السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قصة[1] الإمام أبي قِلابة الجَرْمِي المتوفى سنة 104هـ رحمه الله تعالى

قال الحافظ الذهبي[2] رحمه الله تعالى:" أبو قِلابة عبد الله بن زيد الجَرْمِي البصري أحد الاعلام روى عن سمَُرة بن جُندب وثابت بن الضحاك وأنس بن مالك النجاري وأنس بن مالك الكعبي وزهدم بن مضرب وعمرو بن سلمة وخلق، وأرسل عن حذيفة وعائشة وطائفة وروايته عن عائشة مع هذا في صحيح مسلم.

حدَّث عنه أيوب[3] وحُميد ويحيى بن أبي كثير وخالد الحذَّاء وعاصم الأحول وداود بن أبي هند وآخرون.

طُلب للقضاء فتغيَّب وتغرَّب عن وطنه فقدم الشام ونزل داريا وكان عظيم القدر.

روى حماد بن زيد عن أيوب قال: مرض أبو قلابة بالشام فعاده عمر بن عبد العزيز وقال: يا أبا قلابة: تشدد لا يشمت بنا المنافقون.

قال حماد: مات أبو قلابة بالشام فأوصى بكتبه لأيوب السَّخْتِياني فجئ بها في عدل راحلة.

وقال ابن عُلَيَّة :أخبرنا أيوب قال: أوصى لي أبو قلابة بكتبه فأتيت بها من الشام فأديت كراءها بضعة عشر درهماً.

قال أبو عبيدة وشبَّاب وأبو سعيد بن يونس: مات أبو قلابة سنة أربع ومائة.

وقال الهيثم بن عدي وغيره :سنة سبع ومائة وقال ابن مَعِين: سنة ست أو سبع .رحمه الله تعالى.

وأخبرني عبد المؤمن بن خالد الحافظ قال:و أبو قلابة ممن ابتُلِيَ في بدنه ودينه ،أُريد على القضاء بالبصرة فهرب إلى الشام فمات بعريش مصر سنة أربع وقد ذهبت يداه ورجلاه وبصره وهو مع ذلك حامد شاكر" . انتهى.

وقال الحافظ الذهبي[4] أيضاً رحمه الله تعالى: " وقد أخبرني عبدالمؤمن - شيخنا - أن أبا قلابة ممن ابتُلى في بدنه ودِينه، أُريد على القضاء، فهرب إلى الشام، فمات بعريش مصر سنة أربع، وقد ذهبت يداه ورجلاه، وبصره، وهو مع ذلك حامد شاكر" . انتهى.

قال الإمام ابن حِبَّان[5]

" الأوزاعي عن عبد الله بن محمد[6] قال: خرجت إلى ساحل البحر مرابطاً وكان رابطُنا يومئذ عريش مصر قال: فلما انتهيت إلى الساحل فإذا أنا ببَطِيحَة[7] وفى البَطِيحَة خيمةٌ فيها رجل قد ذهبت يداه ورجلاه وثقل سمعه وبصره و ما له من جارحة تنفعه إلا لسانه وهو يقول:[ اللهم أوزعنى أن أحمدك حمداً أكافىء به شكر نعمتك التي أنعمت بها عليَّ وفضلتنى على كثير ممن خلقت تفضيلاً] قال الأوزاعي: قال عبد الله :قلت: والله لآتين هذا الرجل ولأسألنه أنى له هذا الكلام؟ فهم أم علم ؟أم إلهام ألهمه؟ فأتيت الرجل فسلمت عليه فقلت سمعتك وأنت تقول : [ اللهم أوزعنى أن أحمدك حمداً أكافىء به شكر نعمتك التي أنعمت بها عليَّ وفضلتنى على كثير ممن خلقت تفضيلاً] فأي نعمة من نعم الله عليك تحمده عليها ؟وأي فضيلة تفضل بها عليك تشكره عليها؟ قال: وما ترى ما صنع ربي والله لو أرسل السماء عليَّ ناراً فأحرقتنى وأمر الجبال فدمَّرتنى وأمر البحار فغرَّقتنى وأمر الأرض فبلعتنى ما ازددت لربى إلا شكراً؛ لما أنعم عليَّ من لساني هذا ولكن يا عبد الله إذ أتيتني لي إليك حاجة قد تراني على أي حالة أنا:أنا لست أقدر لنفسى على ضر ولا نفع ولقد كان معي بُنَيٌّ لي يتعاهدني في وقت صلاتي فيوضيني وإذا جعت أطعمني وإذا عطشت سقاني ولقد فقدته منذ ثلاثة أيام فَتَحَسَّسْهُ[8] لي رحمك الله. فقلت: والله ما مشي خلق في حاجة خلق كان أعظم عند الله أجراً ممن يمشي في حاجة مثلك فمضيت في طلب الغلام فما مضيت غير بعيد حتى صرت بين كثبان من الرمل فإذا أنا بالغلام قد افترسه سبُع وأكل لحمه فاسترجعت وقلت: أنى لي وجهٌ رقيقٌ[9] آتى به الرجل فبينما أنا مقبل نحوه إذ خطر على قلبي ذكر أيوب النبي صلى الله عليه و سلم فلما أتيته سلمت عليه فرد عليَّ السلام فقال: ألست بصاحبي؟ قلت: بلى قال: ما فعلت في حاجتي؟ فقلت: أنت أكرم على الله أم أيوب النبي صلى الله عليه و سلم؟ قال: بل أيوب النبي، قلت :هل علمت ما صنع به ربه؟ أليس قد ابتلاه بماله وآله وولده ؟قال: بلى قلت فكيف وجده؟ قال: وجده صابراً شاكراً حامداً قلت: لم يرض منه ذلك حتى أوحش من أقربائه وأحبائه؟ قال: نعم، قلت :فكيف وجده ربه؟ قال: وجده صابراً شاكراً حامداً قلت فلم يرض منه بذلك حتى صيَّره غَرَضاً لمارِّ الطريق هل علمت؟ قال :نعم، قلت: فكيف وجده ربه؟؟ قال: وجده صابراً شاكراً حامداً أوجز رحمك الله قلت له: إن الغلام الذي أرسلتني في طلبه وجدته بين كثبان الرمل وقد افترسه سبُع فأكل لحمه فأعظم الله لك الأجر وألهمك الصبر فقال المبتَلَى[10] :الحمد لله الذي لم يخلق من ذريتي خلقاً يعصيه فيعذبه بالنار ثم استرجع وشهق شهقة فمات فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون عظمت مصيبتي رجل مثل هذا إن تركته أكلته السباع وإن قعدت لم أقدر على ضر ولا نفع فسجَّيته بشَمْلَةٍ كانت عليه وقعدت عند رأسه باكياً فبينما أنا قاعد إذ تهجَّم عليَّ أربعة رجال فقالوا: يا عبد الله ما حالك؟ وما قصتك؟ فقصصت عليهم قصتي وقصته فقالوا لي: اكشف لنا عن وجهه فعسى أن نعرفه فكشفت عن وجهه فانكب القوم عليه يقبلون عينيه مرةً ويديه أخرى ويقولون: بأبي عينٌ طالما غضَّت عن محارم الله وبأبي وجسمه طالما كنت ساجداً والناس نيام فقلت: من هذا يرحمكم الله؟ فقالوا: هذا أبو قِلابة الجِرْمي صاحب ابن عباس لقد كان شديد الحب لله وللنبي صلى الله عليه و سلم فغسلناه وكفناه بأثواب كانت معنا وصلينا عليه ودفناه فانصرف القوم وانصرفت إلى رباطي فلما أن جن عليَّ الليل وضعت رأسي فرأيته فيما يرى النائم في روضة من رياض الجنة وعليه حلتان من حلل الجنة وهو يتلو الوحي: {سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ }[11] فقلت :ألست بصاحبي؟ قال: بلى قلت: أنى لك هذا؟ قال: إن لله درجات لا تُنال إلا بالصبر عند البلاء والشكر عند الرخاء مع خشية الله عز و جل في السر والعلانية " .رحمه الله تعالى .

ورواها الإمام ابن أبي الدنيا رحمه الله تعالى في كتاب :الصبر والثواب عليه(99) وقال رحمه الله تعالى :" ... قال الأوزاعي : قال لي الحكيم : يا أبا عمرو وما تنكر من هذا الولي ؟ والاه ، ثم ابتلاه فصبر ، وأعطاه فشكر ؟ والله لو أن ما حنت عليه أقطار الجبال ، وضحكت عنه أصداف البحار ، وأتى عليه الليل والنهار ، أعطاه الله أدنى خلق من خلقه ، ما نقص ذلك من ملكه شيئاً قال الوليد : قال لي الأوزاعي : ما زلت أحب أهل البلاء منذ حدثني الحكيم بهذا الحديث".انتهى.

 

وقدذكرها الشيخ أبو إسحاق الحُويني في:http://www.*******.com/watch?v=mYxlYRw0FAE

 

 

 

[1] - القصة ثابتة قد رواها الإمام ابن حِبان في كتاب الثقات ،جـ 5 ص3 (3561) ورواها الإمام ابن أبي الدنيا في كتاب :الصبر والثواب عليه(99)،ورواها الإمام ابن عساكر في تاريخ دمشق،جـ51 ص 114 ،وأشار إليها الحافظ الذهبي في سير أعلام النبلاء ،جـ4 ص474 وفي تذكرة الحفاظ ،جـ 1ص94.

 

[2] - في تذكرة الحفاظ ،جـ 1ص94.

 

[3] - السَّخْتِياني رحمه الله تعالى وسائر المسلمين.آمين.

 

[4] - في سير أعلام النبلاء ،جـ4 ص474 .

 

[5] - في كتاب الثقات ،جـ 5 ص3 (3561) .

 

[6] - ذكر الشيخ أبو إسحاق الحُوَيْني [في الرابط أدناه] أن الراوي المُبْهم في رواية ابن أبي الدنيا سُميَ في رواية ابن حبان .

 

[7] - في تاج العروس للزبيدي: "البَطائِحُ : جَمْع بَطيحةٍ . في الصّحاح : " تَبطَّحَ السَّيْلُ : اتَّسَعَ في البِطْحاءِ " .انتهى. والبطيحة العظيمة تكون في حدود:فرسخين في فرسخين(والفرسخ الواحد : ثلاثة أميال) والفرسخ الواحد= 5541متراً والميل الواحد= 1748متراً .

 

[8] - التحسس: يكون في الخير والتجسس يكون في الشر وكل منهما له مثال في التنزيل الحكيم.

 

[9] - يعني: بأيِّ وجه أقابله حياءً منه وشفقةً عليه من وقع المصيبة عليه.

 

[10] - يعني:أباقلابة الجَرْمي :بفتح الجيم. رحمه الله تعالى.

  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 851 مشاهدة
نشرت فى 4 يونيو 2011 بواسطة Islamisright

ساحة النقاش

محمود داود دسوقي خطابي

Islamisright
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

219,287