شجرة الأنديروبا , الأهمية الاقتصادية و القيمة الغذائية و الطبية
أ.د. عاطف محمد إبراهيم
كلية الزراعة, جامعة الإسكندرية, مصر
تنتمي شجرة الأنديروبا andiroba (Carapa guianensis) إلى العائلة Meliaceae و هي نفس العائلة التي ينتمي إليها الماهوجني, و هي من ثم تسمى أيضاً الماهوجني البرازيلي نظراً للتشابه الكبير بينهما, الأجزاء المستخدمة هي زيت البذرة, القلف و الأوراق.
تعد الأنديروبا من أشجار الغابات الممطرة, يتعدى ارتفاعها 40 متر, تتبع ذات العائلة التي ينتمي إليها الماهوجني. يمكن تواجدها بحالة برية بالغابات المطيرة بالأمازون بالأراضي الغنية عادة, و في مناطق المستنقعات, و في الأراضي الطميية المنبسطة و في الأراضي المستوية بحوض الأمازون, كما تتواجد بحالة برية أو منزرعة بالبرازيل بالقرب من شواطئي البحار, تعد الشجرة من أكبر أشجار الغابات الممطرة ذات الأوراق الكبيرة الحجم و التي يمكن تمييزها بحجم أوراقها و قوامها المميز. جذع الشجرة مستقيم و خالٍ من التفرعات الجانبية حتى حوالي ثلثي طوله, الأفرع العديدة تعطي للشجرة قمة كبيرة و كثيفة, قد يتساقط قلف الشجرة و لكن الخشب لين و متين. يبدو لون عصير الخشب عند القطع وردي ولكن سرعان ما يتحول رمادي أو رمادي اللون البني. تتجمع الأوراق عند نهاية الأفرع, و الورقة مركبة و تخرج الأوراق في وضع متبادل, تخرج الوريقات البيضاوية الشكل في وضع متقابل. تزهر الشجرة مرة واحدة خلال العام و تمتد فترة التزهير يناير حتى مارس, و في بعض الحالات قد تزهر الشجرة في أغسطس و سبتمبر مرة ثانية. الأزهار صغيرة وحيدة الجنس, لونها أبيض كريمي, ذات رائحة جميلة و تخرج في نورات.
خشب الشجرة ناعم و لين, ذا قدرة على التحمل, كان يشحن للولايات المتحدة الأمريكية بغرض تصنيع الأثاث بجانب بعض الاستخدامات الأخرى, و نظراً لتحمل الخشب و عدم استساغة الحشرات له جعل منه واحداً من أهم الأخشاب ذات الشهرة العريضة, من ثم انتشرت زراعته في مناطق كثيرة مجاورة للمدن الرئيسية بمنطقة الأمازون, هذا بالإضافة لإمكانية زراعة الأشجار بسهولة بالأمازون أو مناطق أخرى بالبرازيل. بصفة عامة تنمو الأشجار بكثرة في البرازيل وكولومبيا وكوستاريكا والإكوادور وهايتي وبنما والبلدان الاستوائية الأخرى. تفضل الأشجار التربة الغنية مع الكثير من الرطوبة و تنمو معظم الأشجار في المستنقعات، وعلى شاطئ البحر أو في سهول غمرتها المياه بشكل دوري.
تنتج الشجرة ثمار (جوزه) خشبية, بنية اللون, مضلعة يبلغ قطرها 7.5 - 10 سم, الثمرة كبسولة مدورة مكونة من أربعة فصوص تشبه ثمرة أبوفروة. تحتوي الثمرة على تحتوي 2 - 4 بذور, لونها بني محمر, و قشرتها جامدة و ناعمة, البذور الغنية بالزيت (63 ٪ تقريباً), لون الزيت أصفر باهت و زيت الأنديروبا ذا قيمة عالية, و من ثم كان له تاريخ طويل متأصل بأمريكا الجنوبية. تعطي الشجرة الواحدة حوالي 200 كيلوجرام من الثمار في المتوسط, و لإنتاج 1 كيلوجرام (لتر واحد تقريباً) من الزيت, يلزم حوالي ستة كيلوجرامات من الثمار تقريباً, يستخلص الزيت بطريقة الاستخلاص العادية. و طريقة الاستخلاص هذه طريقة فعالة و لو أنها بدائية لحدٍ ما. تجمع البذور الطافية على مياه الأنهار عقب تساقطها من الأشجار أو تلك المتساقطة على سطح أرض الغابة, عقب جمع البذور, تغلى البذور في أواني كبيرة ثم تترك لمدة حوالي أسبوعين حتى تتعطن ( تتعفن) ثم تعصر لاستخراج الزيت. الزيت الخام المستخلص بهذه الطريقة عادة ما يكون لونه محمر نتيجة الصبغة المنسابة من قشرة البذور. نظراً لتزنخ الزيت بسرعة, فإنه لا بد من استخدامه في الحال, حيث تنحصر الاستخدامات الفورية له في صناعة الصابون و الشموع.
في أغلب الأحيان يستخدم زيت بذور الأنديروبا في طب الأعشاب , كما تصنع بعض التحضيرات من لحاء وأوراق الشجرة، والتي يقال أن لها العديد من الفوائد الصحية كذلك. تستخدم الأنديروبا في العلاج على هيئة زيت أو كبسولات مع الزيت المستخرج على البارد. في الوقت الحالي تتوافر كريمات المضادة للتجاعيد و كذلك الزيت. من الزيت يمكن صناعة الصابون ذو الخصائص الطبية.
الشموع المصنعة من الأنديروبا لها فعالية عالية في طرد البعوض Aedes aegypti - المسبب الرئيسي في حدوث الحمى الصفراء و حمى الدنج "الضنك" dengue (مرض فيروسي منهك ينتشر بالمناطق الاستوائية ينقله البعوض, مسبباً حمى فجائية, و آلام حادة في المفاصل) . عند احتراق الشموع يتحرر منها عامل مثبط يعمل على تقليل نهم البعوض مما يقلل من لسعاتها, و لقد أثبتت نتائج الأبحاث أن هذه الوسيلة فعالة بنسبة 100 ٪ كطارد للبعوض, هذه الخاصية لا تتوافر في أية منتجات صناعية أخرى موجودة بالأسواق كمادة طاردة لهذه الحشرات, و بالإضافة لتلك الخاصية, وجد أن هذه الشموع غير سامة على الإطلاق, و لا ينتج عنها دخان متصاعد, كما أنها لا تحتوي على أية عطور.
ثمار و أوراق الأنديروبا
بذور الأنديروبا
قطاع طولي في بذرة الأنديروبا
يعد زيت الأنديروبا مصدراً غنياً بالأحماض الدهنية الأساسية مثل الأوليك, البالمتيك, ستياريك و اللينوليك, و يعطي الزيت أكثر من 65 ٪ أحماض دهنية غير مشبعة, كما يمكن أن يحتوي على أكثر من 9 ٪ حمض لينوليك ( أوضحت دراسات عديدة التي أجريت لسنوات عديدة أن لحمض اللينوليك دوراً هاماً في خفض مستويات الكولسترول, خفض ضغط الدم), كما أن له فوائد مضادة للسرطان. جميع أجزاء شجرة الأنديروبا (بما فيها الزيت) طعمها مر جداً, يعزى هذا الطعم المر لوجود التربينات و هي مركبات كيميائية يطلق عليها ملياسينات meliacins و التي تضاهي في مرارتها الكيماويات المضادة للملاريا antimalarial الموجودة في النباتات الاستوائية الأخرى. أحد هذه الملياسينات تسمى جيدونين gedunin, ثبت حديثاً أن لها خصائص مضادة للطفيليات , و تأثير مضاد للملاريا يضاهي تأثير الكوينين quinine.
و قد أثبتت التحاليل الكيميائية لزيت, قلف و أوراق الأنديروبا وجود مجموعة كيميائية أخرى تسمى الليمونويدز limonoids التي يعزو أليها الخصائص المضادة للالتهابات و الحشرات كما تشمل الليمونويدز مكون آخر يسمى أنديروبين andirobin, كما وجد بزيت الأنديروبا مكون آخر يسمى epoxyazadiradione الذي ثبت معملياً أن له تأثير مضاد للورم.
و تبين محتويات الجدول التالي نسبة وجود الأحماض الدهنية في الأنديروبا:
خصائص المستخلصات (الأعشاب) و تأثيراتها:
تنحصر التطبيقات الأساسية في: التئام الجروح - تقليل الآلام - تقليل الالتهابات - قتل البكتيريا - ارتخاء العضلات - قتل الطفيليات - طرد الديدان - طرد الحشرات - قتل الحشرات - تلطيف الجلد - خفض الحمى - منع الأورام.
الاستعمالات في الطب و العلاج بالأعشاب:
استخدم السكان الأصليين في منطقة الأمازون الأنديروبا في العديد من الطرق لعدة قرون، وتقريبا واستخدمت جميع أجزاء الشجرة، وكذلك زيت البذرة. و قد استخدمت بعض القبائل بالهند زيت البذور لتحنيط جماجم بشرية كانت تؤخذ كغنائم حرب, كما كانت تستخدمه بعض القبائل لإزالة القراد من فروة الرأس، وذلك الطفيليات الأخرى التي تصيب الجلد ، كما استخدم في عملية دباغة جلود الحيوانات.أما القبائل الأصلية في شمال غرب منطقة الأمازون كانت تصنع من القلف شراب، وأحيانا الأوراق، التي تضاف إلى الشاي للتخلص من الحمى والديدان المعوية, كما أن هذا الشاي كان يضاف خارجيا لعلاج القرحة، و طفيليات الجلد، ومشاكل الجلد الأخرى. كما استخدمه الهنود أيضاً كمذيب لاستخلاص الصبغات النباتية والملونات التي كانت ترسم بشرتهم. و هناك عدة قبائل من هنود منطقة الأمازون يقومون بالجمع بين زيت الأنديروبا مع الصبغات البرتقالية المحمرة المستخرج من بذور, Annatto و ذلك لتلوين جلودهم. وغالبا ما تستخدم هذه الصبغات لإضفاء اللون الأصفر أو البرتقالي إلى الأطعمة، ولكن في بعض الأحيان أيضا تستخدم لإضفاء النكهة و الرائحة للطعام كنوع من البهار. كما يقومون بفرك العجينة الزيتية البرتقالية الزاهية في جميع أنحاء أجسادهم، وحتى فروة شعرهم لحماية أنفسهم من الحشرات القارصة ولصد مياه الأمطار (التي كانت تتساقط باستمرار في الغابات المطيرة).
المصادر:
1. FERRAZ, I. D. K. et. al.: Andiroba Carapa guianensis e Carapa procera, 2003, Manual de sementes da Amazõnia, Fascíiculo I.
2. GILBERT, B., et al. "Activities of the Pharmaceutical Technology Institute of the Oswaldo Cruz Foundation with medicinal, insecticidal and insect repellent plants." An. Acad. Bras. Cienc. 1999; 71(2): 265-71.
3. MACKINNON, S., et al. "Antimalarial activity of tropical Meliaceae extracts and gedunin derivatives." J. Nat. Prod. 1997; 60(4): 336-41.
4. MORTON, J. F.: Atlas of Medicinal Plants of Middle America, 1981.
5. PESCE, C.: Oleaginosas da Amazônia, 1941, Oficinas Gráficas da Revista Veterinária, Belém/PA.
6. ROY, A., et al. "Limonoids: overview of significant bioactive triterpenes distributed in plants kingdom. Biol. Pharm. Bull. 2006; 29(2): 191-201.
7. SOUZA, C. R. et. al.: Andiroba Carapa guianensis, 2006, Embrapa Ocidental, Manaus, Documento 48, p. 12.