استيقظت هالة من نومها في وقت مبكر و شعرت بنسمات الفجر الرقيقة تداعبها فخرجت إلى الشرفة تستزيد من تلك النسمات المنعشة و بينما هي تتأمل السماء الصافية لاح لها خيال ذكريات الطفولة المبكرة فأبحرت مع ذلك الخيال فرأت نفسها و قد صحت من نومها فرحة لتغادر سريرها منطلقة راكضة نحو صالة المنزل لتجد ذلك الوجه الملائكي و الإبتسامة المشرقة و العينين اللتين تشعان دفء و حنان فتصيح قائلة ماما و تركض نحوها فتفتح الأم ذراعيها لتحتضنها و تربت على كتفها و تقبلها ثم تداعب خصلات شعرها المتدلية بجمال طفولي قائلة صباح الخير يا أجمل هالة و ترد هالة تحية الصباح لأمها و تقبلها ، فتقول الأم هيا يا هالة إذهبي إلى الحمام و إغسلي و جهك لتتناولي إفطارك ،ترد هالة حاضر يا ماما و تنطلق هالة بمرح طفولي لتعود بعد قليل لتجد أمها قد أعدت لها طعام الإفطار فتجلس لتتناوله بسعادة على صوت الراديو ينطلق منه صوت برامج الأطفال المفضلة لها .
وبعد الإنتهاء من الإفطار تنطلق هالة إلى غرفتها حيث ركنها المفضل الملئ بالدمى فتبدأ اللعب بسعادة وهي تحيط نفسها بجو مشحون بالإثارة فتختلق عدة شخصيات تلاعبها و تقوم بشراء ملابس للدمى و بعد فترة من الوقت تذهب إلى غرفة المعيشة لتشاهد برامج الأطفال التلفزيونية ، وبعد أن تأخذ الوقت الكافي للمشاهدة و يبدأ الملل بالتسرب إليها تذهب إلى أمها شاكية بدلال طفولي قائلة لماذا أبقى بالمنزل و إخوتي يذهبون إلى المدرسة فهالة هي الإبنة الصغرى فتبتسم الأم بحنان و تقول لها لإنك لازلت صغيرة كما إنني لا أستطيع أن أتحمل فراقك فأنت حبيبتي ،فتقول هالة و لكن أتمنى الذهاب إلى المدرسة و التعلم ،فتقوم الأم بإحضار دفتر صغير جميل و تقوم بكتابة بعض الحروف لتكتب هالة مثلها و مرة أخرى تكتب بعض الأرقام و مرة ثالثة ترسم بعض الرسوم الجميلة لتتعلم هالة الرسم و كان هذا الأمر يتكرر يومياً حتى أتقنت هالة القراءة و الكتابة وبرعت في الرسم و هي لم تلتحق بعد بالمدرسة ، كما قامت الأم بتعليمها الصلاة و خصصت لها غطاء رأس من نوعية قماش مميزة أحبته هالة و أحبت إرتداءه و الصلاة به ، كما كانت تقص عليها قصص الأنبياء و الصحابة و كانت تروق جداً لها هذه القصص ،وبينما هالة مستغرقة في تلك الذكريات الرائعة إذ بصوت المنبه يرن عالياً منبهاً إياها و آخذاً لها من ذكريات طفولتها معلناً إنه
موعد إيقاظ زوجها و أولادها للعمل و المدرسة و عليها تجهيز الإفطار لهم ،هزت هالة رأسها بسعادة و بإبتسامة رضا عن تذكر طفولتها السعيدة لكنها شعرت بوخز ضمير إنها لا تتمتع بنفس سعة صدر أمها و حكمتها و أسلوبها التربوي فتمتمت بالدعاء لأمها أن يحفظها الله و يجزيها خير الجزاء و لمعت عيناها كمن اتخذ قرار بشئ هام و انطلقت بوجه باسم أكثر من المعتاد لتوقظ زوجها و أولادها .
ساحة النقاش