بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي نزَّل الكتاب تِبيانًا لكل شيء، وهدىً ورحمة وبُشرى للمسلمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - الذي نزل الله - تعالى - إليه الذكر؛ ليبين للناس ما نزل إليهم لعلهم يتفكرون، وعلى آله وصحبه وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدِّين.
أما بعدُ ،،،
فقداقتضت حكمة العليم الحكيم أن يتولى هو بنفسه المقدسة الإفتاء في أحكام الميراث ؛ كما قال تعالى:
{يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ }النساء176
فوضع كل شئ في موضعه وكيف لا وهو واهب الحكمة لخلقه ؟! {يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ }البقرة269
أيعقل أن يهب الحكمة وحسن التدبيرلبعض خلقه ولا يقضي هو بها ؟! تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً وهو أعلم بخلقه كما قال تعالى : {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ }الملك14
وهو خلقنا ولكن كثيراً من الناس لا يتذكر هذا والله تعالى يقول في محكم التنزيل : {نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلَا تُصَدِّقُونَ }الواقعة57
وهو أرحم علينا من أنفسنا كما رواه البخاري في صحيحه .
ثم أتت شرذمة من الشانئين التابعين لأذناب الطاعنين من الكافرين يقولون : الإسلام أعطى للمرأة نصف ما أعطى للرجل وللرد على هؤلاء وأولئك في هذه الشبهة بالذات أُذكِّرُ من رضي بالله رباً وبالإسلام ديناًوبمحمدٍ r نبياً ورسولاً أن المرأة لا ترث نصف ما يرثه الرجل في كل الأحوال بل إن للمرأة مع الرجل حالات أربع وهي كالتالي :
الحالة الأولى : ترث المرأة نصف ما يرثه الرجل.
الحالة الثانية : ترث المرأة مثل ما يرثه الرجل .
الحالة الثالثة : ترث المرأة ضعف ما يرثه الرجل .
الحالة الرابعة : ترث المرأة ولا يرث الرجل .
أمـــا الحالة الأولى :
ترث المرأة نصف مايرثه الرجل ، وذلك كما في الحالات الآتية:
1- توريث الأبناء .
2- توريث الأشقاء .
3- توريث الإخوة لأب .
؛ لقوله تعالى : {يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ }النساء11
الحالة الثانية :
ترث المرأة مثل ما يرثه الرجل ، وذلك كما في الحالات الآتية :
1 - توريث الأبوين مع وجود الأولاد ؛ كما في قوله تعالى :
{ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ }النساء11
2 - الإخوة لأم إذا لم يكن للميت وارثٌ أصيل ؛ كما في قوله تعالى: { وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً أَو امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ فَإِن كَانُوَاْ أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاء فِي الثُّلُثِ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَآرٍّ وَصِيَّةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ }النساء12
3 - الحالة الثالثة :
ترث المرأة ضعف ما يرثه الرجل ، وذلك كما إذا ماتت امرأة وتركت زوجاً وأماً وأباً فإن الزوج يرث نصف التركة ؛ لقوله تعالى: { وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ }النساء12 وترث الأم ثلثها ويرث الأب الباقي وهو السدس ( نصف ميراث الأم وهو الثلث ) ؛ لقوله تعالى :
{ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ }النساء11
زوج أم أب
نصف ثلث سدس(نصف الأم)
4 - الحالة الرابعة:
ترث المرأة ولا يرث الرجل:
وذلك كما إذا ماتت امرأة وتركت زوجاً وأختاً شقيقة وأخاً لأب فإن الزوج يرث النصف ؛ وذلك لقوله تعالى :
{ وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ }النساء12 ، والأخت الشقيقة ترث النصف ؛ لقوله تعالى : {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِن لَّمْ يَكُن لَّهَا وَلَدٌ }النساء176 ، ولا شئ للأخ لأب.
زوج أخت شقيقة أخ لأب
نصف نصف لاشئ
** فهذه مجرد أمثلة، ولو رجعنا إلى أي مرجع من المراجع التي تتحدث عن علم الميراث لوجدنا كثيراً من الأمثلة الأخرى المشابهة لها.
(مقتبس من مقال بمجلة الأزهر للأستاذ الدكتور/ محمود إمبابي )
ساحة النقاش