العلم ومصلحو أمتنا المحمدية الغراء
الحمد لله منزل القرآن للمؤمنين شرعة ومنهاجاً ، رب العالمين وهاديهم إليه فضلاً منه لا احتياجاً ، مكرمهم برؤيته  يوم القيامة ؛ ليزدادوا سروراً وابتهاجاً ، و نشكره على نعمه التي غمرتنا جماعات وأفراداً ،و نستعينه و نستهديه ونستغفره على زلل فعلناه جهلاً وتقصيراً لا اعتقاداً ،و نصلى ونسلم على من اصطفاه ربه فأدناه منه اقتراباً ، سيدنا محمد الذي أرسله ربه بنور للخلق سبيلاً ورشاداً فكان هادياً للعالمين وسراجاً وهاجاً فبلَّغ دينه وأبان للخلق الإسلام علماً وقولاً وعملاً واعتقاداً وعلى آله وصحبه وتابعيهم كلما ذكر الله الذاكرون صباحاً ومساءً وهِجاداً .
فإن الله عز وجل رفع قدر العلم وعظمه، وخص به من خلقه من أكرمه واختص العلماء من بين خلقه بخشيته فقال تعالى:{ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ }( ) ومن حكمة العلي القدير سبحانه أنه فرق بين أهل العلم وغيرهم فقال: { قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ }( ) وقال: { يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ }( ) ، وما أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم بالازدياد من شيء إلا من العلم كما قال تعالى: {وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً }( ) وقد أخبرنا النبيُّ صلى الله عليه وسلم في أحاديثه الكثيرة عن فضل العلم والعلماء فقال: "من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة "( ) ،وجعله كالمجاهد بقوله: "من خرج في طلب العلم كان في سبيل الله حتى يرجع"( ) ، وفي رواية "من دخل مسجدنا هذا ليتعلم خيراً أو يعلمه كان كالمجاهد في سبيل الله"( ) ، فمما مر يرى المسلم مدى اهتمام الإسلام بالعلم حتى جعله يساوي الجهاد في سبيل الله كما أظهر فضل العالم على العابــد بقوله : " فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله وملائكته وأهل السماوات والأرضيين حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلمي الناس الخير"( ) ، وغيرها كثير تحض على العلم وعلى احترام العلماء، ولبيان مدى اهتمام رسولنا صلى الله عليه وسلم وإكرامه له قد أوجب على كل مسلم ومسلمة تعلمه فقال: "طلب العلم فريضة على كل مسلم"( )، وإنما أوجب الرسول صلى الله عليه وسلم طلب العلم؛ ليدل على أهميته بالنسبة للمسلم "فإن أقوى الفرائض بعد الإيمان بالله تعالى طلب العلم"( ) ، فطلب العلم في شريعتنا فرض وليس مستحباً وذلك في تعلم ما يجب عليه معرفته من أمور الدين التي هي واجبة بالضرورة، وقد "جعل سبحانه هذه الأمة مع علمائها كالأمم الخالية مع أنبيائها"( )، بهذا وصف علماء المسلمين وهذا ليس بمستغرب "فهم في الأرض بمنزلة النجوم في السماء بهم يهتدي الحيران في الظلماء وحاجة الناس إليهم أعظم من حاجتهم إلى الطعام والشراب وطاعتهم أفرض عليهم من طاعة الأمهات والآباء"( )
وهذه مزية خاصة لعلماء هذه الأمة الإسلامية "الذين جعلهم الله بمنزلة النجوم يُهتدى بها في ظلمات البر والبحر إذ كل أمة قبل مبعث محمد صلى الله عليه وسلم علماؤها شرارها إلا المسلمين فإن علماءهم خيارهم فإنهم خلفاء الرسول صلى الله عليه وسلم من أمته والمحيون لما مات من سنته، بهم قام الكتاب وبه قاموا وبهم نطق الكتاب وبه نطقوا"( )، وذلك لأن "العلماء هم أئمة الأنام و زوامل الإسلام الذين حفظوا على الأمة معاقد الدين ومعاقله وحَمَوْا من التغيير والتكدير موارده ومناهله"( )، وهذا يعني أنه لا يخلو قرن من الزمان إلا وفيه قائم بأمر الله على بصيرة يحفظ ويجدد لهذه الأمة دينها بأمر ربها كماأخبربذلك نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بقوله: " إن الله تعالى يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها"( ).
ولو أراد الإنسان أن يتتبع أو يستقصي هؤلاء العلماء المجددين ما استطاع لكن ما لا يدرك كله لا يترك جله، وفي قرن يكون مجدد واحد فهو أمة بأسرها، وأحياناً أكثر وربما في بعض الأوقات عدد من العلماء في مجالات شتى، ومنهم من كان إصلاحه للجنان ومنهم من كان إصلاحه بالسنان، ومنهم من كان إصلاحه بالفكر والدعوة والكلام، ومنهم من جمع الله له ذلك كله { ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ }( ) ، لذلك سأكتفي بالإشارة إلى بعض مصلحي الأمة من المتقدمين والمتأخرين والذين كان لهم دور في إحياء الأمم ونهضتها فهم مصابيح الهدى، ودياجير الظلام، وهم قادة قوارب نجاة الأمم.
فمن المتقدمين بعد جيل الصحابة الفريد الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز( )، والإمام الشافعي( )، والإمام الغزالي( )، والإمام عبد القادر الجيلاني( )، والإمام عز الدين ابن عبد السلام( )، والإمام ابن تيمية( )، ثم بعد عصر الإمام ابن تيمية أصبح التجديد جزئياً ولم يكن شاملاً للعلوم الدينية والعربية، والعقلية بل صار يختص كل عالم مجدد بشيء برع فيه

ومن هؤلاء الإمام الشاطبي( )، والإمام البُلقيني( )، والإمام السيوطي( )، ومن المتأخرين الشيخ محمد بن عبد الوهَّاب( )، والمجاهد ابن باديس( )، والمهدي السنوسي( )، والمجاهد عمر المختار( )، والشيخ حسن البنا( )، والمجاهد النُّورسي( )، والأستاذ المَوْدودي( ).
فهذه إشارة إلى أبرز المجددين والمصلحين عبر القرون... وغيرهم الكثير ؛ لجمعهم بين العلم والعمل والجهاد والتبحر في العلوم العقلية والديانات.
والحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه والتابعين كلما ذكره الذاكرون أو غفل ذكره الغافلون .
***المراجع*** في المرفقات.

<!-- / message -->
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 89 مشاهدة
نشرت فى 3 إبريل 2012 بواسطة Islamisright

ساحة النقاش

محمود داود دسوقي خطابي

Islamisright
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

220,574