجُمِعَ بَيْن الْحَدِيثَيْنِ بِأَنَّ اِخْتِلَاف الْمَسَافَة بَيْنهمَا بِاعْتِبَارِ بُطْء السَّيْر وَسُرْعَته" .انتهى. وفيه أيضاً[12]: " اِخْتَلَفَ الْخَبَر الْوَارِد فِي قَدْر مَسَافَة مَا بَيْن السَّمَاء وَالْأَرْض ، وَذَكَرَ هُنَاكَ مَا وَرَدَ فِي التِّرْمِذِيّ أَنَّهَا مِائَة عَام وَفِي الطَّبَرَانِيّ خَمْسمِائَة ، وَيُزَاد هُنَا مَا أَخْرَجَهُ اِبْن خُزَيْمَةَ فِي التَّوْحِيد مِنْ صَحِيحه وَابْن أَبِي عَاصِم فِي " كِتَاب السُّنَّة " عَنْ اِبْن مَسْعُود قَالَ : بَيْن السَّمَاء الدُّنْيَا وَاَلَّتِي تَلِيهَا خَمْسمِائَةِ عَام ، وَبَيْن كُلّ سَمَاء خَمْسمِائَةِ عَام . وَفِي رِوَايَة " وَغِلَظ كُلّ سَمَاء مَسِيرَة خَمْسمِائَةِ عَام ، وَبَيْن السَّابِعَة وَبَيْن الْكُرْسِيّ خَمْسمِائَةِ عَام ، وَبَيْن الْكُرْسِيّ وَبَيْن الْمَاء خَمْسمِائَةِ عَام ، وَالْعَرْش فَوْق الْمَاء وَاَللَّه فَوْق الْعَرْش وَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْء مِنْ أَعْمَالكُمْ " وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيث أَبِي ذَرّ مَرْفُوعًا نَحْوه دُون قَوْله وَبَيْن السَّابِعَة وَالْكُرْسِيّ إِلَخْ ، وَزَادَ فِيهِ " وَمَا بَيْن السَّمَاء السَّابِعَة إِلَى الْعَرْش مِثْل جَمِيع ذَلِكَ " وَفِي حَدِيث الْعَبَّاس بْن عَبْد الْمُطَّلِب عِنْد أَبِي دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ اِبْن خُزَيْمَةَ وَالْحَاكِم مَرْفُوعًا " هَلْ تَدْرُونَ بُعْد مَا بَيْن السَّمَاء وَالْأَرْض ؟ قُلْنَا لَا ، قَالَ : إِحْدَى أَوْ اِثْنَتَانِ أَوْ ثَلَاث وَسَبْعُونَ ، قَالَ وَمَا فَوْقهَا مِثْل ذَلِكَ حَتَّى عَدَّ سَبْع سَمَاوَات ، ثُمَّ فَوْق السَّمَاء السَّابِعَة الْبَحْر أَسْفَله مِنْ أَعْلَاهُ مِثْل مَا بَيْن سَمَاء إِلَى سَمَاء ، ثُمَّ فَوْقه ثَمَانِيَة أَوْعَالٍ مَا بَيْن أَظْلَافهنَّ وَرُكَبهنَّ مِثْل مَا بَيْن سَمَاء إِلَى سَمَاء ثُمَّ الْعَرْش فَوْق ذَلِكَ بَيْن أَسْفَله وَأَعْلَاهُ مِثْل مَا بَيْن سَمَاء إِلَى سَمَاء ثُمَّ اللَّه فَوْق ذَلِكَ " وَالْجَمْع بَيْن اِخْتِلَاف هَذَا الْعَدَد فِي هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ أَنْ تُحْمَل الْخَمْسمِائَةِ عَلَى السَّيْر الْبَطِيء كَسَيْرِ الْمَاشِي عَلَى هِينَته ، وَتُحْمَل السَّبْعِينَ عَلَى السَّيْر السَّرِيع كَسَيْرِ السُّعَاة ، وَلَوْلَا التَّحْدِيد بِالزِّيَادَةِ عَلَى السَّبْعِينَ لَحَمَلْنَا السَّبْعِينَ عَلَى الْمُبَالَغَة ، فَلَا تُنَافِي الْخَمْسمِائَةِ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْجَوَاب عَنْ الْفَوْقِيَّة فِي الَّذِي قَبْله" .انتهى. والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمدكلما ذكره الذاكرون أو غفل عن ذكره الغافلون. جمعها محمود داود دسوقي خطابي [1] - قال الإمام مجد الدين أبو السعادات ابن الأثير( ت 606هـ رحمه الله تعالى) في " النهاية في غريب الحديث"،جـ3 ص355 : " ( أَوْعال ) أي ملائكةٌ على صُورة الأَوْعال ، وهم تُيوسُ الجَبَل ، واحِدُها :وَعِل بكسر العين . ( الظِّلْف ): للبَقَر والغَنَم كالحافِر للفَرس والبَغْل، والخُفِّ للبَعِير " انتهى . ([2]) ورواه البخاري عن المغيرة ابن شعبة برقم (3640)، ورواه مسلم عن ثوبان برقم (1920) 3/1523-1524وينظر: فتح الباري: 6/464 و 13/249 و13/372. [3] - في الأباطيل ،جـ1ص212، حيث قال:هذا حديث صحيح. [4] - في فتح الباري شرح صحيح البخاري،جـ6ص293 ، جـ13ص413 . [5] - كما قال هو ذلك في هَدْي الساري مقدمة فتح الباري ج 1 ص 3. حيث قال: " منتزعاً كل ذلك من أمهات المسانيد والجوامع والمستخرجات والأجزاء والفوائد بشروط الصحة أو الحُسْن فيما أُورِدُهُ من ذلك". انتهى. [6] - كما في اجتماع الجيوش،ص93 ،وفي مختصر الصواعق المرسلة،جـ2ص356 ،وفي حاشية تهذيب السنن،جـ 7ص93 ،وفي النونية كما في شرحها للشيخ أحمد بن إبراهيم بن عيسى ،جـ1ص519. [7] - لإيراده إياه في العلو مستدلاً به ،ص73و74و114 ،وأيضاً في موافقته وإقراره للإمام الحاكم في تلخيص المستدرك،جـ3 ص327 حيث إنه قوىحديث الوليد بن أبي ثور فقال :صحيح على شرط مسلم. [8] - في البداية والنهاية ،جـ1ص31 ،وفي تفسيره في مواضع؛ حيث إقراره وسكوته عن تصحيح وتحسين من تقدمه من الأئمة رحمهم الله تعالى أجمعين.آمين. [9] - كما في مجموع الفتاوى،جـ3ص191 . [10] - نفسه،جـ3ص192 . [11] - في فتح الباري شرح صحيح البخاري،جـ6ص293 . [12] - جـ13ص413 .
وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلاّ الله وَحْدَهُ لاَ شَريكَ لَه، شَهَادَةً يَصيرُ بِهَا العَمَلُ المَوْقُوفُ مَرْفُوعَاً، ويَتَّصِلُ بِهَا مَا كَانَ مَقْطُوعَاً،وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ المنَزَّلُ عَلَيْهِ أَصْدَقُ الْحَدِيثِ بَيْنَ الوَرَى فِي الْقَدِيمِ وَالْحَدِيثِ صَلَّى اللهُ عَلْيَهِ وَعَلَى آلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرينَ وَأَصْحَابِهِ نُجُومِ الْهُدَى الْمُسْتَرْشِدينَ وَعَلَى الْتَّابِعينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الْدِّينِ.
فقال : أليس مداره على ابن عميرة وقد قال البخاري لا يعرف له سماع من الأحنف ؟
فقلت : قد رواه إمام الأئمة ابن خزيمة في كتاب التوحيد الذي اشترط فيه انه لا يحتج فيه إلا بما نقله العدل عن العدل موصولاً إلى النبي قلت والإثبات مقدم على النفي والبخاري إنما نفى معرفة سماعه من الأحنف لم ينف معرفة الناس بهذا فإذا عرف غيره كإمام الأئمة ابن خزيمة ما ثبت به الإسناد كانت معرفته وإثباته مقدما على نفى غيره وعدم معرفته
ووافق الجماعة على ذلك وأخذ بعض الجماعة يذكر من المدح ما لا يليق أن أحكيه )) .انتهى.
التحميلات المرفقة
نشرت فى 30 أكتوبر 2012
بواسطة Islamisright
محمود داود دسوقي خطابي
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
265,381
ساحة النقاش