عقيدة الإمام الترمذي(ت279 هـ رحمه الله تعالى)وموقفه من آيات وأحاديث الصفات الحمد لله منزل القرآن للمؤمنين شرعة ومنهاجاً، رب العالمين وهاديهم إليه فضلاً منه لا احتياجاً، مكرمهم برؤيته U يوم القيامة؛ ليزدادوا سروراً وابتهاجاً، ونشكره على نعمه التي غمرتنا جماعات وأفراداً، ونستعينه ونستهديه ونستغفره على زلل فعلناه جهلاً وتقصيراً لا اعتقاداً، ونصلى ونسلم على من اصطفاه ربه فأدناه منه اقتراباً، سيدنا محمدr الذي أرسله ربه بنور للخلق سبيلاً ورشاداً؛ فكان هادياً للعالمين وسراجاً وهاجاً، فبلَّغ دينه وأبان للخلق الإسلام علماً وقولاً وعملاً واعتقاداً، وعلى آله وصحبه وتابعيهم كلما ذكر الله الذاكرون صباحاً ومساءً وهِجاداً. أمـــا بعــــد،،، فإن الكلام عن أئمة الإسلام من أهل السنة خاصة ومن أهل القبلة بصورة عامة لا تحويه كلمة ولا كتاب ولكن يكفي من العقد ما يزدان به العنق ولكننا نتنزل من الكلام منزلة الفرائد من العقد ويصدق في أئمتنا قول الشاعر: هم الجوهرُ الصافي وأنتَ يتيمةٌ ** من العقد ما زانَ العقودَ ثناياها *** أولاً :ترجمته: من سير أعلام النبلاء للإمام الذهبي( ت748 هـ رحمه الله تعالى)، جـ13 ص270حيث قال رحمه الله تعالى:"الترمذي :محمد بن عيسى بن سورة بن موسى بن الضحاك، وقيل: هو محمد ابن عيسى بن يزيد بن سورة بن السكن: الحافظ، العلم، الإمام، البارع، ابن عيسى السلمي الترمذي . الضرير، مُصنف " الجامع "، وكتاب " العلل "، وغير ذلك. اختلف فيه، فقيل: ولد أعمى، والصحيح أنه أضر في كبره، بعد رحلته وكتابته العلم،ولد في حدود سنة عشر ومئتين. وارتحل، فسمع بخراسان والعراق والحرمين، ولم يرحل إلى مصر والشام... وقد كتب عنه شيخه أبو عبد الله البخاري، فقال الترمذي في حديث عطية، عن أبي سعيد، " يا علي: لا يحل لأحد أن يجنب في المسجد غيري وغيرك: ": سمع مني محمد بن إسماعيل هذا الحديث وقال ابن حبان في " الثقات ": كان أبو عيسى ممن جمع، وصنف، وحفظ، وذاكر. وقال أبو سعد الإدريسي: كان أبو عيسى يضرب به المثل في الحفظ. وقال الحاكم: سمعت عمر بن علك يقول: مات البخاري، فلم يخلف بخراسان مثل أبي عيسى، في العلم والحفظ، والورع والزهد. بكى حتى عمي، وبقي ضريراً سنين. ونقل أبو سعد الإدريسي بإسناد له، أن أبا عيسى قال: كنت في طريق مكة، فكتبت جزأين من حديث شيخ، فوجدته فسألته، وأنا أظن أن الجزأين معي، فسألته، فأجابني، فإذا معي جزآن بياض، فبقي يقرأ علي من لفظه، فنظر، فرأى في يدي ورقا بياضا، فقال: أما تستحي مني ؟ فأعلمته بأمري، وقلت: أحفظه كله قال: اقرأ. فقرأته عليه، فلم يصدقني، وقال: استظهرت قبل أن تجئ ؟ فقلت: حدثني بغيره. قال: فحدثني بأربعين حديثاً، ثم قال: هات. فأعدتها عليه، ما أخطأت في حرف. قال شيخنا أبو الفتح القُشيري الحافظ: ترمذ، بالكسر، وهو المستفيض على الألسنة حتى يكون كالمتواتر. وقال المؤتمن الساجي: سمعت عبد الله بن محمد الأنصاري يقول: هو بضم التاء. ونقل الحافظ أبو الفتح بن اليعمري ، أنه يقال فيه: ترمذ، بالفتح. وعن أبي علي منصور بن عبد الله الخالدي، قال: قال أبو عيسى صنفت هذا الكتاب، وعرضته على علماء الحجاز، والعراق وخراسان، فرضوا به، ومن كان هذا الكتاب - يعني " الجامع " - في بيته، فكأنما في بيته نبي يتكلم. قلتُ: في " الجامع " علم نافع، وفوائد غزيرة، ورؤوس المسائل، وهو أحد أصول الإسلام، لو لا ما كدره بأحاديث واهية، بعضها موضوع، وكثير منها في الفضائل. وقال أبو نصر عبدا لرحيم بن عبد الخالق: " الجامع " على أربعة أقسام: قسم مقطوع بصحته، وقسم على شرط أبي داود والنسائي كما بينا، وقسم أخرجه للضدية، وأبان عن علته، وقسم رابع أبان عنه، فقال: ما أخرجت في كتابي هذا إلا حديثاً قد عمل به بعض الفقهاء، سوى حديث: " فإن شرب في الرابعة فاقتلوه ". وسوى حديث:" جمع بين الظهروالعصر بالمدينة، من غيرخوف ولا سفر ". قلتُ: " جامعه " قاض له بإمامته وحفظه وفقهه، ولكن يترخص في قبول الأحاديث، ولا يشدد، ونَفَسُهُ في التضعيف رِخْوٌ. وفي " المنثور " لابن طاهر: سمعت أبا إسماعيل شيخ الإسلام يقول: " جامع " الترمذي أنفع من كتاب البخاري ومسلم؛ لأنهما لا يقف على الفائدة منهما إلا المتبحر العالم، و " الجامع " يصل إلى فائدته كل أحد". قال غُنْجار وغيره: مات أبو عيسى في ثالث عشر رجب، سنة تسع وسبعين ومئتين بترمذ " .انتهى. *** و الإمام التِّرْمِذِيُّ تلميذ للإمام البخاري رحمهما الله تعالى وسائر المسلمين.آمين. وكتابه الجامع هو الأصل الرابع من الأصول الستة المعتمدة لكتب السنة النبوية المطهرة بعد الصحيحين وسنن أبي داود وهو أول كتاب ذكر الفقه المقارن ، "وفيه أحاديث رباعية كثيرة وفيه حديث ثلاثي واحد"[1] تُوُفِّيَ كما مر آنفاً سنة 279هـ رحمه الله تعالى. *** وقد ذكرفضيلة الشيخ الدكتور عبد الرحيم الطحان للإمام الترمذي رحمه الله تعالى ترجمة صوتية حافلة ضمن شرحه لسنن للإمام الترمذي رحمه الله تعالى على هذا الرابط: http://www.al-tahaan.com/E.html *** موقف الإمام الترمذي(ت279 هـ رحمه الله تعالى) من آيات وأحاديث الصفات هو موقف سلف هذه الأمة المباركة وهو إثبات الصفات بلا تشبيه ولا تكييف ولا تعطيل ولا تأويل :كما نص على ذلك قال الإمام الترمذي نفسُهُ في سننه واسمه:[الجامع المختصر من السنن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومعرفة الصحيح والمعلول ، وما عليه العمل]،جـ3 ص 50، - كتاب الزكاة(5) ، - باب ما جاء في فضل الصدقة(48) : "662 - حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء حدثنا وكيع حدثنا عبادة بن منصور حدثنا القاسم بن محمد : قال سمعت أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه و سلم إن الله يقبل الصدقة ويأخذها بيمينه فيربيها لأحدكم كما يربي أحدكم مهره حتى إن اللقمة لتصير مثل أحد وتصديق ذلك في كتاب الله عز و جل:{أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ }التوبة104 و{يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ }البقرة276 . قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح وقد روي عن عائشة عن النبي صلى الله عليه و سلم نحو هذا . وقد قال غير واحد من أهل العلم في هذا الحديث وما يشبه هذا من الروايات من الصفات ونزول الرب تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا قالوا :قد تثبت الروايات في هذا ولا يؤمن بها ولا يتوهم ولا يقال: كيف ؟ هكذا روي عن مالك و سفيان بن عيينة و عبد الله بن المبارك أنهم قالوا: في هذه الأحاديث أمروها بلا كيف وهكذا قول أهل العلم من أهل السنة والجماعة وأما الجَهْمية فأنكرت هذه الروايات وقالوا هذا تشبيه وقد ذكر الله عز و جل في غير موضع من كتابه اليد والسمع والبصر فتأولت الجَهْمية هذه الآيات ففسروها على غير ما فسر أهل العلم وقالوا :إن الله لم يخلق آدم بيده وقالوا :إن معنى اليد ههنا القوة وقال إسحق بن إبراهيم: إنما يكون التشبيه إذا قال: يد كيد أو مثل يد أو سمع كسمع أو مثل سمع فإذا قال سمع كسمع أو مثل سمع فهذا التشبيه وأما إذا قال كما قال الله تعالى يد وسمع وبصر ولا يقول: كيف ؟ولا يقول: مثل سمع ولا كسمع فهذا لا يكون تشبيهاً وهو كما قال الله تعالى في كتابه :{ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ }الشورى11 ".انتهى. *** ويلاحظ في هذا الحديث هنا جَمْعُ الإمام الترمذي بين الحسن والصحيح مع اختلاف مرتبتهما و" إن ظاهر هذه العبارة مُشْكِلٌ ؛ لأن الحسن يتقاصر عن درجة الصحيح فكيف يُجْمَعُ بينهما مع تفاوت مرتبتهما؟! ولقد أجاب العلماء عن مقصود الترمذي من هذه العبارة بأجوبة متعددة أحسنها ما قاله الحافظ ابن حجر وارتضاه السيوطي وملخصه ما يلي: أ)- إن كان للحديث إسنادان فأكثر فالمعنى :"حسن باعتبار إسناد ،صحيح باعتبار إسناد آخر". ب)- وإن كان له إسنادٌ واحدٌ فالمعنى :"حسن عند قوم ،صحيح عند آخرين". فكأن القائل يشير إلى الخلاف بين العلماء في الحكم على هذا الحديث ،أو لم يترجح لديه الحكم بأحدهما".انتهى. تيسير مصطلح الحديث ،للشيخ الدكتور/محمود الطحان، ص 48. والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه والتابعين كلما ذكره الذاكرون أو غفل عن ذكره الغافلون.آمين.
وهذا رابط فيه فوائد حول نفس الموضوع:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=55075
ساحة النقاش