الصهيونية وثلاثية الأعداء والخائنين والعاجزين

د. عصام عبد الشافي

في طبيعة العلاقة بين النظم السياسية والكيان الصهيوني، يمكن التمييز بين ثلاثة مستويات أساسية، من وجهة نظر شخصية (طبعاً هذا التقسيم ليس جامعاً مانعاً ولا يدعي الشمول أو الكلية، ولكنها رؤية تحليلية لطبيعة هذه العلاقة في يوليو 2016):

المستوي الأول: الأعداء:

وهي النظم السياسية التي شاركت في دعم تاسيس هذا الكيان ابتداء ورسخت وجوده في المنطقة ككيان استعماري استيطاني على حساب الأرض العربية وعلى حساب الدماء الفلسطينية، ويضم هذا المستوى كل من بريطانيا (التي منحته الوعد ورسخت الوجود حتى عام 1947)، والولايات المتحدة التي حملت الراية بعد بريطانيا ووفرت كل صور الدعم والتأييد والتمكين منذ 1947 وحتى الآن.

المستوى الثاني: الخائنون:

وهي النظم السياسية التي تواطأت مع الكيان الصهيوني على حساب المصالح والحقوق والدماء العربية والفسلطينية، ويضم هذا المستوي:

1ـ نظام السيسي: الذي يتعاون مع هذا الكيان على حساب أهلنا في سيناء وأهلنا في حماس، بل وعلى حساب الأمن المائي في النيل، وعلى حساب ثوراتنا في شرق المتوسط، كما يتعاون معه في شرق المتوسط ضد تركيا، وفي شمال سوريا والعراق ضد تركيا.

2ـ النظام الأردني: الذي يتعاون معه على حساب أهلنا في فلسطين، وفي لبنان وفي شرق المتوسط، وشمال سوريا والعراق.

3ـ النظام السعودي: الذي تعاون معه ضد لبنان عام 2006، وتعاون معه ضد حماس في الحروب الثلاثة الأخيرة وفي مرحلة ما بعد الثورات العربية والآن يتعاون معه بدعوى مواجهة إيران.

4ـ النظام السياسي الإماراتي: الذي يتعاون مع الكيان الصهيوني ضد حماس في فلسطين، وضد تركيا في صربيا وشرق المتوسط، وضد تركيا في العراق وسوريا، وضد مصر والسودان في إثيوبيا وحوض النيل.

5ـ السلطة الفلسطينية بقيادة عباس: التي تتعاون مع الكيان الصهيوني ضد حركات المقاومة الفلسطينية، وضد كل من يقف خلف أى عمل يهدد أمنها واستقرارها أو يهدد مصالحها الاقتصادية مع الكيان الصهيوني.

المستوى الثالث: العاجزون:

ويضم هذا المستوى النظم السياسية العاجزة عن مواجهة الضغوط الدولية، وتحديداً الأمريكية، وأحياناً الداخلية من بعض الأطراف المصلحية، في وجود علاقات بينها وبين الكيان الصهيوني، ويضم هذا المستوي كل من:

1ـ النظام السياسي التركي: والذي فرضت عليه أطراف داخلية، وقعت اتفاق استراتيجي مع الكيان عام 1996، الاستمرار في العلاقات، وفرضت عليه الولايات المتحدة وتحولات الإقليم أن يعيد النظر في علاقاته مع الكيان عام 2016.

2ـ النظام السياسي القطري: الذي تعرض لضغوط أمريكية حقيقية، في ظل الحروب التي شهدها الخليج 1991 ثم 2003، وما بعدها، لإقامة علاقات مع الكيان بدعوى الوساطة بينه وبين الأطراف العربية في قضايا المنطقة.

3ـ النظام السياسي المغربي: الذي لا يملك من أمره شيئا، في ظل تحالفه الاستراتيجي مع الولايات المتحدة، وفي ظل وجود أقلية عددية يهودية في المجتمع المغربي يخشي من تحريكها ضد أمنه واستقراره.

4ـ النظام السياسي الموريتاني: الذي لا يملك من أمره شيئاً، واضطرته الانقلابات العسكرية الدائمة، التي تحركها القوى الغربية، وكذلك ظروفه الاقتصادية السيئة إلى الخضوع للمطالب الغربية بإقامة علاقات مع الكيان الصهيوني.

ولكن ...... في إطار هذا التقسيم يجب التأكيد على:

(أ) كل هذه الأطراف، أخطأت في الارتباط بأي شكل من الأشكال مع هذا الكيان، ولكنهم في الأخطاء والخطايا درجات.

(ب) لا فرق عندي بين العدو والخائن، بل العكس الخائن عندى أخطر، فالعدو واضح وصريح، له أهدافه، له مصالحه، له أيديولوجيته وعقيدته المختلفة، أما الخائن فهو للأسف، يُفترض أنه يشترك معنا في الأهداف والمصالح والعقيدة، ويتغني ليل نهار بالحفاظ عليها، في الوقت الذي يتآمر مع الكيان الاستيطاني الاستعماري على قضايا الأمة ودماء أبنائها.

(ج) من الغباء أن يتم تبرير الارتباط والتعاون مع الكيان الصهيوني بالقول أن هناك آخرين يرتبطون به، بمعني تتحدث عن ارتباط السعودية بالكيان يرد عليك: مصر مُرتبطة .. تركيا مُرتبطة وإيران مُرتبطة .... وغيرهم. فهذا منطق غبي: فليس معني أن هناك منبطحين، أن ينبطح الجميع (اذا لم يكونوا فعلا منبطحين)، وليس معني أن هناك فساد في سياسات البعض أن نرضي بفساد آخرين (إذا لم يكونوا بالأساس فاسدين).

(د) سيسأل الكثيرون: أين إيران؟ والإجابة هي النموذج الفريد الذي جمع منذ انقلاب مصدق (1953) وحتى الآن بين الثلاثية (العداء، الخيانة، العجز)، ولكل مستوي مراحل، ولكل مرحلة رجال وسياسات وأدوات.

ملاحظة:

هذا التقسيم بناء على الوضع السياسي الحالي (يوليو 2016)، لأن هناك أطرافاً قبل ذلك يمكن أن تأتي في خانة الأعداء (مثل تركيا 1948) أو في خانة الخائنين (مثل إيران الشاه حتى 1979)، أو من يتأرجحون بين العداء والخيانة والعجز، ولكن في النهاية الجميع في الهم سواء.

أفيقوا إن كان ما زال فيكم عقلاء .. فهذا الكيان هو البلاء الذي يُدمر وسيدمر الجميع

فلا تكونوا عملاء، حفاظاً على عروش زائلة أو على كروش سيأكلها الدود ..

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 147 مشاهدة

ساحة النقاش

ForeignPolicy
موقع بحثي فكري، يعني بالعلوم السياسية بصفة عامة، والعلاقات الدولية، بصفة خاصة، وفي القلب منها قضايا العالمين العربي والإسلامي، سعياً نحو مزيد من التواصل الفعال، وبناء رؤي فكرية جادة وموضوعية، حول هذه القضايا، وبما يفيد الباحثين والمعنيين بالأمن والسلام والاستقرار العالمي. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

106,275

ترحيب

يرحب الموقع بنشر المساهمات الجادة، التى من شأنها النهوض بالفكر السياسي، وتطوير الوعي بقضايانا الفكرية والإستراتيجية، وخاصة في  العلوم السياسية والعلاقات الدولية