الكاميرا الاولى فى التاريخ وعلاقة العدسة بى الصورة الفوتوغرافيا
العلاقة بين شكل العدسة وحجم الصورة
لاحظنا أن العدسة تعمل على انحناء الضوء الساقط عليها بزاوية محددة لا تعتمد على زاوية السقوط ولكن تعتمد على شكل العدسة المستخدمة. فالعدسة ذات الشكل الكروي الأكثر تحدباً تكون زاوية انحناء الضوء لها أكبر، وهذا له الأثر على تكوين صور أقرب إلى العدسة، بينما العدسات التي لها سطح كروي أقرب إلى السطح المستوي فإنها تكون صورة بعيدة نسبياً عن العدسة.
زيادة المسافة بين العدسة والصورة يعمل على تكبير حجم الصورة المتكونة مثلما لو كان عندك بروجكتور وقمت بإبعاده عن الحائل فإن الصورة ستكبر بزيادة المسافة بين البروجكتور والحائل حيث يعمل ذلك على انتشار الضوء على مساحة أكبر كلما زادت المسافة، وهذا ما يحدث في الكاميرا ولكن مع اعتبار أن مساحة الفيلم التي تستقبل الصورة ثابتة، فهذا يعني ان زيادة المسافة بين العدسة والصورة سيتيح للفيلم التركيز على جزء محدد من الصورة وهو ما يعرف بالتكبير Magnification ، وفي الكاميرات المتخصصة يتم تزويدها بمجموعة مختلفة من العدسات لتتيح للمصور تغيير التكبير للمشهد المراد تصويره.
قدرة التكبير للعدسة المستخدمة في الكاميرا تحدد بالطول البؤري Focal Length وهو المسافة بين العدسة والصورة عندما يكون عندها الجسم بعيداً جداً، ويحدد البعد البؤري عن طريق تكوين صورة للقمر فالمسافة بين صورة القمر والعدسة تحدد البعد البؤري لها.
عدسة كاميرا بعدها البؤري 50 مم
يستخدم المصورون المحترفون عدسات مختلفة لحالات مختلفة، فمثلاً لتصوير مشهد لجبل نستخدم عدسة ذات بعد بؤري كبير تسمى تليفوتو Telephoto Lens، ولتصوير مشاهد قريبة وذات اتساع كبير تستخدم عدسة ذات بعد بؤري قصير وتسمى عدسة الزاوية العريضة Wide-Angle Lens. أما في الحالات العادية حيث يكون التصوير لمشاهد ليست بعيدة أو قريبة فتستخدم العدسة العادية ذات بعد بؤري 5 سم والتي لا يكون لها تكبير او تأثير على الصورة.
تخزين الصورة
هذا هو الجزء الكيميائي في فكرة عمل الكاميرا وهو عبارة عن الفيلم، ويكون دور الفيلم في الكاميرا بمثابة الوسيلة التي تخزن فيها الصورة لنتمكن من طباعتها فيما بعد والاحتفاظ بها. وتعتمد فكرة تخزين محتويات الصورة على الفيلم على التغيرات الكيميائية التي يحدثها الضوء على مكونات الفيلم. حيث يتكون الفيلم من حبيبات دقيقة حساسة للضوء موزعة على شريحة بلاستيكية، وعندما تتعرض تلك الحبيبات للضوء تحدث تفاعلات كيميائية تحدث تغيرات لتلك الحبيبات التي تعرضت للضوء وتترك الباقي بدون تغيير، فهكذا يكون الفليم قد اختزن محتويات الصورة ونحتاج إلى طريقة كيميائية أخرى لإظهار الصورة ومن ثم طباعتها. سيتم تخصيص موضوع مفصل لفكرة عمل الفيلم لا مجال لشرحها هنا حتى لا نبتعد عن موضوعنا.
إلتقاط الصورة
تحدثنا فيما سبق عن الفكرة الأساسية لعملية التصوير الفوتوغرافي والتي تتلخص في تكوين صورة باستخدام عدسة مجمعة، وتخزين الصورة على شريحة من مواد حساسة للضوء. هذا باختصار فيما يتعلق بعملية التصوير ولكن لاخذ صورة واضحة ودقيقة فإن هناك العديد من أدوات التحكم الي لابد من القاء مزيد من الضوء عليها.
بداية لا يمكن أن تتكون الصورة إلا بعزل الفيلم عن الضوء تماماً حتى اللحظة التي نقوم فيها بالتقاط الصورة حيث نسمح في تلك اللحظة للضوء بالسقوط على الفيلم، ولهذا فإن جزء الكاميرا الداخلي عبارة عن صندوق مظلم مغلق بواسط غالق يسمى Shutter يفتح ويغلق بين العدسة والفيلم. وكلمة كاميرا هي يونانية الأصل وتعني حجرة مظلمة.
وتكمن عملية الحصول على صورة واضحة في التحكم بكمية الضوء التي تسقط على الفيلم، فكمية ضوء عالية تعني تعني تسليط ضوء أكثر من اللازم على حبيبات الفيلم الحساسة فتظهر الصورة بدون معالم أي نحصل على هالة بيضاء محل الصورة، وإذا كان الضوء أقل من المطلوب فإن حبيبات اقل من اللازم لا تكفي لإظهار الصورة ونحصل على صورة معتمة تقترب إلى السواد. وفي الشرح التالي سنوضح كيفية تحكم الكاميرا بكمية الضوء.
التحكم في كمية التعريض
إن المقصود في التحكم في كمية التعريض Exposure هي التحكم في كمية الضوء اللازمة لاظهار صورة واضحة وهذا يتم من خلال التحكم في
-
كمية الضوء الذي ينفذ من العدسة إلى الفيلم
-
فترة تعريض الفيلم للضوء
أولاً التحكم في كمية الضوء الذي ينفذ من العدسة إلى الفيلم
لزيادة وإنقاص كمية الضوء الذي يعبر من العدسة نقوم بتغيير فتحة العدسة Aperture وهو عبارة عن شرائح رقيقة من المعدن في صورة أقراص دائرية يمكن أن تغلق وتفتح معطية فتحة يمكن التحكم في نصف قطرها وتكون مثبتة خلف العدسة تماماً وهي تشبه حدقة العين التي تتسع وتضيق حسب كمية الضوء التي تتعرض لها العين. فعندما تكون فتحة العدسة ضيقة تكون كمية الضوء قليلة، وإذا كانت فتحة العدسة واسعة فإن كمية ضوء أكثر تنفذ إلى الفيلم.
شكل يوضح حالتين لفتحة العدسة عندما تكون واسعة (على اليمين) والثاني لفتحة عدسة ضيقة على (اليسار) لاحظ تداخل الشرائح المعدنية لتعطي فتحة دائرية.
ثانياً التحكم في فترة تعريض الفيلم للضوء
يتم التحكم في الفترة الزمنية لتعريض الفيلم للضوء من خلال سرعة الغالق Shatter Speed، ومعظم الكاميرات يدوية التحكم تستخدم حاجز مكون من شريحتين كل شريحة لها نفس مقاس الفيلم، قبل التقاط الصورة تكون الشريحة الأولى أمام الفيلم مغلقة فنضمن أن يكون الفيلم معزولاً تماماً عن الضوء، وعند التقاط الصورة تنزلق الشريحة الأولى بسرعة معينة لتسمح للضوء بالنفاذ إلى الفيلم وبعدها تنزلق الشريحة الثانية لتحجب الضوء عن الفيلم.
اضغط على الزر على يسار اسفل الصورة لمشاهدة فكرة عمل الغالق ولاحظ حركة الحاكز الأول ثم الحاجز الثاني.
تتم العملية السابقة بواسطة حركة ميكانيكية معقدة مكونة من زنبركات ومفاتيح وتروس مثل تلك الموجودة في داخل الساعة. فعندما نقوم بالضغط على زر التقاط الصورة وهو زر تشغيل الغالق فإن عمليات ميكانيكية متسلسلة تعمل حسب توافق زمني دقيق، بحيث تعمل حركة الغالق على تحريك ذراع يعمل على تحريك مجموعة من التروس، ويمكن شد أو تخفيف الشد على الزنبركات من خلال ضبط سرعة الغالق للكاميرا، فهذا يعمل على زيادة أو تقليل الزمن اللازم لانزلاق الحاجز الأول ليفتح المجال أمام الضوء لينفذ إلى الفيلم قبل إغلاق الفتحة بواسطة الحاجز الثاني. فعند اختيار سرعة الغالق لتكون بطيئة فإن الفتحة تبقى لمدة أطول مما لو ضبطنا سرعة الغالق لتكون سريعة فينزلق الحاجز الثاني مباشرة بعد حركة الحاجز الأول مما يسمح للفتحة أن تبقى لفترة قصيرة من الزمن وبالتالي كمية أقل من الضوء.
صورة لأجزاء كاميرا يدوية
(لمزيد من الوضوح اضغط على الصورة لرؤيتها بحجمها الطبيعي)
مما سبق نرى أن هناك الكثير من الأمور التي يجب ضبطها للحصول على صورة واضحة وبجودة عالية، ومن هذه الأمور سرعة الفيلم واتساع فتحة العدسة وسرعة الغالق، وفي معظم الكاميرات اليدوية ولمساعدة المصورين المستخدمين للكاميرات اليدوية في ضبط الكاميرا على القياسات الصحيحة يتم تزويد الكاميرات بمقياس لشدة الضوء، وهذا المقياس هو عبارة عن مجس ضوئي من المواد اشباه الموصلات (فوتوديود) يقوم بتحويل شدة الضوء إلى طاقة كهربية يتم تفسيرها من خلال سرعة الفيلم وسرعة الغالق.
لنقوم الآن بتجميع ماسبق ونشرح آلية عمل الكاميرا لتوجيه الضوء إلى الفيلم لالتقاط الصورة.
آلية عمل الكاميرا اليدوية
هناك نوعان من الكاميرات المستخدمة النوع الأول هو الكاميرات اليدوية والنوع الثاني هو الكاميرات الاوتوماتيكية أو ما يعرف بمصطلح صوب والتقط الصورة Point-and-Shoot، ويختلف النوعان في الطريقة التي يرى بها المصور المشهد، ففي الكاميرات الأتوماتيكية يعمل المنظار عمل نافذة خارجية في الكاميرا حيث يكون مسار الضوء الذي يعطى صورة المشهد عبر المنظار مختلف عن مسار الضوء الذي يسقط على العدسة ومن ثم على الفيلم. لذا فإن المنظار في هذا النوع يعطي صورة تقريبية للمشهد الذي سيتم تصويره على الفيلم ولكن في نوع الكاميرات اليدوي يكون المسار الضوئي الذي يعطي صورة المشهد عبر المنظار هو نفسه الذي جمعته عدسة الكاميرا ليسقط على الفيلم بمجرد الضغط على زر تحريك الغالق.
نرى في الشكل التوضيحي التالي مسار الشعاع الضوئي الذي يحمل تفاصيل المشهد المراد تصويره حيث يسقط الضوء على مرآة مثبتة بين العدسة والغالق حيث تقوم المرأة بعكس الشعاع الضوئي ليسقط عموديا على شاشة شفافة ومن ثم على مجموعة من المرايا لتوجيه الضوء للمنظار.
مسار الضوء في الكاميرا اليدوية
الهدف من الشاشة الشفافة هي استقبال الصورة المنعكسة من المرآة، ووظيفة المرايا هي إعادة عكس الصورة لتكون صورة مماثلة غير معكوسة ومن ثم توجيهها إلى المنظار ليراها المصور قبل التقاط الصورة.
عندما نضغط على زر أخذ الصورة فإن الكاميرا مباشرة تقوم بلف المرآة لتبتعد عن مسار الضوء وعند لف المرآة فإنها ستشغل الغالق ليفتح الطريق للضوء ليسقط على الفيلم، تعود المرآة إلى مكانها بمجرد عود الغالق، والمستخدم لهذا النوع من الكاميرات سيعرف الآن لماذا تختفي الصورة من المنظار لحظة التقاط الصورة.
وللعلم لا يستخدم الكاميرات اليدوية الا المصورون الممحترفون لما يتطلب استخدامها من مهارات ذاتية عديدة للحكم على الصورة قبل التقاطها وضبط كل المقاييس المناسبة لكل ظرف على الكاميرا لالتقاط صورة في افضل حالاتها. أما في أيامنا هذه وللتسهيل على الكثير من المستخدمين غير المتمرسين على التصوير فقد تم دمج التصوير اليدوي والتصوير الأوتوماتيكي في نفس الكاميرا ليترك المجال للمستخدم لاختيار الوضعية المناسبة لأخذ الصورة.
وقبل ان ننتهي من هذا المقال يجب التنويه على أن الكاميرا الأوتوماتيكية تعمل بنفس الآلية إلا أن ميكروبروسسور يقوم بمهمة المصور المحترف في ضبط المعايير الخاصة بجودة الصورة وذلك معتمداً على نظام للتبئير الأوتوماتيكي والذي يغذي الكاميرا بالمعلومات حول ضبط الإضاءة وسرعة الغالقة وفتحة العدسة.
ساحة النقاش