كنت أعشق قراءة التاريخ منذ صغري فكنت لا أكتفي بالكتب المدرسية بل ألجأ للمراجع أستزيد من المعلومات فأُبهر مدرستي و زميلاتي بإضافة معلومات لا تتواجد في الكتاب المدرسي .
و مع ذلك كنت أتصور أن كتابة التاريخ من السهولة و ما هي إلا تدوين لأحداث يكتبها من عاصرها من المؤرخين .
و عندما كبرت بعض الشئ علمت أن هناك آراء ثابتة حول أحداث معينة و عصور معينة بينما تختلف الآراء و وجهات النظر و يُُثار الجدل حول الكثير من الأحداث و العصور و الشخصيات
و ذلك تبعاً لموقع صاحب الرآي من الأحداث و تأثره بها :فالبعض يرى الملك فاروق من أسوأ الشخصيات و أن عهده عهد الفساد و البعض يرى رغم إنه غير مصري و من أصل ألباني إلا إنه كان وطني و يكفي إنه عند قيام الثورة فضل أن يخرج من مصر على أن تُراق نقطة دم مصرية واحدة .
و الحال بالنسبة للرئيس جمال عبد الناصر هناك من يراه الزعيم الوطني العروبي صاحب فكرة الوحدة العربية و حافظ الكرامة العربية و هناك من براه المتسبب في هزيمة 1967 و يرى عهده عهد التجسس على المواطنين و الزج بهم في المعتقلات .
كذلك الحال بالنسبة للرئيس السادات هناك من يراه بطل العبور و بطل الحرب و السلام و هناك من يراه خائن و عميل بإبرامه لإتفاقية كامب ديفيد و هناك من يرى عهده رمز للفهلوة و الرشوى .
حتى الرئيس السابق حسني مبارك هناك من لازال يراه بطل و صاحب أول ضرب جوية في حرب أكتوبر و من يرى إنجازاته و مشاريعه العمرانية و هناك من يرى عهده أسوأ العهود و أشدها ظلمة و ظلم و إنتشار للعشوائيات .
و إزاء إختلاف وجهات النظر في تدوين التاريخ شغلتني فكرة كيف سنؤرخ للمرحلة الراهنة فنحن من عاصرناها و عايشناها ...........هل سنكتب أن ثورة الخامس و العشرين من يناير كانت ثورة مجيدة و بيضاء و طاهرة تماماً .
هل سنكتب كيف وقف جيشنا الباسل حول ثورتنا و حماها و حفظ الأمن و الإستقرار في البلد في مرحلة عصيبة .
هل سنسجل أن الشرطة بعد أن تطهرت من النظام الفاسد أصبحت تحافط على أبناء الوطن و تحميهم من البلطجية و من بقايا النظام الفاسد و من كل من يريد الخراب لمصر .
هل سنقول إننا أجرينا إنتخابات برلمانية نزيهة تماماً برعاية القضاء النزيه أعقبها إنتخابات رئاسية أكثر نزاهة و وعي و انتهت الأمور إلى أفضل حال لمصرنا الغالية .
أتمنى و أحلم و أدعو الله إننا سنؤرخ هكذا للمرحلة الراهنة و لكن يبقى أن نتقي الله جميعاً في مصر الحبيبة
ساحة النقاش